خالد فارس
(Khalid Fares)
الحوار المتمدن-العدد: 5681 - 2017 / 10 / 27 - 20:42
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
مقالة فى الاسس المادية (2).
تقسيم العمل فى المنشأة والتقسيم الاجتماعى وتقسيم الانسان: الحُرية, العِلْم, العِلاقة الرأسمالية, الثَرْوَة, المَدينة, الأدْيان, أنفصال برشلونة (مثال), مختصر تاريخ تطور تقسيم العمل
كنت فى "مقالة فى الأساس المادى",
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=567517, قد طَرَحْت أجندة للبحث. فى الواقع, انبثق عن البحث فروع عديدة, فأصبح أمامى العديد من الاوراق وفروعها. فقررت أن تكون الأجندة متحركة ومتغيرة مع تطور البحث.
فى مسألة الترجمة:
سأكتفى لغاية الآن بما كتبته فى مقالة سابقة رأس المال فى نسخته المترجمه للدكتور فالح عبد الجبار. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=576459.
تقسيم المنشأة الاقتصادية للعمل والتقسيم الاجتماعى للعمل, لاستدامة العلاقة الرأسمالية.
تهدف هذه المقالة الى مناقشة تقسيم العمل فى منشأة العمل والتقسيم الاجتماعى للعمل, فى المجتمع الرأسمالى البرجوازى الذى بدأ تشكله منذ القرن السادس عشر, ولايزال هو التشكيلة المهيمنة والمسيطرة على نمط حياة العالم.
فى البداية لا بد من التذكير بالقضية الجوهرية عند ماركس, ما هو الانسان؟ على عكس الذين ينظرون الى الانسان من خارج مجتمعه, أو أنه موجود خارج الجماعة البشرية, ويتحرك منفرداً (مثال آدم سميث), الفرد والانسان عند ماركس, هو ماهو فى العلاقة الاجتماعية. "جوهر الانسان ليس التجريد الذى يكمن فى فرد لوحده, فى حقيقته أنما أداءه ضمن العلاقة الاجتماعية") (
الانسان عند ماركس هو الكائن الاجتماعى الذى يعمل وينتج حياته فى المجتمع: "الانسان المنتج فى المجتمع, الانسان فى عملية الانتاج الاجتماعى, هى نقطة الانطلاق". ولاحقاً فى نفس الصحفة يقول " كلما تعمقنا فى التاريخ القديم, سنجد بأن الفرد وبالتالى الفرد المنتج, يظهر معتمداً أكثر, ويتبع الى الكل" (2).
مايريد أن يؤكد عليه ماركس, بان نقطة الانطلاق هى الانسان فى مجتمعه وهو يمارس انتاج حياته, ليس منعزلاً أو كائناً انعزالياً. الحرية بلا مجتمع تعنى انسان انعزالى, أو انسان ينتمى الى ماقبل الحداثة (العائلة, العشيرة, المذهب, الطائفة الخ).
حرية الافراد هى حريتهم فى المجتمع, نفى المجتمع والغائه يقود الى الغاء الحرية, نزعها عن أصلها الانسانى. مسألة يطول النقاش بها, لكننا بحاجة باستمرار, ومن أجل تمييز الماركسية, الى التذكير بمقولات الفكر الليبرالى, التى لاتؤمن فى المجتمع.
تقول مارغريت تاتشر "لايوجد شىء كمجمتع, فقط أفرادا رجال ونساء, ولاحقا أضافة عائلاتهم" (3). ولو قرأنا الى أهم فيلسوف ليبرالى أمريكى فى القرن العشرين, روبرت نوزيك, يقول "لا يوجد كيان مجتمع بمصالحه يمكن أن ينخرط في تضحيات من أجل صالحه العام. هناك فقط أناس أفراد، أناس أفراد مختلفين، بحياتهم الفردية. إستخدام أحدهم لفائدة الآخرين، إستخدام الفرد لفائدة الآخرين. هو إستخدام له لفائدة الآخرين، ليس أكثر من ذلك" (4).
الحرية للجميع, أى لكل الافراد, هو ما سعى اليه ماركس أثناء بناء نظريته. لهذا سنجد ماركس حاد جداً فى نقد الحرية التى تتحقق لافراد على حساب الآخرين. الانسان الحقيقى, أوجوهر الانسان يكمن فى أن يكون حراًّ فى مجتمعه, وغير ذلك تصبح مثالية وطوباوية.
لماذا الحرية؟
مقدمة مختصرة عن مشروع التنوير العلمانى
مشروع التنوير العَلمانى, فى القرن السابع عشر وأثناء بلورته فى القرن الثامن عشر, تَمَحْوَرَ حول فِكْرَتَيْن, الأولى الايمان المطلق فى العلم, تحديداً منظومة عقلانية تقوم على العلم لبناء المجتمع الحديث (السياسى والاقتصادى والثقافى). فوضعها ذلك فى تناقض تاريخى مع منطلقات الاديان, والعادات والتقاليد, والخرافات, والأساطير, فقط منطلقات العلم. والثانية الحرية الفردية باعتبارها أهم قضية سياسية أو مصلحة سياسية, والتى تتحقق بواسطة نظام سياسى-اقتصادى-ثقافى, تتشكل به ولحمايته تشريعات دستورية وقانونية.
يقول هوركماير (5) "التنوير-Enlightenment, تُفهم بالمعنى الأوسع على أنها تحديث الأفكار, ودائماً هدفت الى تحرير الانسان من الخوف وتدفع بالانسان الى السيادة. التنوير هو التخلص من أوهام العالم. تهدف الى تبديد الخرافات, وتستبدل فانتازيا الأفكار بالمعرفة. بِيكونْ "ابو الفلسفة التجريبية, ...استبدل الايمان بالمعرفة....".
لن نُفَصّل أسئلة مشروع التنوير العلمانى فى هذه المقدمة, ولكن من المهم أن نشير الى أن مفكرى التنوير العلمانى (سميث, ريكاردو, ماركس, بينثام, ميل, ديكارت, هيجل, هيوم, هوبز, لوك وغيرهم الكثير), كان هدفهم اكتشاف اطار فكرى يحقق اركان مشروع التنوير العلمانى. لذلك عندما نبحث فى أفكار هؤلاء, يجب أن نميز علاقة أفكارهم بمصير العلم ومصير الحرية الفردية أو الحقوق الفردية.
الى ماذا آل العلم, عن أى عِلْم نتحدث ولماذا, وكيف تم توظيفه وفى خدمة من ومن أجل ماذا ولماذ؟ إذا كان العلم هو الوسيلة لبناء المجتمع الحديث, هل العلم كوسيلة للمجتمع الحديث أضحى وسيلة الانتاج الصناعى الرأسمالى, أى تم ابدال العلم بالانتاج السلعى؟ وسائل العلم=وسائل الانتاج=السلع=العلاقة الرأسمالية=تقسيم العمل=الصنمية؟
الى أين وصلت حرية الانسان, وماهو أصل الانسان أو أصل حرية الانسان, كيف يعيش الانسان وعلى أى اساس, حتى تتحقق له حريته؟ من الحرية الفردية التى نادت بها نظريات المنفعة التى ترى بالاسواق الرأسمالية حاملاً وراعيا لهذه الحرية, الى الحرية للجميع التى نادى بها ماركس حيث أشار أنه لاحرية للافراد على حساب حرية أفراد آخرين. "ففى الجماعة فقط ]مع الآخرين[ يملك ]كل[ فرد وسائل تنمية مواهبه بكل معانيها, وبالتالى فإن الحرية الشخصية لاتكون ممكنة الا فى الجماعة.....إن الأفراد, فى الجماعة الحقيقية, ينالون حريتهم بصورة متوافقة مع ترابطهم, وبفضل هذا الترابط وفيه" (6). ويعتبر ماركس أن مايتشكل فى المجتمع البرجوازى هو جماعة وهمية أو بدقة جماعة تخلق قيداً جديداً على الأفراد.
لهذا فالحرية للجميع والا فان أى حرية سوف تكون ذات مضمون استلابى للآخر.
كافة هذه الافكار (الليبرالية, الشيوعية, العقد الاجتماعى), تعرضت وتتعرض لتحديات هائلة على المستوى النظرى والعملى. ولكن هناك اجماع بأنها فشلت بشكل أو بآخر و-أو تعرضت لهزات الواقع. الخلاصة أننا لانعيش فى عصر التنوير العلمانى بل نعيش فى تداعيات فشله:
سقوط العِلم أولاً, الذى أصبح فى خدمة الشركات الربحية وسباق التسلح وأصبح دوره مختزل فى تحويل وسائل العيش الى مال ورأسمال ومافيات مالية واحتلال شعوب الارض.
سقوط الحرية ثانياً, الشكل الغربى لها يشى بتعقيدات عميقة فى ماهى الحرية, فى الوقت الذى يُحرم منها الغالبية العظمى من شعوب العالم, ماذا عن الوقت المتاح للحرية, فاذا لم يكن هناك حيزاً من الوقت كافٍ لممارسة الحرية, والتى تحتاج الى وقت فراغ, أو وقت اجتماعى لازم لممارسته, كيف سيتم ممارسة الحرية؟
المشروع بحاجة الى اعادة اطلاق على أسس حديثة جديدة, تُسْتَلْهَمْ من تراكمات تجارب الشعوب.
ما أهمية تقسيم العمل اذاً؟ العلاقة الرأسمالية
ينطلق ماركس من تكامل قراءات, يجمع بينها: تاريخية, ودياليتيكية, ومنطقية, هذا هو منهج ماركس, الصعب والمعقد. نشوء العلاقة الرأسمالية هى التى يُنَظرْ لها ماركس, ويعتبرها التغيير, فى تاريخ المجتمع الانسانى, الذى حدث مع نشوء العصر الرأسمالى, المجتمع البرجوازى. فهى العلاقة التى ستتحكم وتهيمن على الحياة. فمن أجل ضمان واستدامة هذه العلاقة, يصبح تقسيم العمل هو الاستراتيجية التى من خلالها تتجسد هذه العلاقة.
ماهى العلاقة الرأسمالية التى مَيّزَتْ المجتمع البرجوازى تاريخياً عن المجتمعات السابقة؟ باختصار هى تحويل كل شىء من حياة وعمل وانتاج وممارسة ووسائل العيش الى علاقات رأسمالية. ماذا يقول ماركس بشأن هذه العلاقة:
" إذن فالعملية التى تولّد العلاقة الرأسمالية, ليست سوى عملية فصل العامل باستمرار عن ملكية شروط عمله, وهى عملية تحويل وسائل الانتاج الاجتماعية ووسائل العيش إلى رأسمال, من جهة, وتحويل المنتجين المباشرين الى عمال مأجورين من جهة أخرى (7)
وعندما يقوم الانتاج الرأسمالى على قدميه, يقوم بعملية التوسع فى هذه العلاقة
"....وعندما يقف الانتاج الرأسمالى على قدميه بالذات, فإنه لايحافظ على هذا الفصل فحسب, بل يجدد إنتاجه على نطاق يتسع باستمرار(8).
انتقل الانسان من علاقات التبعية للعائلة والقبيلة والشيخ والأسقف ورجل الدين, تبعية شخصه, أو تبعية شخصيته, الى علاقات تتبع العمل المأجور والتبادل السلعى. ويعبر ماركس عن ذلك بلغة دياليتيكية بارعة :القوى الموضوعية (تحويلها الى رأس مال-وسائل الانتاج ووسائل العيش) والقوى الذاتية (فصل الانسان عن علاقاته الشخصية وعلاقته المباشر بالانتاج, لكى يتم تحويلها الى عامل مأجور).
يدرس ماركس ويحقق فى التاريخ ويحاول أن يكتشف ماهى العلاقة الدياليتكية التى يتناتج منها هذه التناقضات, وماهو المنطق العقلانى الذى يمكن التحقيق فيه من أجل عرضه و استعراضه منطقياً: Investigate to Demonstrate.
تثير قراءة ماركس بشأن تقسيم العمل العديد من التحديات, سنحاول ايجازها فى هذه القراءة التحليلية فى أربعة محاور استراتيجية:
أولاً: تقسيم العمل ضمن السياق التاريخى للرأسمالية. فى هذه المقالة.
ثانياً: سلطة الاستبداد فى منشأة العمل: "تقسيم العمل فى المانيفاكتورة يفترض تركيز وسائل الانتاج فى يدى رأسمالى واحد" (9) "إن تقسيم العمل فى المانيفاكتورة يفترض سلطة الرأسمالى المطلقة على البشر الذين يشكلون مجرد أعضاء فى الآلية الكلية العائدة له" (10). مقالة لاحقة.
ثالثاً: سلطة التنافس والسوق على المواطنين: " تقسيم العمل فى المجتمع فيفترض تبعثر وسائل الانتاج بين كثرة من منتجى السلع المستقلين" (11). "التقسيم الاجتماعى للعمل فيضع منتجى السلع المستقلين فى مواجهة بعضهم بعضاً, حيث لا يعترفون بأية سلطة عدا سلطة المنافسة, عدا القسر الناشىء عن ضغط مصالحهم المتبادلة-مثلما أن حرب الجميع ضد الجميع فى مملكة الحيوان, تؤمن شروط وجود سائر الأجناس, بهذا القدر أو ذاك"(12). مقالة لاحقة.
رابعاً: سلطة أنعدام المساحة الشخصية والزمن: الانقسام أو الانفصال بين العمل اليدوى والذهنى. "نظام اختصاص أحادى, وتخصص دقيق, يحطم الانسان الى شظايا...". والانقسام بين الانسان وقوة عمله. ثم انفصال الوقت الاجتماعى اللازم للحرية عن الوقت الاجتماعى اللازم للانتاج. الانتاج لايقود الى الحرية, كما وعدت الليبرالية أو أفكار آدم سميث.
فعلى سبيل المثال, اذا كانت الحرية بحاجة الى ممارسة, فهى بحاجة الى حيز من المكان والزمان. أين الوقت الاجتماعى اللازم لممارسة هذه الحرية؟ قرائة ماركس تميط اللثام عن قضية استعمار الوقت الاجتماعى, أحد الامراض التى تجلبها الرأسمالية (اقتصاد السوق), حيث يتم الغاء وقت الانسان لصالح الانتاج.
فى مقالة لاحقة سوف نفصل هذه النقطة المركزية, ولكن سأشير هنا الى أن قوى الانتاج قد تجد نفسها فى معركة تعود جذورها الى انقسام العمل اليدوى عن الذهنى. فالعلاقات المهيمنة تفرض دائما نمطاً من الهيمنة الثقافية, تسعى من خلالها الى ابقاء قوى الانتاج منشغلة فى الانتاج فقط, أما التفكير والتخطيط فتقرره القوة السياسية المسيطرة. لهذا عندما تتطور هذه القوى الى مرحلة متقدمة من تاريخها, تعتقد أن جوهر أزمتها فى هذا الانفصال, فتتواجه معه, لتحاول استعادته لذاتها أو استبدال القوى التى تهيمن على العمل الذهنى. ومن أحد أشكال ذلك هو الخروج الى الساحات, والتى تأتى تعبيراً لاحتلال الحيز المكانى والزمانى لنفى عملية الانفصال. فاساحات العامة هى رمز لشعار "نحن نفكر نحن نعمل, أو نحن نخطط نحن ننفذ".
الثروة و المدينة و الاديان
الثروة والمدينة:
نقلت العلاقة الرأسمالية الانسان الى السوق والمدينة فى آن, فلا سوق رأسمالى بلامدينة, ولا مدينة بلا سوق رأسمالى. كان الشرط التاريخى لَهُوَ انفصال المدينة عن الريف, وبناء المدن المعاصرة التى أصبحت مراكز لرأس المال والصناعة, حياة مدنية صاخبة, سائلة, بلا رتابة الريف والقرية, بل حركة دائمة تداخلية, هنا فى هذا الزمان والمكان, تَشَكّلْ المجتمع المعاصر أو الحديث. ومع نشوء المدن الصناعية, اكتمل انتصار المدينة على الريف.
الافتراض أن المجتمعات الانسانية لاتنشأ الا بثروة, تمنحها مستويات العيش والحياة والتطور اللازمة لولادتها ونموها وتطورها, قول فى التاريخ, أو قول تاريخى. الافتراض المسبق والرئيس على وجود المجتمع الانسانى, هو الثروة, أين ومتى وكيف يمكن تكييفها, مواؤمتها, وتراكمها, خاصة فى المجتمع البرجوازى.
البحث عن الثروة فعل تاريخى عقلانى, أو يمكننا القول, أن تاريخ العقلانية يمكن رصده فى العلاقة بين الفعل الانسانى الفردى و الجماعى و خلق الثروة وانتاجها, شأن انسانى لا مندوحة عنه, بل انه الشرط المادى الأهم فى الوجود.
تشكلت المدينة الحديثة حول وعلى أساس الثروة. المدن الصناعية ليست الا تشكيلة, مركزية الطابع, للمنظومة البرجوازية, فأنشأت المجتمع الحديث على شروط انتاج و تراكم الثروة, وبدونها لايمكن تعريف المدينة او المجتمع أو الدولة. واذا تغيرت قواعد تراكم الثروة, ستنشأ مدن جديدة, أو تنفصل مدن عن السياق السياسى الدولتى الذى يحكمها.
اذا أنفصلت مدينة عن دولة فى العصر الحديث, على الدولة أن تعيد انتاج وجودها التاريخى من خلال صياغة نمط مدينى جديد, أى تغيير فى هيكيلة تراكم الثروة. يُطْلَق أحياناً على الدول الحديثة, دول المدينة, أو الدولة المدينة, أو مدن متحدة تتمركز فيها عمليات تراكم الثروة.
يقول أنتونى غيدنز, عالم الاجتماع البريطانى فى محاضرة ألقاها فى 14 نوفمبر 2001 (-dir-ectors Lecture-LSE), "طبقاً ل Ohmae, ان تَقَدّمْ الاسواق, والاعتمادية المتبادلة بين الاقتصاديات, وتَقَدّمْ اقتصاديات الاقاليم -economic regionalism, ...هذه كلها تُفْسِد سلطة الدولة التقليدية فى السنوات القادمة, ...ربما سنسمع فى السنوات القادمة أن الدولة القومية-الوطنية يتم استبدالها بدولة المدينة, ..يمكن أن يكون لدينا مئات أو عشرات من دول المدينة, التى ستفقد صلتها أو انتمائها الى الدولة القومية الأم, والتى ستجد هويتها بشكل أولى من انخراطها فى اقتصاديات العولمة..." يقول غيدنز فى تعليقه على ذلك "يمكنك التفكير على سبيل المثال, ان هونج كونج, او برشلونة التى تحدثت عنها سابقاً, أو مدن كبرى مثل نيويورك ولندن, هذه المدن التى تجد أن هويتها السياسية والثقافية من انخراطها فى المدن المعولمة ضمن الاقتصاد العالمى والمجتمعات الكبيرة أكثر مما يجدونه فى الامة التى هم جزء منها".
فى هذا الشأن, أجد أن العودة الى ماركس, قد أصبح ملحاً أكثر من أى وقت مضى, وأن ماركس هو الذى أطلق هذه الفكرة عندما تحدث عن نشوء المدن الصناعية و انفصال المدن عن الريف, وكان قد تحدث قبل ذلك عن انقسام المجتمعات القديمة الى قبائل وعائلات على أسس من تقسيم الثروة.
لو عدنا الى البيان الشيوعى, "والبرجوازية باستثمارها السوق العالمية, طَبَّعَتْ الانتاج والاستهلاك, فى جميع البلدان, بطابع كوسموبوليتى, وانتزعت من تحت أقدام الصناعة أرضيتها القومية....ص 61,....والبرجوازية أخضعت الريف لسيطرة المدينة. وأنشأت مدناً ضخمة, وزادت بدرجة هائلة عدد سكان المدن إزاء سكان الريف ص 62, ....والبرجوازية تقضى, أكثر فأكثر, على تشتت وسائل الانتاج, وركزت الملكية فى أيدى قليلة. فكانت المركزية السياسية, النتيجة الحتمية.
لذلك فإن مقاطعات مستقلة تكاد تكون متحدة لصالح وقوانين وحكومات وجمارك مختلفة, حُشِرَتْ فى أمة واحدة, وقانون واحد, ومصلحة قومية طبقية واحدة, وسياسة جمركية واحدة" ص 63....وباء فائض الانتاج. فإن المجتمع يجد نفسه فجأة وقد وُرَّدَ الى وضع من الهمجية المؤقتة.....لأن المجتمع يملك المزيد من الحضارة, والمزيد من وسائل العيش, والمزيد من الصناعة, والمزيد من التجارة. ولم تعد القوى المنتجة, الموجودة تحت تصرف المجتمع, تدفع بنمو علاقات الملكية البرجوازية قُدُماً, بل بخلاف ذلك, أصبحت أقوى جداًّ من هذه العلاقات التى باتت تعيقها ص 65".
"الشرط الأساسى لوجود الطبقة البرجوازية ولسيطرتها, هو تكديس الثروة فى أيدى خواص, تكوين رأس المال وإنماؤه. وشرط وجود الرأسمال هو العمل المأجور. والعمل المأجور يقوم, حصراً على المزاحمة بين العمال. وتقدم الصناعة الذى تُشَكِّل البرجوازبة دعامته بلا ارادة وبلامقاومة, ......". ص 77-78.
ان قرائة البيان الشيوعى وماكتبه ماركس عن ازمات البرجوازية, عندما يكون لديها فائض انتاج, ليس تحت سيطرتها بالكامل أو ليس تحت سيطرة علاقات تخضع لها, فسوف تصطدم قوى الانتاج مع هذه العلاقات.
أن التغير فى أزمنة الرأسمالية والامبريالية, ينشأ من داخل المدن البرجوازية, من صيرورة المدينة البرجوازية الحديثة, التناقضات التى تخلقها, حيث تتناتج تناقضات تراكم الثروة الى الحاجة لتجديد أو الثورة على العلاقة الرأسمالية المهيمنة, واستبدالها اما بعلاقة رأسمالية جديدة و-أو ذات طابع قومى مستقل, أو انطلاق ثورة اجتماعية ترفض جوهر العلاقة الرأسمالية.
فى الحالة الأولى, استبدال العلاقة الرأسمالية, تسعى البرجوازية الى اكمال كليتها التاريخية, الذى يَتَمَؤْسَسْ على فكرة الوجود الكلى, أو الحاجة الى تطور النظم العضوية الى حالة من الكلية التاريخية -Totality. يقول ماركس "باكتمال منظومة البرجوازية, فان كل علاقة اقتصادية تفترض مسبقاً أن كافة الاشياء الاخرى تشكلت فى نموذج برجوازى, وكل شىء تموضع فى مكانه هو أيضاً افتراض مسبق. هذه طبيعة كل النظم العضوية. هذا النظام العضوى, فى كُلَّيِتِهِ, لديه افتراضات مسبقة, وتطوره الى مستوى الكُلّية يتكون بدقة من اخضاع كافة عناصر المجتمع لها, أو أن تخلق من ذاتها أعضاء مفقودة منها. هكذا كيف تصبح تاريخياًّ حالة كلية. وصيرورتها لتصبح كلية هو ما يشكل لحظات هذه الصيرورة, تطورها هى"(13) .
ويقصد ماركس أن يقول, بأن البرجوازية التى أنشأت المدينة الحديثة, تتطور فيها قوى الانتاج وعلاقات انتاج (صيرورتها الكلية), فيتراكم لديها لديها فائض أنتاج, يتناتج ذلك من نضوجها وتطورها, وعندما لا تتحكم هى فيه بالكامل, فلابد لها من أن تُنْشِأ كلية جديدة لها (صيرورة كلية جديدة)- أن تبحث عن كلية جديدة, اما أن تتوسع فى اخضاع عناصر جديدة, أو تبحث عن اخضاع كلى للعناصر أى أن تصبح علاقات الانتاج كلها تحت هيمنتها, أو أن تُطَّور من ذاتها شيئاً جديداً, وربما مدينة جديدة, أو تغيير فى معادلات ثروة المدينة الجديدة.
لأن هذه البرجوازية لديها قوى أنتاج مدينة تجد فى علاقات الانتاج (على مستوى الامة أو القومية) عائقاً لها. فسوف تبحث قوى انتاج المدينة هذه عن نموذج كلى جديد. ربما المدينة الدولة. من هذه الزاوية ننظر الى الاتجاهات الانفصالية فى اسبانيا, ايطاليا, فرنسا, وغيرها الكثير.
أما فى الحالة الثانية, فالأمر مرتبط بثورة اجتماعية, تسعى الى الاطاحة بالبرجوازية, وانشاء علاقات اشتراكية بديلة. شرط ذلك هو فشل البرجوازية فى ولادة حالة تاريخية كلية جديدة للبرجوازية. فالطبقات الشعبية النقيض للبرجوازية, اما أن تنتظم فى اطار قومى تدعوا الى استقلال على أساس الهوية القومية الثقافية, وبالتالى رهن المدن الحديثة الى الهوية القومية مما قد يعنى قولبتها أو انعزالها, بسبب انحسارها فى عرق أو اثنية أو مجموعة بشرية موجودة منذ قدم التاريخ.
أو بالانضمام الى حزب الطليعة الثورية للقضاء على المدينة البرجوازية والتقدم بتصور تاريخى للمدينة الشيوعية, والتى عنوانها "كلُّ حسب قدرته وكل حسب حاجته" (نقد برنامج غوته). المدينة التى ينضم لها الجميع, هى مجتمع الجميع, مدينة تحقيق الحاجات الانسانية, التنمية المستدامة, الحفاظ على البيئة.
ليست مدينة الاتحاد السوفييتى والتى قامت على شعار غير ماركسى "كل حسب قدرته وكل حسب عمله", مما أدى الى تصنيم المدينة فى ذهنية لامجتمعية, بل انتاج المدينة من منظور ريفى ماقبل حداثوى, الذى أساسه العمل فى سياق قوى انتاج تتبع أو تخضع الى دولة العمال والفلاحين. أصبح العمل وسيلة مقدسة "ديناً مقدساً" يهدف الى تثبيت اركان الدولة, فالمدينة انتهت فى قوى انتاج خاضعة للدولة. أما العمل الذى يقود الى تحرر الانسان, الذى ينطلق من أن الانسان وحاجاته هى الغاية, منها يتحقق المجتمع الانسانى الذى تتحقق فيه حاجات الجميع من أجل الحرية للجميع.
ففى عام 1936 أصدر السوفييت تشريعاً
https://www.marxists.org/reference/archive/stalin/works/1936/12/05.htm
بأمر من ستالين "العمل فى الاتحاد السوفييتى واجب وشرف لكل مواطن له قدرة جسدية, بما يتناغم مع مبدأ "الذى لايعمل لايأكل". يستحضر الاتحاد السوفييتى الاشتراكية من باب الايديولوجية, التى ترفع شعار "كل حسب قدرته وكل حسب عمله".
ينطلق الاتحاد السوفييتى من الايديولوجية الاشتراكية, أو تحويل الاشتراكية الى أيديولوجية, نقصد بذلك أن الاشتراكية عند ستالين هى نتيجة حتمية, تلقائية من تناقضات الرأسمالية, فبمجرد تحويل الملكية الخاصة الى عامة, أو بمجرد الانطلاق من قوى انتاج ملكيتها تعود الى السوفييت, دولة العمال والفلاحين, سوف تتحقق الشيوعية.
الشيوعية عند السوفييت أيديولوجية, تحتاج الى عنف وديكتاتورية, وقمع ضد من يعارضها, وليست عملية تاريخية, تتناتج من مجتمع التعاون على أسس الحاجات, والتنمية والتطور الذى يحافظ على جوهر الانسان وحريته.
مصدر الثروة:
أما فيما يتعلق بمصدر الثروة, يقول ماركس " إن انفصال المدينة عن الريف هو الأساس لأى تقسيم متطور للعمل يقوم على تبادل السلع" (14) . "وانه ليمكن فهم الانفصال بين المدينة والريف كذلك على أنه انفصال رأس المال عن الملكية العقارية, على أنه بداية وجود ونمو رأس المال بصورة مستقلة عن الملكية العقارية – بداية ملكية يقوم أساسها على العمل والتبادل وحدهما" (15).
أدى ذلك الى نشوء المجتمع الحديث, والذى هو فى النهاية حصيلة انحسار الريف ونشوء المدن الحديثة, الذى صاحبه تمييز بين الاتحاد الأهلى أو الجماعة الأهلية-الكوميون (العلاقات الشخصية العائلية, القرية, القبيلة الخ) عن التضامن والتشارك أو ما أطلق عليه المجتمع المدنى الذى يقوم على علاقات المدينة غير الشخصية التى تتوسطها علاقات الأسواق, والاعلام, والتنظيمات والمؤسسات الرسمية.
اعتمد المجتمع البرجوازى على المدن الصناعية, أو الصناعة التى أُنْشِأت فى المدن, لانتاج ثروته وتراكمها. ولهذا أخذ تقسيم العمل فى الصناعة وفى المجتمع أساسًا لنمو وتطور قوى الانتاج وعلاقات الانتاج, أى نمط الانتاج.
يعود بنا ماركس الى المجتمعات القديمة, "الرعوية, فى العموم النماذج الرحالة-الراحلة, وهى أول نمط وجودى, ليس فى كون القبيلة تسكن فى موقع, بل انها ترعى كل ماتجده, -الانسان ليس كائن يميل الى الاستيطان بطبيعته, .....لهذا لاتظهر القبيلة كونها نتيجة, بل هى افتراض مسبق باستغلال الكوميون او المساحة الصغيرة (مؤقتاً) واستغلال الارض. وعندما تستقر بشكل نهائى, فإن الدرجة التى يحدث بها تعديلاً على التركيبة الأصلية لهذه الجماعة سوف يعتمد على عوامل متعددة خارجية, المناخ, الجغرافيا, والظروف الفيزيائية, الخ, الى جانب طبيعة ميولهم – صفاتهم القبلية. هذه القبيلة التى نشأت طبيعيا فى جماعة, أو كما يحبذ البعض, المجتمع الرعوى, هى الافتراض المسبق الأول- اتحاد الجماعة-الكوميونة على أساس الدم, اللغة, العادات -من أجل تكييف الظروف الموضوعية لحياتهم, ولحياة فيها اعادة الانتاج وتَشَىّء الانشطة (أنشطة الرعى, والصيد, الحراثة, الخ).
"الأرض الورشة العظيمة, الترسانة التى تفرش وسائل ومواد العمل, ومكان جلوس وقاعدة المجتمع. يرتبطون بها بسذاجة كونها ملكية الجماعة, الجماعة المنتجة والتى تعيد انتاج ذاته فى العمل. كل فرد يعبر عن نفسه كرابط, عضو فى الجماعة كونه يملك فيها. التكييف الحقيقى بواسطة العمل يحدث بناء على افتراضات مسبقة, التى ليست من انتاج عملهم, ولكنها تظهر كأنها طبيعية أو مقررة مسبقاً من السماء" (16).
لهذا يقول ماركس عن الأرض "العمل ليس المنبع الوحيد للثروة المادية, ....فالعمل أبوها والأرض أمها, كما يقول ويليام بيتى ص 73,.....الأرض مستودع قوته الأولى ص 235...., تمثل الأرض الوسيلة الشاملة من هذا النوع, فهى تقدم للعمل الموطىء لقدمه ص 237.... ولكن مثلما أن الانسان والأرض كانا العنصرين الوحيدين المشاركين فى عملية العمل فى البداية, حيث الأرض موجودة بصورة مستقلة عن الأنسان ص 240,
أما عندما يأتى الانتاج الرأسمالى " الانتاج الرأسمالى, يكدس السكان فى مراكز كبيرة ويُحَوّلْ سكان المدن الى أغلبية ضاربة, فيراكم بذلك, من جهة, القوة التاريخية المحركة للمجتمع, ويعرقل, من جهة أخرى, التبادل المادى (الايض) بين الانسان والأرض, أى يعرقل عودة عناصر التربة التى استخدمها الانسان بشكل وسائل غذاء ولباس وإلخ, أى أنه يخرق الشرط الطبيعى الأبدى لديمومة خصوبة التربة ص 620, ....فالانتاج الرأسمالى إذن, لاينمى تكنيك وتركيب عملية الإنتاج الاجتماعية الا بتدمير المصدرين الإثنين لأية ثروة فى الوقت ذاته وهما: الأرض والعامل ص 621-622".
الثروة والاديان
نظرية مركزية الأرض-Geocentric, التى سيطرت على كافة الفلسفات والاديان, الى أن جائت النظرية النقيض فى القرن السابع عشر, والتى اعتبرت أن الشمس هى مركز الكون-Heliocentric والتى تزامن مع تبلورها تغييراً فى علاقة المجتمع الانسانى بالثروة. من الأرض مصدر الثروة الاول والوحيد, الى الارض عنصراً فى الثروة لخدمة المصدر الجديد وهو الصناعة.
فى عصر الاديان, الارض مركز الكون, تموضعت الثروة كونها عطاء الهى, موجودة مسبقاً على وجود الانسان, وبالتالى ليس الأمر فى أن يسكنها الانسان, بل بدرجة أولية فى أن يَرْعى فيها ويستخرج منها الخيرات الوفيرة, أى أن وجودها كسابق عليه هو الذى حدد طبيعة ومفهوم الثروة. هذه الثروة تعود فى ملكيتها الى الله, "الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض"-سبأ (1), "إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده" -الأعراف:(128), والقصص القرآنى ملىء بآيات تذكر سعى وطموح الانسان للاستحواذ على الأرض "قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم" (يوسف:55), وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها (الأحزاب:27).
اذا الثروة فى الارض, والارض سابقة على أى نمط للوجود الانسانى, الله هو المالك لهذه الثروة, فالاديان تفهم الثروة من خلال نظام شرائعى الهى, من اجل انتاج الثروة أو تكييفها للانسان.
فى العصر الحديث, تغيرت الامور رأساً على عقب, وأصبحت الثروة مرتبطة بالصناعة. جاء كتاب آدم سميث (ثروة الأمم), صدى لحركة التاريخ. فالأمم أصبح لها نمطاً جديداً لثروتها, أى أصبح لها نمطاً جديداً لوجودها. جاء علم الاقتصاد السياسى تعبيراً جلياً عن تلك الفترة, بديلاً عن الشرائع الدينية فيما يتعلق بمفهوم الثروة.
ابتدأ آدم سميث كتابه فى الفصل الأول عن تقسيم العمل, واعتبر أن تقسيم العمل القوة الاجتماعية الضرورية لزيادة انتاجية الصناعة.
أما ماركس فقد افتتح المجلد الاول من رأس المال "تبدوا ثروة المجتمعات التى يسود فيها نمط الانتاج الرأسمالى وكأنها "تكدس هائل من السلع", والسلعة المفردة هى الشكل الأولى لهذه الثروة. وعليه لابد لبحثنا من أن ينطلق من تحليل السلعة".
أول كلمة فى كتاب رأس المال هى الثروة, والتى سيكرس جل أعماله للبحث فى هذه الثروة, على أنها تكدس هائل من السلع. والأهم أن عنوان الكتبا هو رأس المال الذى هو عبارة عن عملية انماء للثروة.
الصراع على الثروة والاستحواذ عليها, القوة الدافعة للتاريخ. والصراع الطبقى, هو صراع على الثروة, بين من يملكها ومن لايملكها, فهى مسألة كونية, وليست محدودة فى مكان وزمان, ولاتتحدد فى جغرافيا. الذى يحددها الكون, أو الصراع الطبقى الكونى, لهذا فان محاولة عزل الصراعات الطبيقة المحلية أو الاقليمية أو الوطنية, عى بنيتها العالمية, سيطرأ علىيها تقزيم, وتشويه ميكانيكى, يعدم فكرة كونية حركة التاريخ.
خرجت "الاديان" من حيز انتاج وخلق الثروة, أو بدقة الثروة بمفهومها الحديث, البرجوازى المعاصر. لهذا انتقل مركز الثقل الى "الخالق" الجديد للثروة, الرأسمالى. وهذا تغير تاريخى كبير فى حياة المجتمع الانسانى. ولكن القوى الدينية لاتريد أن تعترف بالتغيرات النوعية التى حصلت, فأرادت استعادة واسترجاع "الاديان" الى المجتمع الحديث من باب الثروة, فتنازلت القوى الدينية (ربما بعضها أو أغلبها) للرأسمالى, ومنحته سلطة دينية, على حساب الفقراء.
فأطلقت العنان للفكر الدينى الانثروبولوجى, أو أسطرة الاديان, الذى يهدف الى تأبيد العلاقات على أساس دينى, إدَّعت زوراً وبهتاناً, ووافقت على مقولات آدم سميث, على أن العلاقات الرأسمالية هى علاقات تتناسب مع فطرة الانسان, لذلك فهى أبدية وأزلية. ثم أضافت بأن العلاقة الرأسمالية, هى كذلك لأنها من عند الله, الى أن يأتى اليوم الآخر. فالتجارة حلال, والصناعة حلال, وتطهير الاموال وسيلة لمعالجة انحرافات رأس المال. لكنها فى حقيقة الامر عبارة عن مسوغات لاخفاء عمليات الاستلاب والاستغلال والتدمير التى يقوم بها الرأسمالى. أو بلغة أخرى صفقة لاقرن بين القوى الدينينة والامبريالية العالمية.
حتى الرأسمالى المُتضَخّم, أو الامبريالى المونيستر (Monster), الذى يسيطر على ثروات العالم, لايتردد فى أن يقول أنه مؤمن وأنه يدعو الى استعادة الايمان الى المجتمع (مثال دونالد ترامب), أو أن الله يأمره على غزو العراق (بوش الابن), أو أنه وكيل الله فى الارض (الخليفة فى العصر الحديث أو ولاة الامر, أو نجوم الدعاة). هؤلاء يجمع بينهم قاسم مشترك واحد, الثروة الحديثة, كيف نتحكم بها, بدقة أكثر لابد أن نكون جزءاً من انتاج الثروة, لانها شرط الوجود الانسانى؟.
ملاحظة بخصوص الطبقات والصراع الاجتماعى
لن نستفيض بمسألة صراع الطبقات, سنختصر القول ونشير, الى أن المفهوم الماركسى يرتهن الى القدرة على رصد الديناميكية الدياليكتيكية, غير الخطية أو غير الميكانيكية, لولادة وتطور وأزمة العلاقة الرأسمالية.
بلغة أخرى, الاسئلة الطبقية, التى يمكن صياغتها فى شكل صراع اجتماعى, تنتاتج من تقسيم العمل فى المنشأة والمجتمع, هى أسئلة حول دياليكتيك العلاقة الرأسمالية. أولاً: كيف يتم تحويل وسائل العيش والحياة والعمل الى رأسمال (القوى التى تسيطر على هذه القوى الموضوعية) من هى وكيف أنوجدت ومن أوجدها وماهى آلياتها السرية والعلنية وكيف تحمى وجودها وتدافع عنه ومع من تتحالف؟
وثانيا: هى ذاتها القوى التى تعمل على فصل المُنْتِجْ الاجتماعى عن شروط الانتاج, وتحويله الى عامل يتلقى أجر: قوى ذاتية يتم أسرها فى أتون علاقات انتاج تخضع الى شروط القُوى التى خَلَقتها, بواسطة تقسيم العمل والمجتمع. ما هى هذه القوى الذاتية, وكيف تعيش الخ.
الصراع الطبقى, والاجتماعى, هو ذلك التناقض الذى يتناتج بين القوى الموضوعية والذاتية, فى المنشأة والمجتمع.
الصراع الطبقى ظاهرة كونية, لان أصل وجوده العلاقة الرأسمالية, التى هى ظاهرة كونية, أصبحت عامة, ولكنها فى نفس الوقت تَتَكَّيْف فى ظروف خاصة. تنشأ العلاقة الرأسمالية فى ظروف المرحلة التى تتوالد فيها, فى أحد أزمنة العلاقة الرأسمالية الكونية.
تطرق مهدى عامل باسهاب, بأسلوبه الخاص الى هذه الأسئلة. سوف نتعاطى معه فى دراسة لاحقة, عنوانها استراتيجية مهدى عامل, وهو ماسوف يناقش نمط الانتاج, الذى يعتقد البعض أنه صافى الوجود, وهو ليس كذلك.
لذلك فالصراع الطبقى, يٌضىء على العام وعلى الخاص, فى المجتمع الحديث. وكونه صراعاً, لايمكن فهمه بالعلم الدقيق الكمى, على الرغم من أهمية الابحاث فى هذا الشأن التى من شأنها أن تُضِىء على جوانب, وتطرح أسئلة حادة. الصراع الطبقى يمكن فهمه وتحديده فى السياق النوعى, أى ما هى التحولات النوعية التى تحدث, والسؤال الكبير هو كيف يمكن رصدها واختبارها وعرضها: Investigate to Demonstrate
مختصر تاريخ تطور تقسيم العمل
تطور تقسيم العمل عبر الحقب التاريخية من تقسيم طبيعى فى المجتمع الرعوى, الى شبه طبيعى فى المجتمع الاقطاعى, الى مالى-رأسمالى فى المجتمع الحديث البرجوازى.
ففى الحقب التاريخية القديمة (العائلة ولاحقاً القبيلة) "ينشأ تقسيم طبيعى للعمل من جراء الفوارق فى الجنس والعمر, أى على قاعدة فيزيولوجية صرفة, وازدياد عدد السكان, وبخاصة اندلاع النزاعات بين القبائل المختلفة وخضوع قبيلة لأخرى"(17) . الانسان ليس قوة عمل تباع وتشترى, بل هو ذاته عنصر فى عملية الانتاج الاجتماعى (مثلاً العبودية أو العبد يتم شراءه هو, وليس قوة عمله, هو بذاته الذى يصبح مملوكاً لزعيم القبيلة أو السيد, وليس قوة عمله فقط), لا يوجد انفصال بين الانسان وقوة عمله.
وكان قد تحدث ماركس (18) عن انتقال الهيمنة من "هيمنة المالك على غير المالكين أن ترتكز على العلاقات الشخصية" فى حالة العلاقات بين الافراد الموحدون برابطة العائلة أم القبيلة أو الأرض, و هيمنة أخرى لها "شكلاً مادياً, وتتجسد فى طرف ثالث هو المال", فى هذه الحالة يكون الافراد مستقلون عن بعضهم بعضاً, ولايجمع بينهم إلا التبادل.
فى حالة الهيمنة الاولى "العلاقات الشخصية", "تكون الصناعة الصغرى موجودة, لكنها خاضعة لاستخدام أداة الانتاج الطبيعية, ومن جراء ذلك تفتقر الى توزيع العمل بين مختلف الافراد" (19) . أما فى حالة الهيمنة الثانية "المال", " فلا وجود للصناعة الا فى تقسيم العمل ولأغراض هذا التقسيم" (20) .
ما يقصده ماركس, أن أداة الانتاج الطبيعية التى خلقتها الطبيعة (فى الأرض مثال الحقل المزروع أو المياه) "بالنسبة لأداة الانتاج الطبيعية, يخضع الأفراد لهيمنة الطبيعة" (21) , أما أدوات الانتاج التى خلقتها الحضارة "فيخضعون لأحد منتجات العمل". فى الحالة الأولى تظهر الملكية أيضاً (وهى هنا الملكية العقارية), "على أنها هيمنة مباشرة وطبيعية" (22) . وفى الحالة الثانية "تظهر هذه الملكية على أنها هيمنة العمل, وهو هنا العمل المتراكم, رأس المال" (23) .
يشير ماركس الى دور التجارة(24) , ويعتبر أن انفصال التجارة عن الصناعة هو توسع فى تقسيم العمل, الذى كان شرطه انطلاق التجارة بذاتها الى خارج محيطها الطبيعى, والذى تطلب توافر وسائل مواصلات وظروف امنية مناسبة.
تجاوزت التجارة حدود المدينة "ظهر على الفور تفاعل متبادل بين التجارة والانتاج. ودخلت المدن فى علاقات بين بعضها البعض, من مدينة الى أخرى كانوا ينقلون أدوات انتاج جديدة". هذه الادوات شكلت فارقاً تاريخياً, لأن أدوات الانتاج أصبحت تشاركية أو ذات طابع كوسموبوليتى, كونى, أو عولمة بلغة اليوم.
على عكس الحقب التاريخية السابقة يقول ماركس " سرعان ما استدعى الانفصال بين الانتاج والتجارة تقسيماً جديداً للانتاج بين المدن المختلفة, سرعان مابدأ يهيمن فى كل منها فرع وتستغل كل مدينة منها فرعاً متفوقاً من فروع الصناعة".
يعتبر ماركس أن التجارة تحافظ على قوى الانتاج من الاندثار "لايتأمن الحفاظ على القوى المنتجة المكتسبة بشكل مضمون الا حين تكتسب التجارة طابعاً عالمياً وتكون الصناعة الكبرى قاعدة لها. وحين تكون الأمم جميعاً قد انجرفت فى صراع التنافس" (25) .
يعيدنا ذلك الى ماذكرناه فى الفقرة السابقة بخصوص انفصال المدن عن الدولة التى تمثل أمة ما, مثال سَعْى برشلونة الى ذلك. التوسع فى الانتاج, الذى يتناتج عنه فائض انتاج, أو عمل متراكم فى هيئة رأسمال, يستدعى تقسيمات أعمق فى المنشآت الاقتصادية والمجتمع وتغيرات فى أنماط انقسام العمل الذهنى عن العمل اليدوى.
حيث نجد أن قوى الانتاج تريد أن يكون لها ادارة ذهنية (ثقافة وادارة وأفكارها), غير تلك السائدة من علاقات الانتاج الحالية. فمثلاً انفصال الانسان فى برشلونة عن مدريد, هو فى أحد اشكاله استدعاء لنموذج ثقافى جديد, ففى أحد اوجهه هو تمرد على مسألة انفصال العمل اليدوى عن الذهنى فى العموم, وثانياً وهو الخاص, هو اعتبار من يهيمن على هذا العمل الذهنى, هو قوة سيطرة وعائق. فتنطلق الدعوات الى التمرد عليها فى شكل ثورى, وليس بالضرورة أن يكون جوهرها ثورى.
ونعود الى تطور تقسيم العمل,
فى البداية "لقد كانت العاقبة الأولى لتقسيم العمل بين المدن المختلفة قيام المانيفاكتورات, هذه الفروع التى تجاوزت نظام الاصناف الحرفية....وكانت التجارة مع الأمم الأجنبية الشرط التاريخى لهذا الأزدهار....إن الحياكة....قد كانت سباقة الى الانطلاق وإلى تحقيق تطور واسع بفعل توسع التجارة" (26) .
حيث ساهمت التجارة فى رفع الطلب على المنتجات, "قد منحت الحياكة زخماً كمياً ونوعيا انتشلها من اطار شكل الأنتاج القائم حين ذلك الحين...الحياكة سرعان ما انقسمت الى فروع لاحصر لها....انتشرت فى القرى والدساكر الخالية من تنظيم الأصناف الحرفية, التى أصبحت مدناً بصورة تدريجية, والمدن الأكثر ازدهاراً حقاً فى جميع البلدان" (27) .
"مع ظهور المانيفاكتورة الحرة من القيود الحرفية تبدلت علاقات الملكية سريعاً أيضاً....وضعت الأمم المختلفة فى علاقات تنافس, وانخرطت فى صراع تجارى, هذا الصراع الذى احتدم بواسطة الحروب, ورسوم الحماية الجمركية, وحظر الاستيراد, بينما كانت الأمم فيما مضى تعمد من قبل الى التبادل السلمى عندما كانت تقيم صلات وعلاقات فيما بينها" (28) . "لقد بات للتجارة من الآن فصاعداً مغزى سياسياً" (29) .
أن ترتبط التجارة بالسياسى, بالمعنى الحديث, يعنى ان هذه المدن التى يتحدث عنها ماركس هى التى سوف تقرر المشروع السياسى للعولمة لاحقاً, وهى التى سوف تبحث عن آليات ومشاريع سياسية للتقسيم السياسى للعالم والتقسيم الاقتصادى والثقافى. و تطالب هذه المدن من خلال دولها, الاخذ بعين الاعتبار مصالحها فى أى مشروع سياسى أو اقتصادى عالمى.
"ومع قيام المانيفاكتورة تبدلت العلاقة بين العامل ورب العمل. إن العلاقة البطريكية بين العامل الماهر والمعلم قد استمرت فى الأصناف الحرفية, أما فى المانيفاكتورة, فقد حلت مكانها العلاقات النقدية بين العامل والرأسمالى – وهى علاقات احتفظت بصبغة بطريريكية فى الريف وفى المدن الصغرى, لكنها فقدت كل الملامح البطريركية على وجه التقريب فى وقت مبكر فى المدن الأكبر, المدن المانيفاكتورية حقاً وفعلاً....وقد عَجَّلَ اتساع التجارة المانيفاكتورة فى تراكم رأس المال المنقول"(30) .
"إن التجارة والمانيفاكتورة قد خلقت البرجوازية الكبيرة" (30) . "لقد كان القرن الثامن عشر قرن التجارة.......لقد كان التجار بكل تأكيد بورجوازيين كباراً مقارنة بالمانيفاكتوريين" (31) .
"وبدأت المرحلة الثانية فى منتصف القرن السابع عشر وأستمرت حتى أواخر القرن الثامن عشر على وجه التقريب. كانت التجارة والملاحة قد اتسعتا بصورة أسرع من أتساع المانيفاكتورة التى كانت تلعب دوراً ثانوياً, وكانت المستعمرات قد بدأت تتحول الى مستهلكين هائلين ولقد تقاسمت الأمم المختلفة فيما بينها, بعد نزاعات طويلة, السوق العالمية المفتوحه
ولقد بدأت هذه المرحلة مع قوانين الملاحة والاحتكارات المستعمرية...كانت الحروب (وخصوصا الحروب البحرية) هى التى عملت على خوض صراع التنافس وقررت نتيجته. وإن الأمة الانكليزية, وهى الأمة البحرية الأقوى, قد احتفظت بالتفوق على صعيدى التجارة والمانيفاكتورة. وإننا لنصادف ههنا, منذ ذلك الحين, التركز فى بلد واحد" (32) .
"وكانت المانيفاكتورة تحظى بالحماية طوال الوقت بفضل قوانين الحماية الجمركية فى السوق الداخلية, وبفضل الاحتكارات فى أسواق المستعمرات, وبالرسوم الجمركية التفاضلية ....الأخص فى القرن الثامن عشر, ....., بحيث لم يكن أى بلد يجرؤ على تعريض وجوده للخطر من خلال السماح بالتنافس الحر" (33) .
"إن تركز التجارة والمتنيفاكتورة فى بلد واحد, إنكلترا, كما تطورت من دون انقطاع فى القرن السابع عشر قد خلق بصورة تدريجية من أجل هذا البلد سوقاً عالمية نسبية, وكذلك طلباً على المنتجات المانيفاكتورية الأنكليزية لم تكن القوى المنتجة الصناعية المتوافرة حتى ذلك الحين قادرة على تلبيته" (34).
الانفتاح التجارى, هو الذى وضع القوى المنتجة أمام تحديات كبيرة, وبالتالى, كان عليها أن تغير من علاقات الانتاج التى تتحكم بها, فأصبحت بحاجة الى علاقات انتاج جديدة, تسمح لها بالتطور والانتقال الى مرحلة جديدة. لهذا:
"إن هذا الطلب الذى تجاوز القوى المنتجة قد كان القوة المحركة التى أستدعت الى الوجود, بإنتاجها الصناعة الكبرى – استخدام قوى الطبيعة لأغراض صناعية, والإنتاج الآلى, وتقسيم للعمل أكثر تقدماً – المرحلة الثالثة للملكية الخاصة منذ الحقبة الوسيطة".
ان علاقات الانتاج الصناعية, أصبحت الحل الوجودى فى ذلك الوقت.
ولقد كانت الشروط الأخرى لهذه المرحلة الجديدة موجودة سلفاً فى انكلترا: حرية التنافس ضمن نطاق الأمة, وتطور الميكانيك النظرى, الخ (فى الحقيقة إن علم الميكانيك الذى بلغ ذروته آنذاك, فى أعمال نيوتن قد كان العلم الأكثر شعبية فى فرنسا وإنكلترا فى القرن الثامن عشر). (كان لابد من ثورة فى كل مكان من أجل الفوز بحرية التنافس – ضمن نطاق الأمة 1640-1688 فى انكلترا, 1789 فى فرنسا)" (35).
لاحظ أن العلم ارتبط تاريخياً بتمكين التحولات من علاقات انتاج المانيفاكتورة الى علاقات الانتاج الصناعية, حتى تتمكن قوى الانتاج من مواجهة تحديات ازدياد الطلب بسبب التجارة والوتسع فى الأسواق والمستعمرات.
"لقد عممت الصناعة الكبرى التنافس بالرغم من هذه التدابير الحمائية....وأنشأت وسائل المواصلات والسوق العالمية الحديثة, وأخضعت التجارة لها, وحولت رأس المال كله الى رأس مال صناعى, وبذلك أدت الى التداول (تطور النظام النقدى) والتركز السريع لرأس المال...لقد خلقت حقاً التاريخ العالمى للمرة الأولى, وذلك بقدر ماجعلت جميع الأمم المتحضرة وكل عضو فرد فيها رهناً باسوق العالمية من أجل تلبية حاجاتها, مدمرة بذلك الانعزالية الطبيعية السابقة للأمم المختلفة. لقد جعلت العلوم الطبيعةي خاضعة لرأس المال وانتزعت من تقسيم العمل آخر مظهر من مظاهر طابعه الطبيعى....ونجحت فى حل جميع العلاقات الطبيعية لتجعل منها علاقات نقدية. لقد خلقت مكان المدن النامية بصورة طبيعية المدن الصناعية العملاقة الحديثة ....ولقد دمرت حيثما تغلغلت الحرف اليدوية, ...لقد أكملت أنتصار المدينة على الريف" (36).
سنقوم بالتعليق على ماجاء فى الفقرات أعلاه بتفصيل فى المقالة القادمة.
(1) https://www.marxists.org/archive/marx/works/1845/theses/theses.pdf: But the human essence is no abstraction inherent in each single individual. In its reality it is the ensemble of the social relations. Page 2.
(2) Marx, Karl. Grundrisse: Foundations of the Critique of Political Economy (Penguin Classics) (Kindle Location 1411). Penguin Books Ltd. Kindle Edition
(3) David Harvey. A Brief History of Neoliberalism (p. 23). Kindle Edition
(4) Nozick R (1974). Anarchy, State, and Utopia, 1974, pp. 32-3
(5) Horkheimer, Max. Dialectic of Enlightenment (Cultural Memory in the Present) (p. 1). Stanford University Press. Kindle Edition.
(6) ماركس كارل, انجليز فريدرك (2016) . الأيديولوجية الألمانية مصادر الاشتراكية العلمية. ترجمة فؤاد أيوب. دار الفارابى. ص 92.
(7)
(8) عبد الجبار فالح (2013(. رأس المال المجلد الاول, عملية انتاج رأس المال. دار الفارابى. ص 881.
(9) نفس المصدر ص 881.
(10) نفس المصدر. ص 449.
(11) نفس المصدر. ص 449
(12) نفس المصدر
(13) Marx, Karl. Grundrisse: Foundations of the Critique of Political Economy (Penguin Classics) (Kindle Locations 4781-4785). Penguin Books Ltd. Kindle Edition
(14) عبد الجبار فالح (2013). رأس المال المجلد الأول, عملية انتاج رأس المال. دار الفارابى. ص 446.
(15) ماركس كارل, انجليز فريدرك (2016) . الأيديولوجية الألمانية مصادر الاشتراكية العلمية. ترجمة فؤاد أيوب. دار الفارابى. ص75.
(16) Marx, Karl. Grundrisse: Foundations of the Critique of Political Economy (Penguin Classics) (Kindle Locations 8255-8268). Penguin Books Ltd. Kindle Edition
(17) عبد الجبار فالح (2013). رأس المال المجلد الأول, عملية انتاج رأس المال. دار الفارابى. ص 445.
(18) ماركس كارل, انجليز فريدرك (2016) . الأيديولوجية الألمانية مصادر الاشتراكية العلمية. ترجمة فؤاد أيوب. دار الفارابى. ص74.
(19) نفس المصدر ص74.
(20) نفس المصدر. ص 74.
(21) نفس المصدر. ص 73.
(22) نفس المصدر. ص 73.
(23) نفس المصدر. ص 73.
(24) نفس المصدر. ص79
(25) نفس المصدر. ص79.
(26) نفس المصدر ص 79-80.
(27) نفس المصدر ص 80.
(28) نفس المصدر. ص 79-80.
(29) نفس المصدر. ص 80.
(30) نفس المصدر. ص 80-81.
(31) نفس المصدر. ص 81.
(32) نفس المصدر ص 81-82.
(33) نفس المصدر ص 82.
(34) نفس المصدر. ص 85.
(35) نفس المصدر. ص 86.
(36) نفس المصدر ص 86.
#خالد_فارس (هاشتاغ)
Khalid_Fares#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟