أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - هل الخرافة فى أوروبا مثل خرافة العرب والمسلمين؟















المزيد.....

هل الخرافة فى أوروبا مثل خرافة العرب والمسلمين؟


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5690 - 2017 / 11 / 6 - 12:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



رغم التقدم العلمى المـُـذهل الذى نقل البشرية من حياتها الأولى حيث أكل اللحوم النيئة، إلى عصر البخار ثم الكهرباء إلخ، ورغم تقدم الفكر والانتقال من مرحلة الإيمان بالميتافيزيقا إلى مرحلة الإيمان بالعقل ، والعقل فقط ، رغم كل ذلك فإنّ العرب والمسلمين لم يتخلــّـصوا بعد من تأثير الخرافة. وقد حاول بعض المتعلمين المحسوبين على الثقافة السائدة (المصرية والعربية) التخفيف من تأثر الفكر الخرافى المُـنتشر بين العرب والمسلمين ، فأشاروا إلى وجود ظواهر مماثلة فى بعض الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
وكان من رأى د. فؤاد زكريا أنّ المقارنة بين الحالتيْن فيها مغالطة، حيث أنّ الخرافة فى المجتمعات العربية والإسلامية، تأخذ شكل العداء الأصيل للعلم والعقل، ويمثل هذا العداء امتدادًا واستمرارًا لتاريخ طويل، كان العلم فى أوروبا يحارب فيه معركة شاقة لكى يـُـثبـّـتْ أقدامه فى المجتمع.. بينما كان العداء للعلم هو الشىء الثابت فى المجتمعات العربية والإسلامية.
إنّ انتشار الخرافة بين العرب والمسلمين ، تعبير عن جمود المجتمع وتوقفه عند أوضاع قديمة، ومقاومته للتطور السريع المحيط به من كل جانب. والفرق واضح بين هذا الأسلوب فى الفكر الخرافى، وبين أسلوب المجتمعات الأوروبية التى مرّتْ بتجربة التفكير العقلى حتى أعلى مراتبها. أى أنّ الفرق واضح بين الفكر الخرافى حين يكون تعبيرًا عن جمود متأصل وتحجر على أوضاع ظلتْ سائدة طوال آلاف السنين ، دون التوقف عن ممارستها أو حتى مراجعتها. كما أشار د. زكريا إلى أنّ الكــُـتاب العرب والمصريين لازالوا يـُـردّدون نفس الحجج التى يقول بها أنصار التفكير اللاعلمى فى الغرب ، فى محاولة من هؤلاء الكتاب (العرب والمصريين) لكى تظل عقول العرب والمسلمين مُـغلقة ، وبالتالى لا يرون التطور المذهل الذى أحدثه العلم فى العصر الحديث.
وقد حاول البعض ربط الخرافة بالعلم، ولكن محاولاتهم فشلتْ فشلا ذريعـًـا ، فلجأوا إلى ربط الخرافة بالدين، وهكذا تراهم يستغلون بعض الغيبيات الدينية (كالإيمان بالروح) ووجود بعض النصوص الدينية التى تتحدث عن الحسد والسحر.. إلخ لكى يدافعوا بحرارة عن الخرافات، مؤكدين أنّ الدين نفسه يـُـدعـّـمها. وهذا السلاح من أخطر الأسلحة ، لأنه يستغل عمق الإيمان الدينى (عند المؤمنين بالأديان) من أجل تأكيد الفكرالخرافى، خاصة أنهم يضعون الدين فى مواجهة العلم. فيقع المؤمنون بالأديان فى صراع بين عقائدهم الدينية الراسخة، وبين المناهج العلمية التى ثبتَ صحتها على أرض الواقع.
وقد حاولتْ الكنائس الأوروبية فى العصورالوسطى أنْ تسلك هذا الطريق المحفوف بالخطر (أى معاداة العلم ومعاداة العقل والترويج للخرافة) ولكن بعد نضال العلماء والمفكرين عبـْـر أربعة قرون على الأقل، انتصر العلم وانتصر العقل، والدليل هو انصراف جماهير الشعوب الأوروبية عن العقائد الدينية ، وبأعداد كبيرة. مع مراعاة الصراع المرير الذى دار بين العلماء والمفكرين، وبين الكنائس فى العصورالوسطى. حيث ارتكبتْ الكنائس العديد من الأخطاء وهى تــُـهاجم العلم والعلماء، بحجة أنّ العلم يتعارض مع النصوص الدينية، كما حدث فى قضية (دوران الأرض) و(ارتفاع السماوات) ووصل اضطهاد العلماء لدرجة الايذاء المعنوى والمادى حيث وقائع النفى أو الحبس أو التعذيب أو الحرق ، كما حدث مع حالة العالم والمفكر الكبير (جوردانو برونو) الذى أحرقه القساوسة (الأتقياء) مع مطلع عام 1600فى روما لأنه كان يؤكد صحة نظرية كوبر نيكوس وجاليلو عن دوران الأرض حول الشمس، ودفاعه عن الحضارة المصرية، وأنّ سلام البشرية من الممكن أنْ يسود لو عمـّـتْ الديانة المصرية القديمة جميع أرجاء العالم، حيث أنها تأسسّـت على (التعددية) ونبذتْ (الأحادية)
ولكن بعد هذا الصراع والنضال الذى خاضه العلماء والفلاسفة الأوروبيون ، خضعتْ الكنائس فى نهاية الأمر للتطور الطبيعى، سواء فى العلوم الطبيعية أو فى حياة البشر وسلوكهم اليومى فى حياتهم الشخصية. فاضطرتْ الكنائس إلى التراجع عن مواقعها واحدًا تلو الآخر، حتى أصبحتْ اليوم تدافع عن كثير من الأمور التى كان القول بها فيما مضى كافيـًـا لاضطهاد صاحبها على يد الكنيسة ذاتها. ولكن اليوم – بعد تراجعها فى الكثير من الأمور- خسرتْ الكنائس الكثير من مواقعها وأخذ تأثيرها على الأجيال الجديدة يتضاءل باستمرار.
كان العلماء والمفكرون فى العصور الوسطى (وقبل الانتصار على الخرافات) يؤمنون بالفيلسوف أرسطو، وأنّ كلامه له قداسة الكتب الدينية. وظلتْ أفكاره هى السائدة طوال العصور الوسطى ، أى طوال 1500سنة. كذلك كانت كثير من قضاياه تؤخذ بلا مناقشة عند الكــُـتاب المسلمين الذين وصفوه ب (المعلم الأول) وكان من رأى د. فؤاد زكريا ((والأمر الذى يـُـلفتْ النظرفى ظاهرة الخضوع لسلطة مفكر مثل أرسطو، أنّ هذا الخضوع كان يتخذ شكل التمجيد ، بل التقديس، ومع ذلك جنى هذا التقديس على أرسطو جناية لا تــُـغتفر، حيث جمّـده التقديس وجعله صنمـًـا معبودًا. وهو أمر- لو كان الفيلسوف نفسه قد شاهده لاستنكره أشد الاستنكار، حيث أنّ الفيلسوف الحق لايقبل أنْ يـُـتخذ تفكيره– مهما بلغ عمقه- وسيلة لتعطيل فكرالآخرين وشل قدراتهم الإبداعية. ومن ناحية أخرى فإنّ العصورالوسطى لم تأخذ من أرسطو (روح) منهجه التجريبى الذى حاول أنْ يـُـطوّره فى المرحلة الأخيرة من حياته. ولكن ما حدث أنّ رجال الدين أخذوا من أرسطو (نتائج أبحاثه) واعتبروها (الكلمة الأخيرة) ولذلك كان من الطبيعى أنْ يكون رد الفعل – فى بداية العصرالحديث – قاسيـًـا ، وهكذا وجدنا فرانسيس بيكن ورينيه ديكارت يبدآن فلسفتهما بنقد فلسفة أرسطو، التى تقيـّـدتْ بها العصورالوسطى تقيدًا تامًـا. كما أكدا (بيكن وديكارت) أنّ التحرر من قبضة أرسطو، هو الخطوة الأولى فى طريق بلوغ الحقيقة. وقد خاض جاليلو معركة عنيفة ضد سلطة أرسطو: حيث أنّ هذه السلطة كانت تــُـساند النظرة القديمة إلى العالم بوصفه مُـتمركزًا حول الأرض ، كما كانت تقول بنظرية فى الحركة مبنية على أسس ميتافيزيقية، لابد من هدمها لكى يرتكزعلم الميكانيكا الحديث على أسس علمية سليمة. وهكذا أخذ جاليليو يتعقب آراء أرسطو فى الطبيعة واحدًا بعد الآخر، ويـُـثبتْ بمنهجه العلمى الدقيق بطلان نظريات أرسطو. وبذلك كان تفكير جاليليو العلمى من أقوى العوامل التى أدّتْ إلى هدم سلطة أرسطو فى مطلع العصرالحديث (التفكير العلمى- عالم المعرفة الكويتى- الطبعة الثالثة عام1988- ص82، 83)
ويرى د. زكريا أنّ الخصومة التى صنعتها الكنائس طوال العصور الوسطى، بين الدين والعلوم الطبيعية، وبين الخرافة والعقل، هى التى أدّتْ – مع بداية العصرالحديث - إلى انتشار ظاهرة الالحاد ، وأنّ كثيرين من المفكرين أرجعوا ((موجات الالحاد التى اجتاحتْ أوروبا منذ القرن الثامن عشر بوجه خاص ، إلى تلك الخصومة التى قادتها الكنيسة ضد العلم)) (المصدر السابق – ص 12)
الكارثة أنه بينما تخلــّـصتْ أوروبا من الميتافيزيقا وما تــُـحدثه من أثر فى انتاج الخرافات، فإنّ العرب والمسلمين ما زالتْ عقولهم مُـتوقفة عند العصور الوسطى، ولا ترغب فى الانتقال إلى العصر الحديث. وكأنّ ما رسخ فى عقولهم مثل الاسمنت الذى يدخل بين قوالب الطوب، ولذلك يبدو أنّ الأمل فى نهضة علمية وفكرية، أشبه بالسراب أو نوع من خداع النفس كما يحلو للكثيرين فى الثقافة السائدة (العربية والمصرية) بالترويج لهذا الخداع.



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشهد من تاريخ المجازرالعربية/ العربية
- مفارقة التبشيربالهداية والتهديد بالسلاح
- الأساس التوراتى لوعد بالفور
- الدين وخصوصية الثقافة القومية
- الغاء الخلافة وتحريرالشعوب من قبضتها
- الشرق والغرب فى فكرإسماعيل أدهم
- عاصم الدسوقى ومغزى تزويرالتاريخ
- إلى متى يستمر دور الكهنوت الأزهرى؟
- أليس النشيد الوطنى رمز للولاء
- أدعياء الليبرالية تكشفهم مو
- الفرق بين الفلاسفة والدعاة
- أوهام تجديد الخطاب الدينى (1)
- عصرالعقوبات البدنية وعصرحقوق الإنسان
- هل يمكن كسرالحصارحول حق الاختلاف؟
- المرأة المصرية وتحطيم القيود (1)
- الغيطانى والبحث عن الجذور المصرية
- هل يوجد فرق بين لواء شرطه متعصب ومفجرالكنائس؟
- كيف انتصر الشعب الفيتنامى على أمريكا؟
- الحداثة مع العلوم أم مع تراث التخلف؟
- هل انتشر الإسلام بالقرآن أم بالسيف؟


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...
- قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى ...
- قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - هل الخرافة فى أوروبا مثل خرافة العرب والمسلمين؟