|
تحطيم الأصنام -2- إبن عثيمين
فارس الحسين
الحوار المتمدن-العدد: 5659 - 2017 / 10 / 4 - 17:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في المقال السابق قمت باستعراض أهم فتاوى الشيخ السعودي عبد العزيز بن باز، وكيف تصدى الشيخ بجهل رهيب لأهم التحديات العلمية في عصره، بدون أن يذكر عدم علمه في أحدى المجالات أو يحيل السؤال على المختصين، فهو تنقل من الفلك للفيزياء ثم للأحياء والرياضيات (الحساب) وانتهى بالطب وعلم الاوبئة والنتيجة كما رأينا كانت كارثية بكل المقاييس، وهذا ماعهدناها من شيوخ الإسلام المتقدمين والمتأخرين السنة والشيعة على حد سواء هو حشر أنوفهم في كل صغيره وكبيره في الحياة، إعتقاداً منهم بقدرة الإسلام على مجاراة العلم الحديث ومنهجه التجريبي وهذا مأثبتنا فشله سابقاً ومازلنا نثبته بهذا المقال.
محمد بن عثيمين: نتجاوز التعريف بشخصه أو كتبه أو مناصبه، وإن كان غني عن التعريف لدى شريحة واسعة من الشعب السعودي مع الاعتذار للقارىء العربي وأوجهه على محركات البحث لأخذ فكرة عن شخصية إبن عثيمين، نبدأ بسؤال مهم وجه له “كيف يعرف العالم؟” فيرد بأن “العالم يعرف بكونه يقول في الأشياء بكتاب الله وسنة رسوله”1، بمعنى أن أي شيء لم يذكر في هذان المرجعان ليس من العلم بشيء، وقس على ذلك ميكانيكا الكم والصواريخ وتكرير النفط والفيروسات فمن درس في هذه العلوم لا يصل لدرجة العالم ويظل دون ذلك، في سؤال عن حكم علم الفلسفة ودراستها فيرد إبن عثيمين بكونها “منكرة، ولا يجوز الخوض فيها والدخول فيها”2، من باب أنها تدعو لتحكيم العقل! وهو ماتفق علماء المسلمين على عداوته وكرهه وهذا بالطبع لأن من يحكم عقله سيكتشف خدعهم وهشاشة معتقداتهم، في سؤال يتكرر كثيراً عن (دوران الأرض) وهذا يبين حيرة الناس بين العلم الحديث في القرن العشرين ومايقوله القران المكتوب في القرن السابع، نرى إبن عثيمين متمسك بقوله أن الأرض هي المركز والشمس تدور (تجري لمستقر لها)3، فهو يقول في ذلك “الخالق هو أعلم بخلقه من غيره ولا يمكن أن نكذب هذا ونلجأ لقول (العصريين) أن الارض هي التي تدور”4، ويبدو إبن عثيمين نفسه غير واثق من نفسه وقول ربه في هذا الشأن لأن الادلة العلمية أقوى من كلامه وهو مدرك لذلك فيقول “إلا اذا علمناه كما نعلم ثيابنا التي علينا! حين إذن نسلم ثم نأول الكتاب والسنة لما يوافق الواقع”5، وهذا نهج من أتى بعده في محاولة إيجاد المخارج والحلول للعلوم الخاطئة المذكورة في القرآن، في مسألة الكسوف وقدرة علماء الفلك في العصر الحديث على تحديد ميعاده بدقة متناهية وإستبعاد الله من المعادلة، يبدو واضحاً تورطه في هذه المسألة لدرجة أنه قام بتصنيف الكسوف لنوعين إصراراً منه على اقحام الله بالكسوف وتلميعاً للإسلام الجاهل في هذه الامور، فيقول هناك سبب طبيعي (وهو مايمكن تحديد ميعاده بالحسابات الفلكية) وسبب شرعي! (لا يعلم إلا عن طريق الوحي)، ثم يضيف في تناقض صارخ مع تصنيفه العقيم عن موعد الكسوف “أتمنى ألا تذكر ولا تنشر بين الناس، حتى لو نشرت في الصحف لا تنشرها بين الناس، دع الناس حتى يأتيهم الأمر وهم غير مستعدين له وغير متأهبين له”6، فإذا كان الله يريد التخويف لماذا لا يأتي بالسبب الشرعي؟ أم أن إبن عثيمين يريد ترويع المسلمين أكثر من ربهم؟ أو أنه يعلم الحقيقة ويكذب على الناس ويأتي بتصنيفات وهميه؟، عموماً نصل لموضوع الطب وهو الأدهى والأمر لما فيه من خطورة على حياة البشر، ولا يجد إبن عثيمين أي حرج في الخوض به فهو بتعريفه للعلم كم رأينا سابقا العالم وغيره لا علم لديهم ولاهم بعلماء، فنراه في فتوى يمنع تخصص الرجال في طب النساء لما فيه من “فتنة عظيمة”7، وإذا عرفت عزيزي القارىء نظرته للطب والتداوي به فلن تتعجب مما سوف أذكره من فتاوى غريبة فهو لا يرى أن للدواء ضرورة لماذا؟ “لأنه قد يشفى بلا دواء، وقد يتداوى ولا يشفى!”8، السؤال التالي من إمراة أصيبت بمرض في رأسها فطلب منها الأطباء نزع الحجاب وحلق شعرها لتتعرض لأشعة الشمس فيجيب دكتور الأورام والأمراض الجلدية إبن عثيمين بـ”لا يطاع هولاء! .. وهذا إما لغرض سيء من أجل أن يذهب عنها الحياء!”9، وهنا هو يفترض سوء النية في الطبيب هذا غير تجهيله في تخصصه الطبي وأيضاً تعريضه حياة هذه المسكينة للخطر!، نرى أيضا إبن عثيمين دائما يفترض سوء النية وسوء العمل من الأطباء في سؤال عن التلقيح الصناعي وأطفال الانابيب وهو مايراه إبن عثيمين مسألة خطيرة يقول “ومالذي يأمن الطبيب أن يلقي نطفة فلان في رحم زوجة شخص آخر!”10، ومالذي يأمن لنا أن إبن عثيمين يفهم أي شيء بالطب؟، ولأثبت لك عزيزي القارىء جهله في الطب جهلاً تاماً، يرده سؤال عن حكم إسقاط الجنين المشوه خلقياً ويرد إبن عثيمين أن المسبب الأول لهذه الحالات “هو المعاصي التي تقع من الناس عموماً، أو من هذه المرأة، أو زوجها خصوصاً”11، فهل هناك أجهل من ذلك؟ وماذنب الطفل بذنوب الناس أو ذنوب ابيه وأمه؟، ويعقب بأنه لا يجوز إنزاله إذا كان مر على الحمل أربعة شهور كونه نفخت فيه روح (حسب إعتقاده).
ثم بعد ذلك كله ونتيجة لتقديس الأشخاص وتسليم العقول لهم، لم نرى معترضاً واحد على كل تلك الأخطاء أو حتى يتجرأ في قول من أنت يابن عثيمين حتى تفتي بالطب وماهو نوع دراستك الطبية؟، ثم مالدور الذي لعبته الحكومة السعودية من نشر الجهل؟ لا يمكن لشخص الكلام في السعودية إلا بموافقة الحكومة فهي طبعا لعبت دوراً محورياً في دعم إبن عثيمين ومن هم على شاكلته خصوصاً في توافق الروىء في موضوع الجهاد ضد الروس بدعم سعودي وتوجيه أمريكي فالتعاون مشترك في نشر الجهل وقتل البشر، والضحية شعب بأكمله لازال يعاني حتى اليوم من تبعات هذا التعاون ويؤمن بالعلم القرآني وقداسة الشيوخ وطاعة الحكام، فأين أوصلنا هذا؟ وماذا أخرج لنا؟، وهذا التعاون مازال مستمر حتى اليوم وإلى الغد، فمتى يكون النهوض وتحطيم الأصنام؟؟ والسلام على من إتبع عقله.
المصادر 1- http://binothaimeen.net/content/12689 2- http://binothaimeen.net/content/11617 3- سورة يس، آية 38 4- http://binothaimeen.net/content/6127?q2=%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D9%83 5- المصدر السابق 6- http://binothaimeen.net/content/249?q2=%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D9%83 7- http://binothaimeen.net/content/2107 8- http://binothaimeen.net/content/3082?q2=%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D8%B7%D8%A7%D9%86 9- http://binothaimeen.net/content/6329?q2=%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D8%B7%D8%A7%D9%86 10- http://binothaimeen.net/content/2698 11- http://binothaimeen.net/content/10833
#فارس_الحسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحطيم الأصنام -1- إبن باز
-
الإرهاب والإلحاد في السعودية
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|