أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - ديمقراطية النفايات!















المزيد.....

ديمقراطية النفايات!


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1465 - 2006 / 2 / 18 - 10:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
بعد التاسع من نيسان 2003 المجيد، الذي أسقط النظام العراقي البائد المستبد، ولم يُسقط بغداد كما يدّعي الراجفون. فبغداد ما زالت عاصمة عربية شامخة، وستبقى عاصمة النور العربي، خاصة بعد هذا التاريخ الذي أشعل ثورة الحرية والديمقراطية في العالم العربي، والتي تجلّت أول أمس بوقوف زعيم كوليد جنبلاط أمام حشد من أكثر من مليون لبناني ولبنانية، ليعلن أسماء الزعماء العرب الارهابيين والعبيد المستبدين على رؤوس الأشهاد، وما كان ذلك ممكناً قبل فجر التاسع من نيسان المجيد الذي وصفتُه عشية سقوط الطاغية صدام، بأنه الفتح العظيم، الذي ما بعده من فتح في التاريخ العربي الممتد. وقد أثبتت الأيام، وستبثت في المستقبل أكثر فأكثر، أنه كذلك. فمنذ ذلك اليوم أصبحت الديمقراطية هي شغل العرب الشاغل وعقلهم الفاعل. وأصبحت الديمقراطية حديث المجالس والمدارس. ولكن الثقافة الديمقراطية وعلم الديمقراطية وكيمياء الديمقراطية الصعبة، لم تكن معلومة لدى غالبية الشعب العربي الذي حُرم من هذه التفاحة السياسية، وهي الديمقراطية بعد مقتل الخليفة عمر بن الخطاب إلى يومنا هذا. والدليل على ذلك، أننا نخلط بين الأوراق والمفاهيم، ونبعر كما تبعر الإبل، ونعتبر كل من جاء من صندوق الاقتراع، وفاز فتلك هي الديمقراطية التي نفخر ونعتز. وأصبحت نظرتنا إلى الديمقراطية نظرة ضيقة، ضيق فتحة صندوق الانتخابات الذي تحوّل في ظل الأنظمة الديكتاتورية في معظم انحاء العالم العربي إلى صندوق نفايات.



-2-



دعونا نترك التنظير قليلاً، ونذهب إلى أرض الواقع العربي، أرض الرماد والسواد، لنر كيف لعبنا لعبة ديمقراطية النفايات على الطريقة العربية والإسلامية.

لقد حولّت الديكتاتورية والتوتاليتارية العربية بعد الاستقلال، صندوق الانتخابات الأبيض إلى صندوق نفايات أسود، بممارستها التزوير والكذب والبهتان وتزوير الفرقان. وأصبح صندوق الانتخابات هو صندوق العجائب السياسية العربية الذي تخرج منه أفاعٍ بتسعة وتسعين رأساً.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، نجح حافظ الأسد في الماضي وفي دورات انتخابية مختلفة، وبنسب مطلقة وسينمائية مضحكة، ومن خلال صناديق الاقتراع، فهل كان نجاحه ذاك نجاحاً ديمقراطياً ، عندما لا يكون له منافس قط؟ ولا يجرؤ أحد أن يكون منافسه. فهو المرشح الوحيد، والناجح الوحيد، والرئيس الوحيد. وكان من حق العالم الحر أن يسخر من هذه النتائج المطبوخة سلفاً، ذات الرائحة الكريهة التي تزكم الأنوف، والتي أحالت صناديق الاقتراع من صناديق انتخابات إلى صناديق نفايات، ومن صناديق للرأي إلى صناديق للبغي.

ألم يُستفتى لصدام المهزوم قبل شهر من سقوطه المدوي بالدم، وبنسبة مائة بالمائة، ومن خلال صناديق الانتخابات، التي حوّلتها الديكتاتورية العربية إلى مباول، يبول فيها الناخبون كل أربع أو ست سنوات، حيث لا مباول نظيفة في الشوارع العربية؟
فهل هذه هي الديمقراطية، التي نلوم الغرب والليبراليين العرب الجدد على رفضها؟

وقسْ على ذلك مجموعة من الرؤوساء العرب الذي يحكمون شعوبهم منذ عشرات السنين، ومن خلال صناديق الانتخابات التي حوّلوها إلى صناديق نفايات، وأصبحت الديمقراطية العربية ديمقراطية نفايات.



-3-



وفي ايران حصل الشيء ذاته، مع أحمدي نجاد، ومع خمسة رؤساء قبله منذ 1979 حتى الآن، لكي يقال لنا بأن الانتخابات الإيرانية انتخابات ديمقراطية، تمثل ارادة الشعب المُكبِّل بأغلال الملالي والحرس الثوري، وجاءت بها صناديق الانتخابات التي حوّلها الملالي والمؤسسة الدينية الإيرانية إلى صناديق نفايات حقيقية كذلك.

فكيف تكون الانتخابات في ايران ديمقراطية، ومحرّم على المرأة الترشح لها، علماً بأن المرأة الإيرانية تُشكِّل أكثر من نسبة 52 بالمائة من عدد السكان، وهي أول امرأة مسلمة تفوز بجائزة نوبل ؟

فأين رئة المجتمع الثانية في هذا الزيف الذي يطلق عليه ديمقراطية؟

وكيف تكون الانتخابات ديمقراطية واختيار المرشحين يخضع لسلطة رجل واحد، هو إله الإيرانيين على الأرض، الذي لا تُرد كلمته. وإن قال لشيء كُنْ فيكون. وهو أقوى سلطة من النبي محمد ذاته عليه السلام. فقد كان الصحابة يختلفون بالرأي مع النبي، وعلى رأس هذا الخلاف كان "صلح الحديبية" المعروف. أما المرشد الأعلى فلا أحد يجرؤ على الخلاف معه. والنبي محمد عليه السلام، لم يُلقَّب بآية الله العظمى. وإن كان قد لُقِّب ونحن لا نعلم، فلا يجوز أن يُلقَّب بنفس اللقب المرشد الأعلى. والمرشد الأعلى هو الذي لا تعلوه سلطة غير سلطة الله. بمعنى أن الله في منـزلة، والمرشد الأعلى في منـزلة تالية له رأساً. فهو ظل الله على الأرض، بل هو كرسي الله وعرشه على الأرض. وهو كبابا الكنيسة وحبرها الأعظم في القرون الوسطى، الذي كان لا يُسئل عمّا يفعل وهم يُسئلون. فالخميني، عندما أصدر فتوى بمنع الحج للإيرانيين لمدة ثلاث سنوات، لم يجرؤ أحد على اعتراض ذلك، ولكن عندما قام كمال أتاتورك بذلك في 1924، وبعده الحبيب بورقيبه، قامت الدنيا، ولم تقعد .

فأية ديمقراطية تلك التي في ايران؟

وكيف تكون الديمقراطية عندما ينتقي المرشد الأعلى آية الله العظمى، الذي ما بعده من آية، ولا سورة ولا كتاب، من بين ألف مرشح ثمانية مرشحين فقط لرئاسة الجمهورية، كما فعل في المرة الأخيرة، وهؤلاء هم من أعلنوا البراء وأقسموا الولاء، ولا يوجد بينهم ليبرالي اصلاحي واحد. وانما هم جميعاً من الحوزة الدينية الكهنوتية، أو من حراسها ونواطيرها، وآكلي لحمها، وشاربي لبنها، وسارقي خزائنها، والذين ترضى عنهم الآلهة الإيرانية؛ أي المرشد الأعلى؟

وأين هي الديمقراطية عندما يحرم الليبراليون من الترشح، ويطاردون في الانتخابات مطاردة الكلاب الضالة، حتى لا يمارسوا حقهم الانتخابي، ثم تفاخر ايران الملالي، ويفاخر الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية الأخرى والكتاب الإسلامويون والجهلة من المرجفين، بأن هذه انتخابات ديمقراطية، واجريت بموجب الدستور الذي وضعته المؤسسة الدينية التي نهبت ايران، بحيث أصبح الايرانيون يترحمون على أيام الشاه الطاغية. ومثال ذلك ما أصبح عليه الملا هاشمي رفسنجاني الرئيس الإيراني السابق، أغنى أغنياء ايران الآن، ورقم 47 بين أغنياء العالم .

وأين هي الديمقراطية عندما يجوز للمرشد الأعلى عزل رئيس الجمهورية بفتوى، وتثبيته أو عدم تثبيته في مركزه حتى وإن فاز في الانتخابات بفتوى أيضاً؟

وكيف يستقيم منطق الديمقراطية الإيرانية، عندما تحرم هذه الديمقراطية كافة حقوق المواطنة لغير المسلم، ولغير المسلم الشيعي، ولغير الرجل الشيعي، ولغير الشيعي الجعفري أيضاً؟

هل سمعتم ما قالته شيرين عبادي داعية حقوق الإنسان الإيرانية، والحائزة على جائزة نوبل بحق حكم الملالي، والديمقراطية الإيرانية المزيفة: " إن حكم الملالي قد أعاد ايران مئات السنين إلى الوراء، والى حكم القرون الوسطى ".

وبحيث أصبح الإسلام الإيراني الآن، أشد خطراً على العالم العربي، والعالم كله من الشيوعية في عزِّ أوجها.



-4-

ولكن لا بأس فكل هذه الانتصارات للتيارات الدينية في ايران، وفي فلسطين، وفي مصر، هي في النهاية لصالح التيار الليبرالي الجديد. وهي خطوة حاسمة لتجاوز الإسلام التقليدي والأصولي للانتقال إلى الحداثة تطبيقاً لمبدأ فلسفة التاريخ الهيجلية "التجاوز شرط التحقيق". وليس كما اعتبرها أستاذنا العفيف الأخضر في عام 1979 من أن انتصار الأصولية في إيران كان تدشيناً للعودة بالعالم الإسلامي إلى القرون الوسطى، ثم تراجع عن هذا الاعتبار فيما بعد.



-5-

إن الديمقراطية التي لا يريد العرب معرفتها ليست في صناديق الانتخابات، التي تتحول إلى صناديق للجنايات السياسية في ظل ممارسات الأنظمة الديكتاتورية المزيفة للديمقراطية.

الديمقراطية هي تداول السلطة بين الأجيال وليس بين الرجال فقط.

فالحاكم العربي والمسلم لا يعزله منذ 14 قرناً غير الموت، ما عدا الحاكم التركي الحديث الذي يحكم بديمقراطية الغرب، وليس بديمقراطية العرب والإسلام الذي نفى أحمدي نجاد أن تكون هذه الديمقراطية في الإسلام .

والديمقراطية هي الاعتراف بحقوق المواطنة الكاملة للجميع، دون تمييز بين طائفة وأخرى، وبين عرق وآخر، وبين دين ودين.

هذه هي الديمقراطية التي يعرفها ويفهمها الليبراليون الجدد، ويصارعون من أجل تطبيقها في العالم العربي، ولو بعد ألف سنة!



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ركائز الثورة البجادية الإيرانية
- الثورة النجادية والإرهابيون في الأرض
- هل فوز -حماس- كان رحمة بنا؟
- دور عرفات (صاحب الشنطة) في فوز حماس
- العقل العربي و-الملحمة- الكاريكاتيرية
- الأردن ليس استثناءً
- حزب الله: المفتاح في نزع السلاح
- حماس تواجه العالم
- الطريق الى القدس تمرُّ عبر صناديق الاقتراع
- ساحة للحرية بعمّان.. واو!
- سور العرب العظيم
- سوريا وإيران تشعلان النيران
- المليشيات الفلسطينية وحلف -فلسان- الثلاثي
- لماذا يريد العرب انسحاب امريكا من العراق؟
- ضياع العرب بين صدّام وخدّام
- لكي لا تحرثوا في البحر!
- لم يبقَ غير الرحيل يا عباس!
- قراءة أولية في الانتخابات العراقية
- وثيقة ارهابية جديدة مدموغة بخاتم الشرعية الدينية الأكاديمية
- العراق اليوم: من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - ديمقراطية النفايات!