أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - دمُ القسّ في رقبة هذا الرجل














المزيد.....

دمُ القسّ في رقبة هذا الرجل


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5682 - 2017 / 10 / 28 - 17:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أعدتُ عليه السؤالَ ثلاثًا. ثم أعدتُه للمرة الثالثة بعد المائة. وفي الحقيقة كان السؤالُ نحيلاً تافهًا! لا يتصوّر عقلٌ أن الحصولَ على إجابة له، سوف يستغرق نصفَ حلقةٍ تليفزيونية، مدّتُها ساعتان!
السؤال: "هل دمُ البشرِ سواء؟" يعني بالبلدي كده: “هل فيه دم غالي ودم رخيص؟" يعني: "هل فيه دم سوبر هدره يجيب إعدام، ودم تاني أي كلام هدره يتدفع فيه دِِيَة، يعني شوية فلوس لأهله، وشكرًا؟"
سؤالٌ كما ترون جِدُّ بسيط. لا يحتملُ إلا: "نعم"، أو "لا”. ثم إنه سؤالٌ ساذجٌ. ذاك أنك لو سألته لطفل، لم تُلوَّث فطرتُه الإنسانيةُ بعد، لن يحتاج إلى لحظة تفكير ليقول: “نعم" صريحةً ناصعةً. "نعم، دمُ البشر سواء!" ثم أنه سؤالٌ مضحكٌ. إنْ تجاسرتَ وسألته لأي إنسان عاقل في أية بقعة من بقاع الكون، سيسخرُ من مجرد فكرة أن يخطر سؤالٌ كهذا على بالك! ربما ينعتك بالجنون لأنك سمحتَ لعقلك أن يشطح ويتخيّل أن دماء البشر قد سار لها تسعيرةٌ وفق المعتقد أو المذهب أو الحزب أو وفق الطبقة الاجتماعية أو المستوى العلمي…. أو وفق الهوى. سيقول لك "نعم"، ثم يُكمل يومَه ضاحكًا من عبث الفكرة. فأمام الطبيعة يتساوي للأسف دمُ "غاندي" مع دم "وحش الأندير"، سفّاح النساء والصبايا. وأمام القانون يتكافأ للأسف دمُ آينشتين مع دم القرضاوي، مثلا. وأمام الإنسانية، دمُ العظيم مكتشف البنسلين متساوٍ مع دم أصغر نشال مَحافظ في أتوبيس نقل عام. وأمام السماء الدمُ كلُّه حرامٌ.
هو سؤال بديهيّ. لا يحتاجُ إلا فطرةً سليمة لتجيب عليه. لو أنك سألته لأي مسلم سويّ، يؤمن بالقرآن وآيه الكريمات، لن يتردد في أن يقول تلك ال"نعم" الصريحةَ الناصعةَ، دون الرجوع إلى شيخ الزاوية. لأن ذلك المسلم السويَّ يعلم أن الله حرّم قتل أيّ "نفس"، دون تحديد أو تمييز أو تفضيل؛ حين قال: “وكتَبنا عليهم فيها أنَّ النفسَ بالنفس"، ثم “مَن قتلَ نفسًا بغير نفس أو فسادٍ في الأرض، فكأنما قتلَ الناسَ جميعًا، ومَن أحياها فكأنما أحيا الناسَ جميعًا”، شطران من الآيتين 45، 32 من سورة المائدة. ولو سألت يهوديًّا أو مسيحيًّا أو بهائيًّا أو هندوسيًّا أو بوذيًّا أو طاويًّا أو كونفشيوسيًّا أو لا دينيًّا أو ربوبيًّا أو لاأدريًّا أو ملحدًا، سوف تحصل على تلك ال"نعم" ناصعةً صريحةً لا شكّ فيها، بيضاءَ من كل لبسٍ أو تأويل أو مراوغة.
دمُ البشر سواءٌ أمام الله، وأمام القانون، وأمام الإنسانية، وأمام الأخلاق.
لكن صديقنا الشيخَ الظريف ذا اللحية المُحنّاة يهوى المراوغة. راوغ وحاورَ، وزاغ وناور، لكي يهرب من مواجهة الرأي العام أمام الشاشة. ولكنني صبرتُ وضيّقتُ الخناق. حاورَ فحاورتُ... ناورَ فناورتُ. فأنا أهوى اقتناصَ القنّاصين لكي يكفّوا عن قنص قنصهم الحرام. أعدتُ سؤالي مراتٍ ومرات حتى أجاب الشيخُ بالفاجعة، قائلا: “لا"!! وقفتِ البشريةُ العاقلةُ في جانب. ووقف ذلك الشيخ مع نفرٍ قليل يشبهه في جانب آخر! “لا يتساوى دمُ البشر، فدمُ المسلم يفوق دمَ غير المسلم.” هكذا أجابني الشيخُ "محمود عامر" قبل شهرين على الهواء. فاستوضحتُه حتى يبين الخيطُ الأبيضُ من الخيط الأسود في كلامه ولكيلا يكون هناك لبسٌ في قوله أو شكٌّ. سألتُه: "يعني لا قصاصَ ثمة، لو قتلَ مسلمٌ مسيحيًّا؟" قال: "نعم. فقط عليه دية. أما لو قُتل مسلمٌ، وجب قتلُ القاتل. لأن دمَ المسلم أعلى وأغلى." في تلك اللحظة لم أقل إلا: “شكرًا أيها الشيخ! الآن، وعلى الهواء، أقدّمُ ضدّك بلاغًا أمام الرأي العام، فأنت تحرّضُّ المسلمَ على قتل المسيحيّ، دون خوف من عقاب!”
شاهدت صديقتي الجميلة د. نيلي حسن، طبيبةُ الأسنان، تلك الحلقة، فأخبرتني بأن بلاغي على الهواء، ضدّ هذا الشيخ وأضرابه، سوف يكون بدايةً لدرس الأخلاق الأعظم: “الحقّ - الخير – الجمال.
لكنّها تعلمُ الآن أنّ ذلك الدرسَ لم يحن أوانُه بعد. لأن بلاغي على الهواء، ضاع أدراجَ الهواء! فمازال هذا الشيخُ وذاك، يفتي بما أفتى. ومازال المختلّون نفسيًّا، ودينيًّا وأخلاقيًّا، يصدّقون فتاواهم. ومازال كلُّ من يمتلك سكينًا بخمسة جنيهات يركضُ في الشوارع يطاردُ المسيحيين بُغية قتلهم الآمن. ومازال مصريون أقباطٌ مثل "القمّص سمعان شحاتة" يسقطون مُضرجين في دمائهم. ليس لأن هناك مختلين عقليين يجوبون الطرقات، بل لأن شيوخًا مُحرّضين على القتل يملأون السمعَ والبصر والمنابرَ والشاشات. وهذا بلاغٌ جديد على الورق، علّه لا يذهبُ أدراجَ الهواء، كبلاغي السابق على الهواء.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إني لأعجبُ كيف يمكنُ أن يخونَ الخائنون!
- عصفورٌ بلا حقيبة
- كيف ينجح الناجحون؟
- أنا اليومَ مشغولةٌ بلحظة فرحٍ لعيون الحجازية
- الزمن النظيف فوق الشجرة
- المنيا ... على مسافة السكة … شكرًا يا ريّس!
- نصير شمّة…. تِهْ موسيقى
- مثلثُ التفوق والإنسانية
- لماذا اليابانُ يابانُ؟
- قطعةٌ من الفرح في صندوق الحَزَن
- أسئلة (مفيد فوزي) الحرجة! العيل بيجي برزقنا!
- السماءُ حزينةٌ ونحن نضحك!
- معايدةُ العيد من ألدّ خصومي!
- (مسافة السكة) ل المنيا الشقيقة يا ريّس!
- محفوظ عبد الرحمن ... خزّافٌ يبحث عن الزمن المفقود
- الحبُّ على طريقة -أمّ الغلابة-
- رفعت السعيد … ورقة من شجرة الوطن
- رسالة غاضبة إلى أمينة ثروت أباظة
- أطهر صبايا العالمين … سيدة الحزن النبيل
- ماذا تعرف عن مدارس الأقباط يا شيخ عامر؟


المزيد.....




- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - دمُ القسّ في رقبة هذا الرجل