خالد درويش
الحوار المتمدن-العدد: 5680 - 2017 / 10 / 26 - 13:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا أتمنى للأطفال الذين يموتون أن يتحولوا إلى طيور في الجنّة.
أيّ خيال فقير اخترع للأطفال هذا المقام،
أيّ نفس مصابة برهاب الطفولة قررت لهم هذا المصير!.
أريد للأطفال أن يناموا هانئين على أسرّة وثيرة،
وأن يلهوا على درّاجات ملوّنة،
وأن يمارسوا معاً على العشب لعبات الدنيا المسليّة:
"عسكر وحراميّة"، "الزقطة"، "حجر، ورقة، مقص"، وغيرها..
وأن يغفوا على سحابة زرقاء بخيال مفعم بوقائع حكايات "ليلى والذئب" و"السندباد".
أريد لهم أن يشربوا حليب الصباح في الحدائق المغسولة بشمس ربيع دائم،
وأن يتناولوا الثمار من الأغصان الدانية بالخير،
وأن يقضوا ساعات العصر مع الملائكة على ضفاف أنهار العسل.
ليهنأ الصغار،
ولنتحوّل، نحن الكبار، إلى سلاحف وقوارض وديناصورات..
نحن الذين رأينا الكثير،
أكلنا وشربنا أكثر من حاجتنا، وكنزنا المال الفائض،
وعاشرنا النساء مثنى وثلاث ورباع وما ملكت أيماننا.
قسّمنا بعضنا إلى طوائف وأقوام وأجناس وأعراق لنتقاتل دفعاً للضجر
ويفني بعضنا بعضه من أجل مجد لا يدوم.
نحن الذين صنعنا حروباً قتلنا فيها الملايين
فأبكينا الثكالى وقهرنا اليتيم،
ورفعنا راياتنا على ركام بيوت كان يسكنها الأمل.
لنتحول، نحن الكبار، إلى صقور وعقارب وثعابين،
إلى ما يليق بنا، وما يليق بسيرتنا،
لا أن يتحول الصغار إلى طيور بلهاء!
هذا ليس عدلاً!.
#خالد_درويش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟