أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - آلهة الزمكان















المزيد.....


آلهة الزمكان


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 5677 - 2017 / 10 / 23 - 20:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في العام 2012 ، قامت العربية السعودية بدعوة العالم الفيزيائي الامريكي المعروف ميتشيو كاكو الى مؤتمر علمي ، و كان لافتا انه القى محاضرة فيزيائية في غاية الغرابة على ارض المملكة ، حيث مهد الرسالة الإسلامية العظيمة والقرآن ..
الاغرب هو ان الإعلام العربي والعالمي لم يتناول فحوى كلام كاكو فيها لا من قريب ولا من بعيد .. * ،
خلاصة كلامه ، ان احتمال وجود حضارات كونية فائقة متفوقة في الفضاء الخارجي كبير جداً ، وهذه الحضارات سوف تكون بثلاث مستويات تقانية رسم ملامحها العامة ميتشيو كاكو بدقة عالم فيزياء كوني حاذق :
1 – حضارة المستوى الاولى : وقد اسماها الحضارة الكوكبية ، وهي حضارة تسيطر على كوكب باسره وقد احسنت استغلال طاقته والحفاظ على بيئته بشكل كامل ، واعتبر كاكو حضارتنا على الارض دون هذا المستوى ، لكننا قريبون منه !!
2 – حضارة المستوى الثاني : واسماها حضارة المجموعة الشمسية ، وهي حضارة تستغل كافة الكواكب في نظامها الشمسي بالإضافة الى كوكبها الام ، وهي حضارة تكون غادرت كوكبها الام الى مستعمرات مأهولة كبرى بمثابة مدن عظيمة عائمة في الفضاء تستمد طاقتها من النجم الذي يقع نظامها الكوكبي فيه ..
3 – حضارة المستوى الثالث : وهي الحضارة الاهم والعظيمة وقد اعتبرها كاكو حضارة الخالدين ..!!
الحضارة التي تسيطر على الجاذبية في مجرة كاملة وتسيطر على حركة الكواكب في نظامها المجري ويمكنها اطفاء واشعال نجوم ، ويعتبرهم كاكو مخلوقات متطورة الى درجة الخلود وانهم لا يموتون .. ولا يمكن لاي قوة في الكون ان تبيدهم او تواجههم ابدا ...!!
و في ختام محاضرته ، المح الى احتمال رابع عجيب يفيد ان مستوى رابعاً اعظم من هذا قد يكون موجودا لمخلوقات من " آلهة " تسيطر على المادة المظلمة في الكون و هي القاهرة فوق كل شيء ..!!
هذا الكلام لم يصدر من كاتب سيناريوهات افلام الخيال العلمي ، هذا كلام بالصوت والصورة لعالم فيزياء بارز من علماء القرنين العشرين والحادي والعشرين وهو ميتشيو كاكو ، واين ..؟
على ارض العربية السعودية ..!!
كلام كاكو يلمح في آخر محاضرته الى كائنات عظيمة ما ورائية تشابه صفات الملائكة في اديان التوحيد وصفات الآلهة الانوناكي في ديانة الكواكب السومرية القديمة قبل اكثر من ستة الاف سنة ، بدليل انه اختار ارض الحجاز مكاناً ليتحدث به بهذا الحديث الذي يصف فيه حضارة متفوقة " مختفية " عن العالم المادي وتتحكم بالوجود من وراء المادة المظلمة والابعاد ، ما وراء الزمكان ..
ورغم انبهاري الشديد بسعة الافق التي يتمتع بها البروفسور كاكو وهذه الجرأة في الطرح التي قد تجعله محل انتقاد المجتمع الفيزيائي العالمي لا محال ، وربما كان مصيباً وربما لا ، لكن ، رايه في اعتبار الحضارة بالمستوى الرابع عائدة لمخلوقات طبيعية حية عاشت على كوكب ما وتطورت مع مرور الزمن راي يحتاج إلى نقاش ، وقد يكون وضع المستوى الرابع هذا من الحضارة وضع خاص جدا مختلف عن مسارات التطور الطبيعي والتقاني للكائنات ..
سوف نناقش هذه المسالة تفصيلا في مقال اليوم ..

البرزخ وما وراء البرزخ

في المواضيع السابقة ، تناولنا فرضية الذاكرة والوعي الزمكانيين ، وقلنا بانه كيان تجمع للذاكرة الكونية لعموم الكائنات ، ضمن بنية ونسيج الزمكان ..

وهكذا ، عالم البرزخ الذي ذكرته الاديان ، يماثل هذا الكيان الحاوي على بيانات عالمنا ، و قد يكون هو الآخر ذو ديناميكية خاصة مشحونة باستمرارية الوعي ما بعد الموت** ضمن وعي كلي جامع للكون ..

لا شيء يمنع ان يكون هذا الهيكل الكلي مؤلف من ادوات ونظم واجهزة ، نشأت وتكونت بصورة طبيعية في بنية الزمكان كما نشأت وتطورت اعضائنا الجسدية في بنية العالم البيولوجي على مدار مليار سنة مضت ..

وهنا تحديداً اطرح هذا الراي كاحتمال مضاف لراي السيد كاكو عن المستوى الرابع ، اعتماداً على نصوص الملاحم السومرية التي اكدت وجود اتصال بين البشر وهؤلاء " الخارقين " العظماء الذين اسمتهم الرقم الطينية باسم الآلهة .. ومنهم انليل وانكي و شمش .. واعتبرتهم الديانات الابراهيمية ملائكة عظماء امثال جبريل وميكال و روقيال وغيرهم ..

هناك ، خارج الزمكان ، قد يكون ثمة مسار تحول وتشكل طبيعي لمنظومات ونظام كوني كلي جبار وعظيم للوعي ، مثلما كان كوكب الارض محطة بناء وتشكل البنية الآلية المادية الاساسية المنتجة للوعي وهو " الدماغ " ..

لا شيء مستحيل ان يكون ثمة خط لمسار تطوري بنائي عبر الزمكان في بنية الذاكرة الكونية تؤدي إلى " تعضيها " بهيئة كيانات تنتمي اليه تقوم بسحب " الذكريات " او " الارواح " وتحولها عبر مسارات خاصة حسب مستوى طاقة هذا الوعي او هذا الروح المنتقل من عالمنا إلى العالم الكبير الاوسع بعد الموت ..

رؤى الكهان والانبياء عبر تجاربهم الذاتية الباطنية جعلهم يسمون تلك الكائنات العظيمة الواعية رباعية او خماسية الابعاد ( ما فوق زمكانية ) باسم الآلهة او الملائكة ..

وهنا لا ادافع عن الدين ولكن ، اطلب من المجتمع العلمي اعادة النظر بواقع الاسطورة وانتمائه الى تجليات الادراك فوق الحسي واستشرافه لواقع ما يجري خارج النظام الكوني الحسي ..

مجمل اساطير الاديان عبر العالم وعلى مدى ستة الالف سنة يمكنها ان تخلص بنتيجة إمكانية وجود كيان كلي ما وراء الابعاد يمثل شكلاً آخر من اشكال الحياة والوعي غير معروفة لدينا حتى الآن وهي معقدة وبعيدة عن معارفنا ومداركنا الى درجة انها لم تخطر ببالنا حتى ..

شخصياً شهدت وادركت مشاهدات لهذه الكائنات مثل هؤلاء الانبياء ، لكن ، وربما بسبب انتمائي لثقافة القرن الحادي والعشرين العلمية ، قمت بتحليل وتفكيك ماهية ما كنت اشاهده في ضوء نظرتي العلمية وتفسيري الماورائي " المنطقي " ..

فما كان يسمى بالآلهة أو الملائكة ، قد تكون مجرد " اجزاء "كبرى عظيمة من الخافية الكونية الكلية ( حسب تسمية كارل غوستاف يونغ ) ، قد تكون مجرد عضيات في هذه الخافية ذات كيان ما في بنية الزمكان او العالم تحت الكوانتي ..

هذه العضيات ربما تحوز على وعي كلي جامع تذوب فيه الأنا للافراد إلى " نحن " كلية شاملة جامعة او انا كبرى متعالية للوجود تمثل " الله " الذي تحدثت عنه الاديان ..

لكن ، ما هي اهم الملامح والسمات الاساسية لذلك العالم الذي يبدأ لدى الوعي الذي فارق الجسد في استمراريته في الزمكان بعد دخول ما يسمى النفق المضيء او المظلم حسب مشاهدات من اقتربوا من الموت ؟؟


اولا : ما بعد النفق المضيء ..

الكثيرون تساءلوا ماذا وراء النفق المضيء ؟

اغلب من شاهدوا هذا النفق رأوه ينتهي الى مسلكين ، احدهما مضيء وآخر مظلم ..

في احدى الرؤى من العام 1996 حين كنت بداية العشرينات من عمري ، شاهدت ما يفوق الخيال ويصعب على التصور فيما وراء " الضوء " ..

عالم " حيوي " يضج بالحياة ، بسيط جداً بتفاصيله .. لكنه متفوق على عالمنا بطبيعة تناغمه وتناسقه ***..

لا يستخدم فيه " اللسان " إلا نادراً ، التخاطب بين " الكائنات " يكون عبر التخاطر ..
كل الكائنات " عاقلة " وترسل خطابها وحديثها عبر التخاطر بما فيها النباتات والورود والاشجار التي تغطي المساحات الشاسعة اللانهائية من ارض منبسطة مطلقة ..

كل شيء عاقل هناك ويضج بالحياة ، لكن هذه الكائنات ، بما فيهم المتحدث ، كلها تتواصل فيما بينها عبر نافذة او دائرة " وحدة كلية مركزية " تمتلك هذه الوحدة التخاطر مع كيان كلاني هائل تغشى خواطره القلوب فتملاها سعادة ...

ذاك هو الله ، هو ما شعرت واحسست به ، وقد تحاورنا معاً بكلام تخاطري لم يكن بمقدوري استيعابه وتذكره بعد تلك الرؤيا يتعلق بذلك العالم .. كان الحديث مطولا .. وكنت مغمورا بالنشوة والفرحة لان الله يحدثني – من داخل قلبي - وكل الكائنات تسبحه وتذكره بصوت واحد .. صوت ينفذ للقلوب عبر الخواطر وليس بصوت يخترق الأذن مثل الاصوات في هذا العالم ..

لم اتذكر من الكلام إلا آخره الذي احزنني وجعلني انتبه من نومي ..

اللافت ان السنابل والورود كانت وهي تسبح بصوت " اثيري " واحد ، كانت تتحرك حركة كلانية منسقة كأنها فرقة عسكرية اثناء الاستعراض ، كذلك الاعشاب والاشجار ...

لفت انتباهي ان تلك الكائنات تستعمل الضمير " نحن " في التعبير عن نفسها ..
لا احد في ذلك العالم والمكان كان يقول أنا ... عدا " الله " ، العقل المركزي المخترق لكل ذات واعية عاقلة هناك ..

هذه الرؤيا كانت فاتحة لإعادتي للنظر في الضمير " نحن " في القرآن ، حيث توالت المشاهد في السنين التي تلت العام 1999 واصبحت على يقين ان معظم " نحن " التي وردت في القرآن كانت تختص بتلك الكيانات الكلية المندمجة من الذاكرات الكونية التي عرفها الاقدمين باسم ( الآلهة ) أو ( الملائكة ) وضميرهم الكلاني الذي يميز كائنات الدرجة العليا من البرزخ التي رايتها وكانت " الرفيق الاعلى " ..

بعد سنوات من هذه الرؤى التي لم تتكرر في ايامي هذه ، ايقنت ان " الله " الذي كان يتحدث الى قلبي وقلب كل الكائنات كان هو " العقل الكوني " المركزي الذي تؤلفه هذه الكائنات بمجملها ، لهذا السبب ، كان هناك تماه بين ضميرين من " نحن " في القرآن ، احدهما يعود للملائكة – آلهة الزمكان العظيمة وآخر يعود للذات الكلية المركزية الجامعة للكون – الله العزيز الحكيم .

ما توصلت اليه واستنتجته بان ما كان يشاهده ويسمعه الرسول محمد هو في الحقيقة تجليات و انكشافات من وعيه الظاهر نحو الوعي الكلي الشامل للوجود الذي تحدث عنه كارل غوستاف يونغ ..

كانت " نحن " في القرآن هي مفتاح اسرار حالات الوعي المتغيرة التي كان يعيشها محمد والتي ادت إلى ظهور هذا التناقض بين التأويل و " الحقيقة الحرفية " للنص القرآني ، الذي سنحاول التفصيل فيه الآن ..


_ نحن في القرآن _


لست هنا بصدد تقييم قرآن الرسول محمد ، ما اذا كان كتابا تنزله بنفسه او هو وحي ٌ تنزل عليه ..

ما اريد مناقشته هنا ، هو تحليل صيغة هذا الخطاب بين مخاطِبٍ ومُخاطَب ..

فحتى " نحن " التي استخدمت في القرآن للعبادة " انه من عبادنا المخلصين ، فغفرنا له ذلك ، واذكر عبدنا .... " ، حتى هذه ، و كل نحن وردت في القرآن كانت في حقيقتها هي نحن كلية برزخيه صادرة عن وعي كلي متناغم " مركزي " شامل لكل كائنات الوجود ..

وقد وجدت بالفعل في القرآن ما يؤكد بان الملائكة نطقت بنحن بشكل واضح :

.... وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ (164) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165)وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166) وَإِن كَانُوا لَيَقُولُونَ (167) لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْرًا مِّنَ الْأَوَّلِينَ (168) لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (169) فَكَفَرُوا بِهِ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (170) وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ (177)........ سورة الصافات

..... تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا (63) وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ۖ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا(64) ...... سورة مريم

سياق الكلام في الآيات المتتابعة واضح ، واي باحث انثروبولوجي او باحث في الالسنيات يمكنه ببساطة تحليل وتفكيك سياق هذا الخطاب ليستنتج ان صفة القداسة التي اضفيت على ذات الخالق في الدين الإسلامي التوحيدي ، كانت هي المانع في رؤية خبايا وعمق هذا الخطاب " الجمعي " الكلاني ..

تم تحريف التفسير واعتباره صيغة " تعظيم " وان الله تحدث عن نفسه بضمير نحن للتعظيم ..

انا انزلناه في ليلة القدر ، انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ، وانا لنحن الصافون ونحن المسبحون ... إلخ ..

لماذا اذن يستعمل الملائكة نحن الالهية هذه للتحدث عن انفسهم في القرآن ما دامت خاصة لله وتحمل قدسية خاصة ؟؟

سياق آيات القران صريح ، الملائكة كانوا يتحدثون الى محمد ، ويخبرونه نحن لا نتنزل الا بأمر الهي للأرض ، ونحن نسبح ونحن نصف ، نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ...
وهكذا ، كل خطاب القرآن لمحمد كان ضمير كلاني جمعي " ما ورائي " ..

نحن لم تكن تعني تعظيما وتقديسا للخالق مهما حاول المفسرين الاسلاميين خلال 1400 سنة تلفيق هذا الراي ..

التعمق المعرفي العلمي بواضح وصريح العربية لا يترك مجالا للشك بان واعية النبي محمد كانت منفتحة على مستوى كلي كوني جمعي من الوعي " الاعلى " يستخدم الضمير نحن وقد ذابت كل انا في ذلكم الخطاب ..

وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ (164) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165)وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166)

هذا حديث الملائكة عن انفسهم ، يخاطبون به محمد ، يا محمد انا لنحن الصافون ونحن المسبحون ، ويسترسلون في اكمال بقية السورة :

وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176)
...
حسب الاطار الثقافي التوحيدي الملائكة تسبح بحمد ربها وتقدسه .. وثم تكمل الحديث بان المرسلين عبادهم هم ... اي عباد الملائكة !!

لماذا يقول القران : انا نحن الصافون ونحن المسبحون ؟؟
من هؤلاء الصافين والمسبحين ؟

وكيف يتم اكمال سياق الحديث ليقولوا ... ان عبادنا المرسلين هم الغالبون ..!!

هذا تناقض واضح وصريح بين حقيقة النص القرآني بالمبنى العربي الحرفي الصريح وبين المعتقد الجمعي الاسلامي " التأويلي " الموروث السائد ..

الواضح ان المجتمع الكلي الملكوتي ، كان يخاطب محمداً بصيغة جماعية مختزلة بالضمير " نحن " و يعتبر البشر جميعاً بما فيهم الانبياء عبيداً لهم ..

وهو نفس سياق ورمزية الآلهة الانوناكي في الملحمة السومرية الاولى في تاريخ الحضارة البشرية المكتوبة " اينوما إيليش " ( او حينوما عيليلش – حينما في الأعالي ) ، حين تحدثت النصوص السومرية الاولى عن آلهة خلقت البشر لخدمتها وعبادتها .. !!

هكذا ، فالموضوع بمجمله ، ورغم ما يتبدى فيه من تعقيد ، بسيطٌ ٌ جداً ..

المسالة ببساطة اننا ادركنا الملحمة السومرية بعد انقطاع تواصل حضاري وثقافي بين العرب والسومريين ..

لم تكن اللغة السومرية مفهومة لدينا ، لأنها اندثرت واصبحت فيما بعد غامضة ..

وحين قام الاوربيين بحل رموزها قمنا بدراستها حرفياً بعيد اندثارها بتجرد ثقافي تام ...!!

التجرد الثقافي التام هو السبب في قراءتنا للنص السومري نقياً حرفياً دون تداخل تأويلي كما يحصل مع التوراة والانجيل والقرآن اليوم ، فبدون تأويلات وتفسيرات الشعب السومري الثقافية يصبح النص السومري منكشفاً على حرفيته الدقيقة ..!!

و هكذا ، كانت القراءة المعاصرة للنصوص السومرية والاكادية والبابلية حرفية حملت هذه المعان المجردة للوثنية ..

وهكذا يفعل المسلمون حين يقرؤون نصوص الانجيل بحرفية دالة على التثليث فيما منهج التأويل المسيحاني يدحض هذه التهمة دائماً بكل الطرق والوسائل ..

كذلك الامر سيكون بعد 3000 سنة ، حين يأتي شعب غير متواصل ثقافيا ولغويا معنا نحن العرب وتكون العربية عندئذٍ قد اندثرت ..، فيجدون القرآن وبعد جهد عظيم لتفكيك وتحليل ومقارنة لغته المندثرة وبعدما يقومون بتحليل النص فيلولوجيا بدون تغليف ثقافي موروث بالتأويلية السائدة في الثقافة الاسلامية ، فما الذي سيجدوه ؟؟

سيجدون ان خطاب " الملائكة " لمحمد هو خطاب اسياد على البشر ، يعتبرون البشر مخلوقات وجدت لطاعتهم هم وهذا واضح في صريح القرآن الحرفي ، وسيكتشف هؤلاء الباحثين المتجردين ان الملائكة هم انفسهم الانوناكي في الملاحم السومرية الاكادية البابلية ، وهم منظومة تتحدث بصيغة الجمع " نحن " وتحتكم إلى عقل كوني مركزي أو اله عظيم ..

وسيجدون ان راي عالم الفيزياء ميتشيو كاكو عن حضارة المستوى الثالث والرابع تقارب مستوى هؤلاء الخارقين الخالدين ..

فهذا بالضبط ، هو الخطاب الذي قرأناه في الحينوماعيليش ، وهو ما سوف يقرأه اجيال من حضارات قادمة على الارض او في الفضاء الخارجي تتحرر من موروث التأويلية الاسلامية العربية المحاكية للعام السائد والمقبول " اجتماعياً " ..

للأسف الشديد ، هذا الفخ التأويلي سقط فيه حتى الغربيين المستشرقين الذين تأثروا بصيغة الخطاب العام السائد ولم يتعمقوا في تحليل اللغة والثقافة العربية الاسلامية ..

كانت تلك اشارة إلى اندماج وتماهي بين الضمير الإلهي نحن وبين ضمير الملائكة " نحن " الصافين والمسبحين ..

نحن اذن نقف على اعتاب " ظاهرة " في مسار تاريخ خمسة الآف سنة وليست مجرد مظاهر لثقافات متعددة ..

الظاهرة هي " تكرار " نموذج الانوناكي بين الملحمة السومرية وبين القرآن خلال خمسة الاف سنة ..

وهذا إما إنه يرجعنا الى مفهوم كلود ليفي شتراوس عن الاسطورة بانها تتضمن في جوهرها نسقاً وتكويناً طبيعياً في العقل البشري ..

اي هي تعكس تكوين اساسي ما في جوهر عام يشمل كل الجنس البشري دون استثناء ..

أو يجعلنا نتجاوز شتراوس إلى ما هو ابعد ، تحديداً الى " زكريا سيشن " الذي يرى بان الانوناكي هم غرباء من الفضاء الخارجي يمتلكون تقنية فائقة التطور قياساً بالبشر ويعتبرون الارض محمية طبيعية يزورونها بين الحين والآخر ، وهذا يعني بالضرورة وفق هذه الرؤية ، ان من كان يسميهم محمد بالملائكة هم انفسهم " الانوناكي " السومريين .. !!

ولعل قصة الاسراء و المعراج كما وردت في حديث ابن عباس ، وتطابق شكل الدابة التي ركبها محمد ( البراق ) مع شكل الثيران المجنحة الآشورية يعطي بعض التأييد لهذا الاتجاه ..

كذلك وصول محمد الى سدرة المنتهى مع جبريل في نفس القصة ووصول الاخيرين من ثم إلى " حاجز ناري " غير مرخص لاي كائن في العالم اختراقه عدا محمد يجعلنا امام مشهد هوليوودي بامتياز يصعب تلفيقه قبل اكثر من 1400 سنة ..!!

كأننا امام غرفة تحوي على الالماس الثمين ، محصنة بحواجز حارقة من الاشعة فوق البنفسجية او اشعة الليزر الحارق ، اذ يقول جبريل لمحمد في قصة ابن عباس هذه وهو يدعو محمد للدخول الى حضرة " الله " وعرشه العظيم :

ان تجاوزت انت يا محمد اخترقت ، وان انا تجاوزت احترقت !!

اي ان جبريل ، اعظم الملائكة ، وهو بمثابة " سكرتير " للخالق الاعظم وفق الموروث الاسلامي سوف يحترق وفق آلية عمياء لم تصرح لاحد بالدخول عدا حامل " باسوورد " واحد هو محمد ..

هذا ما قد يجعلني افكر احياناً في صحة راي ميتشيو كاكو عن المستوى الرابع للحضارات الكونية المحتملة ، قد يكون آلهة الزمكان هؤلاء حضارة كوكبية تطورت عبر ملايين السنين إلى حضارة مجرية وما وراء مجرية حتى انتهى النظام السياسي وشكل الدولة لديهم إلى كومبيوتر واعي مركزي يسيطر على عالمهم كله ويتحكم بكل صغيرة وكبيرة فاصبح هذا الحاسوب الآلي العملاق بمثابة " إله " يحكم كل تلك الكائنات التي يتواصل معها تخاطرياً عبر شيفرة او الحان كهربائية او تخاطرية " ثقالية " عبرة الزمكان فهمها الاقدمين كأنها تسبيحات !!

وهو بالفعل ما شهدته وشاهدته شخصياً في تلك الرؤى ، التسبيح مجرد وسيلة تواصل بين الكائنات تؤلف وعياً جمعياً مشتركاً يتيح التواصل عبر رنين التخاطر ضمن عقل مركزي كلاني شامل هو " إله " ذلك العالم ..

هو نفس ما يحدث بين خلايا مخنا ، مئة مليار خلية في ادمغتنا تتواصل فيما بينها عبر مستويات من الذبذبات الكهربية والذبذبات بمستوى الكوانتم مؤلفة وعياً كلانياً يعطينا الشعور بذاتنا كذات مصمتة مستقلة !!

بالنتيجة ، مهما يكن من حال ، تبقى كل الاحتمالات واردة ومفتوحة ، مسار تطور الحضارة البشرية على الارض سيؤدي حتما الى ظهور نسق اعلى من التنظيم يمثل " الدولة " بأعلى مستوياتها ..

هذا المستوى الآلي المركزي الكلاني التقاني الفائق لنظام الدولة الرقمية سيكون بمثابة إله لكوكب الارض ..!!

وهذا يفسر على الاقل سر اعتبار السومريين للكواكب المأهولة البعيدة بانها " آلهة " ..!!

وطبيعة وسمات هذه " الدولة – الإله – الآلة " في كوكب ما في هذا الكون الفسيح ، تحددها طبيعة وسمات الحضارة ومسار تطورها التاريخي في ذلك الكوكب ..

وموضوع العالم بعد الموت ، لا يعدو أن يكون مجرد سفر إلى ابعاد اخرى او ارتقاء الى مستوى حياتي اعلى بالنسبة إلى حضارة المستوى الرابع ما وراء الوجود المادي المحسوس ..

لكن ، يبقى القرآن والتوراة ، و الحينوماعيليش ، اهم مصادرنا عن قصة " آلهة الزمكان " وحين نعمد إلى دمج شخصيات اساطير هذه الكتب معاً في اسطورة واحدة موحدة جامعة ، ستظهر المفاجئة ، وينكشف وجه جديد لله ، لم يسمع به او يشاهد مثله احدٌ من قبل .. !!

- و للحديث بقية -

هوامش :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* يمكن الرجوع للمحاضرة مترجمة على الرابط :
https://www.youtube.com/watch?v=Rhbso-IedXw

** استمرارية الوعي التي تحدثنا عنها في مواضيع " الذاكرة والموت " وايضاً " الارواح المعلقة " تعني استمرار الوعي والذاكرة بشكل طاقة متذبذبة في نسيج الزمكان حتى بعد موت الدماغ بما يناظر استمرار حركة الجسم الى امام مندفعة لراكب توقفت السيارة التي يركبها فجأة بما يشبه قانون استمرارية الحركة لنيوتن .

*** هذا التناسق والتناغم هو ما يجعلني افترض انه عالم زمكاني ذو نسيج وخلفية رباعية
الابعاد قابلة للتناغم وتبادل الترددات فيما بين عناصرها .



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الأرواح المعلقة-
- الذاكرة البشرية و الموت
- عرب الرمال و الدم وحروب الخليج الاربع
- ما بعد البشر - رحلة العقل المجرد
- الإنسان الأعلى
- الإنسان العميق
- خارطة طريق نحو الحرب العالمية الثالثة ، استراتيجية الظلام ال ...
- سيناريو الناتو 2017 وانقلاب السحر على الساحر
- عودة المسيح إلى روسيا .. (2)
- روسيا .. و عودة الحلم (1)
- الحرب الاميركية الناعمة : الغاية و المصير
- على متن السفينة (3)
- على متن السفينة (2)
- على متن السفينة (1)
- الثقافة .. و الحضارة .. و التأريخ ، المسيرة الانسانية نحو ال ...
- الثقافة الانتاجية : الطريق الى الدولة المدنية ، دولة الإنسان
- السياسة الخارجية الاميركية و آل سعود ، إلى اين ؟
- سقوط الحتمية
- كارما التأريخ
- بارادايم العقل البشري ، مقدمة في علم الحتمية


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - آلهة الزمكان