أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سعد هجرس - الرئيس الكذاب















المزيد.....

الرئيس الكذاب


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1467 - 2006 / 2 / 20 - 09:49
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


اصبح الكذب سياسة ، والإهانة والإذلال والتوبيخ سلوكاً ، والاعتذار والتعويض ومشاعر الندم فروضاً غائبة.
والخطير ان هذه الآفات لم تعد خاصة بحفنة من الأفراد، وانما أصبحت لصيقة بالدول ، بل بأكبر دولة فى العالم، واكبر حلفائها على ظهر الكرة الارضية ، ناهيك بالطبع عن حليفتها الاستراتيجية وطفلتها المدللة إسرائيل .
هذه الظاهرة المروعة التى أصبحت ترسم ملامح صورة بشعة وقبيحة – وللأسف بالغة الواقعية – للدبلوماسية فى زمن الهيمنة الأمريكية يقدمها لنا الزميل الأستاذ محمد عبد الهادى خبير الشئون العربية والسياسة الخارجية المصرية ومساعد رئيس تحرير "الأهرام" ورئيس قسم الشئون الدبلوماسية، فى أخر كتبه "الدبلوماسية فى زمن الهيمنة الأمريكية " الصادر حديثاً عن دار " نهضة مصر للطبع والنشر" .
وبالطبع فان هذه الظاهرة ليست جديدة تماماً فى السياسة الدولية لكن محمد عبد الهادى يرصد الجديد بهذا الصدد حين يلاحظ ان " استخدامات الكذب – مثلاً – فى السياسة كانت هى المراوغة والتهرب من الاستحقاقات ، أما الآن فقد بات الكذب أداة أو مظلة وسياسة لشن عدوان واحتلال بلدان، مثلما فى حالة العراق ".
ويضيف ان " الكذب اصبح إذن أداة من أدوات السياسة الخارجية لدول كبرى ، وارتبط به قلب الحقيقة ، ولعل اشهر الأكاذيب فى التاريخ الحديث كذبة الصهيونية : " ارض بلا شعب لشعب بلا ارض " التى أسست لقيام دولة إسرائيل. وفى التاريخ المعاصر كذبة الولايات المتحدة " حيازة العراق أسلحة دمار شامل" التى أسست لشن عدوان غير شرعى على العراق . فقد أصبحت ممارسة الكذب شائعة فى السياسة والعلاقات الدولية بدرجة غير مسبوقة فيما بات الاعتذار فريضة غائبة" .
وفى بحثه العميق والمثير يرصد محمد عبد الهادى تاريخ الكذب لمؤسسة الرئاسة الأمريكية، فيكشف ان الرئيس جورج بوش ليس أول رئيس أمريكي يكذب ويفتضح أمره .
ففى عام 1960 سقطت طائرة تجسس أمريكية فى أراضى الاتحاد السوفيتى ( السابق) وأعلنت الخارجية الأمريكية انها لم تكن محاولة متعمدة لانتهاك المجال الجوى السوفيتى، لكن عندما اظهر السوفيت الطيار الأسير اضطر الرئيس الجمهورى دوايت ايزنهاور الى الاعتراف بانها كانت طائرة تجسس.
وفى عهد خلفة الديمقراطي جون كنيدى اضطر مساعد وزير الخارجية – بعد الكذب – بشان أزمة خليج الخنازير – الى ان يعلن " حق الإدارة فى ان تكذب عندما يتعلق الأمر بحرب نووية ".
وفى عهد الرئيس الديموقراطي ليندون جونسون ظهرت نكتة تقول " كيف تعرف ان جونسون يكذب؟" الإجابة : " عندما يحرك شفتيه بالكلام" ! فى إشارة الى عدم نطقه صدقا ، فالرئيس جونسون هو صاحب " الكذبة" التى ترقى الى مستوى الجريمة فى حق الشعب الامريكي، وذلك عندما اصدر تعليماته فى عام 1967 بالإعلان ان حادث إغراق السفينة " ليبرتى" وقع عن طريق الخطأ، بينما كانت إسرائيل قد أغرقتها – لانها اعتقدت انها مصرية – وراح ضحية الحادث 34 ضابطا أمريكيا وأصيب 170 آخرون ، واستهدف هذا الإعلان التغطية على الجريمة الاسرائيلية .
أما الرئيس الجمهورى ريتشارد نيكسون فهو الرئيس الوحيد الذى دفع ثمن كذبه فى فضيحة " ووتر جيت" واستقال من منصبه فى أغسطس 1974 .
كما أدانت قاضية أمريكية فى ابريل 1999 الرئيس الديموقراطي السابق بل كلنتون بالكذب والإدلاء بشهادة زور فى قضيتي التحرش الجنسى اللتين اتهمته بهما باولا جونز ومونيكا لونيسكى ، واتهمه الجمهوريون بخيانته الأمانة، الا ان كلينتون رفض فى ديسمبر 1999 دعوة المدعى العام المستقل كينيث ستار الاعتراف بالكذب . بيد انه عاد واعترف بانه حنث بيمينه أمام القضاء واعتذر لشعبه .
لكن أكاذيب ادارة كلينتون لا ترقى لمستوى خطورة أكاذيب إدارة بوش ، التى زادت على أكاذيبها بشأن العراق ادعاءات أخرى على أطراف عربية وإسلامية اخرى . فوزير الدفاع دونالد رامسفيلد أعلن فى نوفمبر 2001 أن إيران تنسق مع خبراء أمريكيين بشأن أفغانستان، ونفت ايران هذه المزاعم.
كما أن السفير الأمريكى فى بيروت فنسنت باتل اتهم الرئيس اللبنانى إميل لحود بالكذب بزعم أن حديثه عن حصر أنشطة حزب الله فى الدفاع عن الأراضى اللبنانية غير صحيح.
أما الكذبة التى تثير الاشمئزاز فقد أطلقها رامسفيلد أيضاً فى أعقاب تفجر فضيحة ممارسات الجنود الأمريكيين غير الأخلاقية وجرائمهم غير الإنسانية فى سجن أبو غريب فى بغداد فى مايو 2004 حيث اتهم رامسفيلد وسائل الاعلام العربية بنشر "الأكاذيب" حول ممارسات قواته فى العراق.
لكن يبدو أن أكاذيب الرئيس بورش ضربت الرقم القياسى الذى يؤهله لدخوله موسوعة "جينيس". وأحدث نكتة تعبر عن هذه الحقيقة تقول أن رجلاً صالحاً توفى ودخل الجنة فرأى خلف "رضوان" حائطاً مكدساً بالساعات. فسأله: لماذا كل هذه الساعات؟ فرد عليه رضوان (واسمه القديس بطرس فى الأدبيات الأمريكية) انها ساعة الكذب. لأن الانسان بمجرد ان يكذب يتحرك عقرب الساعة. وأشار إلى إحدى الساعات التى لم تحرك عقاربها على الإطلاق قائلاً: هذه ساعة الأم تريزا .. التى لم تكذب ولو مرة واحدة.
ثم أشار إلى ساعة أخرى تحرك عقربها درجتين، قائلاً هذه ساعة الرئيس إبراهام لنكولن الذى كذب مرتين فقط طيلة حياته. وعندما سأل الرجل الصالح عن ساعة الرئيس جورج بوش الأبن قال له رضوان: إنها لدى أحد القديسين يستخدمها كمروحة سقف .. بمعنى أن عقاربها لا تتوقف عن الحركة بسبب كذبه الدائم!
والمسألة ليست "أخلاقية"، وإنما هى مسألة سياسية تعبر عن أكثر فئات المجتمع الأمريكى تطرفاً وتخلفاً ورجعية وعنصرية. وهذه السياسة الثابتة التى تعتمد على الكذب – باعتباره- أحد أدواتها الرئيسية – تعبر عن ذلك.
لكنها تعبر أيضاً عن مأزق أكبر الديموقراطيات فى العالم. فهى تبين – من ناحية- أن آليات الديموقراطية قد أصيبت بعطب أو فيروس مثل فيروس انفلونزا الطيور بحيث أن النتائج التى يسفر عنها عمل هذه الآليات لم تعد هى الأفضل. بدليل نجاح الكذابين والأفاقين فى الحصول على ثقة الناخبين.
وربما يعبر هذا أيضاً عن الدور المتزايد للمال وأربابه الكبار أصحاب الشركات المتعددة الجنسيات. وهو دور يبدو أنه أصبح يمارس تأثيراً متزايداً فى تضليل الناخبين وتجميل صورة مرشحين لا يستحقون الحصول على ثقة الرأى العام.
لكن المأزق الكبير هو أنه حتى بعد ضبط هذا السياسى أو ذاك متلبساً بالجرم المشهود، والكذب على شعبه بل وعلى شعوب العالم بأسره مثلما هو الحال فى قضية العراق وأكذوبة أسلحة الدمار الشامل، .. يعد ذلك يظل السياسى الكذاب فى موقعه وكأن شيئاً لم يكن، فى حين أن عشر معشار هذه الكذبة كان كفيلاً فى الماضى بالإطاحة بحكومات وزعزعة عروش. بل إن رجال السياسة المحترمين كانوا فى السابق يسارعون إلى التقدم باستقالتهم بمجرد ظهور شبهات، مجرد شبهات تمس صدقيتهم من قريب أو بعيد.
الآن أصبح أرباب السياسة من أصحاب الجلود السميكة والبلادة منقطعة النظير. بدليل أن بوش متشبث بمقعده، هو وكل أعوانه، رغم اعترافهم بالكذب !!
والكتاب البديع لزميلنا الاستاذ محمد عبدالهادى يقدم بالوقائع، عريضة اتهام للنظام العالمى الاحادى القطبية الذى تهيمن عليه الادارة الأمريكية. ومع هيمنتها السياسة تحاول أن تفرض على العالم سياسة امبراطورية قائمة على الأكاذيب والافتراءات وقلب الحقائق وخلط الأوراق .. ناهيك عن البلطجة ودبلوماسية الأوراق الحربية.
أنه كتاب وثيقة .. يقدم من خلال رصده العميق لمفردات العلاقات الدولية فى مطلع الألفية الثالثة صورة حية لحالة العالم بعيون ذكية .. ووطنية.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد رسوم الإساءة صور التعذيب!
- سولانا يذرف دموع التماسيح فى القاهرة .. لا تصدقوه
- حلف شمال الاطلنطى فى ميدان التحرير .. يا للهول
- سفينة -السلام- الدامس
- كيف تحول الاحتجاج علي الإساءة للرسول.. إلي إساءة للإسلام؟
- مصر والسودان لنا.. والدنمرك إن أمكنا!
- إعدام جمعية أهلية تجاسرت على الدفاع عن هوية مصر الثقافية (2- ...
- غيرة ماجد عطية علي الأقباط.. دفاع عن المسلمين وعن مصر
- هند الحناوى .. فريسة محمود سعد .. أيضاً
- مع الاعتذار لعادل إمام التجربة الدانماركية
- حل مشاكل النوبيين.. اليوم وليس غداً
- لماذا كل هذا الفزع من فوز »حماس«؟
- المسألة ليست مصير جمعية أهلية.. بل مصير وجه مصر الثقافى
- تشيني غادر حدود أمريكا.. إذن توقعوا مصيبة وشيكة!
- أزمة بيت الحكم الكويتي.. جرس إنذار للجميع
- النخب العربية في مواجهة تحديات تجديد الدماء!
- ذمة الوزراء علي العين والرأس.. لكن المطلوب آلية قانونية لمنع ...
- كليمنصو!
- هل نكتفي بالتباهى ب -شعر- أختنا اللاتينية؟!
- .. لكن هل يجوز أن تكون الرئيسة مطّلقة .. وعلمانية؟!


المزيد.....




- تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر ...
- قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م ...
- ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
- صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي ...
- غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
- فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال ...
- -ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف ...
- الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في ...
- صور جديدة للشمس بدقة عالية
- موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سعد هجرس - الرئيس الكذاب