|
دور داعش في دعم بشار
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 5691 - 2017 / 11 / 7 - 16:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دور داعش في دعم بشار الأسد الدكتور محمد أحمد الزعبي 06.11.2017 عندما بدأت انتفاضة تلاميذ محافظة درعا ، التي تحولت لاحقاً ( 18 أذار 2011 )إلى ثورة شعبية عارمة مكتملة الأركان ، عمت معظم مدن وقرى سوريا ضد نظام عائلة الأسد الديكتاتوري العسكري والطائفي والمسؤول عن هزيمة 1967 وضياع هضبة الجولان . لايجهلن أحد ، أن هذه الثورة ، كانت في بداياتها الأولى ثورة شعبية سلمية ، تلخصت مطالبها بمطلب شرعي واحد هو " الديموقراطية " التي تعتبر شعارات ( الحرية والكرامة ) التي أطلقها الثوارفي مسيراتهم ومظاهراتهم طيلة عام 2011 ، من مفرزات هذا المطلب الشرعي ( باعتراف بشار نفسه ) . كما لايجهلن أحد أن بشار الأسد ( الرئيس الوريث ) قد اطلق في خطابه الأول ( 30 آذار 2011) على ذلك الحراك الشعبي السلمي اسم " العصابات المسلحة " بل وحدد عدد المشاركين في هذه ( العصابات المسلحة !!) ب 64000 شخص، وهذا قبل أن يتم استبدال بمفهوم العصابات المسلحة مفهوم الإرهاب . لم يكن خافياً على أحد في سوريا ، أن بشار كان يقصد بتعبير " العصابات المسلحة " السنة من الشعب السوري تحديداً ، وهم الذين استهدفتهم بداية آلته وآلة أخيه ماهر الحربية ، ولاحقاً آلات ولي الفقيه وحسن نصر الله وبوتن العسكرية ، وكان من الطبيعي ، أن يتحول في هذه الحال الحراك السوري الشعبي من حراك سلمي ، إلى حراك مسلح ، وان يتضاعف حجم الإنشقاق من الجيش النظامي ، والإنضمام إلى " الجيش الحر " ، وأن يتحول مطلب الإصلاح والتغيير الديموقراطي السلمي ، إلى مطلب " الشعب يريد إسقاط النظام " . في المواجهة المسلحة ، بين الثورة والنظام ، كان النصر غالباً حليف الثورة ، الأمر الذي دفع بشركاء النظام أن يسارعوا إلى تلافي إنقاذ حليفهم بشار ، ومنع سقوط نظامه الطائفي على يد الثورة السورية الشعبية ، التي أصبحت جزءاً عضوياً أصيلاً من ثورات " الربيع العربي " ، تلك الثورات التي سبق أن أسقطت بن علي في تونس ، وحسني مبارك في مصر ، وعلي عبدالله صالح في اليمن ، وغيرت قواعد اللعبة السياسية بين الشعب والملك في المغرب ، والتي أخافت الغرب على عميلهم ( بشار) ، وعلى صنيعتهم (إسرائيل) ، ودفعت بهم للوقوف إلى جانب نظام عائلة الأسد وخاصة بعد كتابة تلاميذ إحدى مدارس درعا على جدران مدرستهم " جاك الدور يادكتور " ، ودفع بهم إلى البحث عن مخرج . لقد تطلبت عملية الإنقاذ هذه ثلاثة إجراءات فورية هي :
أولاً : السكوت الأوروأمريكي على تدخل كل من إيران ( قاسم سليماني ) وحزب الله اللبناني في سوريا ، رغم أن هذا التدخل العسكري الميداني ، يعتبر مخالفاً لقواعد القانون الدولي ، ورغم أن حزب الله اللبناني بالذات موجود على قوائم الولايات المتحدة الأمريكية كحزب إرهابي . ثانياً : تخليق دولة العراق والشام الإسلامية ( داعش ) ، وتسليحها وتمويلها وتأهيلها للوقوف مع الثورة المضادة لثورات الربيع العربي ، ( معهم ) لحماية نظام بشار الأسد ومنع انهياره . إن بشار الأسد بقبوله بهذا الدور الداعشي المريب قد ضرب عصفورين بحجر واحد ، فمن جهة سيسوق نظامه الطائفي للغرب ولأمريكا ، على أنه " المصد " العلماني الأقوى في المنطقة العربية للوقوف في وجه المد الإسلامي القديم ( جماعة الإخوان المسلمين ) والجديد ( داعش )، ومنع وصول آثاره إلى الغرب ، ومن جهة أخرى ، سيسوق نظامه داخلياً(سورياً ) باعتباره ، الحامي الوحيد لسورية من خطروصول هذا الفايروس الإسلامي الرجعي إلى الحكم في سوريا ، ولا سيما أن هؤلاء الإسلاميين يقفون ( حسب بشار ونظامه العلماني ) من الحضارة والحداثة الغربية موقفا سلبياً ، مخالفين به موقف كافة الأحزاب السياسية السورية الأخرى .التي تعتبر أن الحداثة الأوروأمريكية ، إنما تمثل الهدف النهائي لمساعيهم السياسية والاقتصادية في التنمية والتطور . إن انتصارات داعش السريعة والمتتالية علي جيش الأسد في شمال سوريا وشرقها ، لايجد تفسيره برأينا إلاّ بالانتصارات السريعة والمتتالية المعكوسة للنظام على داعش التي نشهدها هذه الأيام . بما يسمح بوصف العلاقة بين النظام وداعش ب " حك لي بحك لك " . كما أن التحاق آلاف الشباب الأوروبيين للقتال والمشاركة المتلفزة في قطع الرقاب ، ورجم النساء ، مع داعش ، وعودتهم اليوم ( بعد انفراط عقد داعش )إلى بلدانهم سالمين غانمين ، إنما يدخل برأينا فيما أشرنا إليه قبلاً ، من قبول الغرب لداعش كشريك في الثورة المضادة لثورات الربيع العربي ، وفي حماية نظام بشار الأسد ومنع انهياره وسقوطه . ثالثاً : دخول الجيش الروسي على الخط ، واحتلاله عملياً لسوريا ، بحجة أن ذلك كان بطلب من بشار الأسد ،الرئيس الشرعي (!!) لسوريا . ولسنا بحاجة إلى الإشارة هنا إالى أن السكوت الأمريكي والغربي على هذا التدخل الروسي في سورية إنما يتكافؤ برأينا مع القبول الفعلي بهذا التدخل ، حيث يقول المثل الشعبي ( السكوت قرار ) . هذا مع العلم أن التعاون الروسي الأمريكي حول سوريا ، قد فضحته الزيارات المتكررة لجون كيري إلى موسكو ، وظهورعلائم السعادة على وجهه وهو يصافح وزير خارجية بوتن (لافروف) . وقد فضحه أيضاً تلاشي عشرات الألوف ( على ذمة وسائل الإعلام الغربية ) من عناصر داعش الذين كانوا يحتلون مدن الفلوجة والموصل والرقة وتدمر ودير الزور والبوكمال ، تلاشيهم في مجاهل بادية الشام ، أمام أعين الأقمار الصناعية الغربية التي لاتنام (!!) . نعم لقد تمت عملية إنقاذ النظام إذن ، على يد داعش وقاسم سليماني وحسن نصر الله وبوتن وأبو بكر البغدادي والسكوت الأورو أمريكي ، تمت بنجاح ، وهاهو بشار يعلن انتصاره على الثورة السورية (!!) . ويبشر بانطلاق المرحلة الجديدة ، مرحلة " إعادة الإعمار" أي عمليا إعادة إعمار ما دمرته جيوشهم ( هو وشبيحته الداخليين والخارجيين ) ومليشياتهم العسكرية حيث ستقوم بهذه المهمة ـ بطبيعة الحال ـ الشركات الأمريكية والأوروبية والروسية العملاقة ، وربما الإيرانية ، وذلك مقابل مئات وربما آلاف مليارات الدولارات التي قد لا ينتهي سدادها إلا مع آخر قطرة من النفط المخزن في باطن الأرض السورية (!!) ، وربما أيضاً ، مع آخر وريث لحكم سوريا من سلالة سليمان الأسد . ان قيام داعش بعمليات محدودة ومدروسة جيداً ، هنا وهناك في بعض الدول الأوروبية ، إنما هو لإعطاء الأوروبيين الحجة والعذر في مساعدة نظام الأسد ماديا ومعنويا ، والإقتناع الأوروبي بأن بشار وشبيحته هم المكافحون الحقيقيون ضد الإرهاب في سوريا ، ولذلك ينبغي دعمهم بالمال والسلاح والإعلام ، بما يعني ضرورة بقا ء بشارفي السلطة مادام في سوريا داعشي واحد ينبغي ملاحقته والقضاء عليه ، وذلك من أجل تسليم سوريا لبوتن وشركاه نظيفة وخالية من الإرهابيين الذين كانوا يعكرون صفو أوروبا وأمريكا بل والعالم أجمع (!!) . لقد سمحت مقولة تحرير سورية من داعش (!!) ، وحماية النظام من إمكانية سقوطه على يد الجيش الحر، سمحت للغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية ، بمساندة بشار الأسد ، ليس فقط عبر سكوت هذا الغرب على الاحتلال الروسي لسوريا ، تحت ذريعة استدعائهم من قبل سلطة شرعية (!!) ، وإنما أيضاً عبر منع وصول أية أسلحة متطورة إلى أيدي الجيش الحر . إن المضحك ـ المبكي في هذه اللعبة الأمريكية ـ الروسية هو أن صمت الولايات المتحدة الأمريكية على الاحتلال الروسي لسوريا ، كان يتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكي ( أوباما ) يومياً أن بشار الأسد رئيس غير شرعي ، وهو يقوم بقتل " شعبه " ، ولذالك فإن عليه ان " يرحل " . لقد كان سكوت الغرب عن الاحتلال الروسي لسوريا وإخفاء مواقفه الحقيقية المعادية للثورة والمناصرة للنظام تحت مظلة كاذبة اسمها " أصدقاء الشعب السوري " يمثل طعنة نجلاء في صدر هذه الثورة التي كانت وظلت لبضعة شهور حراكا سلمياً لا تتعدى مطالبه (الحرية والكرامة) وبالتالي " الديموقراطية "، والتي هي ـ بحدود علمنا ـ جزء أساسي من حقوق الانسان التي طالما تغنى بها الغرب أنظمة وشعوباً ، واعتبرها جزءاً أساسياً وعضوياً من أيديولوجيته المعلنة .
ان موافقة الغرب وعلى راسه آمريكا ترامب على تحويل لقاءات جنيف الحوارية بين نظام بشار الأسد والمعارضة إلى أستانا كازاخستان ، انما هو عملياً قبول واعتراف بشرعية النظام من جهة ، وبشرعية تواجد القواعد العسكرية البرية والبحرية الروسية في سوريا وشرعية تواجد القوات الطائفية الإيرانية واللبنانية والعراقية، والقبول بالدور المشبوه الذي تقوم به داعش في سوريا والعراق ، من جهة آخرى . إن مثل هذا التوافق والتواطؤ الروسي ـ الأمريكي ضد الثورة السورية ، إنما يفسر تجاهل مجلس الأمن لتجاهل النظام السوري تطبيق قراراته ، وبما فيها القرارات التي اتخذت( بضم التاء ) تحت الفصل السابع(!!) . نعم لقد كانت قرارات مجلس الأمن حول سوريا مثل القرارات ( 2042 ، و2118، و 2254 ( على سبيل المثال لاالحصر) ، لاتزيد عن كونها ذراً للرماد في العيون ، وإشعاراً كاذباً للشعب السوري بآن الغرب معهم ضد النظام ، ولكن بشرط ضمني غير معلن هو أنه عليهم أن يتخلصوا أولاً من الإسلاميين ، الذين يصفونهم عادة ب " الإرهابيين" ويماهون بين المعتدل والمتطرف منهم ، و بين الدورالإرهابي لداعش ، والدور السياسي لجماعة الإخوان (!!).
لقد شاهدت قبل قليل على شاشة إحدى الفضائيات العربية مجموعة من الشباب الأوروبيين العائدين الى دولهم بعد ان انفرط عقد داعش في سوريا والعراق . ولقد سمحت لي رؤيتي لتعابير وجوههم وهم يعودون إلى آوطانهم وأسرهم فرحين أن أتساءل : هل حقاً آنهم كانوا داعشيين ؟! وأنهم قد تركوا آوربا لكي يلتحقوا بداعش من أجل الدفاع عن الإسلام والمسلمين ؟! أترك الإجابة على هذا التساؤل للقارئ الكريم .
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وجهة نظر حول مؤتمر ماسوتشي
-
خواط حول الثورة السورية وشلة الكذابين
-
قراءة نقدية لكتاب فلينت ليفريت وراثة سوريا
-
حكاية خرائب أندرين
-
نظام الأسد بين الإنكسار والإنتصار
-
خواطر على هامش الأضحى
-
وجهة نظر في حل الدولتين
-
المجتمع الدولي المعنى والمبنى
-
الرئيس الوريث أو الكذبة الكبرى
-
الذاكرة السياسية الحلقة الخامسة
-
كلمة صغيرة في إغلاق نتنياهو لقناة الجزيرة
-
أزمة الخليج المفتعلة والهرولة إلى واشنطن
-
من وحي أزمة الخليج
-
مكافحة الإرهاب نعم ...ولكن
-
الذكرى الخمسون لاحتلال الجولان
-
الخامس من حزيران 1967 الذكرى الخمسون
-
حلب القدس ومحمود درويش
-
في الذكرى 69 لنكبة فلسطين
-
قراءة لوثيقة حماس الجديدة
-
داعش والإرهاب أو جدلية الدين والسياسة
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|