|
السياسات المحمومة لدول الجوار والوضع بكردستان العراق!!
كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 5662 - 2017 / 10 / 7 - 09:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يسعى النظامين التركي والإيراني إلى تصعيد التوتر على الحدود العراقية التركية والعراقية الإيرانية والتهديد باتخاذ إجراءات عقابية ضد الشعب الكردي بهدف خسيس هو تجويع هذا الشعب بغلق الحدود ومنع تصدير النفط أو إيصال شحنات الغذاء وغيرها إلى الإقليم بهدف محاصرته من كل الجهات. هذا الموقف العدواني الذي يحمل في طياته الكثير من الروح العنصرية والاستبداد والظلم يعبر عن طبيعة النظامين في البلدين الجارين وعن طبيعة الحكام في هذين البلدين الذين لا يرعون حرمة ويتدخلون في الشأن العراقي بوقاحة بالغة وكأنهم يتحدثون عن العراق أو كردستان وكأنهما أقضية ومحافظات تابعة لهما يعملون فيها وضدها ما يشاءان. هذا الموقف المتعجرف والعدواني ليس غريباً عمن يزج بعشرات الآلاف من الناس الأبرياء في المعتقلات ويسلط عليهم شتى أنواع التعذيب الهمجي، كما يحصل بتركيا منذ العام المنصرم حتى الآن، أو ما يضمه سجن إيفين وغيره من معتقلي الرأي والعقيدة والموقف السياسي منذ الثورة المسروقة في العام 1979 بإيران حتى الآن. وقد تناغم مع هذا الموقف العدواني مجلس النواب العراقي، لأنه لا يمتلك حريته بل هو خاضع في أكثريته "المسلمة!" لإرادة إيرانية شريرة، وإلا لما اتخذ المجلس النيابي تلك الإجراءات الشرسة التي طالبت حكومة بغداد بتنفيذها، والتي بدأ بعضها بالتنفيذ الفعلي كما جرى في غلق مطاري أربيل والسليمانية. لم نخف عن القيادات الكردستانية، ولاسيما الحزبين الحاكمين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، رأينا في سياسات الإقليم منذ سنوات وتحالفاته السياسية، سواء تم ذلك عبر مقالات منشورة في الصحف والمواقع العراقية، أم عبر رسائل شخصية أم باسم التجمع العربي لنصرة القضية الكردية، حين كنت أمينها العام، أم عبر لقاءات مباشرة خاصة وعامة وانتقدنا بعض تلك السياسات التي وجدناها لا تنسجم مع أهمية دعم النضال في سبيل الديمقراطية على صعيد كردستان والعراق كله، أم بصدد القوانين التي تصدر عن مجلس النواب العراقي التي كان التحالف الكردستاني يؤيدها وهي في غاية السوء وفي غير مصلحة الدولة الديمقراطية وحرية الصحافة أو الأحزاب أو الانتخابات أو حتى حول العلاقات المتوترة بين القوى السياسية بكردستان العراق ذاتها. وغالباً ما اصطدمنا بأذن غير صاغية على أهمية ما كنا نورده كأصدقاء مخلصين للشعب الكردي ولحقه في تقرير مصيره. حتى شعرنا بأن الأخوة لم يعودوا يرتاحون لرسائلنا وملاحظاتنا أو لنقل بوضوح نقداتنا للوضع، علماً بأننا لم نقصر أبداً في نقد وتشريح سياسات الحكم ببغداد، ولاسيما رئيس الوزراء السابق الذي أغرق العراق بالدم والدموع، وخاصة محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالى ومحافظة نينوى، بسبب سياساته الطائفية اللعينة. وحين دعينا إلى اجتماع بالسليمانية لإبداء الرأي حول الاستفتاء لم نبخل على المسؤولين الكرد برأينا حرصاً منّا على سلامة الفيدرالية وما تحقق فيها من منجزات عمرانية لم تعتمد التنمية والاستثمار والتشغيل الإنتاجيين، وحرصاً على تقدمها وتطورها وحذرنا من العواقب المحتملة لإجراءات بعينها لم ينضج ظرفها المناسب، رغم إنها حق من حقوق الشعب الكردي وكردستان العراق. وكانت خشيتنا تأتي من معرفتنا بطبيعة النظام العراقي الطائفي الذي يرفض في حقيقته حق تقرير المصير للشعب الكردي، وكذا الأحزاب الإسلامية السياسية، الشيعية منها والسنية، على حد سواء، أولاً وخشيتنا من دول الجوار التي تخشى من التجربة الكردستانية بالعراق وانتقالها إلى كردستان إيران وكردستان تركيا أو إلى الكرد بسوريا ثانياً. وهي لا تختلف كثيراً في طبيعتها عن النظام العراقي الطائفي، إذ لا ترفض الفيدرالية ببلدانها فحسب، بل وترتعش من ذكر كلمة الفيدرالية أو سماع كلمة حق الشعب الكردي في تقرير مصيره، وكأنها لسعت من حية سامة قاتلة. إنه الموقف القومي الشوفيني الذي يرى لأتباع قوميته كل الحقوق، ويرفض ذات الحقوق للشعوب الأخرى! لقد طرحت سؤالاً منطقياً بالسليمانية بدا مزعجاً للبعض من الأخوة مفاده: وماذا بعد الاستفتاء؟ اشعر اليوم وأكثر من أي وقت مضى بأهمية وضرورة الإجابة العقلانية عن هذا السؤال من جانب حكومتي أربيل وبغداد، ولا بد من أخذ الواقع العراقي والإقليمي والدولي بنظر الاعتبار. علينا أن نعي إن دول العالم، ولاسيما الكبرى منها، لا تعرف الصداقة بين الدول، بل تعترف بالمصالح فقط، حتى لو كانت لديها قواعد عسكرية ومصالح معينة بالإقليم، فأن مصلحتها مع تركيا العضو في الأطلسي، رغم تحالفها مع إيران الذي لا ترتاح له دول حلف الأطلسي، أكبر بكثير من مصلحتها بالإقليم رغم جوار الإقليم لإيران وأهمية وجود قواتها على الحدود الكردستانية العراقية-الإيرانية. لقد خذلت الولايات المتحدة والدول الغربية وإسرائيل الشعب الكردي في العام 1975 حين تم توقيع اتفاقية العار في الجزائر من قبل نظام البعث والنظام الشاهنشاهي الإيراني وبمباركة تلك الدول. وحينها صدر قرار عن الحزب الديمقراطي الكردستاني أشار إلى أهمية التعلم من هذه التجربة القاسية وما حصل من نزع لسلاح البيشمركة وتسليمها لإيران وما اعتبر نكسة كبيرة للثورة الكردستانية. ومثل هذا الموقف يمكن أن يتكرر من جانب ذات الدول حين تجد مصلحتها في ذلك، وأتمنى ألَّا يحصل أبداً ما حصل في العام 1975 وسنناضل مع الشعب الكردي لكيلا يحصل ذلك. ولكن لا بد من التعلم من دروس الماضي في وضع السياسات الصائبة والمدروسة وغير المرتجلة أو العفوية في هذه المرحلة المعقدة من تاريخ الشعب الكردي بكردستان العراق وتاريخ العراق وقومياته عموماً. أكرر مرة أخرى وأخرى بأن حل المشكلات القائمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، سواء أكان قبل أم بعد الاستفتاء، يجب ألَّا يعالج بالقوة والعنف والسلاح وسفك الدماء، بل بالحوار السلمي والديمقراطي وبالمرونة المطلوبة لصالح الشعبين وبقية القوميات بكردستان والعراق كله. إن التفاوض السلمي والديمقراطي هو الأداة الوحيدة والناجعة لحل كل ما هو عالق، مع قناعتنا بما يمكن أن يصاحب ذلك من عثرات وانقطاعات وتوترات بسبب من يسعى لإشعال النيران، كما يفعل اليوم رئيس الوزراء السابق ورهطه في تصريحاته وخطبه السيئة الصيت. وللعراق تجارب غنية ومريرة في حل المعضلات عبر الحروب وخاصة مع الشعب الكردي.
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأخ الفاضل الأستاذ عبد الرضا حمد جاسم المحترم
-
الموقف من الاستفتاء في إقليم كردستان العراق
-
بلاغ صادر عن اجتماع جمهرة من المثقفين العراقيين من العرب وال
...
-
هل الكونفدرالية حل واقعي وعقلاني للعلاقة بين الشعبين العربي
...
-
دور المتطرفين العرب والكرد في التصعيد المتفاقم وعواقبه
-
من يروج للحلول العسكرية والتجويع والتشدد بالعراق؟
-
إشكالية الهوية وحقوق المكونات القومية
-
كتاب -مسيحيو العراق .. أصالة .. انتماء .. مواطنة ..
-
كتاب -الإيزيدية ديانة عراقية-شرق أوسطية قديمة-
-
طبيعة وقوى الصراع الجاري بالعراق
-
من أجل عراق ديمقراطي يزيح الطائفية السياسية ومحاصصاتها المذل
...
-
هل فقد الحاكم التركي المستبد بوصلة العقلانية السياسية والدبل
...
-
الموقف من حق تقرير المصير والاستفتاء بإقليم كردستان العراق
-
وإذا أتَتْكَ مَذَمّتي من نَاقِصٍ فَهيَ الشّهادَةُ لي بأنّي ك
...
-
سيبقى نجم المناضلة المقدامة فاطمة إبراهيم ساطعاً في سماء الس
...
-
المعنى العميق والشامل لشعار -باسم الدين باگونه الحرامية-!
-
سبل معالجة عواقب الكوارث التي حلت بالعراق، ولاسيما المناطق ا
...
-
مغزى زيارة نوري المالكي ورهطه إلى روسيا الاتحادية!
-
النهج الجديد للرئيس التركي المرتد عن الديمقراطية والمستبد بأ
...
-
ما الدور الذي يراد للحشد الشعبي أن يلعبه بالعراق؟
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|