أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مصطفى مجدي الجمال - مناظرة قبل العِشاء














المزيد.....


مناظرة قبل العِشاء


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 5684 - 2017 / 10 / 31 - 03:16
المحور: سيرة ذاتية
    


تذكرت الواقعة التي أسردها هنا بعدما قادتني سياحتي على الإنترنت إلى مقال لأكاديمي عراقي في جامعة تكريت بعنوان "أحكام السياسة الشرعية المستقاة من قصتي طالوت وذي القرنين.." وفيها اجتهد الكاتب في اعتصار النصوص لاستخراج أحكام السياسة الشرعية في شروط اختيار الخليفة وممارسته...الخ.

ففي أثناء انعقاد المؤتمر التاريخي لاتحاد طلاب الجمهورية في شبين الكوم عام 1976 حدثت مواجهة في الجلسة الافتتاحية بين شخصي وبين رئيس الوزراء الدكتور فؤاد محيى الدين الذي حاول في خطابه الخبيث التوفيق بين الترويج للسادات ومغازلة القاعة التي تأكد من هواها الناصري.. وهو كان من النوع الذي يجيد هذه الألعاب بتفوق.

بعد المواجهة ذهبت إلى غرفتي بالمدينة الجامعية لأجد مجموعة تقتحم الغرفة من القيادات الإسلامية التي باتت ملء السمع والبصر بعد ذلك، متظاهرين بالإعجاب بشجاعتي والرغبة في الحوار معي.. كان عددهم أربعة أو خمسة.. وفي الحقيقة كانت دخلتهم مخيفة مظهرًا ومخبرًا.. فقد كانوا معروفين وقتها بعدم التورع عن الاعتداء البدني واللفظي على اليساريين بالذات.. لكنني تمسكت برباطة جأشي ورحبت بهم..

بدأوا الحوار أغرب بداية، ومع ذلك كانت هذه طريقتهم التي أعرفها جيدًا في "تجنيد" الشباب ضعيف الثقافة.. قال كبيرهم: "يا أخ مصطفى هل أنت مسلم أم مسيحي؟"..

لا أعرف كيف واتتني الشجاعة فقلت له على الفور: "امش اطلع بره.. مفيش حوار".. وعلى الفور لاحت بوادر الشجار من أحدهم لكن كبيرهم نهره وأخذ في تهدئتي بعدما قلت لهم "اسمي مصطفى على اسم الرسول الكريم.. ومش عايز سخافة"..

(كنت على دراية تامة بتكتيكهم البليد في النقاش.. فيبدأ بهل أنت مسلم؟ ثم هل تسلم بأحكام الله؟ وهل يمكن أن تكون مطيعًا لله دون الإيمان بتطبيق الشريعة وإقامة الخلافة الإسلامية؟ هل ستموت وليس في عنقك بيعة؟ وهكذا دواليك حتى يأخذوك أسيرًا "فكريًا" لبرنامجهم وجماعتهم).. وكان الخطأ الساذج منهم أنهم تصوروا إمكان أن يطبقوا معي ذات طريقتهم تلك مع الطالب العادي.. وربما لم يكونوا على علم بأنني ملم بأدبياتهم أكثر من بعضهم..

المهم أنه بعد تهدئة الجو.. اتفقنا أن يقولوا كل ما عندهم أولاً.. ثم يتركونني لأتحدث بشرط عدم مقاطعتي إطلاقًا.. وبالفعل قالوا كل ما يمكن للقارئ تصوره في لغة متينة مرصعة بالأحاديث وآي الذكر الحكيم، حتى بدا لي أنهم يتلون عبارات من كتاب غير مرئي لي.. ولكن مع ارتكابهم لأخطاء لغوية مارست معها "رزالتي" المعروفة عني في التصحيح.. ومع كل تصحيح كانوا يومؤون مرحبين في ضيق..

بعدما انتهوا من "مقدمة التجنيد" المعتادة.. قررت أن أتبع تكتيكين.. أو بالأحرى مسارين في النقاش.. أحدهما اقتصادي والآخر سياسي.. وألا أسقط معهم في إغراء النقاش العقيدي أو الثقافي.. وكانت البداية هي أن التقطت الفكرة المحورية التي داروا حولها: "الإسلام صالح لكل زمان ومكان"..

قلت لهم ما معناه أن المقولة صحيحة تمامًا لأن ما هو عقيدي إيماني ومطلق لا يقبل المقارنة مع أي نسبي أو مطلق آخر.. وحتى يكون الدين صالحًا لكل زمان ومكان فإن القرآن لم يذكر أحكامًا في كل كبيرة وصغيرة، وترك الكثير لشؤون دنيانا.. ومن ثم فإن عدم التفصيل هو مصدر قوته الحقيقية في أي زمن غير زمن نزوله.. وليس العكس.

وأما محاولة أن تنتزعوا من السنة واجتهادات الفقهاء ما يؤكد مصلحة دنيوية في الزمان والمكان المحددين فإنه يُعد أكبر إضرار بالدين كله.. لأن تنازع المصالح يخلق تنازع الأهواء.. ولهذا تشتت الأمة على مئات الفرق التي اقتتلت فيما بينها..

وأضفت أنني دخلت حقل السياسة دفاعًا عن مصالح وطنية وطبقية واضحة.. وأن لكل امرءٍ الحق في الاعتقاد وأن يستخرج برنامجًا للناس من اعتقاده إن شاء أو من معارفه الإنسانية وتجاربه الحياتية.. وأن ما يهمني الآن ليس شعاركم العام عن تطبيق الشريعة الإسلامية، إنما أن أعرف ماهو برنامجكم من القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر في حياتهم.. أي مع أي الطبقات تقفون؟ مع العمال أم الملاك؟ مع الدعم أم مع رؤية حزب التحرير الإسلامي مثلاً بأنه ليس للحاكم أن يفرض الأسعار على الأسواق أو قيودًا على التجارة؟ مع استقلال اقتصادنا وبناء القاعدة الإنتاجية الوطنية أم مع فتح أسوانا على "البحري"....

جاءتني المقاطعة المتذاكية: "بسم الله ما شاء الله.. صدق حسنا والله.. وعشان كده احنا معاك دلوقت.. وفي انتظار أن تأتي إلينا لتضع لنا مع آخرين مثلك هذا البرنامج الاقتصادي"!!! أي أنني لم أحصل على أية إجابة عن أسئلتي الموجهة. وقد سبق لزملائي أن سمعوا مثل هذه الدعوة منهم، فيما يبدو انها إرشادات حزبية لإدارة النقاش مع العلمانيين بقصد اجتذابهم..

كانت النقلة الثانية في الحديث من جانبي عن السياسة.. قلت لهم إن النص الكريم كان حكيمًا حينما ترك للمجتمعات اختيار نظامها السياسي، "أنتم أعلم بأمور دنياكم"، فهل هناك من أمور دنيانا ما أهو أدق وأكثر تخصيصًا وارتباطًا بالسياق من طريقة الحكم في كل مجتمع محكوم بالزمان والجغرافيا والاقتصاد والثقافة!! وقلت لهم إن الفقه السياسي الإسلامي قليل جدًا مقارنة بفقه العبادات والمعاملات.. حتى أن الكتب العمدة القليلة في ذلك تُعد على الأصابع كالمواردي وابن حزم وابن خلدون وابن القيّم..

لاحظت أنهم قد فوجئوا فبدأوا يقاطعونني مخلين بشروط الحوار.. فقال أحدهم: "ما ذكرت هي اجتهادات قيمة لكنها قديمة وقد هذبها في عصرنا علماء مثل المودودي والبنا"..

كانت هذه العبارة أكبر هدية لي، فتلقفتها قائلاً: فعلاً هي قديمة.. ولهذا أنا أعترض مثلاً على فكرة "الأئمة من قريش" وفكرة "الإمامة لمن غلب" وفكرة "إمامة المفضول" وفكرة عدم إلزام الشورى للحاكم..و.. و..

كنت عباراتي متلاحقة كرصاصات الرحمة..

فبادر كبيرهم قائلاً: "حانت صلاة العشاء.. وطبعًا لن تأتي معنا"..



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الناصر والسادات وعادل حسين
- يسار جامعة المنصورة ومؤتمر جمصة 74
- المخاطر والبدائل
- الكراهية المنطقية
- -كعب أخيل- الليبرالي
- لعبت كرة الجولَّة والطوزَّة والكَفَر
- يومها خِفْتُ عليه
- بنات أرض المنصورة
- أغرب تحقيق في نيابة أمن الدولة
- المهندسة
- ماذا تعلمنا من فشلنا؟
- أغرب فيش وتشبيه
- العدوان الأمريكي لا يكسر عين الليبراليين
- مبادئ وتصورات للعمل الجبهوي
- البطالة إبادة اجتماعية والجناة طلقاء
- فرط اليسار
- لغة الحرامية وأصوات من القاع
- عن اليسار المصري والثورة
- سالم سلام.. النبيل الذي رحل
- فيليب وأبو الوفا


المزيد.....




- -معاد للإسلام-.. هكذا وصفت وزيرة داخلية ألمانيا المشتبه به ا ...
- -القسام-: مقاتلونا أجهزوا على 3 جنود إسرائيليين طعنا بالسكاك ...
- من -هيئة تحرير الشام- إلى وزارة الخارجية السورية.. ماذا تعرف ...
- جزيرة مايوت المنسيّة في مواجهة إعصار شيدو.. أكثر من 21 قتيلا ...
- فوائد صحية كبيرة للمشمش المجفف
- براتيسلافا تعزز إجراءاتها الأمنية بعد الهجوم الإرهابي في ماغ ...
- تغريدة إعلامية خليجية شهيرة عن -أفضل عمل قام به بشار الأسد ...
- إعلام غربي: أوروبا فقدت تحمسها لدعم أوكرانيا
- زعيم حزب هولندي متطرف يدعو لإنهاء سياسة الحدود المفتوحة بعد ...
- أسعد الشيباني.. المكلف بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السو ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مصطفى مجدي الجمال - مناظرة قبل العِشاء