عبد الله أبو راشد
الحوار المتمدن-العدد: 5680 - 2017 / 10 / 26 - 20:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مئة عام فلسطينية مفتوحة على الألم ومعابر اللجوء القاتلة والمُستدامة
(1917-2017)
عبد الله أبو راشد*
استهلال
ثمة محطات رئيسة في حياة الشعب الفلسطيني حبلى بدروب المعاناة والآلام الفلسطينية متعددة الوجوه والمخاطر والطرقات, والتي لها نحو قرن من الزمن نؤرخ لها في عُجالة المقاربة التاريخية السريعة. ونجد ليوم الثاني من تشرين الثاني من العام 1917 نقطة البداية وصولاً ليوميات العام الميلادي الجديد 2017 الذي نقطع شهره الثاني, وما بينهما من أحداث كبرى وتواريخ وأماكن. نحسبها سلسلة تراكمية للأحداث والرؤى والرؤيا في رحلة اللجوء الفلسطيني عموما والفلسطيني السوري خصوصاً. تاركة خلفها رصيداُ من اليوميات الفلسطينية المليئة بالمرارة وقصص التشرد والدم والشهادة والاعتقال واللجوء, وحكايات الاغتصاب الصهيوني الجاثمة فوق صدور الفلسطينيين, متوعدة حاضرهم ومُستقبلهم بمزيد من المآسي والتيه المنتظرة في حاضرة الأيام وقوادمها, ونستذكر نتائجها المؤثرة في حياتهم وأبناءهم وأحفادهم.
وعد بلفور البريطاني المشؤوم في الثاني من تشرين الثاني عام 1917
لعل وعد وزير خارجية بريطانيا العظمى "آرثر بلفور" المشؤوم في الثاني من تشرين الثاني عام 1917, الذي أعطي اليهود وعداً في إقامة وطن قومي لليهود بشقيه الفرنسي والإنكليزي في فلسطين. هو تتويج لتلك المؤامرة الاستعمارية الخبيثة لدول الاستعمار الأوربي القديم, والرأسمالية الأوربية الحديثة والمشتركة, والتي كرستها اتفاقيات" سايكس – بيكو عام 1916" والتي احتلت بموجبها بريطانيا العظمى فلسطين باعتبارها دولة انتداب ولتكشف حقيقة دورها الأشد خطورة في هذا الاتجاه العدواني, ولكونها الدولة المبادرة والرئيسة كرأس الحربة فيها والساعية إلى خلق الحركة الصهيونية ورعايتها, وسمحت لها ظروفها الميدانية في تحقيق ذلك باعتبار فلسطين تحت وصايتها. وبالتالي تبنيها جميع مشاريع الهجرة اليهودية لفلسطين قولا وفعلاً وفق مقررات مؤتمر بال في سويسرا عام 1897. التي جعلت من فلسطين وتهجير شعبها وفق الأكاذيب التوراتية والسياسات الاستعمارية العالمية حقيقة عدوانية مُعايشة وليغدو شعار: "فلسطين أرض بلا شعب, تعطى لشعب بلا أرض" مُطبق عمليا منذ العام 1948.
عصبة الأمم والدول دائمة العضوية ودورها المشبوه في الاعتراف بالكيان الصهيوني
مئة عام دامية من الصراع الوجودي للشعب الفلسطيني, مع أشرس استعمار إحلالي إجلائي لمقدرات الأرض الفلسطينية والإنسان, لأعتى مُغتصب عرفته البشرية في التاريخ القديم والحديث والمُعاصر. ولتسجل يوميات نكبة فلسطين الكبرى عام1948 أحد معالمه الأولى يتبعها نكبات. وكان للمنظمة العالمية (عصبة الأمم المتحدة) والدول الدائمة العضوية في مجلس أمنها كل من: (روسيا وفرنسا وبريطانية والولايات المتحدة الأمريكية والصين) دورها السلبي في تكريس العدوان والإقرار بالرواية الصهيونية القائمة على الاغتصاب الصهيوني لفلسطين من خلال ممثليهم فيه, الذين بادروا وسريعاً في الاعتراف بالكيان الصهيوني منذ اللحظات الأولى لوجوده, وهذا السلوك الدبلوماسي والسياسي ما هو إلا تكريساً لقرار التقسيم الصادر عنها تحت عام 1947 رقم 181 والذي استثمر أبشع استثمار لتشريع الاحتلال وتغير وجهة الحقائق ورفع وتيرة الدعم للاغتصاب الصهيوني لفلسطين. في الوقت الذي شُرد فيه عشرات الألاف من الشعب الفلسطيني عن أرضهم بالقوة العسكرية والتآمر الرسمي الدولي والعربي.
الثورات الفلسطينية الشعبية لم تهدأ وأكثرها أهمية ما بين 1936-1939
إن دورة الألم الفلسطينية وجذوة الصراع الفلسطيني الصهيوني, التي سبقت يوميات نكبة فلسطين الكبرى, ورافقت جملة السياسات الدولية وبالأخص اتفاقيات سايكس-بيكو 1916 كممهد طبيعي لصدور وعد بلفور- سالف الذكر- ما زالت متأججة وتأخذ مناحي شتى, وتغدو في حالات صعود وهبوط, وحالات اقدام واحجام, متأثرة بمحيطها العربي وبالسياسات الدولية المنحازة للكيان الصهيوني جملة وتفصيلا. وقد شكلت الثورة الفلسطينية ما بين العامين 1936-1939 أروع أشكال النضال الوطني والمجتمعي والشعبي الفلسطيني من حيث الأليات والمواقف والمُشاركات, ومن جميع قواه الطبقية والسياسية ومكوناته الاجتماعية الشعبية وبمثابة الغراس المُستدامة لثورة الشعب الفلسطيني ما قبل النكبة وما بعدها. لاسيما الفترة الزمنية التي واكبت يومياتها المؤلمة والحافلة بمدارات اللجوء. التي أفقدت الشعب الفلسطيني توازنه وسعت قواه الحيّة من الأكاديميين والتربويين وأصحاب المهن المختلفة من طبقات الشعب بعامته ونخبه البحث عن مسار وطني وقومي نضالي يُوصلها لدروب الهداية وسبل التحرير والعودة. وكان الشعب الفلسطيني اللاجئ وما يزال, هو المجال الحيوي لديمومة هذا الصراع التاريخي, وجعله صراع وجود تناقضي أبدي وليس خلاف على قطعة أرض أو تسوية حدود. وما الثورات الفلسطينية المتعاقبة منذ وعد بلفور وحتى اللحظة, لم تخبو جذوتها وإن أصابها بعض الوهن والتراخي في بعض المراحل الزمنية المتعاقبة. وكانت بمثابة المُقدمة الطبيعة لولادة حركات الفداء الفلسطيني المقاتلة وعلى جميع الجبهات العربية المحيطة بفلسطين عموماً وسورية على خصوصاً.
منظمة التحرير الفلسطينية مرحلة "الشقيري" تجسيد لفكر الثورة المعاصرة
كان لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية كإطار نضالي جامع للشعب الفلسطيني في بوتقة كفاحية واحدة, وبجميع أماكن تواجده في العام 1963- 1964 وما بعدها تأثيره الفعال في عموم أبناء شعبنا الفلسطيني اللاجئ, لاسيما مكان عقد المؤتمر وتأسيسها بمدينة القدس الذي له ما له من دلالات سياسية وفكرية واعتقادية. وتم ذلك المسعى النضالي بجهود مؤسسها الراحل الكبير "أحمد الشقيري", بما امتلك من قدرات شخصية وخبرات أكاديمية ومهنية, وسجل نضالي وطني وقومي واسع الطيف في جامعة الدول العربية ومؤسسات هيئة الأمم المتحدة. وقد كانت المنظمة في حينه خطوة بالاتجاه الصحيح على طريق توحيد جميع الكفايات الفلسطينية الأكاديمية والمهنية والسياسية والثقافية والعسكرية والجماهيرية وسواها, وتلبية لجهود اللاجئين الفلسطينيين الحثيثة وطموحاتهم, والبحث عن وسائط وطرائق وأساليب كفاحية وحلول تُقربهم من طريق العودة وتحرير بلدهم فلسطين من العصابات الصهيونية المُغتصبة. وحظيت منظمة التحرير الفلسطينية بإجماع غالبية أبناء الشعب الفلسطيني والرسميات العربية والدولية والمؤسسات الشعبية والأكاديمية في العالم أيضاً وبوقت قصير. باعتبارها تُجسيد لأماني وطموحات غالبية الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها واللاجئين خصوصاً, واتخذت مقولة أنها: "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني" مكانها الطبيعي في الوجدان والعقل والتفكير الشعبي والجماهيري, وقبول الأنظمة العربية والدول العالمية بها كمحطة مهمة من محطات قيادة كفاحه المستظلة بالميثاق القومي, والوطني, والمُعبرة عن طموحات شعبها الفلسطيني اللاجئ متعددة الجبهات, وعلى جميع المعابر النضالية السياسية والثقافية والعسكرية. ونشؤها مرتهن بذلك المداد من الوعي الشعبي الفلسطيني لقضيته وإيمانه الحقيقي بعدالتها ومن أجل استرجاع حقوقه الوطنية المشروعة في حق التحرير والعودة وتقرير المصير, وإقامة كيانه الفلسطيني بدولته الديمقراطية المستقلة على كامل ترابه الوطني ولجميع مكوناته بعاصمتها القدس الشريف.
الفدائي الفلسطيني الرمز مفخرة العرب بعد هزيمة الأنظمة الرسمية في حزيران 1967
تُعد السنوات المتعاقبة ما بين ستينيات القرن الماضي وحتى نكسة حزيران وهزيمة الرسميات العربية عام 1967 هي مرحلة النهوض الفلسطيني المقاتل في صورة " الفدائي الرمز" التي لاذت بها الأنظمة الرسمية العربية, لتكون واجهتها النضالية وتغطية لفشلها وتخاذلها في حرب حزيران 1967. وقد أنشئت كثير من الدول العربية أحزاب وفصائل وحركات مقاومة تابعة لها لاسيما المُحيطة بفلسطين المُغتصبة, وأخرجت الصورة الوردية للفدائي الفلسطيني من بوتقتها الطبيعية والحاضنة الجماهيرية لجموع اللاجئين, وحرفت عن مسارها الصحيح, ونقلت بندقيتها النظيفة والشريفة إلى بندقية مسيسة لأغراض وأجندات عربية خاصة, وجعلتها مطية مرهونة للطامحين بالسلطات العربية الحاكمة في هذا البلد العربي وذاك. وخاض الفلسطينيون والفدائيون في سورية والأردن ولبنان والعراق ومصر وبسبب تلك الأنظمة العربية معارك ضروس جانبية, وهامشية لصالح صراعاتهم فيما بينهم كحكام وأنظمة. فقد كانت مجازر أيلول الأردن 1970 هي البداية كعقاب جماعي للفلسطينيين, لإبعادهم عن أطول جبهة متاخمة للكيان الصهيوني, وتهجير منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها إلى لبنان بما فيه من صراعات طوائف. وقد وظف النظاميين المصري والسوري وسواها مسرحية حرب تشرين في العام 1973 الهزلية من قبلهم أفضل توظيف من أجل الدخول في برنامج التسوية الأمريكي. عملاً بمقولة: "الحرب امتداد للسياسة بوسائط أخرى". وتم للأنظمة العربية مرادها في اجهاض الحركات الثورية العربية جميعاً وفي مقدمتها منظمة التحرير الفلسطينية من خلال افتعال حروب أهلية في لبنان من قبل زعماء الطوائف, ومن رعاتها ومموليها من دول الأعاجم والعرب كل حسب حماتهم وداعميهم وأجنداتهم. وخوض الجميع في أتون تلك الحرب الممتدة ما بين أعوام 1975- 1990, وقد جعلت الحرب الأهلية اللبنانية ما بين جميع القوى المتحاربة من الفلسطينيين وقودها سواء أكانت ممثلة بشعبنا أو قوات المقاومة الفلسطينية والوطنية اللبنانية بجميع حركاتها وفصائلها, والتي انتهت رحاها وتوقف لغة القتل والدم بمقررات مؤتمر الطائف. تلك التي مهدت بدورها لخروج فصائل وحركات المقاومة ومنظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وعلى مراحل, وغدت المنظمة وفصائلها وحركاتها هي أكثر قسمة وبعثرة للمواقف, وخدمة لأجندات خارجية عربية ودولية والمستفيد الوحيد من ذلك الكيان الصهيوني وحلفائه, وأولئك المستترين من الحكام والأنظمة العربية من مجريات ونتائج تلك الحروب التي خاضتها القوى الفلسطينية والداخلية اللبنانية فيما بينها أو مع العدو الصهيوني في أكثر من مكان وتاريخ, ومهدت لاجتياح لبنان عام 1982 واحتلال بيروت. وتكرار سيناريو الخروج الكاريكاتيري لمنظمة التحرير الفلسطينية بجميع فصائلها وحركاتها المتعددة في إطارها, وتوزيعهم ما بين عواصم ودول الطوق العربية وإدخالهم في مدارات حروبهم الخاصة. ما هي إلا حلقات متكاملة من التآمر الدولي والعربي على قضية الشعب الفلسطيني, ونضاله من أجل حقهم المشروع في العودة وتقرير المصير. وانتقال لخوض الصراع الدامي الفلسطيني - الفلسطيني ما بين حركاتها وفصائلها التابعة لهذا النظام الرسمي العربي أو ذاك. وبالتالي تحميل الشعب الفلسطيني وزرها, لما لها من أثارها الدامية حياتياً واجتماعياً وسياسياً وعسكرياً وتوجهات أيديولوجية, وتابعية لأجندات عربية وسواها, وبالتالي انحراف الثورة عن مسارها المرسوم, والدخول في متاهات التسوية والصفقات المشبوهة من الدول الرسمية العربية التي أقامت معاهدات صلح مع العدو الصهيوني. وكان النظام المصري "مصر السادات" راع لهذا التوجه في اتفاقيات "كامب ديفيد" 1979 وما تلاها مؤتمر "مدريد 1991" وتوقيع معاهدة صلح ما بين النظام الأردني والطيان الصهيوني تحت مسمى " وادي عربة 1994 ".
ياسر عرفات عرّاب مسار التسوية بلا مُنازع
لا يختلف اثنان قط على شخصية "ياسر عرفات" الفريدة والغامضة أيضاً, ولا بدّ من استذكار خصاله الحميدة في قدرته على التعايش الإيجابي مع جميع الأنظمة والرسميات العربية, باعتباره حصان طروادة للمراحل السياسية العربية الحرجة والتي عايشها بجميع تفاصيلها, ولكنه بالرغم ذلك يُعد "عراب التسوية الفلسطينية" بلا منازع, ويتحمل وزر مسؤولياته منذ استلاءه على السلطة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1969 وأمسى رئيساً للجنتها التنفيذية كواحد من الحكام الأبديين العرب, شأنه في ذلك شأن بقية الحكام العرب وأنظمتهم الشمولية. فقد سارت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة "ياسر عرفات" في ذات اتجاه التسوية العربية التي تشدو المصالحة مع العدو الصهيوني, من خلال قبول القيادة الفلسطينية المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية-" جميع الفصائل والحركات والجبهات المؤتلفة تحت رايتها"- مبدأ التسوية المطروحة تحت مسمى: "النقاط العشرة" المقدمة من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين -عقب مسرحية حرب الأنظمة العربية في تشرين الأول عام 1973- والتي تحولت بسبب احتضانها من قيادة "ياسر عرفات" ومن ثم حدوث الشرخ الفلسطيني- الفلسطيني والانقسام إلى مؤيد للبرنامج المرحلي للتسوية والتخلي عن الأهداف الكبرى التي اشتملها الميثاق القومي والوطني في مرحلة لاحقة, وفصائل وحركات معارضة له. فقد كان " ياسر عرفات" في شخصه وذرائعيته المعروفة ومنظمته "فتح" واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الشخص المناسب للعب هذا الدور, ويُشكل - كما أسلفنا- "عرّاب التسوية" الذي قبل بالشق الفلسطيني في اتفاقيات "كامب ديفيد" وهي السقف الأعظمي لطموحات الشعب الفلسطيني والتي لقيت مباركته وتأييده لها. وما أعقبها من سلسلة تسويات متعددة المسميات والأطراف والأجندات التي كانت تدار بأوامره وتحت بصره وبصيرته, لتُشكل " اتفاقيات أوسلو 1993" المنفردة مع الكيان الصهيوني وبرعاية أمريكية خالصة, المنعطف الأكثر خطورة في حياة الشعب الفلسطيني وقضية اللاجئين فيها, وهي أكبر اختراق صهيوني للوعي الفلسطيني الكفاحي واحتلال للعقل بعد احتلال كامل الأرض الفلسطينية.
اتفاقيات أوسلو 1993 النكبة الثانية الكبرى في حياة اللاجئين الفلسطينيين
تُجسد "اتفاقيات أوسلو" النكبة الفلسطينية الكبرى الثانية عقب نكبة فلسطين الكبرى عام 1948. تلك التي وقعت في العام 1993" ما بين القيادة الفلسطينية المتنفذة بقيادة "ياسر عرفات" والكيان الصهيوني "اسحاق رابين", وهي بمثابة هزيمة ماحقة, وضربة قاضية لبقايا المشروع الوطني الفلسطيني, وقاتلة لجميع طموحات الفلسطينيين في التحرير والعودة وبمثابة اختراق صهيوني كبير وناجح لذاكرة الفلسطينيين جميعاً والساعية لوأد أحلامهم وأمالهم. وإدخال منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها وحركاتها من داخلها وخارجها تحت مقصلة العدو الصهيوني وسطوته وخياراته وأكاذيبه ومراوغاته. وجعلت من منظمة التحرير الفلسطينية وجميع فصائلها مجرد بيادق متحركة في مدارات لعبتها الصهيونية, وها نحن كفلسطينيين لاجئين نحصد نتائجها الدامية ونُبحر في محيط التيه, وها هي فصائل وحركات المقاومة الفلسطينية مجتمعة تخلع دثار المقاومة وتلقي بأساليب المواجهة والكفاح المسلح في أدراج الرياح, وتلهث جميعاً وراء سراب الحلول المطروحة في قطار التسوية الأمريكية والصراع العبثي في أروقة الجامعة العربية تارة "المُبادرة العربية", وهيئة الأمم المتحدة ومجلس أمنها وجمعيتها العمومية في كثير من الأحيان. والارتهان للوعود الخادعة من الإدارات الأمريكية المتعاقبة "حل الدولتين", والدخول في شرنقة الكيان الصهيوني ومبرراته العدوانية, والدوران في فلك مبادراته العدمية ومن يدعمها من الدول الأعجمية والولايات المتحدة الأمريكية على وجه التخصيص. وخضوع الفلسطينيين جميعاً كشعب وفصائل وحركات ومنظمات مجتمع مدني وسواه تحت سطوة العدو الصهيوني ومأربه ومصالحه, وانتظار الذي لن يأتي.
حل الدولتين وفق رؤية إدارة "باراك أوباما" الأمريكية المؤامرة المتجددة
لقد أن الأوان للفلسطينيين عموماً واللاجئين الفلسطينيين خصوصاً أن يُدركوا خطورة مشاريع حل الدولتين الأمريكية, وهي خدعة أمريكية مُتجددة ولا يُمكن موضوعياً تحقيقها وذلك بسبب الخلل الحاصل في موازين القوى والدعم الغربي الكامل للغطرسة الصهيونية التي ترنو من جعل فلسطين برمتها دولة يهودية خالصة, هذا من ناحية. وأن فلسطين لا يُمكن لها أن تقبل القسمة على اثنين, ولا تتسع لدولتين, وأن صراعنا مع العدو الاستيطاني والمُغتصب الصهيوني هو صراع وجود. إما أن تكون فلسطين التاريخية بكامل زخرفها وأرضها وشعبها وتاريخها ومكانتها للفلسطينيين أو للصهاينة المُغتصبين. وحال الفلسطينيين في ظلال هذا الواقع الحالي الذي نعيش يومياته بعد مئة عام فلسطينية مريرة والمعايشة والمرافقة لطفرات الربيع العربي نجدهم في وضع لا يُحسدون عليه. يخوضون تيه المجهول في مصير قضيتهم الفلسطينية وتهديد وجودهم أيضاً في مزيد من عمليات الهجرات القسرية المتتالية. لاسيما فلسطيني لبنان والعراق وسورية وهم يعبرون عامهم 2017 وكأن شيئاً لم يكن. وهم على أبواب هجرات جديدة من اللجوء المُستدام خارج الجغرافيا العربية ودول الاتحاد الأوربي التي تمثل جسر العبور لذاكرة النسيان من خلال أساليب الاندماج لفلسطيني اللجوء صغاراً وكباراً في مدارات مجتمعاتهم الغربية والاحتواء الكامل لتعاقب الأجيال باعتبارها دول المواطنة والأمان والملاذ الشخصي البديل عن بلدان العرب أكفاني.
• باحث وأكاديمي تربوي فنان وناقد تشكيلي فلسطيني سوري
#عبد_الله_أبو_راشد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟