أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سمير أمين - الاختراعات والعلاقات الاجتماعية «2»














المزيد.....

الاختراعات والعلاقات الاجتماعية «2»


سمير أمين

الحوار المتمدن-العدد: 5683 - 2017 / 10 / 30 - 22:14
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


نموذج اختراع «الطابعة ثلاثية الأبعاد»
تتتابع أمواج الاختراع فى العصر الحديث دون توقف. فثمة آلاف الاختراعات التي تنبعث عاما بعد عام وتخص جميع مجالات الإنتاج، فتتيح تخفيض التكلفة أو تحسين الجودة. ويدلى الخطاب الدارج بتقريظ هذا الوضع فينسبه إلى فعل عامل المنافسة الخاص بالرأسمالية. ولكن هذا التقريظ يظل محل تساؤل، حيث إن أغلب الاختراعات تسعى إلى رفع مردودية استثمار المال من خلال وضع حدود زمنية على دوام حياة المنتجات، أى بعبارة أخرى تشجيع تصرف تبذيري يمثل تكلفة اجتماعية ضخمة ومتصاعدة. لن أسترسل فى تناول قضايا هذه الاختراعات ثانوية الطابع، وإنما سأركز على الاختراعات الكبرى التى تتيح إنتاج شىء نوعى جديد أو أسلوب إنتاج جديد كل الجدة. وذلك لأننا دخلنا فى مرحلة تتصف بكثرة ظهور مثل هذه الاختراعات. وسوف أضرب مثالا بالطابعة «ثلاثية الأبعاد».

يتيح الحاسوب الإلكتروني (الكمبيوتر) إنتاج شىء نوعى ذي بعدين اثنين وهي الصفحة المطبوعة. واستوجبت العملية وجود سند ذى البعدين (صفحة ورق) وآلة (الطابعة) ومادة نوعية (الحبر) وقدرة الآلة على أن تختار من ذاكرة الكمبيوتر النص المسجل فتحوله إلى صفحة مطبوعة.

وتحققت نقلة نوعية عندما اخُترع كمبيوتر يتيح تخيل شىء نوعى ثلاثي الأبعاد (كرة أو كوب) وتسجيله فى ذاكرة الآلة، ثم اختراع آلة أخرى جديدة أطلق عليها اسم «الطابعة ثلاثية الأبعاد» من باب التمثيل. فيتطلب إنتاج الشىء النوعى المتخيل مسندا خاصا مصنوعا من مادة نوعية (تسمى «الحبر» من باب التمثيل) ثم تحويل الشىء المتخيل والمسجل فى ذاكرة الكمبيوتر الحديث إلى شىء مادى ملموس، أكان بسيط التشكيل مثل كوب أو مركبا معقدا مثل قلب إنسانى اصطناعى.

نحن هنا أمام اختراع ذى أهمية بالغة. وثمة مجالات أخرى ظهرت فيها حديثا اختراعات كبرى، مثل مجال علوم الجسيمات الصغيرة التى تشكل أجسام المواد المعروفة. وكذلك اختراعات تخص صناعة مواد جديدة. وثمة تكامل بين بعض هذه الاختراعات. فعلم الجسيمات الصغيرة مثلا أتاح بدوره اختراع وإنتاج مواد جديدة لازمة فى تشغيل الطابعة ثلاثية الأبعاد (أى أنواع «الحبر» الذى يتحول إلى مادة صلبة لكى يعطى للشىء النوعى المنتج شكله النهائى المطلوب).

هناك أيضا اختراعات ظهرت فى مجالات أخرى مستقلة، مثل البيوجنية أو الفضاء أو إنتاج أنواع من الطاقة المستديمة.

ينبغى فتح الجدال حول مغزى الاختراعات الحديثة. علما بأن لهذا النقاش أوجهًا متباينة، بعضها يخص مجال العلوم والفنون المعنية وبعضها يتعلق ببعدها الاجتماعى.

على سبيل المثال يستدعى مبدأ الحذر فحص صلاحية البيوجنية التى لا نعلم عواقبها فى الأجل الطويل وتأثيرها على التنوع الجينى. بيد أن مبدأ الربحية المالية السريعة يتجاهل تماما هذا الوجه للقضية. لن أسترسل هنا فى تناول هذه الأمور.

أعود إلى نموذج الطابعة ثلاثية الأبعاد. ما هى الأشياء النوعية الملموسة التى يمكن إنتاجها بهذا الأسلوب؟ يبدو لى أن الآلة قادرة فقط (حتى الآن) على إنتاج أشياء صغيرة الحجم، ولو فى غاية التعقيد من حيث تشكيلها، مثل القلب الاصطناعى. ولكن ثمة العديد من الاشياء الصغيرة المهمة والمفيدة، مثل القطعات التى تدخل فى تركيب الآلات الكبرى (محركات السيارة) والتى سيحل إنتاجها بهذا الأسلوب محل الأساليب الميكانيكية والكيميائية المستخدمة حاليا.

يتعلق السؤال المحورى بطابع العلاقات المتبادلة بين تشغيل هذا الاختراع وتكيف علاقات الإنتاج السائدة له. بيد أن النظر فى هذا الأمر مازال لا يجذب الاهتمام. ويكتفى الخطاب الجارى فى شأنه بالقول إن هذا الاختراع مثل جميع الاختراعات سوف يوفر للجميع حياة مريحة! وليس أقل!

يتطلب تشغيل أى اختراع مهم توفير نوعية جديدة من الكفاءات بالكثرة المطلوبة، هنا جيش من العلماء والمهندسين ومعهم العديد من المساعدين، وتعبئتهم فى مراكز بحوث مكلفة، كما يفترض ازدهار انواع التدريس الجامعى الملائم. بيد أن أقلية صغيرة فقط من الدول نشأت عبر السير بهذه الطريقة للتصدى للأمور. علما بأن تلك الدول تعتمد بالأساس على القطاع الخاص فى تناولها للقضية.

إن أهم سؤال بهذا الصدد هو الآتى: هل يتطلب تشغيل هذا الاختراع تغييرا جوهريا فى علاقات الإنتاج الرأسمالية السائدة؟ أجيب بالنفى. بل أزعم أن هذا الاختراع يدعم سطوة الاحتكارات المالية فى سيادتها على الاقتصاد، حيث إن العاملين فى الصناعات الجديدة سيظلون أجراء تستخدمهم الشركات الخاصة العملاقة.

قطعا يمكن تخيل استغلال المناسبة لإنشاء علاقات اجتماعية أخرى ذات طابع يتجاوز حدود الرأسمالية. ولكن النضال على هذه الأرضية لا يختلف فى طابعه عن النضال العام من أجل الاشتراكية، الذى يخص جميع قطاعات النشاط الاقتصادى، الجديدة والقديمة منها على قدم المساواة.



#سمير_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاختراعات والعلاقات الاجتماعية (1 2)
- الثورة من الشمال إلى الجنوب (1)
- رؤية فى قضايا المرأة
- نقد مقولة نهاية التاريخ
- ماذا عن «العالم الأول»؟ (22) أوروبا الجنوبية
- ماذا عن «العالم الأول» ؟(1 2) أوروبا‭ ‬الجنوبية
- ماذا عن «العالم الأول»؟ 3
- ماذا عن «العالم الأول»؟ 2
- أزمة النظام الرأسمالي
- ماذا عن «العالم الأول»؟
- عاشت دولة المواطنة المصرية
- بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة القيادات الام ...
- نبذ الحداثة أم المساهمة فى تطويرها؟
- السيادة الوطنية: بأى هدف؟
- السيادة الوطنية فى خدمة الشعوب
- نقد مفهوم الأصالة
- نقد مقولة ثبات الثقافة
- الاقتصاد الخالص شعوذة العالم المعاصر
- المسألة‭ ‬الكردية كيف‭ ‬كانت ؟
- من الاقتصاد السياسى إلى الاقتصاد الخالص


المزيد.....




- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...
- شولتس أم بيستوريوس ـ من سيكون مرشح -الاشتراكي- للمستشارية؟
- الأكراد يواصلون التظاهر في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن أوجل ...
- العدد 580 من جريدة النهج الديمقراطي
- الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تُعلِن استعدادها ...
- روسيا تعيد دفن رفات أكثر من 700 ضحية قتلوا في معسكر اعتقال ن ...
- بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- بلاغ صحفي حول الاجتماع الدوري للمكتب السياسي لحزب التقدم وال ...
- لحظة القبض على مواطن ألماني متورط بتفجير محطة غاز في كالينين ...
- الأمن الروسي يعتقل مواطنا ألمانيا قام بتفجير محطة لتوزيع الغ ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سمير أمين - الاختراعات والعلاقات الاجتماعية «2»