|
حوار حول الذكرى المئوية للثورة البلشفية
رزكار عقراوي
سياسي واعلامي يساري
(Rezgar Akrawi)
الحوار المتمدن-العدد: 5657 - 2017 / 10 / 2 - 02:40
المحور:
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا
تستضيف جريدة النهج الديمقراطي - المغرب الرفيق رزكار عقراوي وهو ماركسي مستقل من العراق. المنسق العام لمؤسّسة الحوار المتمدن، ومنسق مركز دراسات وأبحاث الماركسية واليسار. وتعتبر الجريدة مناسبة الذكرى المئوية للثورة البلشفية فرصة لتمثين روابط التعاون بين المناضلين الماركسيين وبين الاعلام المناضل وهي توجه تحية اكبار وتقدير للرفيق رزكار عقراوي وجميع عضوات وأعضاء فريق الحوار المتمدن الذي شق لنفسه مكانة رفيعة وسط الماركسيين ومجموع المناضلين اليساريين بمنطقتنا.
1: بأي معنى تعتبر ثورة أكتوبر 1917 هي سلطة العمال؟
اعتقد ان ثورة أكتوبر 1917 الاشتراكية في روسيا كانت أحد أهم الاحداث في القرن العشرين إن لم تكن أبرزها، وأكيد ان تقييمها كحدث حافل ومهم جدا لابد أن يتم وفق السياق التاريخي ويستند إلى الظروف المحلية والعالمية آنذاك، وكذلك دراسة الإيجابيات والسلبيات ولابد أن نشترك جميعا في الحوار حولها من اجل تطوير الفكر والنضال الماركسي - اليساري والياته والاستفادة من تجربتها الكبيرة. بلا شك ان ثورة أكتوبر كانت ثورة عمالية عارمة احتجاجا على الأوضاع السيئة في روسيا وتفشي الفقر والتفاوت الطبقي الهائل وقادت كل المضطهدين للاستيلاء على السلطة السياسية و إدارة المجتمع من خلال -السوفيتات - المجالس العمالية، كانت تلك المجالس النموذج الواقعي للسلطة الديمقراطية العمالية بإشراك جميع الفئات الكادحة والجنود، وكانت مثلا للقيادة الذاتية للجماهير لنفسها، وكانت نمطا معاصرا جديدا للسلطة وإدارة المجتمع غير مألوفا وفق المفاهيم البرجوازية السائدة لإدارة السلطة والتنظيم الحكومي. لقد كانت الثورة النموذج الناجح لأول سلطة منظمة للعمال في العالم بعد التجربة القصيرة في كومونة باريس 1871.
2: اي دور كان للحزب البلشفي في نجاح الثورة؟
شاركت الكثير من القوى الاشتراكية في التحضير وقيادة الثورة، ولكن كان للبلاشفة الدور الرئيسي في قيادة الثورة وإنجاحها رغم أنهم لم يكونوا يشكلون الأغلبية في مجالس السوفيتات التي تشكلت بعد ثورة شباط - فبراير 1917 . واستنادا إلى الشعار البلشفي الشهير - كل السلطة للسوفيتات - استطاع الحزب البلشفي في فترة قصيرة بناء السوفيتات والمؤسسات الشعبية الأخرى في معظم أنحاء روسيا وطرح قضية الثورة الاشتراكية بعد ما كانت مفاهيم الثورة -البرجوازية الديمقراطية - المهيمنة على فكر اليسار الروسي، طرح البلاشفة في منتصف عام 1917 في ان مهمات الثورة الديمقراطية والإصلاح الزراعي والقضاء على كافة بقايا الحكم القيصري بإشكاله المختلفة والوقف الفوري لمساهمة روسيا في الحرب العالمية الأولى، لا يمكن تحقيقها إلا باستلام العمال للسلطة السياسية بالتحالف مع الفلاحين والجنود.
3: ما هي الإضافات النوعية او ما هي التغييرات النوعية التي حققتها الثورة البلشفية للإنسانية؟
اعتقد ان الثورة البلشفية أضافت و أثرت كثيرا في الفكر الإنساني وفي مجالات عدة، حيث أعطت الأمل والمثل في إمكانية إسقاط النظام الرأسمالي وإحلال البديل الاشتراكي اللاطبقي، وإرساء دولة العمال والكادحين واثر ذلك بشكل كبير على كافة الحركات اليسارية والاتحادات والنقابات العمالية والمهنية وحفزها لتطوير نضالها في كافة أنحاء العالم وتصعيد سقف مطالباتها، ساهمت الثورة في تطور أفكار السيادة الشعبية والمساواة وثقافة حقوق الإنسان، وساهمت الثورة في تعزيز مفهوم إشراك كافة الجماهير في الانتخابات الحرة لجميع المسئولين والحق في عزلهم، وكان لها الدور الكبير في إعطاء مثال متقدم للمساواة الكاملة للمرأة وتطبيقه، الفصل التام للدين عن الدولة والحل الإنساني للمشكلات القومية، ضمان التعويض عن البطالة والكثير من الأمور الأخرى. وكان للثورة أيضا الدور الكبير في الضغط على الأنظمة الرأسمالية في الدول الغربية من اجل البدء بإصلاحات جذرية لصالح العمال والكادحين، بشكل عام كان لثورة أكتوبر دورا مهما وأساسيا في التطور الحقوقي للإنسانية وسيادة أفكار المساواة والعدالة الاجتماعية في العالم.
4: هل أثرت الثورة البلشفية على أوضاع شعوب العالم العربي وكيف؟
منذ بداية حكمها ركزت الثورة البلشفية على مواجهة المخططات الاستعمارية للدول الغربية وتم تأسيس "عصبة تحرير شعوب الشرق" من اجل حث شعوب الدول المستعمرة ومنها شعوب العالم العربي على الثورة ضد الاستعمار وكذلك النضال من اجل حقوق الجماهير الكادحة والتحرر الوطني، وقد قامت بنشر تفاصيل اتفاقية "سايكس- بيكو" والوثائق السرية الأخرى لدول الوفاق بشأن تقسيم العالم العربي بين الدول الاستعمارية، وأعلنت الثورة سياستها المناهضة للقوى الاستعمارية الدولية، وكان من المعتاد تداول نداءات الحكومة السوفيتية لشعوب الشرق ودعوتها إياهم لتحرير أنفسهم في الكثير من الصحف العربية آنذاك، مما كان لها صدى ايجابي بين شعوب العالم العربي واثر ذلك ايجابيا على تطور الحركة الشيوعية والعمالية والتحررية في عموم العالم العربي والشرق الأوسط.
5: كيف يمكننا الآن التحضير والنهوض بأعباء الثورة الاشتراكية مرة أخرى؟
نعم يمكننا تغيير النظام الرأسمالي بغض النظر عن الأسلوب، ولكن السؤال هنا هل سنستطيع تغييره بالتمسك الحرفي بنصوص واليات عمل وتنظيم تقليدية تعود إلى أكثر من مئة سنة!، في حين ان الرأسمالية تطور نفسها على مدار الساعة بل الدقيقة؟ برأيي الجواب سيكون "لا"، اذا لابد ان نواجه الرأسمالية بأسلحتها المتطورة، ولابد من التحديث والتجديد الكبير و مسايرة التطور العلمي والمعرفي الهائل في مختلف المجالات والاستفادة القصوى منها واستخدامها في نضالنا من اجل التغيير وعمل وخطاب أحزابنا اليسارية، ومن هنا طرحت مفهوم اليسار الالكتروني(E-Left) ، وهو برأيي طرح علمي حديث لمفهوم اليسار وآليات عمله، وسأطرح هنا أهم أبرز أسسه وبشكل مختصر:
1. يسار يستند إلى التطور المعرفي والعلمي العقلاني للفكر اليساري والإنساني، وقادر على الاستفادة واستخدام التطور العلمي والتكنولوجي في عمله النظري والسياسي والتنظيمي والإعلامي والثقافي والجماهيري. ويطرح سياسات واقعية وينطلق من قدراته وقدرات الفئات التي يدافع عنها ودرجة تطور المجتمعات في تحديد مهماته، لكي لا يبتعد بأهدافه وأطروحاته ويهيم في النصوص النظرية الجامدة والتي حولت من قبل الكثير من اليساريين إلى – نصوص مقدسة - و صالحة لكل الأزمان والأمكنة.
2. يستند ويتوجه بشكل رئيسي نحو العمال وعموم الجماهير الكادحة والطاقات الشابة المتعطشة للتحديث والتغيير، ويري من الضروري الوصول إليها وحشد طاقاتها باستخدام التقنيات الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي التي يستخدمونها الآن. ويؤكد أن الإنسان وحقوقه الكاملة هي الأساس، ويبتعد في عمله وتحالفاته عن القوى الاستبدادية، ويؤمن بالمساواة الكاملة للمرأة والتميز الايجابي، بتكريس حصة (كوتا) تصاعدية في مؤسساته.
3. ذو تنظيم جماعي مرن ويؤمن بتعدد المنابر والاجتهادات الفكرية والتنظيمية داخل الحزب الواحد. ويعمل على عقد مؤتمرات ديمقراطية علنية مفتوحة بعد تحضير واسع وتبث بشكل علني. ويلتزم بالشفافية والجماعية، واحترام الرأي والرأي الآخر. ويركز على التفاعل المتبادل مع الجماهير ودعوتهم للمشاركة في إقرار سياساته والحوار عليها، وعلى تداولية القيادة ونبذ عبادة الفرد.
4. يعمل من اجل وفي إطار حركة اجتماعية واسعة متجاوزة للأطر الحزبية ويرفض التعصب التنظيمي، ويعمل وينسق مع القوى اليسارية والديمقراطية الأخرى وفق نقاط الالتقاء المشتركة ويمارس الحوار الحضاري البناء حول الاختلافات، وينسق عمله إقليميا وعالميا مع القوى اليسارية في العالم ويدعم بعضها الآخر.
5. ينمي قدرات أعضائه وقياداته في استيعاب التطور التكنولوجي والتقني واستخدامها في كافة المجالات، مما سيؤدي التي تطوير العمل كماً ونوعاً، وإلى تخفيض المصاريف في ظل الأزمة المالية المزمنة التي تعاني منها معظم فصائل اليسار.
الشكر الجزيل لرفيقاتي ورفاقي في النهج الديمقراطي – المغرب على استضافتي وتقديري الحار لنضالهم ونضال كل الفصائل اليسارية في المغرب.
#رزكار_عقراوي (هاشتاغ)
Rezgar_Akrawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نعم لمبادرة الأمم المتحدة حول الاستفتاء، لا للتعصب والكره ال
...
-
رسالة إلى اللقاء اليساري التحاوري الثاني في العراق
-
استفتاء من اجل الاستقلال؟، ام تعزيز وتكريس الدكتاتورية والفس
...
-
نحو مقاطعة الاستفتاء حول استقلال إقليم كردستان العراق!
-
مشروع تحالف - وحدة اليسار العراقي إلى أين؟ حوار مفتوح مع الر
...
-
وحدة قوى اليسار العراقي، الأطر والآليات والآفاق!.
-
نحو تحالف واسع لقوى اليسار في العراق، مقترحات لخطوات عملية.
-
بأسم الدين والقومية باكونا الحرامية! التيار الديمقراطي والأح
...
-
نحو إلغاء عقوبة الإعدام في العراق وعموم العالم العربي *
-
رسالة الى اللجنة التحضيرية للقاء جمعيات ومنظمات ونشطاء حقوق
...
-
ملاحظات حول -التيار الديمقراطي- في العراق
-
القذارة في السفارة!، حول النشاطات السياسية - الثقافية للسفار
...
-
لمن نصوت؟ الشيوعي الكردستاني ام حركة التغيير في انتخابات برل
...
-
التعويض مقابل النضال الشيوعي حق أم لا؟!، توضيح وردود
-
النضال بمقابل!، حول تقاعد -الأنصار الشيوعيين- في العراق
-
آفاق الشيوعية العمالية في العراق
-
توضيح ضروري
-
الكرد - بترو دولار*، وتأثيره السلبي على اليسار والديمقراطية
...
-
الشيوعية العمالية، الحكمتية، إلى أين؟
-
رسالة مفتوحة إلى الرفيق حميد مجيد موسى - سكرتير اللجنة المرك
...
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
الإنسان يصنع مصيره: الثورة الروسية بعيون جرامشي
/ أنطونيو جرامشي
-
هل ما زَالت الماركسية صالحة بعد انهيار -الاتحاد السُّوفْيَات
...
/ عبد الرحمان النوضة
-
بابلو ميراندا* : ثورة أكتوبر والحزب الثوري للبروليتاريا
/ مرتضى العبيدي
-
الحركة العمالية العالمية في ظل الذكرى المئوية لثورة أكتوبر
/ عبد السلام أديب
-
سلطان غالييف: الوجه الإسلامي للثورة الشيوعية
/ سفيان البالي
-
اشتراكية دون وفرة: سيناريو أناركي للثورة البلشفية
/ سامح سعيد عبود
-
أساليب صراع الإنتلجنسيا البرجوازية ضد العمال- (الجزء الأول)
/ علاء سند بريك هنيدي
-
شروط الأزمة الثّوريّة في روسيا والتّصدّي للتّيّارات الانتهاز
...
/ ابراهيم العثماني
-
نساء روسيا ١٩١٧ في أعين المؤرّخين ال
...
/ وسام سعادة
-
النساء في الثورة الروسية عن العمل والحرية والحب
/ سنثيا كريشاتي
المزيد.....
|