طه رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 5674 - 2017 / 10 / 19 - 04:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اجتاحت بغداد في نهاية الخمسينيات، بعد نجاح ثورة 14 تموز، تظاهرات صاخبة تشيد باواصر الإخوة العربية الكردية، خاصة بعد عودة القائد الكردي ملا مصطفى البارزاني من منفاه.
كان الشعار الرئيس في تلك الأيام "الإخوة العربية الكردية صخرة تتحطم عليها مؤامرات الاستعمار!". على المستوى الاجتماعي كانت الدماء مختلطة والزيجات المختلفة بين الكورد والعرب كثيرة جدا اختلطت الأنساب التي وقفت حاجزا اجتماعيا ضد الأصوات التي تدعو للتفرقة. حينها انطلقت ابداعات الكتاب والشعراء والفنانين من العرب والكورد (عكس أيامنا هذه حيث تزعق بعض الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي بأصوات مسمومة حاقدة، ومن الطرفين، تذكرنا بشوفينية البعث المقبور!) تساهم بشكل فاعل لدفع الإخوة المشتركة في وطن واحد إلى مزيد من التقارب والتلاحم من أجل عراق آمن، متطور، ومتاخ!
كتب الشاعر الراحل زاهد محمد، في تلك الأيام، قصيدة "هربشي" التي تقول:
هربشي كرد وعرب رمز النضال
هاي خوّتنا ومعدنهه صلب
ما تهزهزها العواصف للأبد
ايد ايد وكلب مشدود لكلب
حلوه مرّة اثنينّا نعيش الحياة
كلوبنا تخفق سوا جنوب وشمال
هربجي كرد و عرب رمز النضال
وسرعان ما لحنها الفنان الراحل أحمد خليل لتتلاقفها الألسن من زاخو إلى البصرة.
في إحدى تلك التظاهرات (كان تنطلق وتجتمع في نفس الساحة التي تنطلق فيها التظاهرات اليوم وهي ساحة التحرير) اراد أحد المواطنين الاكراد، الذي أخذه الحماس، أن يهتف، فصعد على كتف صديقه العربي وردد، والجماهير المحتشدة من خلفه تردد:
كورد وعرب فد حزام
وخلال نشوة حماسه شعر ان محفظته قد سرقت من جيبه الخلفي، وفعلا تحسس جيبه ولم يجد محفظته التي كانت تطبق على كل ملكيته التي لا تتجاوز الدينار ونصف دينار!
انحنى لصديقه الذي يحمله على كتفه وأخبره بفقدان المحفظة، وهنا تحسس العربي جيبه ولم يجد المبلغ المتواضع في جيبه، فصرخ الكردي :
كورد وعرب فد جزدان (محفظة حفظ النقود)
ويبدو أن حظوظ ابناء واحفاد هذين الصديقين المتظاهرين لم تكن أفضل في هذه الايام فإن السرقة أصبحت منظمة وفي كل مفاصل الدولة، واحفاد ذلك السارق هم الذين استولوا على مقدرات الوطن والمواطن سواء في بغداد او أربيل او السليمانية او البصرة!
الشاعر الكردي عبدالله گوران يقول قبل نصف قرن:
" أخي العربي
يا ذا العينين السوداوين
مرا كان نصيبي
مرا كان نصيبك"
#طه_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟