أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ايهاب نبيل رفاعي - الاغتراب في الدين (مفهوم تاريخي)














المزيد.....


الاغتراب في الدين (مفهوم تاريخي)


ايهاب نبيل رفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 5693 - 2017 / 11 / 9 - 16:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ الوهلة الأولى عند قراءة مصطلح " الاغتراب " بجانبه " الدين " نشعر بالتخبط ، ثم نتساءل عن أي علاقة بينهما ؟ ، هل الاغتراب لا يكون إلا في الدين فقط ؟ أم هو مجرد تساؤل لمحاولة الهجوم على الدين و العقيدة و ثوابتها و النيل منها ؟ ، كان علينا الامعان في ابراز هذا المفهوم ان نطرحه داخل أطره التاريخية ، ففي اطار التاريخية تظهر الاجابة على تلك التساؤلات لكل المؤمنين بالأديان و غير المؤمنين.
فالاغتراب هو شعور ذاتي فردي بالنسبة للانسان ، يجعله غائبًا عن الواقع ، و يشعر بالغربة عنه ، إلا انه عند التدقيق في مصطلح الاغتراب ، نجده يمثل موضوعًا واقعيًا يرتبط بالذات الفردية ، فحينما يشعر الانسان بغربته عن هذا الواقع ، فإن هذا الشعور لا يعد منفصلًا او معزولًا في شكله السيكولوجي قط ، بل هو حالة بائسة ناتجة عن تغيرات و تناقضات الواقع المتطور في صيرورته و سيرورته التاريخية ، الأمر الذي يؤثر في الوعي الانساني سواء بإدراكه او تزييفه.
أما بالنسبة لتناول هذا المفهوم الاجتماعي للاغتراب من الناحية الفلسفية ، فقد تناوله الكثير من الفلاسفة ، خصوصًا فلاسفة عصر التنوير في القرن الثامن عشر الميلادي ، الا ان الاستخدام المنظم لمصطلح الاغتراب في الفلسفة الالمانية كان على يد هيجل ، و الذي تأثر في تناوله للمفهوم بكل من روسو و شيللر إلى حد كبير في مستهل القرن التاسع عشر ، ثم اُدخل فهم ماركس للاغتراب في النظرية السوسيولوجية في منتصف ذلك القرن ، عندما ركز ماركس في تفسيره للنسق الرأسمالي على مفهوم الاغتراب الذاتي .
هذا يدفعنا إلى التساؤل الأهم و هو أي علاقة بين الاغتراب بمفهومه السوسيولوجي – السيكولوجي بالدين ؟ ، يجيبنا فيورباخ عند وصفه للدين و جوهر الإله ، و تحليل تلك العلاقة في اطارها الانثروبولوجي ، حيث إن الله ما هو الا انعكاس لصورة الانسان في الطبيعة ، مما يعني أنسنة الإله ، و ان الدين هو وهم زائف يجعل الانسان مغتربًا داخل جوهر كائن مفارق للطبيعة، لكن هذا الربط الذي أكده فيورباخ و تناوله بالتحليل ، قد جعل جدلية الافكار تجريدية اكثر ، معزولة عن المجتمع البشري ، فالدين المؤسس على ميتافيزيقيات و الايمان الروحي ، ما هو الا انعكاس لتناقض واقع مجتمعي طبقي بين البشر ؛ لهذا نجد ادق وصف للشعور الديني لدى المؤمنين بالأديان هو ما قاله ماركس :" ان الشقاء الديني لدى المؤمنين هو من جهة تعبير عن الشقاء الواقعي ، و من جهة اخرى احتجاج على ذلك الشقاء ، الدين هو تنهيدة الكائن المقهور ، قلب العالم عديم القلب ، كما هو روح الاوضاع عديمة الروح ، إنه افيون الشعوب " .
من ثم فالواقع التاريخي العياني هو الذي افرز بنيته و اشكاله الفوقية ، و افكاره التي اثرت في تزييف الوعي الانساني ، و من ضمنها الاديان ، فمنذ انتقال المجتمع البشري الى من المشاعية الى العبودية التي ادت الى الطبقية ، قد ظهر الاستغلال من الطبقة الممتلكة لوسائل الانتاج و قوى الانتاج تجاه الطبقة التي لا تمتلك ، و من ثم كانت الحاجة الى تغييب و تزييف وعي الطبقة المُستغَلة ، فإذا رجعنا تاريخيًا لالاف السنين منذ مراحل تكون الفكر الديني لدى البشر ، سنجد ان الكهنة في المعابد هم اول من اسسوا للعلاقة بين الإله و الانسان ، ادفع و اذبح القرابين لتحصل على عفو و رضا الآلهة و تتقي شرها ، و بالتالي امتلاء خزائن الكهنة بالأموال ، هذا ما تؤكده الآثار و الشواهد التاريخية بإصرار كل الملوك في الدول و الحضارات القديمة على انشاء معابد للآلهة ، مرورًا بالتطور في انماط الانتاج في المجتمعات البشرية و ظهور الملكية الخاصة ، ازدادت التناقضات و الصراع الطبقي ، ثم ظهرت الأديان السماوية و الرسل و الانبياء و المعجزات و الشرائع و الفقه او ما يسمى بالعلوم الدينية .
كلما زاد الاستغلال من الطبقة المالكة ، دخل الانسان المُستغَل في اغتراب عن العالم الكائن ؛ لذلك فإن نقد الأديان و عقائدها بل و نقد الإله نفسه ليس هو المضمون و الجوهر و الهدف في حد ذاته ، بل إن الاديان وُجدت في الأرض قبل السماء ، تشكلت الأفكار اللاهوتية في رحم و احشاء المجتمع البشري من خلال الصراع الاجتماعي على الأرض ، قبل ان يظهر ما يسمى الوحي و الملائكة في اطار ميثولوجيا الأديان السماوية ؛ لذلك فإن مفهوم الاغتراب في الدين عند الفيلسوف الالماني فيورباخ يعد اهدارًا للتاريخية ، و تجسيد فكرة انسنة الإله بعيدًا عن واقع المجتمع بصراعاته و تناقضاته ، اذن من الواجب علينا كطبقة مُستغَلة مسحوقة ان نعي ان الاغتراب الحقيقي ليس في الدين او الإله نفسه ، بل هو اغتراب عن العالم الواقعي الذي اصطبغ بمسحة دينية سطحية ساهمت في تأجيج صرعات طائفية و مذهبية و عقائدية و عنفًا ، ساهمت في اذكائها الطبقة المالكة المُستغِلة بتحويل الصراع من اساسه الطبقي إلى صراع اديان و ملل و نحلل و مذاهب .
فاعلم انه ليس مهمًا ان تلحد او تكفر بالأديان ، بل علينا ادراك الوعي بصلب قضية الاغتراب الحقيقية و هي اغتراب الذات عن الموضوع ، بل سلب الحرية يُعد اغترابًا قاسيًا ، فالأديان بطبيعة تكوينها الغيبي قائمة على سلب حرية الانسان ، و هذا يعني بوضوح ان الدين منتج اجتماعي بشري تم نسبته إلى كائن و قوى غيبية مفارقة للطبيعة ؛ من اجل احكام السيطرة على الكادحين ، انطلاقًا من هذا البعد التاريخي ، اذن وجبت عملية التغيير للواقع و ليس تغيير بعض النصوص الدينية او ما يسمى بتجديد الخطاب الديني ، اذا اردنا ادراك الوعي و البعد عن الاغتراب ، فالحل ليس في انكار الأديان و محاربتها بل محاربة اسباب وجود تلك الأديان المنطوية على كثير من المتناقضات .



#ايهاب_نبيل_رفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاغتراب في الدين مفهوم تاريخي


المزيد.....




- بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية
- رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا يعلق على فتوى تعدد الزوجات ...
- مـامـا جابت بيبي.. حـدث تردد قناة طيور الجنة 2025 نايل وعرب ...
- بابا الفاتيكان يصر على إدانة الهجوم الاسرائيلي الوحشي على غز ...
- وفد -إسرائيلي- يصل القاهرة تزامناً مع وجود قادة حماس والجها ...
- وزيرة داخلية ألمانيا: منفذ هجوم ماغديبورغ له مواقف معادية لل ...
- استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان ...
- حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان ...
- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
- حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ايهاب نبيل رفاعي - الاغتراب في الدين (مفهوم تاريخي)