بشير الحامدي
الحوار المتمدن-العدد: 5680 - 2017 / 10 / 26 - 04:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السياسية اليسارية طيلة ستين سنة في تونس لم تكن إلا وجها آخر من السياسة البورقيبية مهما نسبت لنفسها من أيديولوجيات ماركسية أو قومية وما انخراط اليسار في العمل السياسي والنقابي بالكيفية التي نعرف منذ ديسمبر 2010 إلا الإثبات الملموس لذلك. سياسة إطارها مقولات: الوحدة الوطنية ـ السلم الاجتماعي الدولة المدنية ... هي سياسة أطاح بها 17 ديسمبر ولكنه عجز حتى الآن عن إنتاج بدائلها ...
إن يسار الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي والدولة المدنية هو يسار منتهي الصلاحية بالنسبة للأغلبية المتعارضة مصالحها مع مصالح قوى رأس المال وهو ليس أكثر من شريك لهذه القوى في إدارة أزمتها.
مجموعات هذا اليسار ستتحلل وتنتهي لما انتهى إليه الحزب الشيوعي لفلسطيني والحزب الشيوعي الأردني والحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي السوري والحزب الشيوعي المصري والحزب الشيوعي اللبناني والحزب الشيوعي السوداني مجموعات صغيرة بتعبيرات ثقافية منعزلة خارج التاريخ لا بدائل جذرية لها تميزها عن مشروع البرجوازيات الكمبرادورية المرتبطة.
مسألة انتاج البديل ليست مسألة سهلة في ظل تعقد الأوضاع القائمة وتحول مجتمعاتنا في ظل الهيمنة الرأسمالية الراهنة إلى مجتمعات مجردة من أي قدرة ذاتية على صنع القرار بدء بالإقنصاد وصولا للسياسة وفي ظل تذرر القوة الطبقية البديلة التي من مصلحتها قلب هذه الأوضاع جميعا لصالحها.
في أروبا وتحديدا في اليونان وإسبانيا في السنوات القليلة السابقة أنتجت الأزمة الشاملة للنظام الرأسمالي ولمعارضاته الكلاسيكية التقليدية هناك حركات اجتماعية مستقلة إلى حدما قدرت في البلدين على تنظيم تعبئات جماهيرية كبيرة مثلت في فترة ما من الصراع ضد الحكومات القائمة المدعومة من البنوك والمجموعات المالية العالمية الكبرى أفقا لتطور حركة اجتماعية جذرية مستقلة حاملة لحلول لصالح الأغلبية لكنها سرعان ما ارتكست من جديد وانتهت متبنية للحل اللبرالي الذي فرضه دوائر البنوك والمستثمرين العالميين و البرجوازيات المحلية المهيمنة.
في تونس وبعد سبع سنوات من 17 ديسمبر برهن اليسار التونسي كذلك بجناحيه الجناح الذي يقول عن نفسه ماركسيا والجناح الذي يطلق على نفسه صفة القومي العربي عن عجزه عن الاستقلال سياسيا وتنظيميا عن اللبرالية وتمثل عملية التغيير الاجتماعي الجذري بل أثبت وبشكل حاسم أنه عاجز حتى عن أن يمثل اتجاها إصلاحيا منسجما بسياسات اجتماعية يمكن أن تلف حولها الخدامة والمعطلين وشرائح واسعة من الطبقة الوسطى.
بهذا المعنى يمكن القول أن تغيير ميزان القوى لصالح الأغلبية وعملية التغيير الجذري في وجه من وجوهها سواء في بلداننا أوفي بلدان الديمقراطيات البرجوازية وهذا درس من دروس 17 سبتمبر لم يعد متوقفا فقط على ضرورة استقلال الأغلبية التنظيمي والسياسي عن النظام بل ايضا على تجاوز أطروحات هذا اليسار وسياساته.
ــــــــــــــــــ
بشير الحامدي
#بشير_الحامدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟