رائد محمد نوري
الحوار المتمدن-العدد: 5673 - 2017 / 10 / 18 - 07:41
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الشّيوعيّ هو من يحلم بجنّةٍ تخلو من استغلال الإنسان للإنسان، ويسعى لتحقيق غايته هذه من خلال تغيير العالم مستنداً إلى منهجٍ جدليٍّ؛ وأخلاقٍ شيوعيّةٍ تنهاه عن اتّخاذ وسائل غير شريفةٍ؛ ولا نبيلةٍ مسوّغاً للوصول إلى غايته النّبيلة، والشّيوعيّ –أيضاً- هو من يخضع ممارسته الحالمة الثّائرة للنّقد الذّاتيّ الحرّ؛ والمراجعة الشّجاعة الصّريحة، فيعدّل ويصحّح المسار وفقاً لمتطلّبات الواقع الموضوعيّ*
يبدو أنّ في كردستان العراق عدّة أحزابٍ سياسيّةٍ تتبنّى الماركسيّة منهجاً لا أعرف منها غير (الحزب الشّيوعي العمّاليّ) و(الحزب الشّيوعيّ الكردستانيّ)، وهما حزبان تأسّسا في تسعينات القرن الماضي؛ إثر تبدّل الظّرف الموضوعيّ الدّوليّ والإقليميّ والعراقيّ.
في أزمة الاستفتاء المفتعلة من قبل مسعود البرزاني، لم نسمع لهذين الحزبين صوتاً مختلفاً عن أصوات الأحزاب القوميّة والقوى الشّوفينيّة في كردستان!
كلا الحزبين أيّد مقامرة الاستفتاء، ودعا أنصاره للمشاركة فيها والتّصويت بنعم، فهل كانت ممارستهما ومواقفهما هذه تنطلق من وجهة نظرٍ ماركسيّةٍ؟
تنتصر الماركسيّة لحقوق الشّعوب المظلومة المستعبدة ونضالها في سبيل الاستقلال من ظالميها ومستعبديها، وتعلي راية العلمانيّة في وجه الاستبداد الدّينيّ وخرافاته الكابحة تطوّر المجتمع، وتسعى إلى تحطيم كلّ ما من شأنه إعاقة بناء الإنسان الأممي الحرّ، فأين هذا كلّه من مواقف الحزبين الماركسيين مما جرى في كردستان والمناطق المختلف أو المتنازع عليها في الخامس والعشرين من أيلول الماضي؟
أغفل الحزبان –عن عمدٍ أو عن جهلٍ-التّناقضات كلّها ما عدا الوهم بأنّ أربيل العلمانيّة هي النّقيض لبغداد الدّينيّة!، وتناسيا –عن عمدٍ أو عن جهلٍ- أنّ جنّة ماركس وأنجلس هي حلمٌ أمميٌّ لا قوميٌّ!*
قد تكون عبارة "ليس من حزبٍ شيوعيٍّ في كردستان" قاسيةً مؤلمةً، وفيها من التّعميم الشّيء الكثير، لكنّني لم أسمع صوتاً حزبيّاً شيوعيّاً مختلفاً ومناقضاً للسّائد؛ لهذا أقول:- إنّ الشّيوعيين في كردستان -من المنضوين تحت راية هذين الحزبين- هم إمّا عاجزون عن فهم المنهج المادّيّ الجدليّ، أو هم منافقون، أو هم خائفون.
قد يتغلّب العاجز على عجزه، لكنّ المنافق والخائف عدوّان حقيقيّان للثّورة في سبيل الحرّيّة، والمحبّة، والعدالة الاجتماعيّة، والسّلام*
بغداد: 18/10/2017 .
#رائد_محمد_نوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟