|
هل يمكن الحديث عن نقابات يسارية، وأخرى يمينية، وأخرى لا يمينية، ولا يسارية؟.....7
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 5657 - 2017 / 10 / 2 - 18:20
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
هيمنة النقابة رهينة باحترام المبادئ النقابية:.....2
وعندما يتعلق الأمر بمبدإ الجماهيرية، فإن احترامه يتجسد في تحويل التنظيم النقابي، من تنظيم نخبوي، إلى تنظيم جماهيري، من خلال انفتاح التنظيم على جميع القطاعات الاجتماعية، سواء تعلق الأمر بقطاعات القطاع العام، أو القطاع الخاص، على مستوى هيكلة التنظيم النقابي في مستواه القطاعي، وفي مستواه المركزي، حتى يصير، فعلا، معبرا عن جماهيريته، وعلى مستوى إعداد الملفات المطلبية، التي يجب أن تهم جميع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعلى مستوى البرنامج النضالي، الذي يجب أن يستهدف جميع الكادحين، وعلى مستوى المواقف، والقرارات النقابية، التي يجب أن تهم المجتمع ككل، من منطلق الربط الجدلي بين النضال النقابي، والنضال السياسي، حتى تعمل النقابة على أجرأة التجسيد الفعلي، لمبدإ الجماهيرية، الذي صرنا نفتقده في معظم التنظيمات النقابية، القائمة في الواقع، مع أنها مجرد تنظيمات جماهيرية، ليس إلا، وليست تنظيمات حزبية / نخبوية.
والتنظيم النقابي الذي لا يحرص على احترام مبدإ الجماهيرية، ولا يسعى إلى تفعيل هذا المبدأ على جميع المستويات، فإنه يتحول إلى مجرد تنظيم نخبوي، لا قيمة جماهيرية له.
والتنظيم النخبوي / النقابي، هو التنظيم الذي يصير إما بيروقراطيا، أو تابعا لحزب معين، أو حزبيا، أو مجرد إطار للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، وهو الذي لا يخدم إلا مصالح النخبة، مهما كانت هذه النخبة بئيسة، ومنحطة، وهو ما لا يترتب عنه إلا نقابة النخبة، التي لا يمكن أن تكون إلا نقابة الانبطاح التي تعني ما تعني.
وفيما يخص مبدأ الاستقلالية، فإن ما نعرفه، وما هو مدون في كل الأدبيات العلمية، أن الاستقلالية، تعني أن يكون الإطار غير مرتبط بأي جهة، تؤثر في قراراته، أو تتحكم فيها، أو توجهها.
فقرارات الإطار النقابي المستقل، تتحدد بعيدا عن الحزب، أي حزب، مهما كان لونه، وعن أي جهاز من أجهزة الدولة، وعن الدولة نفسها؛ لأن النقابة، إذا تحكمت القيادة البيروقراطية في قراراتها، تكون غير مستقلة، وإذا اتخذت قراراتها، بناء على توجيه حزبي معين، فهي تابعة لذلك الحزب، مما يفقدها الاستقلالية، وإذا نفذت القرارات الحزبية في المجال النقابي، فهي حزبية، مما يفقدها كذلك استقلاليتها، وإذا اتخذت الإطار للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، فهي مجرد نقابة للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، وإذا اتخذت قراراتها بناء على توجيه من الدولة، فهي تابعة للدولة، وإذا قامت بتنفيذ قرارات الدولة، فهي نقابة الدولة.
ونقابة كهذه الأشكال من النقابات، إما أن تكون في خدمة القيادة البيروقراطية، في مستوياتها المختلفة، أو في خدمة حزب معين، تعتبر نفسها تابعة له، أو حزبية، تنحصر مهمتها في تنفيذ القرارات الحزبية، أو إطارا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، أو في خدمة الدولة، أو إطار لها، ولا يمكن اعتبارها مستقلة أبدا، مهما كانت المبررات، خاصة، وأن النقابة التي تفقد استقلاليتها، لا يمكن أن تكون ديمقراطية، وتقدمية، وجماهيرية، ووحدوية؛ لأن النقابة المستقلة، لا يمكن أن تكون بيروقراطية، أو تابعة لحزب معين، أو حزبية، أو إطارا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، كما لا يمكن أن تكون تابعة للدولة، أو إطارا لها، حتى تتمكن من اتخاذ كل قراراتها باستقلالية تامة، عن كل الجهات التي يحتمل سعيها للتحكم في القرارات النقابية، وبطريقة ديمقراطية تقدمية، خدمة لجماهيرية النقابة، بما فيه مصلحة للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وسعيا إلى أن تتفاعل الجماهير الشعبية الكادحة مع القرارات النقابية المستقلة، تفاعلا إيجابيا.
وبانتقالنا إلى وحدوية النقابة، نجد أن هذه الوحدوية، ليست مجرد شعار، أو مجرد تنسيق مع نقابات بيروقراطية، أو تابعة لحزب معين، أو حزبية، أو مجرد إطار للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، أو تابعة للدولة، أو مجرد إطار لها. إنها عمل شمولي متواصل، يهدف إلى جعل العمال وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يرتبطون بالنقابة، تنظيميا، ومطلبيا، وبرنامجيا، ومواقفيا، ونضاليا، ومن أجل أن تصير النقابة لجميع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يجدون فيها ما يريدون، مما يجعلها معبرة عن طموحاتهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لتصير النقابة، بذلك، مجسدة لمبدإ الوحدوية.
أما ما نراه اليوم من عمل تنسيقي، بين مركزيات لا مبدئية، ولا تحترم فيها المبادئ، لا يمكن أن يكون وحدويا، بقدر ما هو عمل مشترك لا مبدئي، ولا يحترم المبادئ النقابية، ولا يكون إلا محكوما بحسابات سياسوية ضيقة، لا ضد الطبقة الحاكمة، ولا ضد حلفاء هذه الطبقة، بقدر ما هو ضد أداة من أدواتها، وكأن تلك الأداة تتصرف خارج قرارات الطبقة الحاكمة.
فالحكومة المغربية، التي تناضل التنسيقية النقابية ضدها، هي مجرد أداة من أدوات الطبقة الحاكمة، التي تتحدد مهمتها في ممارسة قمع الشعب المغربي، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وترويضه، ليصير قابلا بالاختيارات الرأسمالية التبعية، اللا ديمقراطية، واللا شعبية، التي تنهجها الطبقة الحاكمة، وتوظف لأجل فرضها على الشعب المغربي، مجموعة من الأدوات القمعية، التي يأتي على رأسها الحكومة، التي تقود مختلف الأدوات القمعية الأخرى، حتى يسلم الشعب المغربي، بقبول تلك الاختيارات. والعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لا علاقة لهم بما تقوم به التنسيقية النقابية، التي صار يتحكم فيها ثلة من الانتهازيين، محليا، وإقليميا، وجهويا، وأصحاب المصالح المترتبة عن استغلال العمل النقابي، لصالحها ولصالح النخبة النقابية، الممارسة للانتهازية النقابية.
ولذلك، فإن على النقابيين المخلصين للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أن يعملوا على تفعيل مبدإ الوحدوية، في إطار النقابة المناضلة، التي تتحول إلى إطار وحدوي فاعل، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
ومعلوم أن احترام ديمقراطية النقابة، وتقدميتها، وجماهيريتها، واستقلاليتها، ووحدويتها، يؤدي بالضرورة إلى تحقيق هيمنة النقابة، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لتصير النقابة المبدئية، التي تحترم فيها المبادئ النقابية مستجيبة للنضال، من أجل تحقيق طموحات الجماهير الشعبية الكادحة، في العمل على تحقيق مكاسب معينة لصالحها، وحماية ما تحقق من مكتسبات، وإلا، فإن عدم احترام المبادئ النقابية، وصيرورة النقابة غير مبدئية، لا يمكن أن يؤدي إلى هيمنة النقابة، والعمل النقابي، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، خاصة وأن القياديين النقابيين، صاروا يستبلدون العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. والعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ليسوا بلداء، وليسوا أغبياء، إنهم يتعاملون مع النقابة، والعمل النقابي، انطلاقا من واقع النقابة، وطبيعة القيادة، ومن واقع العمل النقابي الذي تنتجه، وانطلاقا مما يعرفونه عن النقابة، والعمل النقابي، وعن الأهداف المعلنة، وغير المعلنة، التي تسعى النقابة، المستبلدة لهم، إلى تحقيقها محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، مما يحول دون تحقيق هيمنتها المنشودة.
ومعلوم، كذلك، أن تحقيق الديمقراطية في النقابة، رهين بمدى احترام بقية المبادئ النقابية الأخرى.
فالنقابة التي لا تحترم فيها التقدمية، بالمعنى النقابي لمبدأ التقدمية، لا يمكن ان تكون ديمقراطية، والنقابة التي لا تحترم في إطارها الجماهيرية، كنقيض لنخبوية النقابة، لا يمكن ان تكون إلا بيروقراطية، أو تابعة لحزب معين، أو نقابة حزبية، أو مجرد إطار للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، أو تابعة للدولة، أو أحد أجهزتها، كما أن النقابة التي لا يحترم في إطارها مبدا الاستقلالية، هي نقابة غير ديمقراطية، أما عندما لا تسعى إلى أن تصير نقابة لجميع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي إطار وحدوين لا تكون كذلك ديمقراطية؛ لأن العلاقة القائمة بين الديمقراطية، وبين باقي المبادئ، هي علاقة جدلية. فإذا احترمت باقي المبادئ، كما هو مطلوب، فإن النقابة تكون ديمقراطية، وإذا لم تحترم باقي المبادئ، فإن النقابة، لا يمكن ان تكون ديمقراطية.
ولذلك وجب الحرص على احترام جميع المبادئ النقابية، في شموليتها، لبناء نقابة ديمقراطية حقيقية، وإلا فإن النقابة تبقى بدون ممارسة ديمقراطية حقيقية.
وعدم تفعيل الممارسة الديمقراطية، في مختلف الإطارات النقابية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، يعتبر إيذانا باعتماد الممارسة البيروقراطية في النقابة، التي تعبر بالفعل، وبالممارسة، عن اعتماد تلك النخبة النقابية، من مختلف الأجهزة النقابية، على ممارسة البيروقراطية؛ لأن تمكن النخبة، لا يمكن أن يتم إلا باعتماد الممارسة البيروقراطية، لخدمة مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، باعتبارها حاملة للعقلية البورجوازية الصغيرة والمتوسطة، المريضة بالحرص على تحقيق تطلعاتها الطبقية.
ومن واجب القواعد النقابية النظيفة، والمخلصة للعمل النقابي المبدئي، والمبادئي، والواعية بأوضاعها المادية، والمعنوية، وبالوضعية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية للمجتمع، وبطبيعة الاستغلال الممارس على العمال، وباقي الأجراء وسائر الكادحين، أن يتصدوا، وبشراسة، لعدم تفعيل الممارسة الديمقراطية، الناتج عن عدم احترام المبادئ النقابية، بما فيها مبدا الديمقراطية، والتصدي كذلك لتمكن النخبة من السيطرة على الأجهزة النقابية، التي توظفها لخدمة مصالحها، في أفق تحقيق تطلعاتها الطبقية.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نتحول، فعلا، في اتجاه المسار...
-
المهدي المنتظر...
-
أراك عصي الدمع، حين تطغى الكروب...
-
هل يمكن الحديث عن نقابات يسارية، وأخرى يمينية، وأخرى لا يمين
...
-
يا أحمد أوشن لقد فقدناك...
-
متى نصل فعلا إلى تحقيق: أن الدين شأن فردي...
-
نحن نشتغل، وسكان الريف يقمعون...
-
هل يمكن الحديث عن نقابات يسارية، وأخرى يمينية، وأخرى لا يمين
...
-
يا أيها الريف، لا تتقبل...
-
نبحث عن الشرف والشرفاء فلا نجدهما...
-
كيف السلو وأنت غير مؤتمن...
-
هل يمكن الحديث عن نقابات يسارية، وأخرى يمينية، وأخرى لا يمين
...
-
في صباح تتزاحم فيه كل الأفكار...
-
هل يمكن الحديث عن نقابات يسارية، وأخرى يمينية، وأخرى لا يمين
...
-
الغاية من الحكم بعشرين سنة، وبعشرين ساعة قراءة...
-
هل يمكن الحديث عن نقابات يسارية، وأخرى يمينية، وأخرى لا يمين
...
-
لا فرق بين أحمد أو شن وبين حزب الطليعة...
-
هل يمكن الحديث عن نقابات يسارية وأخرى يمينية وأخرى لا يمينية
...
-
أبجدية القمع من أجل الخضوع...
-
متى نصل فعلا إلى تحقيق: أن الدين شأن فردي.....2
المزيد.....
-
WFTU Declaration in Solidarity with the Arrested Unionists i
...
-
العملاق الألماني فولكسفاغن يعاني: إضراب وسط تفاقم الأزمة!
-
ألمانيا.. إضراب ما يقرب من 100 ألف عامل في -فولكس فاجن-
-
بعد مشاركة 100 ألف عامل.. إنهاء إضراب فولكس فاغن التحذيري
-
بيان الذكرى 72 لاغتيال الزعيم الشهيد فرحات حشاد على الع
...
-
دعوى على أبل بسبب -التجسس على الموظفين-
-
المرصد العمّالي يطالب بتحسين البنية التحتية بالقطاع الخاص لت
...
-
المرصد العمّالي يطالب بتحسين البنية التحتية بالقطاع الخاص لت
...
-
” 200 مليون دينار ” سلفة من مصرف الرشيد فورية في حسابات المو
...
-
القدس.. موظفو مستشفى المقاصد يطالبون برواتبهم
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|