|
سيرورة التغيرات الثورية: لبنان وسوريا مثالا
عبدالله عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 5686 - 2017 / 11 / 2 - 02:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجذور التاريخية ل الاشتراكية في اوروبا كانت ولا تزال وثيقة الصله ب الفكر الاشتراكي الانساني والذي تحول بفعل نمو طبقة البروليتاريا وظهور الشيوعية الى الديمقراطية الاشتراكية التي وجدت افضل تكوين لها فيما يعرف بالاممية الثانية التي لم يغادرها الشيوعيون بوجه خاص لجهة الفكر الاشتراكي الاصلاحي.
البريطانيون تأثروا الى هذا الحد او ذاك بالحركة اي بالفكر (الاشتراكي الانساني ) وبظهور لجان الاتصال العمالية في بريطانيا حتى اذا ما جاءت العولمة النيوليبرالية فانها وجدت لدى الديمقراطيين الاشتراكيين والشيوعيين ميدانا مهيئا منذ القرن التاسع عشر للوصول الى تسوية مع هؤلاء.
فاذا كان الشيوعيون الفرنسيون والالمان والبريطانيون تخلوا عن قيادة الحركة الشيوعية الاممية وتركوها بين ايدي الحزب الشيوعي في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، فان هذه الاحزاب الشيوعية ساهمت بصورة خصبة في نضال البروليتاريا ونشر الشيوعية والتصدي للامبريالية في جنوب شرق اسيا لكنها كانت عرضة لهزات قوية لدى اجتياح الجيش الاحمر ل هنغاريا و تشيكوسلوفاكيا اللتين تمردتا على السلطة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي في موسكو .
شهدت الحركة الشيوعية الاممية اضطرابات مهمة، فقد انهار "الكومنترن " الاممية الثالثة الذي لم يصمد امام النزعات القومية التي كانت تلازم الشعوب اثناء الحرب العالمية الثانية ثم ما لبث ان انهار الكومنترن بدوره نتيجة وفاة الرفيق ستالين بشكل خاص وما رافق ذلك من اصلاحات اقرت في المؤتمر الثاني والعشرين للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي.
قامت حركة 23 شباط في سوريا وتحت تاثير الجناح الماركسي بتنحية العجائز وظهرت استراتيجية جديدة مع تكتيكاتها مع هزيمة 5 حزيران والتي تمظهرت على خير وجه في شعارات كمقولة حرب التحرير الشعبية والمجالس العمالية الشعبية في كل مكان.
أمام كل هذه العوامل الجديدة التي حملها التاريخ بتحولاته وتغيراته في هذا المسار تعرضت الحركة الشيوعية العربية الى انقسامات ونزاعات داخل صفوفها وارغمها التاريخ على تبني استراتيجيات جديدة شأنها شأن الشيوعيين الاوربيين الذين تبلورت لديهم مواقف سياسية وايديولوجية ترفض مركزية العمل الشيوعي الاممي تحت قيادة واحدة هي قيادة موسكو ل الاحزاب الشيوعية في العالم و رافق ذلك تخلي الشيوعيين الاوربيين عن ديكتاتورية البروليتاريا بدعوى ان المجتمعات الاوربية حبلى بانماط جديدة من نمط ديمقراطي جديد تتخطى من حيث ديمقراطيتها تلك البرجوازيات المهيمنه. ومن مؤرخي الشيوعية الماركسيه في اوربا من يعتقد ان تخلي الشيوعية الاوربية عن الاستراتيجية الطبقية التي سارت جنبا الى جنب مع ظهور تسوية الوفاق التاريخية كانت ب دوافع انتهازية برجوازية متغللة في هذه الاحزاب، ذلك أنّ هذه الاوساط تعتقد ان هذا التلاعب النظري كان بدافع التحالف مع البرجوازية منذ طرح الحزب الشيوعي الايطالي(تولياتي) نظرية تسوية الوفاق التاريخي لتبرير تحالفه مع الكاثوليكيين الديمقراطيين.
جورج مارشيه امين عام الحزب الشيوعي الفرنسي تخلى هو ايضا عن ديكتاتورية البروليتاريا و تبني الديمقراطية الجديدة التي سيتبناها الشيوعيون كي يتحالفوا مع الحزب الاشتراكي الفرنسي " اشتراكيون ديمقراطيون" بقيادة فرنسوا ميتران (البرنامج المشترك) وكان ثالثهم الحزب الشيوعي الاسباني الذي عاد الى الظهور علانية في العام 1975 مع رحيل الجنرال الفاشي فرانكو، هذا الاخير نادى بديمقراطية واسعة للتخلص من تراكمات الديكتاتورية الفرنكوية في المجتمع الاسباني .
في هذا الاطار من متغيرات التاريخ ما هو موقف الاحزاب الشيوعية العربية وبوجه خاص الحزب الشيوعي اللبناني من كل هذه التطورات المحملة بتحولات نوعية في مجرى الاحداث دون أن ننسى ان الشيوعية الاوربية ترفض او كانت ترفض مركزية اوروبية كانت ام سوفياتية ام غيرهما في العمل الشيوعي ما دامت ألحّت على الاستقلال الكامل لكل حزب شيوعي اوروبي، فضلا عن استقلالها الحاسم والقاطع عن الحزب الشيوعي السوفياتي.
ان الخصوصية الوطنية القومية او الثقافية تغلبت اذا ما تابعنا التحولات الكبرى النوعية التي طرأت على الاحزاب الشيوعية في العالم (الشيوعين العرب والاوربيين ) على الشمولية "الاممية" ليس من جراء دحض و تفنيد الشمولية لدى الشيوعين في العالم وانما من جراء ما طرأ على الشمولية من خلل في الاداء والممارسة، وهذا ما يفسر الأسباب وراء ظهور الشيوعية الاوروبية ودعاة الشيوعية الاوروبية التي وجدت ميدانا خصبا لها في االسبعينيات من القرن الماضي وحتى اليوم لكن هذه الشمولية اوجبت على الاوربيين ما اوجبته على الشيوعيينن العرب فاذا كان الاوربيين منهم برروا تحالفاتهم مع البرجوازية بما في ذلك الاستعمارية منها احيانا باسم الديمقراطية الواسعة المعمول عليها فان العرب منهم برروا تحالفاتهم مع ما يسمونه "البرجوازية الوطنيه" والعسكرتاريا تحت شعارات فضفاضة ك التطور اللاراسمالي الى الاشتراكية وحركة التحرر الوطني .
لم يع الحزبان في سوريا ولبنان ان البرجوازية غير قادرة على فك الارتباط والتحرر وذلك نظرا لموقع قيادتهمم البرجوازية وازمتها في الممارسة الثورية ولا سيما انهما لم يستطيعا ادراك تلازم العلاقة بين القومية والشيوعية في الوطن العربي. هذه العلاقة التي جسدتها حركة 23 شباط بقيادة نور الدين الاتاسي، ابراهيم ماخوس، يوسف الزعين وصلاح جديد.
في سوريا سلك الحزب الشيوعي طريق اللا راسمالي نحو الاشتراكية وبهذا يكون قد ساهم مباشرة في تبرير الراسمالية وديمومتها وقد لا نجافي الحقيقة اذا قلنا ان الحزب الشيوعي اللبناني لم يتبنى فكر البرجوازية في لبنان وانما تبنى سياستها واحيانا بعض افكارها وذلك من اجل تبرير خياراته السياسية فأضبح حزب البرجوازية الوطنية بامتياز حيث انه كان مدافعا شرسا عن الديمقراطية بافقها الليبرالي
لم يسع الحزبان في مسار عملهم الى ادراج فكر التغيير الثوري في تطلع مستقبلي ل النضال من اجل الاشتراكية قد كا الحزب في لبنان وفيا لطبيعته الطبقية متبنيا خيار دولة المؤسسات والقانون. جبهة القتال والمواجهه كانت سوريا ولبنان مما ادت الى احتفاظ النظام البعثي في سوريا برصيد اهله فيما بعد الى استعماله بوجه الغليان الجماهيري في سوريا . وعلى مسرح هذه الجبهه وجهت الحركة التصحيحية بقيادة حافظ الاسد ضربة قاضية للتحرر الوطني والحركه الاشتراكية و حركة التحرر الوطني الفلسطيني مما ترك ساحة العمل السياسي العربي بين ايدي ال سعود لا سيما بعد وفاة عبد الناصر . اعتبر الشيوعيون السوريون بوجه خاص تشكيل الجبهة الوطنية التقدمية بقيادة حافظ الاس تجسيدا للديمقراطية والمواجهه وقد تحاشوا بعناد لا يضاهى كل ما من شانه تشويه العلاقة الحميمية ما بين الحزب الشيوعي و حافظ الاسد. اما على المستوى اللبناني ساند الحزب الشيوعي تقريبا كل الانتفاضات التي قامت بها الجماهير العربية في تونس والبحرين الا في سوريا. سعى الحزب الشيوعي باكرا الى مساندة النظام على قاعدة تفكيك كل العوامل التي من الممكن ان تدفع بالحزب الى مواجهه النظام في سوريا غلى قاعدة مواجهته النظام اللبناني و تحمل هذه المسؤولية التاريخية.
في سيرورة بناء الاحزاب الثورية نحن محكومون بمواجهة المشروع الامبريالي المعولم حتى لو ادى الامر الى التصادم معها فكريا وسياسيا وايضا جسديا ان مركزية الصراع مع الراسمالية – المعولمة تعبر عن نفسها في ساحات مواجهة عنيفة اخذة طابع الحروب والصراعات العالمية التي تبشر بتداعي الجسم الراسمالي المعولم واعادة اظهار ملامح الصراع الطبقي حيث من الممكن ان يبرز عربيا و عالميا ليس بين طبقة ضد طبقة وانما بين جماهير ضد سلطات وبالتالي من الطبيعي والمنطقي ان يفرز هذا الطرح احزابا ثورية ان وحدة النضال وامميته ستتيحان الفرص الجدية لانطلاق حركة ثورية عالمية تتجاوز الحدود الاقليمية وتكون عاملا اساسيا في لجم منطق الراسمال العالمي الإمبريالي. ان المنطق الثوري السليم يقوم على التحليل العلمي الموضوعي ل ظروف وشروط النضال وعلى التحليل الواقعي للاوضاع الملموسة والتي هي في تطور مستمر . هنا لا بد من الاشارة الى ان محاربة العولمة النيوليبرالية تقف على راس المهام السياسية للشيوعيين . ان اساليب الرأسمال الامبريالي تعزز انتشار الفوضى الاقتصادية و تولد الظروف الموضوعية للتبعية المطلقة وتجعل الدول مؤسسة لنقل الثروات الى الى الاغنياء وتغذي الفئات المرتبطة بالراسمال الامبريالي وادواته . لقد فرضت العولمة على الدول القومية دون قيد او شرط خدمة الراسمال العالمي-المعولم وتامين مصالح الشركات المتعددة الجنسية
ان الثورة المطلوبة يجب ان تكون معادية للراسمالية-المعولمة ونحن نواجه اليوم حكومة العولمة التي تختار وتعين ممثليها ل تنفيذ سياساتها ولانها تحمل سمات الشركات العابرة ل القارات تتحكم ب مصائر البشر لذا فان مواجهتها والانتصار عليها لن يتم الا عبر ثورة اممية ومستمرة. وكذلك يجب ان يعي المناضلون اينما تواجوا انهم لن يستطيعوا كسر هذه السلطة او تلك الا عبر ربط نضالاتهم بكافة الساحات من اجل تحقيق النصر والا فان اية ثورة سيكون مآلها الفشل والهزيمة وسيبقى الكفاح المسلح افضل واجدى وسيلة ل تفجير الصراع الطبقي وممارسة الشعب ل الديمقراطية عبر جميع اشكال المجالسية الممكنة
#عبدالله_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جورج عبدالله عهد السيادة والاستقلال
-
الإنتخابات وتكتيك الثورة
-
-المشاغبون-
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|