|
التعليم الجامعى المصرى بُروّج للتكفير
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5665 - 2017 / 10 / 10 - 14:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قرأتُ مقرر كلية الآداب جامعة الإسكندرية سنة أولى عن مـــــادة (حقوق الإنسان) فوجدتُ مايلى : "عدم جواز توثيق عقود زواج البهائيين لأنّ البهائية ليست من الأديان السماويـــــــــــة وتتعارض معها واستقر القضاء الإدارى علـــى أنّ حال البهائية لا يجوز القياس بينها وبين الأديان الأخرى التى اعتبر الإسلام معتنقيها من أهل الذمة . يُـتركون على ما هم عليه وتستحق عليهم الجزية" وهكذا فى أول درس مـــــــــن دروس (حقوق الإنسان) يتعلم الطالب أنّ المصريين (المسيحيين) ليسوا مواطنين، وإنما هم "من أهــــل الذمة وتستحق عليهم الجزية" أى أنّ الأستاذ الجامعى ينافس الأصوليين فى هدم الولاء الوطنى ، وأيضـًـا : "ولا يجوز الحجاج بحرية العقيـــــدة وحرية ممارسة الشعائر التى كفلها الدستور للقول بوجوب الاعتراف بالبهائية. ويجب للإعتداد بالعقيدة وآثارها وللسماح بإقامة شعائرها أنْ تكون منبثقة عن الأديان المُعترف بها وهى اليهودية والمسيحية والإسلام وألاّ تكون مخالفة للنظام العام والآداب ،أى لا يجوز الردة فى الإسلام ، لأنّ المرتد يبطل عمله ولا يقر على ردته ويُهدر دمه" وهكذا لا يكتفى الأستــــــــــاذ الدكتور بإعلان موقفه الرافض لحق البهائيين فى إعتناق مايؤمنون به ، وإنما يُعلن أيضًـــــــا أنّ البهائية ضد ((الآداب)) وهذا هو الدرس الثانى. أما الدرس الثالث فهو تربية الطلاب على قتل المختلف دينيًا، بالنص على أنّ " المرتد يُهدر دمه". وكتب أيضًا " ومتى تثبت مخالفة البهائية للنظام العام ، امتنع مباشرة أى تصرف لأتباعها ، بوصفهم بهائيين أو ترتيب أى حق على هذه التصرفات ، لأنّ الباطل لا يـُــنتــــج إلاّ باطلا. لهذا فإنّ زواج البهائى أيًا كان أصل ملــّـته يكون باطلا بطلانــًـا مطلقــًـا ، ولا يجوز توثيقه. وهذا هو الدرس الرابع الذى يتعلــّـمه الطلاب فى مادة (حقوق الإنسان) حرمان البهائيين من حـق أساسى من حقوق الإنسان التى نصّتْ عليها المواثيق الدولية ، أى حق الإنسان فى اعتناق مايشاء من أديان ومذاهب ، وحقه فى توثيق زواجــه وما يترتّب على ذلك التوثيق من حقوق للأبناء. يُعلل الأستاذ الدكتور موقفه من البهائية ، بــــأن يُـذكّر الطلبة بالقانون الذى أصدره عبد الناصر عام 1960 بشأن حل المحافل البهائية ووقف نشاطها..إلخ. ويتعلــّـم الطلبة " بطلان زواج المرتدة ، عدم توريــــــــث المرتدة ، عدم استحقاقها للمعاش. ولما كانت القوانين الوضعية فى مصر، خلتْ من أية نصوص تشريعية تحكم الحالة القانونية للمرتد عن دين الإسلام ، كما أنّ أعــــــراف المجتمع المصرى لا تهتم بحالة المرتد إلاّ فى نطاق قواعد الأخلاق ، لذا يتعيّن الرجوع فى شأنها إلى مبادىء الشريعة الإسلامية التى تقضى بأنّ المسلم الذى يرتد عن دين الإسلام ، سواء إلـــــى دين سماوى آخر أو إلى غير دين، لا يقر على ردته" فى هذه الفقرة يعترف الأستاذ الدكتور" أنّ أعراف المجتمع المصرى لا تهتم بحالة المرتد إلاّ فى نطاق قواعد الأخلاق" وقواعد الأخـــــلاق كما يُعرّفها علم الاجتماع هى أنّ معيار تقييم الإنسان هو تعامله مع أبناء وطنه ، فإذا كان شريفــًـا فى تعاملاته مع الآخرين ، فهو مواطن صالح ، والعكس صحيح ، وذلك بغض النظر عـــــــــن معتقداته الشخصية فى الأديان . وأعتقد أنّ هذه الفقرة كتبها الأستاذ الدكتور من مخزون الوعى الجمعى لشعبنا ، الذى ورث عن أجدادنا قيمة التعددية والتسامح الفلسفى القائم على احترام معتقدات الآخرين ، ولكن الأستاذ الدكتور يتجاوز هـــــــــذا المعنى الحضارى ، ويصر على تكفير المختلف دينيًا ويصفه بالمرتد. ويتعلــّـم الطلبة أنّ محكمة النقض" قضتْ ببطلان زواج المرتدة عن دين الإسلام إذا تزوّجتْ بعد ردّتها بغير مسلم ووجوب التفريق بينهما . وهكذا يتم توجيــه عقل الشباب وتدمير وجدانهم الفطرى باقناعهم بأنّ تشتيت الأسرة (التفريق بين الزوجين) شىء طبيعى ، وأنه لا مبرر للنظر إلى أية اعتبارات إنسانية أو اجتماعية ، ولا مراعاة لخصوصيــــــة الإنسان ، ناهيك عن الموقف المُـتعامى عن الأولاد بعد التفريق بين الأب والأم . ويتعلــّـم الطلبة أنه إذا "كان قانون الإرث لم يتناول المرتد" إلاّ أنّ العمل فى كل ما يتعلق بإرث المرتد وأحكامه يكون طبقــًـا لأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة. ذلك أنّ المرتدة عن الإسلام يُعتبر زواجهـــــا بالموروث باطلا ولا تستحق معاشًا عند وفاته" أى أنّ سيادة أستاذ مادة حقوق الإنسان لم يكتــــف بتفريق الزوجيْن ، فيُضيف عقوبة أخرى بجانب تشريد الأسرة ، وهى حرمان الزوجة من معاش زوجها. وعلى الطلبة – كى ينجحوا فى الامتحان – أنْ يكتبوا ما درسوه. وأنه لا يجوز القياس بين البهائى والمسيحى ، لأنّ الأخير من أهل الذمة وعليه أداء الجزية. وأنّ البهائى مرتد ، والمرتد يُهدر دمه والتفريق بين الزوجيْن وعدم استحقاق المعاش وعدم تغيير اسم المرتد وديانته فى بيانات البطاقة الشخصية. وبالطبع (كذلك) فإنّ أحدًا من الطلبة لا يرغب فى الرسوب فى مادة (حقوق الإنسان) وبالتالى يترسّخ فى وجدان وعقل الطلبة (19 سنة) أنّ المُـختلف دينيًا أو عقيديًا ليست له أية حقوق ، بل أكثر من ذلك فإنّ دمه مُهدر. وإذا كانت هذه المفاهيم المعادية لأبسط حقوق البشر، يتم تدريسها فى مادة (حقوق الإنسان) فما هى المفاهيم التى يتم تدريسها فى مادة نقيضة اسمها (الحقوق غير المشروعة للإنسان) ؟ أى أنّ مادة (حقوق الإنسان) ضد الإنسان . وما الفرق بين الأستاذ الجامعى والأصولى المعادى للبشر؟ والمُـقتنع بأنّ طريق الجنة مفروش بجثث المختلفين معه دينيًا ؟ وإلى أية حفرة مُـظلمة يأخذنا التعليم فى مصر؟ وإلى متى سيستمر التعليم والإعلام والثقافة السائدة فى مغازلــــــــــــــــة الأصوليين ؟ وهل يمكن أنْ يتبنى الليبراليون مطلبًا واحدًا ويدافعون عنه ، وهو إلغاء خانة الديانة من كل المحررات الرسمية ؟ رحمة بكل من يعانون من ثقافة وافدة إلينا من جويرة العرب لا تعرف الرحمة ؟ الكارثة أنّ الدكتور الجامعى يتطابق تتطابق المثلثات مع الأصوليين الرافضين الاعتراف بحق الإنسان فى أنْ يؤمن بما يشاء ، وأيضـًـا بقتله. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لغة التكفير بين الأزهريين
-
وحدة العرب بين الشعارات والجذرالتاريخى
-
هل الدواعش ظاهرة جديدة؟ درس الجزائرنموذجا
-
كارثة تراث الولاء السياسى والدينى
-
النقد الموضوعى المتجرد من الأيديولوجيا
-
لماذا تختلف الأنظمة فى الدفاع عن مواطنيها؟
-
أليس الإسلام لم يعترف إلابحزب الله وحزب الشيطان؟
-
هل دافع الإخوان عن الوطن كما يزعم فهمى هويدى؟
-
هل عرف الإسلام حقوق الإنسان ؟
-
التطابق بين الإخوان اليهود والإخوان المسلمين
-
الميتافيزيقا العربية/ الإسلامية والسينما العالمية
-
أليس ملايين العلماء المصريين أبناء فلاحين؟
-
الثقافة السائدة ودفاعها عن الإرهابيين
-
مشروع بيومى قنديل الفكرى
-
تأصيل علمى عن الإسلام السياسى
-
الشعب السورى بين جحيم بشار ونارالدواعش
-
لماذا تشابه الإسلاميين والماركسيين؟
-
تشابه الكنعانيين والعبريين والعداء لمصر
-
لماذا الاصرارعلى تخليد الطغاة؟
-
هل سينجح الحلم الطوباوى: أسلمة العالم؟
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|