|
الإساءة لكافة الأديان أمر مرفوض داخليا وخارجيا
رفعت فكري سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 1464 - 2006 / 2 / 17 - 09:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مما لاشك فيه أننا مع حرية الصحافة وحرية التعبير ولكننا في ذات الوقت ضد الإساءة لأي دين من الأديان فما أثارته الجريدة الدانمركية المغمورة محدودة الانتشار والتأثير (يولاندز بوستن) منذ عدة شهور من زوبعة إثر قيامها بنشر بعض الرسوم الكاريكاتورية التي أساءت إلي مشاعر المسلمين يتنافى تماما مع مبادئ الحرية فالقواميس السياسية عرّفت الحر بأنه الشخص الذي يأتمر بما أمر به القانون ويمتنع عما نهى عنه.وقد عرف إعلان حقوق الإنسان الفرنسي حرية التعبير في المادة (11) منه حيث نصت على أن "لكل مواطن الحق في حرية التعبير والكلام والكتابة والنشر على أن يكون مسؤولا عن ذلك في الحدود التي يضعها القانون".كذلك في المادة (29) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في العاشر من ديسمبر عام 1948م وتنص على أن "يخضع الفرد في ممارسة حرياته وحقوقه للحقوق التي يعينها القانون". والسبب في ذلك كله هو أن يلتزم الشخص في ممارسته لحرية التعبير عدم الاعتداء على حقوق الآخرين وما حدث من إساءة وردود أفعال يجب ألا يمر مرور الكرام بل علينا أن نكون حكماء ونتخذ منه دروسا وعبرا :-
أولا :- من اللازم أن نتخلى عن عقلية المؤامرة التي تدعونا دائما لأن نقول أن الغرب يعادي الإسلام ونكف عن ظننا بأن ما فعلته الصحيفة ما هو إلا جزء من هذا المخطط . فالغرب في حريته التي لا تعرف خطوطا حمراء ولا تحد بسقف لم يسئ للإسلام فحسب ولكنه أساء أيضا للمسيحية عدة مرات فتارة يصور الغرب السيد المسيح وكأنه شاذ جنسيا وتارة أخرى يقولون عنه أنه تزوج من المجدلية وذلك إما عن طريق الأفلام السينمائية أو الروايات فعلى سبيل المثال لا الحصر توجد رواية الكاتب الأميركي دان براون >،، التي منذ صدورها في الولايات المتحدة الأميركية في مارس عام 2003 تحولت إلى ظاهرة في عالم النشر فمنذ أن صدرت وهي تتربع على المركز الأول في قائمة الكتب الأكثر مبيعا في صحف > و<<الوول ستريت جورنال>> و<<البابليشيرز وويكلي>> و<<السان فرانسيسكو كرونيكل>>. وقد بيع منها أكثر من 10 ملايين نسخة بالإضافة إلى نصف مليون أخرى بالفرنسية وترجمت إلى أكثر من أربعين لغة من بينها العربية وفي الرواية يتوقف الروائي عند لوحة العشاء الأخير ليوناردو دافنشى ليقول لنا أن الحواري ( التلميذ ) الذي كان يجلس عن يمين السيد المسيح لم يكن سوى امرأة هي مريم المجدلية ويؤكد لنا الروائي في نهاية روايته أن المسيح كان يحب المجدلية وتزوجها وهذا يتنافى تماما مع ما جاء في الإنجيل وكذلك هناك الفيلم السينمائي ( الإغواء الأخير للمسيح ) الذي أدى ظهوره قبل سنوات إلى حملة احتجاج واسعة ومن هنا فالغرب لا يسئ للإسلام فحسب ولكنه يسئ أيضا للمسيحية وذلك بدعوى حرية أسئ استخدامها .
ثانيا :- مما لا شك فيه أن ردود الفعل العنيفة تسئ إلينا وقد تؤكد ما يظنه الغرب فينا بأننا شعوب همجية غير متحضرة . فالردود الانفعالية كمقاطعة البضائع الدنمركية أو الأوروبية هذا أمر قد يضرنا ويضر مصالحنا الاقتصادية هذا فضلا عن إنه سوف يسيء إلى أصحاب المصانع والعاملين بها الذين لا ناقة لهم ولا جمل فيما حدث وكذلك فأن الاعتداء علي الكنائس وعلى السفارات الأجنبية هو أمر مرفوض تماما فكل هذه الأمور ستؤدي إلي اتساع هوة الصراع وتسئ لعلاقاتنا ومصالحنا مع العالم كما أنه لا يجوز معاقبة الشعوب والحكومات علي أخطاء قلة نادرة من غير المسؤولين فالمسئولية عن الجريمة شخصية وإذا تمسكنا بتعميم الخطأ فإننا بذلك نوجد لأنفسنا المزيد من الأعداء وكذلك يجب ألا ننسى في غمرة انفعالاتنا أن الدانمارك والنرويج وغيرهما من دول أوروبا يدافعون بقوة عن قضايانا العربية وبالتالي فليس من الحكمة أن نعادي العالم كله في وقت واحد ولذلك فإن الحل الأمثل يكمن في اللجوء إلى القضاء الأوروبي ورفع قضية ضد الصحف التي نشرت الرسوم المسيئة وليس في المقاطعة والتدمير والخراب .
ثالثا :- إذا كنا أن نرفض أن يسئ الغرب الخارجي إلى معتقداتنا فعلينا في الداخل أن نحترم نحن معتقدات الآخرين ومقدساتهم فالاعتداء على الكنائس سواء في الأقصر أو محرم بك هو أمر غير حضاري وبه مساس واضح بمقدسات الآخر الديني المغاير فما معنى أن يقوم مجموعة من الغوغاء بالاعتداء على كنيسة بدعوى أنها غير مرخصة ؟وهل من يصلون في الشوارع والأزقة حاصلون على رخصة ؟ وهل حق العبادة يحتاج إلى رخصة يمنحها بشر لبشر ؟! أليس في هذا انتهاك واضح لمقدسات الآخر ؟! وكذلك إذا كنا نلوم صحيفة دانماركية على نشرها لبعض الرسوم المسيئة فما معنى أن نقوم نحن بنشر الكتب المسيئة ونعطي لها رقما من الهيئة القومية لدار الكتب ؟ ! ففي الأسبوع الماضي وأثناء تجولي في معرض القاهرة الدولي للكتاب لاحظت وجود العشرات من الكتب التي تهاجم المسيحية وتزدري بها وهي معروضة على الملا جهارا نهارا كتب تهاجم الديانة المسيحية وتتهم المسيحية بالشرك وتقول أن المسيحية دين الوثنية كما أن هناك سي دي يوزع مجانا يحوى العشرات من هذه الكتب مثل لماذا كسروا الصليب؟ – الإله الذي لا وجود له – الجنس في العهد اليهودي القديم الجنسي النصرانية من الواحد إلى المتعدد – هاروني أم داودي – الكنيسة والانحراف
– أمة بلا صليب – أسلموا تسلموا – العقائد الوثنية في الديانة النصرانية – الشماس الذي أسلم ) ومن المؤسف أن هذه الكتب جميعها تحمل رقما صادرا من الهيئة القومية لدار الكتب. فإذا كنا نرفض أن يسئ الغرب إلينا فلماذا نسئ نحن إلى معتقدات الغير الذي يعيش معنا وبيننا ؟! إن علينا قبل أن نشير بإصبع الاتهام إلى الآخرين أن نتأكد من أننا أبرياء من ذات التهمة وعلينا قبل أن نتبرم من الجليد المتراكم على عتبة بيت الجار أن نزيل ما تراكم منه على أعتاب بيوتنا أولا !!!!!
#رفعت_فكري_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|