أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نادية خلوف - - إنّ في قتلي حياتي-














المزيد.....

- إنّ في قتلي حياتي-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5677 - 2017 / 10 / 23 - 11:27
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    



هذا ما قاله الحلاّج، وكأنّ المسيح قصّةٌ متكرّرةٌ في الحبّ والفداء .
وعيّ العقلِ بالهدف من الحياة ،اتحّادُ النور معَ الذات
يوجد أكثرُ من مسيح يصلبُ على الأخشابِ، على الأشجار ،أو أمام بابِ الدار .
آلامنا مصلوبةٌ، نساؤنا مرجومة، أطفالنا تقطّعُ أوصالهم بحجّةِ التأديبِ .
مصلوبةٌ مثلك إلى جذع تلك الشجرة التي أنهت حياتك . يطلبون مني الاعتذار .يقولون لي كما قالوا لك : قولي : "لا إله إلاّ الله."
قلتُ لهم كما قلتَ أنت:
" إنّ بيتًا أنتَ ساكنه غيرُ محتاجٍ إلى السرج"

قلتَ يوم أرادوا قتلك "إنهم ينكرون عليَّ، ويشهدون بكفري، وسيسعون إلى قتلي، وهم في ذلك معذورون، وبكلِّ ما يفعلون مأجورون."
يعيدون الكرة معي، يصلبونني ، يريدون قتلي ، يقولون أنّني مثلك زنديقةٌ.
تخليتُ عن ذاتي ، ليحلّ فيها الحقّ .
عندما تخليتَ عن ذاتك لحلول ذاتِ الإله فيها ، وقلتَ لهم: أنا الحقّ . لم يفهموا ذلك ، وقد عذرتهم لأنّهم لا يفقهون .ومثلكَ أنا أيضاً أعتبرهم لا يفقهون .
كنتَ كبيراً بحبّك لله . فهمتَ ما يريدُ من البشر ، وعرفتَ أن الفروض والعبادات تؤخذُ في مضمونها ، ففسّرت لهم سرّها والطريق الأفضل لتأديتها . كنتَ صوفياً رغبَ في إصلاح النفس والضرائب أيضاً ، وفي توجيهِ الفروض والعبادات التي في الحقيقة هي أمور شكلية .
كنتَ ثائراً في وجه ضيق الأفقِ الفكري لدى المتحجّرين من رجال الدين، لديك خبرة في الاتصال بالله، تلك التجربة الروحية الحيّة . التي جعلتك تشعر باتحاده مع ذاتك وانتهاء تلك الذات ،هل يوجدُ ثائرٌ في العالم لا يفهم ما تقوله في هذه الكلمات :

"اُقْتُلُوني يا ثقاتـــي إنّ في قتـْلي حياتــــي
و مماتـي في حياتـي و حياتي في مماتـي
أنّ عنـدي محْو ذاتـي هو من أجّل المكرمـات
و بقائـي في صفاتـي من قبيح السّيّئــات
سَئِمَتْ نفسـي حياتـي في الرسوم الباليـات
فاقتلونـي واحرقونـي بعظامـي الفانيــات"

.
لو لم يقتلوك لكانت رسالتك في حريّة الفكرِ قد بلغتْ أوجها، لكنّهم سارعوا بقتلك كي نبقى كما نحنُ ، ويكون الضمير مسألة شكل وليس كما تطلبه ، والعبادةٌ لها قوانين صارمةً قد تؤدي بكَ لو أردت التغيير إلى التكفير ومن ثمّ القتل:
"ويحلُّ الضَّمــيرُ جـَـوْفَ فؤادي..... كحُلُــولِ الأرواحِ في الأبدانِ"
أنّ حياة الحلاّج وأقواله قريبة من المفهوم المسيحي للألم والفداء والحياة والحبّ الإلهي، لذلك قيل عنه "مسيحيّ بالشوق". باعتقاده أن من يحبّ الآخر عليه يضحي من أجله. وكان قد "تنبأ" بموته صلبًا لَمّا قال:
"وإن قُتلتُ أو صُلبتُ أو قُطّعت يداي ورجلاي ما رجعتُ عن دعواي".

هكذا أحبّ الحلاّج ربّه حبًّا صرفًا منزهًا عن أيّة غاية، لا طمعًا في الجنّة ولا خوفًا من الجحيم،
قال عنه المثنوي مولانا جلال الدين الرومي:
"لقد بلغ الحلاّج قمّة الكمال والبطولة كالنسر في طرفة عين".
وفي قصيدته التي قالها فيه :
"سألَ محبٌّ حبيبه ذاتَ يوم: قلْ لي ا أيّها المحبُّ..
هل تحبُّني أكثرَ، أم تحبُّ نفسك؟
أجاب: صرتُ فانيا فيكَ, أصبحتُ ممتلئا بحبّك من رأسي حتى أخمص قدميّ
لم يعد لي من وجودي إلا الاٍسم ، وليس في وجودي إلا أنت يا حسنَ الصفاتِ.
صرتُ فانيا فيك بحيث أصبحتُ كقطرة من خلّ ذابتْ فيكَ أنتَ يا بحراً من العسل
مثلي..كمثل حجرٍ يصيرُ بأكمله ياقوتا خالصا.. إذ يمتلئ بصفات الشمس
لا يبقى فيه من صفات الحجر شيئا..يمتلئ بصفاتها حتى أعماقه
بعد ذلك. إن أحبَّ نفسه . يكون حبّه كله للشمس..
واٍن أحبّ الشمسَ بكلّ كيانه ووجدانه,, يكون حبّه لنفسه..دون أدنى شك
حبُّ ذلك الياقوتُ الخالص لنفسه وحبّه للشمس شيئان هما في الأصل شيء واحد

وبين هذين الحبين لا فرقَ يذكر, فلا يوجدُ في كلا الجانبين إلا الضياء النابع من المشرقِ البهيّ
اٍنّ ذلك الحجر لو أحبّ نفسه يكون جاحدا ..للشمس الكبرى..بل ويصير كافرا
ومن ثمّ لا يجوزُ لذلك الحجر..
أن يقول :أنا ، لأنّه في ذاته وأصله مظلمٌ معتم ، وفي معرض الفناء
اٍسمع أيها الكَيس:
قال فرعون: أنا ربّكم الأعلى، فصار ذليلاً، و قال أبو منصور" الحلاّج " :" أنا الحق". فنجا
اٍنّ تلك ال "أنا "من فرعون , قد جلبت له لعنة الله..أمّا هذه الأنا من الحلاج..فلها رحمة الله أيها المحبّ
ذلك أنّ فرعون كان حجرا مظلما..والحلاج كان عقيقا خالصاً .
كان ذلكَ عدواً للنور..وكان هذا..محباً خالصاً
أنا الحلاج أيّها الفضولي..هي في باطِنها وحقيقتها , نابعةٌ من " اٍتحاد النور " لا من الاٍعتقادِ في الحلول . "
الحلاّج تلك الشخصية الإسلامية الذي اتّهمه القائمون على الحكم بالزندقة والكفر، وصلبوه إلى شجرة . قطعوا يديه ورجليه ، تركوه حيّاً كي يتوبَ أمامهم . لكنّه لم يفعل ،وماتَ مصلوباً . في كلّ مرةٍ يقطعون جزءاً من جسده . كان يضحكُ عندما قطعوا أصابع يديه . قائلاً لهم : أنّكم تقرّبونني من الله .
كان له رأي في الحج والصلاة والصيام، وكما نعرفُ فإنّ المختلف في الشرق دائماً يقتل ، وفي أقلّ الأحوال ينبذُ ،لكنّ الصوفيين مثل الحلاّج وجلال الدين الرومي الذين يحتفي الغرب المتمدّن بهم ، ويخلّد أعمالهم كمبدعين لهم تأثير في الحركات التحرّرية العالمية، بينما يعتبرهم المسلمون المتشددون كفّاراً يستحقون ما يجري لهم . ولا يشفعُ لهم قضاءُ حياتهم في التصوّف ومحبّة الله ، ودخوله إلى قلوبهم ليتّحد بها .
مازلنا نؤمن بقتلِ خصومنا وصلبهم . لم تتغيّرْ ثقافتنا ، وإذا كان الحلّاج أو الرومي يعتبران اليوم من بلاد فارس ن فقد كانا من صُلبِ الدولة الإسلامية يتجوّلون بين مكة والعراق وتركيا . هي ثقافة عربية بامتياز .

النصوص عن الحلاّج مأخوذة من : ديوان الحلاّج
كتاب الطواسين



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الحبّ، والغريزة
- نبحث عن دكتاتور جديد
- الحكمة في بلاد الرافدين
- عن الذّكريات
- عن الطّفولة
- عن الجمال
- انتهت أبشع حركة انتخابية في أوروبا
- القوّة- س-
- ماذا يحدث في كاتلونيا الآن؟
- الهروب إلى جزيرة القرود
- التشدّد القومي هو السّبب الأوّل للحروب
- شارع الحريّة-ابراهيم يوسف-
- الغزو المسلّح، والتّعفيش
- المغناطيس-في السجن-3- الجزء الأخير
- المغناطيس-في السّجن-2-
- المغناطيس-في السّجن-1-
- حول جائزة نوبل للأدب-فنّان اللغة مع نمطه الخاص-
- المغناطيس -في المزرعة -3
- قد تكون العزلة الاجتماعية خياراً
- البيئة التي نعيش فيها تدفعنا لليأس


المزيد.....




- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...
- إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق ...
- مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو ...
- وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
- شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
- فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نادية خلوف - - إنّ في قتلي حياتي-