|
الخصومة المنعدمة والخصومة الناقصة في قانون المرافعات المدنية ((تعليق على قرار محكمة التمييز الاتحادية))
سالم روضان الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 5675 - 2017 / 10 / 21 - 13:41
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
الخصومة المنعدمة والخصومة الناقصة في قانون المرافعات المدنية
((تعليق على قرار محكمة التمييز الاتحادية))
أصدرت الهيأة الاستئنافية منقول في محكمة التمييز الاتحادية قرارها العدد 1093/الهيأة الاستئنافية منقول /2017 في 9/10/2017 الذي قضت فيه بنقض قرار محكمة الاستئناف وجاء في القرار مبدأين وعلى وفق الآتي
1. إن المدعى عليه إذا كان أصلاً لا تصح خصومته في الدعوى تطبق بحقه أحكام المادة (80) مرافعات وتقضي محكمة الموضوع برد الدعوى من جهة الخصومة لان الخصومة من النظام العام ولا يجوز للمحكمة أن تصحح الخصومة الخاطئة بإدخال من كان يصح اختصامه عند رفعها إنما يجوز لها ذلك في حالة الخصومة الناقصة إذ أجاز القانون إكمالها بإدخال من يصح اختصامه ابتداءً عند رفعها وبشرط أن يكون المدعى عليه خصماً حقيقياً في الدعوى فإذا لم يكن كذلك يتعين على المحكمة أن ترد الدعوى من جهة الخصومة
2. إن إدخال الشخص الثالث في الدعوى منضماً لأحد طرفيها على وفق الفقرة (1) من المادة 69 مرافعات مدنية يستوجب عند رد الدعوى عن الخصم الأصلي أن ترد أيضاً عن الشخص الثالث لأنه ادخل في الدعوى مستنداً عليه ويستمد منه مركزه القانوني.
التعليق
إن القرار التمييزي محل التعليق قد صحح بعض الاتجاهات القضائية التي كانت تسمح بإدخال شخص ثالث إلى جانب المدعى عليه على الرغم من إن المدعى عليه لا تصح خصومته وكان لمحكمة التمييز الاتحادية قرار يجيز تصحيح الخصومة وعلى وفق ما جاء في قراراها العدد1249/الهيأة الاستئنافية عقار/2011 في 5/5/2011 حيث جاء فيه (لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه غير صحيح ومخالف للقانون وذلك ان المدعى عليه مدير عام التسجيل العقاري/ إضافة لوظيفته لا يتمتع بالشخصية المعنوية التي تؤهله حق التقاضي مما كان يتعين على المحكمة سؤال المستأنفين/ المميز عليهم عما إذا كانوا يطلبون إدخال وزير العدل إضافة لوظيفته شخصا ثالثا في الدعوى الى جانبه إكمالاً للخصومة من عدمه فأن طلبوا ذلك فيكلفون بدفع الرسم عن إدخاله وتبليغه بالحضور وفقا للأصول وان أبوا فيجب رد الدعوى من جهة الخصومة ونظراً لعدم مراعاة المحكمة لذلك مما اخل بصحة حكمها المميز لذا قرر نقض ) كذلك في قضاء الاحوال الشخصية حيث نرى بعض القرارات القضائية تسمح بإدخال ولي أمر القاصر إلى جانبه إذا أقيمت أصلاً على القاصر وحده بوصفه مدعى عليه او حتى اذا كان مدعي وكان لنا رأي في هذا الصدد نشرته في عدة مناسبات وللوقوف على ما جاء في القرار التمييزي محل التعليق لابد من الوقوف على مفهوم الخصومة ثم نعرج على الخصومة المنعدمة والخصومة الناقصة وعلى وفق الآتي:
1. الخصومة
إن قانون المرافعات المدنية اشترط في المدعى عليه ان يكون خصما وعلى وفق ما جاء في المادة (4) مرافعات التي جاء فيها الآتي (يشترط أن يكون المدعى عليه خصما يترتب على أقراره حكم بتقدير صدور إقرار منه وان يكون محكوما أو ملزما بشيء على تقدير ثبوت الدعوى، ومع ذلك تصبح خصومة الولي والوصي والقيم بالنسبة لمال القاصر والمحجوز والغائب وخصومة المتولى بالنسبة لمال الوقف . وخصومة من اعتبره القانون خصما حتى في الأحوال التي لا ينفذ فيها إقراره) والمادة أعلاه لم تعرف الخصومة تعريفاً واضحا ًإلا إنها اشترطت بعض الصفات التي يجب توفرها في المدعى عليه حتى يصح أن يكون خصماً وعلى وفق الآتي:
أ. يترتب على أقراره حكم بتقدير صدور إقرار منه : ويقصد بذلك إن المدعى إن اقر بالحق الذي يطالب به المدعي فان إقراره يرتب اثر لمصلحة المدعي وهذا لا يمكن تصوره إذا لم يكن المدعى عليه طرف في العلاقة القائمة بينه وبين المدعي لان الغير أو الأجنبي عن هذه العلاقة يقر بما لا يملك وبالنتيجة لا يترتب على إقراره شيء ووجود والعدم سواء لذلك لا تصح مخاصمته[1]
ب. يكون محكوما أو ملزماً بشيء على تقدير ثبوت الدعوى لان المدعى عليه وهذا الشرط كما أشار إليه شراح قانون المرافعات بان هذا الشرط هو المصلحة الواجب توفرها للمدعي من المدعى عليه[2]
لذلك اذا تخلف هذان الشرطان فان المدعى عليه يصبح وجوده في الدعوى غير منتج وتكون الدعوى واجبة الرد وهذا ما دفع المشرع الى اعتبارها من النظام العام على وفق ما جاء في الفقرة (1) من المادة (80) مرافعات التي جاء فيها الآتي (إذا كانت الخصومة غير متوجهة تحكم المحكمة ولو من تلقاء نفسها برد الدعوى دون الدخول في أساسها) وفقه المرافعات اعتبر الخصومة من ثنايا المصلحة وحشرها معها فاوجب ان تكون المصلحة شخصية ومباشرة أي ان يكون طرفي الدعوى سواء المدعي والمدعى عليه ان تكون لهم صفة في الدعوى لان الدعوى يجب ان تقام من ذي صفة على ذي صفة واعتبرت الخصومة من شروط الدعوى وأركانها فلا تقوم الدعوى بغير ركن الخصومة لذلك اوجب القانون على المحكمة ان تبحث فيها من تلقاء نفسها واقرنها بالنظام العام وتعليل ذلك بان البدء في المرافعة بين اثنين ليس بينهما منازعة هو اشتغال بما لا فائدة منه[3]
2. الخصومة المنعدمة والخصومة الناقصة
ويقصد بالخصومة المنعدمة ان المدعى عليه لا تصح مخاصمته أصلاً لأنه لم يكن طرفاً حقيقياً في النزاع مثل دعوى التمليك التي تقام على غير المالك للعقار وهذا لا يحقق المصلحة من إقامة الدعوى على المدعى عليه لان الحكم عليه لا يرتب أثراً تجاه الحق المطالب به والذي هو محل النزاع ، أما الخصومة الناقصة فإنها تتمثل بان يكون طرف المدعى عليه هم عدة أشخاص وليس شخص واحد ويكون بينهم التزام مشترك أو يكونوا أطراف في موضوع واحد غير قابل للتجزئة مثل الشركاء في دعوى إزالة الشيوع وقانون المرافعات أشار الى ذلك في الفقرة (1) من المادة (69) مرافعات التي جاء فيها الآتي (لكل ذي مصلحة ان يطلب دخوله في الدعوى شخصا ثالثا منضما لاحد طرفيها، او طالبا الحكم لنفسه فيها، اذا كانت له علاقة بالدعوى او تربطه بأحد الخصوم رابطة تضامن او التزام لا يقبل التجزئة او كان يضار بالحكم فيها) وفي هذا النص تم توسيع الخصومة من ناحية أطرافها متجاوزة الحدود التي رسمتها عريضة الدعوى لان الدعوى ستؤثر حتما على الأشخاص الخارجين عن الدعوى وغير ممثلين فيها وان النزاع محل نظر الدعوى غير قابل للتجزئة ويكون أما بطلب احد الأشخاص في الانضمام إلى احد أطراف الدعوى ويكون دخوله انضمامي وهذا الشخص لا يطالب بحق له وإنما يطالب بالحكم لأحد أطراف الدعوى ولابد من ان يتوفر على الشروط التي أشارت إليها الفقرة (1) من المادة (69) مرافعات ومنها ان يكون على علاقة بالدعوى او له صلة او رابطة قانونية مع احد الخصوم مثل رابطة التضامن بين الدائنين او المدينين كذلك ان يكون الالتزام محل نظر الدعوى غير قابل للتجزئة، ولربما ذلك الشخص سوف يتضرر من الحكم الذي سيصدر في الدعوى ومن الملاحظ على ذلك النص ان الشخص الذي يتدخل في الدعوى لابد وان يكون على صلة قانونية مع احد الأطراف ولا يصح ان يكون منعزلا أو مستقلاً عنهما[4] كذلك ان دخوله هو لتعضيد طلب احد الخصوم بمعنى انه يطلب الحكم للشخص الذي طلب دخوله الى جانبه[5]
ومن خلال ما تم عرضه نجد إن الخصومة إذا لم تكن منعقدة أصلا للمدعى عليه ولم تتوفر شروطها فان الدعوى تكون واجبة الرد عنه ولا يمكن تصحيحها لاحقاً بعد إقامة الدعوى سواء بإدخال الشخص الثالث بناء على طلب احد الأطراف او بناءً على طلب الشخص الثالث لان وجود الشخص الثالث هو مكمل للخصم الأصلي وليس مستقلاً عنه ولا بد ان تكون له صلة مع أطراف الدعوى والشخص الثالث في كل الأحوال طلبه يكون لمصلحة الخصم وليس له شخصيا وإنما قد ينتفع تبعاً لصدور الحكم لصالح الطرف الذي دخل الى جانبه وما جاء في قرار الهيأة الاستئنافية في محكمة التمييز الاتحادية محل التعليق، أوضح لنا إن معيار قبول دخول الشخص الثالث لابد وان يكون من حيث العلاقة المشتركة بين حق الخصم والشخص الثالث وتبعية الأثر المتحقق من نتيجة الدعوى تجاه الشخص الثالث حيث يتوقف على الأثر المتحقق على الخصم ابتدأً ولابد من توجيه كل الاحترام الى محكمة التمييز الاتحادية وان قرارات محل احترام الجميع .
القاضي
سالم روضان الموسوي
الهوامش
[1] القاضي عبدالرحمن العلام ـ شرح قانون المرافعات المدنية ـ منشورات العاتك لصناعة الكتابـ الطبع الثانية عام 2009 ـ ج1ـ ص54
[2] القاضي عبدالرحمن العلام ـ مرجع سابق ـ ص78
[3] القاضي عبدالرحمن العلام ـ مرجع سابق ـ ج2 ـ ص 347
[4] القاضي عبدالرحمن العلام ـ مرجع سابق ـ ج2 ـ ص 247
[5] القاضي لفته هامل العجيلي ـ دراسات في قانون المرافعات المدنية ـ منشورات مكتبة السنهوري ـ طبعة بيروت عام 2017ـ ص247
#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المحكمة الاتحادية العليا والحراك الدستوري في العراق
-
رقابة مجلس النواب على الإدارة المحلية في ضوء قرار المحكمة ال
...
-
التنازع في الاختصاص يكون بين محكمتين في نظر دعوى وليس في الق
...
-
اثر أحكام القضاء الدستوري على السلطة التقديرية للمشرع في الع
...
-
عقوبة الزواج خارج المحكمة هل حققت أغراضها ؟ (رسالة إلى مجلس
...
-
هل يصح بذل الزوجة في الطلاق الخلعي (الاختياري) إذا كانت قاصر
...
-
ملاحظات على مشروع قانون تعديل مرسوم جواز تصفية الوقف الذري ر
...
-
الخلع طلاقٌ أم تفريق (تعليق على قرار تمييزي)
-
هل تسقط نفقة الزوجة عند طلبها التفريق أمام القضاء ؟
-
الأحكام التنظيمية لمجهول النسب في القانون العراقي
-
الخرق الدستوري في مشروع قانون هيئة الاشراف القضائي
-
الأمور المستعجلة في قضاء الأحوال الشخصية في ضوء القانون رقم
...
-
تواضع القاضي
-
الحكم القضائي بعضه قانون و كله لغةٌ وأدب
-
الادارة القضائية .... ادارة ميدانية
-
يجب ان يكون التخارج بين الورثة لمورث واحد
-
لايجوز لمحكمة الاحوال الشخصية اصدار حجة ضبط الوقف لان الضبط
...
-
السياسة القضائية في العراق
-
الدفع في الاختصاص المكاني (بين حكم القانون والتطبيق القضائي)
-
ماهية الدعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية (طلب تأييد الحضانة إ
...
المزيد.....
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|