|
موقف الصحافة المصرية من الصهيونية في الفترة الواقعة ما بين سنة 1897 - 1917
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5691 - 2017 / 11 / 7 - 16:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
موقف الصحافة المصرية من الصهيونية في الفترة الواقعة ما بين سنة 1897- 1917 (2) تميم منصور لا يمكن قراءة موقف الصحافة في مصر والكتاب المصريين من الحركة الصهيونية خلال الفترة المذكورة قراءة صحيحة ، إلا إذا قارناها مع الصحف وكُتاب عرب آخرون ، وأكثر من راعى وأهتم بمثل هذه الأمور في تلك الفترة ، هم الكتاب الشاميين ، أو بالأحرى كُتاب وصحافيين من الشام ، أو ما كان يُعرف بسوريا الكبرى . كشفت الدراسات عن أن صحف الشاميين ، ورواد الكلمة ، وحملة الأقلام كانوا أكثر اهتماماً بتناول قضايا العرب القومية ، وخاصة الخطر الصهيوني في فلسطين ، واشارت الدراسات أن عدداً من أهل الرأي في مصر حاولوا ايجاد المبررات لتجاهل الصحف المصرية للقضية الفلسطينية ولإخطار الحركة الصهيونية . من بين هذه المبررات ان الهدف الأساسي من اصدار الصحف المصرية خلال المرحلة المذكورة ، انحصر لخدمة مصلحة مصر أولاً ، اهتمت هذه الصحف بالمطالبة بتحقيق الجلاء البريطاني عن مصر ، ونيل الاستقلال ويدعى المدافعون عن الصحف المصرية ، أن تناول الكُتاب الشاميين في الصحافة وغيرها القضية الفلسطينية ،كان نابع من خدمة مصلحتهم ، لأن فلسطين كانت جزءاً من سوريا ، أو بلاد الشام ،لهذا السبب اهتم السوريون والفلسطينيون من بينهم ، سواء المقيمون منهم في مصر ، أو في سوريا ، بالغزو الصهيوني لفلسطين ، وقد كان هذا الاهتمام ملموساً من خلال اجمالي عدد الموضوعات التي نشرت في صحف الشاميين ، خاصة صحيفتي الأهرام والمقطم ، جدير بالذكر بأن أصحاب هاتين الصحيفتين كانوا من أبناء سوريا ، فما نشر في هاتين الصحيفتين حول الخطر الصهيوني ، يفوق بعدد موضوعاته ما نشر في الصحف المصرية ، ففي صحيفة الأهرام كان اجمالي عدد الموضوعات خلال المرحلة المذكورة ، حوالي 240 موضوعاً ، وفي صحيفة المقطم 150 موضوعاً ، أما في الصحف التابعة لملكية المصريين ، فقد نشر في صحيفة " المؤيد " 20 موضوعاً خاصاً بالصهيونية ، وفي صحيفة اللواء تم احصاء 25 موضوعاً ، وفي صحيفة الجريدة تم حصر 8 موضوعات ، وصحيفة الأهالي 20 موضوعاً . لقد كانت بعض صحف الشاميين في مصر في وضع يمكنها من مناقشة موضوع الصهيونية وفلسطين بحرية شبه تامة ، سواء في مواجهة السلطات العثمانية ، أو السلطات البريطانية ، وذلك بسبب حصول هذه الصحف على الحماية الاجنبية ، ففي حين كانت صحيفة الأهرام تحت الحماية الفرنسية ، لأن فرنسا حصلت من الدولة العثمانية على حق حماية الطوائف المسيحية في الشام ، في نفس الوقت كانت صحيفة المقطم تتمتع ببعض الشيء من الحماية البريطانية ، هذا يعني ان فضاء الحرية الذي توفر لصحيفة المقطم ، كان اقل منه قياساً لصحيفة الاهرام خاصة في المواقف تتعرض للأطماع الصهيونية . كانت بريطانيا تدعى بأنها تفتش عن إيجاد حل عادل للقضية اليهودية ، وقد دعم هذا الموقف شخصيات بارزة من كبار الساسة والمثقفين في مصر . ذكر جورج انطونيوس في كتابه يقظة العرب ، ان الوعي القومي العربي في مصر في هذه الفترة كان في سبات عميق ، مقابل ذلك فإن النهضة القومية والتطلع إلى اجماع عربي وقومي ، بدلاً من الاجماع الديني ، الذي فرضته الرجعية والتخلف ، وفرضه العثمانيون ، اول ما ظهرت هذه النهضة كما يقول " انطونيوس " في بلاد الشام ، خاصة في لبنان ، وسوريا وفلسطين ، وقد تأخر ميلاد وظهور براعم هذا الوعي في كل من مصر والعراق وفي شمال أفريقيا . الأسباب كثيرة ، أهمها الحكم العثماني المستبد ، الذي فرض العزلة على العرب في كل مكان ، في الشام يرجع الفضل في تفتح براعم النهضة القومية الى الكثير من المصلحين والعلماء والأدباء العرب ، خاصة من أبناء الطوائف المسيحية ، مثل بطرس البستاني ، واليازجي ، والشدياق وغيرهم ، كان لهم الفضل في إصدار الكتب باللغة العربية ، كما ساهموا بإنشاء مدارس في كل من سوريا ولبنان وفلسطين ، وعملوا على اصدار الصحف باللغة العربية ، مثل صحيفة الشهباء التي اصدرها الكواكبي ، وصحيفة الجنان التي أصدرها البستاني ، لقد تأثر الكتاب والصحفيين السوريين الذين انتقلوا إلى مصر من هذه الثقافة وهذه الأجواء . أما في مصر ، فإن النهضة القومية جاءت متأخرة ، رغم وجود العديد من المصلحين المصريين ، أمثال محمد عبده ن الأفغاني ، الطهطاوي ، المنفلوطي ، لطفي السيد ، وغيرهم دعا هؤلاء إلى الوطنية المصرية ، ومنهم من حصرها بالاسلام أو بالفرعونية . اذا ليس صدفة حسب ما تشير الدراسات ، ان جميع الكُتاب الذين تناولوا موضوع الصهيونية وخطرها على فلسطين ، كانوا من الشاميين ومعظمهم من المسيحيين العرب الذين لجأوا الى مصر هرباً من الطغيان العثماني . فضلاً عن ذلك ، كان معظم هؤلاء الكتاب الشاميين من ذوي المكانة في الحياة العامة السياسية والأدبية العربية ، كما كان بعضهم من أصحاب الصحف ، أو من العاملين في الصحافة ، أو من قادة الرأي ، أمثال الأمير شكيب أرسلان ، وأمين أرسلان ، وحقي العظم وشبلي شميل وابراهيم سليم النجار ، وكامل مدور ، وداوود العيسى وبشارة تقلا وانطوان الجميل وغيرهم . وفيما عدا الكتاب الشاميين ، دخل الكُتاب الصهيونيين أيضاً مجال الكتابة في موضوع الصهيونية وفلسطين ، وقد مكنت اوضاع الصحافة المصرية وأوضاع اليهود داخل المجتمع المصري الحركة الصهيونية من اختراق العقل المصري وتضليله في ذلك الوقت ، بنشر بعض الأفكار الكاذبة والمضللة ،فيما يتعلق بأهداف الصهيونية في فلسطين. لقد نجحت الحركة الصهيونية في تجنيد بعض اليهود المقيمين في مصر ومن المتمكنين من اللغة العربية ، ومن ذوي الميول الأدبية والصحفية ، لتتبع ما ينشر في الصحافة المصرية عن الصهيونية وتقويمه والرد عليه ، بالإضافة الى الكتابة في الصحف المصرية بدعوى تنوير المصريين فيما يتعلق بالحركة الصهيونية ، من ناحية أخرى استطاع هؤلاء الكُتاب استغلال بعض مواد قانون المطبوعات المصري ، وفيها حق الرد ، كما استغلوا قيام بعض الصحف بفتح باب النقاش حول الحركة الصهيونية ، فاستخدموا بعض الصحف المصرية وحولوها الى منابر لهم لبث دعاياتهم. تشير الدراسات ان عدد المقالات التي كتبها الصهيونيون عن المسألة الصهيونية وفلسطين ، فاق عدد المقالات التي كتبها الشاميون ، لأن عدد الكتاب الشاميين الذين خاضوا غمار هذا الموضوع بلغ نحو 21 كاتباً ، في حين بلغ عدد الكتاب الصهيونيون حوالي 41 كاتباً ، أي حوالي ضعف الكتاب العرب .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موقف الصحافة المصرية من الصهيونية في الفترة الواقعة ما بين 1
...
-
بمناسبة مضي مائة عام على صدور وعد بلفور (2) اغتيال الوسيط ال
...
-
بمناسبة مرور مئة عام على وعد بلفور
-
صح النوم يديعوت احرنوت
-
عمرو موسى والرقص على حبال الانتهازية (2)
-
عمرو موسى والرقص على حبال الانتهازية
-
اتفاق اوسلو في عيون فلسطينية
-
اسرى الحرية بين فكي ميزانية عباس
-
لمحة من تاريخ أيتام الداخل الفلسطيني
-
صراع الأجيال الفلسطينية مع مناهج التعليم الصهيونية
-
من عربة بوعزيزي الى عربة محسن فخري
-
ثقافة الفساد في المجتمع الاسرائيلي
-
حبل من وراء الحدود
-
ايران كوبا الشرق الأوسط
-
غزة في انتظار حرب الكهرباء
-
عار الهزيمة لن يدوم
-
لا مصر بدون مواطنيها الاقباط ، ولا أقباط بدون مصر
-
من البيعة الصغرى الى البيعة الكبرى
-
قراءة في صفحة من صفحات الانقسام الفلسطيني الفلسطيني
-
طوابير العرب العائدة لبيت الطاعة الامريكي
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|