|
نصيحة إلى الدكتور فيصل القاسم : - أغمض عينيك عندما تنام -
أنيس يحيى
الحوار المتمدن-العدد: 1463 - 2006 / 2 / 16 - 12:02
المحور:
الصحافة والاعلام
نصيحة إلى فيصل القاسم : " أغمض عينيك عندما تنام " لا أدري كيف تبادر لي أن الدكتور فيصل القاسم ، وهو الاعلامي المتميز لا يغمض عينيه أثناء النوم . ولو كان الذي بيننا يسمح بالمداعبة لنصحته أيضاً بعدم إبقاء نظارتيه الشفافتين على وجهه عندما يأوى إلى الفراش . عندما أشاهد الدكتور فيصل في برنامجه " الاتجاه المعاكس " ، أو عندما أقرأ له مقالة ما ، تختلط عندي الرؤيا . أراه واقفاً مع الليبراليين ، لكنه يتحدث بلغة خصومهم . ها هو في مقالته الاخيرة " لماذا لا يتوارون خجلاً ؟ "يكيل التهم ، وشيئاً من الشتائم لل " متربليين " . فهم عنده " مروجو الهزيمة " و " وجلادو الذات " .إلى غير ذلك من النعوت التي لا تعبر إلا عن حالة انفعالية متمكنة من صاحبها ؛ وكأني به يعاني من حالة اختناق شديدة دون أن يدري أن الاصابع التي تشد على عنقه هي أصابعه بالذات . في البداية لا بد من الاعتراف أن الليبراليين مثل سواهم من البشر ، يخطئون أحياناً ، إلا أن أخطاءهم تبقى أخطاء الذاهبين إلى أحلامهم ، وإلى ما يرتسم من بشائر لغد أكثر فرحاً . وأظن أن تهم الدكتور فيصل وشتائمه ستكون أشد أذى لو حاول الليبراليون القول أن عالمنا العربي على خير ما يرام ؛ حريات ، تنمية ، عصرنة ، إلى ما هنالك من مفردات يصعب العثور على مدلولاتها في دنيا العرب . هنالك قول لأدونيس : " لا نستطيع أن نغلب الموت إلا بوسيلة واحدة : أن نسبقه إلى تغيير العالم " . ماذا يفعل الليبراليون سوى محاولاتهم ، المكلِفة جداً استباق الموت ، وتغيير عالمنا العربي الذي ما زال واقفاً في المكان الذي وقف فوقه أجدادنا منذ قرون ؟ يخطىء الليبراليون في التعاطي مع تلك الثقافة الجامدة التي ما زالت تحتفظ بالأظافر والأنياب ؟ ممكن جداً . إلا أنهم مصممون على إحداث التغيير . ومن الخطأ اعتبار ما تقوله غالبية الليبراليين ، محاولة " لتثبيط الهمم وتكريس الروح الانهزامية " . فالخطأ هو في الاستكانة إلى واقع محكوم من غيبيتين : الجنة والنار . والمحنة الكبرى ، وقد ابتليَ فيها الدكتور فيصل ، هي اعتبار كل مَن يُظهر تألماً من الواقع ، أو مجاهرةً بعوراته التي لا تحتاج إلى كبير عناء لاكتشافها ، يتّهم بـ " طابور خامس " ، وقد ذهبتْ بعض التهم إلى حد العمالة والخيانة . لا بدّ من إعادة النظر في كل شيء .. وكل مَن يحمل من العرب قلماً ، أو يطل على شاشة من الشاشات الكثيرة ، ولا يعترف بأن ما نتخبط فيه هو من فعل ثقافة راكدة ، متمكنة منا ، هو من دعاة استمرار الواقع المفضي إلى الانهيار ، أدرك ذلك أو لم يدرك . أما السهولة التي يلجأ إليها البعض في إلقاء المسؤولية على اميركا والغرب ، ما هي في الواقع سوى إمعان في الانهيار . ليس لأن اميركا والغرب لا يسعيان بشراسة من أجل مصالحهما في شتى أقطار الأرض ، إلا أننا كما أرى فاقدوا المناعة ، ونرتجل خطابات لا يفهمها سوانا . إن من الدلائل التي يعتمدها الدكتور فيصل لتأكيد غربة الليبراليين عن الشارع العربي ، هو انتصار حركة حماس في فلسطين والاخوان المسلمون في مصر . لا أعتقد أن أحداً يعيش وهماً مفاده أن الليبرالية تغلب على الشارع العربي . لكن وصول هذه التيارات الدينية إلى بعض البرلمانات كان بأدوات جاء بها الليبراليون . فجميعنا يعرف أن الانتخابات ، وتداول السلطة هما مفهومان طارئان على عالمنا العربي الذي اعتبر لقرون أن الحاكم يملك تفويضاً بالارض وما عليها . أما الأمر الذي يخشاه الليبراليون هو تنكّر الواصلين إلى السلطة ، من الآلية التي وصلوا من خلالها ، وأعني : الانتخابات والديقراطية . وليكفّ البعض عن الشعارات التي تُرفع بين الحين والآخر بأن الديمقراطية سلعة غربية لا تتلآم مع ثقافتنا المتوارثة . كيف نستطيع يا دكتور فيصل اعتبار ما هو في العراق اليوم " فشل ديمقراطي كارثي " ؟ لا شك أن واقع العراق يشهد انهيارات حقيقية . أكان هذا بسبب الديمقراطية ؟ أم بسبب نظام صدام حسين الذي تحكّم بالعراق لعقود ؟ الفعل الذي تتحمل الديمقراطية مسؤوليته ، هو عندما جعلتنا نرى واقع العراق على حقيقته . إن تحميل الديمقراطية مسؤولية الواقع " الكارثي " في العراق هو محاولة جديّة جداً لدفع أجيالنا نحو اليأس والاحباط . بماذا تنصح يا دكتور هذه الاجيال للوصول إلى حيث تقف شعوب العالم الحرة ؟ لن تجد في المعاجم التي أمامك سوى الليبرالية بمضمونيها ؛ الحرية والديمقراطية . فاليبرالية هي في النهاية أهم انجازات البشر حتى اليوم ؛ ففي راحابها يستطيع الجميع أن يحيوا بعقائدهم وأعراقهم دون إكراه أو اضطهاد . والليبرالية ليست مفهوماً جامداً يصعب نقده ، لذا نجد الأحرار في العالم منكبون على إضافة ما تحتاجه من عدالة اجتماعية واقتصادية . أخيراً ، وأمام هذا التآكل الداخلي الرهيب ، يطل علينا الدكتور فيصل القاسم بسؤال عن الليبراليين " لماذا لا يتوارون خجلاً ؟ " أغمض عينيك عندما تنام يا دكتور فيصل وإلا ازدادت أعداد النوارس التائهة .
#أنيس_يحيى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاعلام العربي .. إلى أين ؟؟
-
الزعامة الدرزية .. خيار جنبلاط أم قدره ؟؟
-
عبد الحليم خدام يقدّم ال- نقوط - قبل موعد العرس
-
هنالك أودعتُ أسلحةَ الضحيّة
-
ألوانٌ كلها حمراء
-
لبنان الوطن .. هل مازال مشروعاً قيد التجربة ؟؟
-
أنا لا يُوحى إلي
-
أيها الأمريكيون .. لماذا تركبون سيارات الهامر Hammerعند إثار
...
-
أيها الأمريكيون .. - تحريركم - لنا أصبح يخيفنا ..فالتدمير تا
...
-
نشأة اسرائيل تعبير عن معاناة الشعبين ؛ الفلسطيني واليهودي
-
المسيحيون وضيق الأمكنة في أرض العرب
-
العراق .. إذا غادره الجيش الأمريكي غداً !!
-
لا تستكمل فصول الحكاية .. عُد إلى بدايتها
-
كراهيتنا لأمريكا .. هل هي بمجملها مبررة ؟؟
-
حيث دفنا ملِكاً
-
أمريكا والشارع العربي .... - - كلام على مقربةٍ من مقالة الدك
...
-
تعليقٌ على مقالة الشاعر سعدي يوسف - المنتفجي .. رئيساً
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|