|
الزلزال السياسي ينبغي أن يصل مداه .
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 5686 - 2017 / 11 / 2 - 00:28
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
كان لقرار الملك إعفاء مسئولين حكوميين وإداريين على خلفية إخلالهم بمسئولياتهم الوطنية الذي أفقدتهم ثقة الشعب والملك معا ، الأثر الطيب في نفوس عموم المواطنين الذين تملّكهم اليأس من محاسبة المسئولين وكل الفاسدين طيلة عقود . وتعدّ هذه المرة الأولى في تاريخ مغرب الاستقلال التي يتم فيها إعفاء 14 مسئولا حكوميا وإداريا دفعة واحدة ، بسبب ضعف الأداء أو الإخلال بالمسئولية . عادة كان المسئولون فوق القانون ولا تمسهم المساطر الإدارية . وحتى يكون لقرار الملك امتداداته في الزمان والمكان وأثره في مواجهة دوافع اليأس من التغيير لدى المواطنين ، وفي نفس الوقت تحفيز الشباب على المشاركة السياسة عبر إقناعهم بجدوى المشاركة في الانتخابات والتنافس على إدارة الشأن العام ، فإن الأمر يلزم أن يشمل "الزلزال" بنيات الدولة السياسية والإدارية والقضائية والاقتصادية حتى يتم القطع مع سياسة اللاعقاب وتكريس ، في المقابل، مبدأ ربط المسئولية بالمحاسبة . وأولى المقومات التي تعطي لقرار الملك هذا بعده السياسي والاجتماعي على المدى القريب والمتوسط : 1 ــ إطلاق سراح كافة نشطاء الريف المعتقلين بعد أن أثبت تقرير المجلس الأعلى للحسابات تعثر/توقف 555 مشروعا من أصل 600 ، وكذا نشطاء زاكورة . إذ إلى هؤلاء جميعا يعود الفضل في تنزيل الفصل 1 من الدستور الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة بعد مرور 6 سنوات على تعديله. وكذا الفصل 154 الذي يُخضع "المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية". ومادام قرار الإعفاء جاء نتيجة لإخلال المسئولين بمهامهم ، فإن المحتجين ضد الفساد والكاشفين عنه أحق أن يشملهم العفو ، إن لم يكن من باب الإنصاف لهم فعلى الأقل من باب الاستجابة للملتمسات التي تقدمت بها هيئات مدنية وحقوقية وسياسية . 2 ــ محاسبة الهيئات السياسية على أداء أعضائها داخل الحكومة . ذلك أن الوزير ليس موظفا يمكن إخضاعه لقانون الوظيفة العمومية ، بل هو ممثل لهيئته السياسية التي يطبق برنامجها ، ومن ثم فهي مسئولة عن تأطيره وتوجيهه ومرافقته . ومن شأن الربط بين المسئول والهيئة الحزبية أن يفرض على الأخيرة تشكيل لجان وضع البرامج وتتبع تطبيقها في حالة مشاركتها في الحكومة . وأي محاسبة الأحزاب ستفرض عليها اختيار الكفاءات المناسبة للمناصب الوزارية أو الإدارية والقطع مع منطق الزبونية والريع السياسي . 3 ــ تحميل رئيس الحكومة المسئولية الأولى عن تعثر إنجاز المشاريع أو التقصير في أداء المهام باعتباره المنسق بين الوزراء والمسئول المباشر عن اختيارهم ، فضلا عن صلاحيته الدستورية التي تسمح له بتقديم طلب إلى الملك يعفي بموجبه الوزير أو الوزراء المقصرين وفق الفصل 47 من الدستور . وكل فشل في أي قطاع حكومي لم يتداركه رئيس الحكومة أو تغاضى عنه تحت ضغط أي حزب ، فإن المسئولية يتحملها رئيس الحكومة الذي أخلّ بواجبه الوطني والدستوري وجعل الحزب فوق مصلحة الشعب والوطن .ee 4 ــ إخضاع كل القطاعات العمومية والشبه عمومية إلى التفتيش الدوري ومحاسبة كل المسئولين الذين يثبت في حقهم الإخلال بالواجب . ذلك أن غياب المحاسبة يشجع على التراخي والتقصير في أداء المهام كأضعف الإيمان ، فيما يغري فئات أخرى من المسئولين بالنهب والتبذير . فكلما غاب أو تعطل القانون اتسع مدى الفساد والنهب وضاعت ، بالتالي، مصالح المواطنين . 5 ــ مبدأ المحاسبة لا ينبغي أن يقتصر على إعفاء المسئول من المنصب الحكومي أو الإداري ، بقدر ما يستوجب إخضاعه للمحاكمة العادلة لعدة اعتبارات أهمها : أ ــ إن تقصيره/إخلاله بالواجب تكون له تداعيات على مصالح المواطنين ومعيشهم اليومي وظروف حياتهم العامة . فبقدر الضرر الذي يلحقه بالمواطنين يكون العقاب . إذ ما فائدة إعفاء مسئول عطّل إنجاز طريق أو كهْربة منطقة أو بناء مستشفى أو تشييد مؤسسة تعليمية مادام هذا التقصير تسبب في مزيد من المعانة والتهميش والحرمان لكثير من المواطنين . ب ــ إن المحاكمة فيها إنصاف للمتضررين وتعويض معنوي يعيد لهم الاعتبار كمواطنين متساوين في المواطنة مع بقية أفراد الشعب.وأي إعفاء دون عقاب مهما كان نوعه ، يزيد المتضررين شعورا بالغبن و"الحكرة". وهذا الشعور هو الذي أجج احتجاجات الريف التي كشف تقرير السيد جطو أنها كانت مشروعة . ج ــ إعادة الثقة للمواطنين في المؤسسات الدستورية وجعلهم يشعرون أنها تمثل إرادتهم وتستجيب لانتظاراتهم ، ومن ثم ردم الهوة بين المواطنين والدولة . د ــ تكريس دولة الحق والقانون وفصل السلط والقطع مع المزاجية في تطبيق القانون . فعلى مدى عقود لم يشهد المواطنون محاكمة مسئولين عن الفساد أو التقصير ، وحتى وإن جرت محاكمات فهي إما صورية أو تكون أحكامها بالبراءة . هـ ــ إن الإعفاء دون محاكمة/عقاب هو مساس بقدسية الدستور وخرق لفصوله التي تنص على ربط المسئولية بالمحاسبة . نأمل أن يبدأ المغرب عهدا سياسيا حقيقيا يؤسس فعلا لدولة الحق والقانون ويقطع مع مرحلة الارتشاء والفساد والإفلات من العقاب . يكفي ما ضاع من الفرص ومن الثروات ،وسيظل الفساد مؤذنا بالخراب والعدل أساس الملك .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فشل المشروع التنموي ،ما العمل ؟
-
حقوق المرأة وإستراتيجية الإجهاز والنكوص.
-
حقوق الإنسان بين مكيالين.
-
زواج المسلمة من كتابي جائز شرعا .
-
مصلحة أمريكا في الحرب على الإرهاب لا القضاء عليه .
-
تغول المخزن وعناد الدولة .
-
ارفعوا الغبن عن الريف .
-
انزعوا فتيل الفتنة بدل إذكائها .
-
محاربة الإرهاب تستوجب محاربة منابعه.
-
هل يستفيد المغاربة من الدرس الفرنسي ؟
-
مي البتول ومي عيشة عنوان الفساد السياسي .
-
التصريح الحكومي :تسويف وتخريف .
-
المشاركة السياسية للمرأة مدخل للحداثة.
-
مخاطر كتاب -منار- لمادة التربية الإسلامية على الصحة النفسية
...
-
الاستثناء المغربي حتى في تشكيل الحكومة.
-
غمة بنكيران وانزاحت.
-
لماذا يناهض الإسلاميون حقوق النساء؟
-
جرأة قاضي ومتاهة فقيه وانتقام الوزارة .
-
حواري لفائدة جريدة الأحداث المغربية
-
بنكيران يمأسس التكفير ويشرعن الكراهية.
المزيد.....
-
أمريكا.. السجن 11 عاما للسيناتور السابق مينينديز جراء إدانته
...
-
الرئيس السوري أحمد الشرع يطلب من روسيا تسليم الأسد
-
إصابة 24 شخصا بغارتين إسرائيليتين على النبطية.. -لم يستطيعوا
...
-
إعلام: المراحل المقبلة من وقف إطلاق النار في غزة تواجه عقبات
...
-
المحكمة الإدارية الفرنسية تؤكد صحة قرار الجزائر في قضية المؤ
...
-
عباس يرسل برقية للسيسي بشأن تهجير الفلسطينيين.. ماذا فيها؟
-
إدانة عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق بوب مينينديز بالسجن 11
...
-
باكستاني يقتل ابنته لنشرها فيديوهات على -تيك توك-
-
طبيب نفسي: يوجد في سوريا من 1 إلى 3 ملايين مريض نفسي
-
الولايات المتحدة: أوامر بترحيل المئات من مواطني الدول المغار
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|