محمد مسافير
الحوار المتمدن-العدد: 5655 - 2017 / 9 / 30 - 02:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لم تكن تستطيع تحديد الأب يقينا، فقد تعددت علاقاتها زمن الشباب، وقد غدا الاختلاف بين الأبناء الثلاثة بيِّنا وساطعا، ولم تكن تحاول التستر أو الإنكار، إلا في علاقتها مع الأبناء طبعا، فكلما تكرر السؤال: أين أبونا؟ لم تكن تكلف نفسها عناء البحث عن مبررات الغياب، حيث كانت تكتفي بالقول: سيأتي في القريب العاجل...
كانت، كلما أرادت أن يخفضوا لها جناح الطاعة، وكلما لمحت فيهم بعض العصيان والجنوح، تتوعدهم بإخبار الأب الغائب، وتخبرهم عن جبروته ومدى فتكه ولا رحمته في عقاب المذنبين، وفي نفس الوقت، تحدثهم عن رحمته الواسعة ومدى كرمه وحبه وجوده بالمستقيمين الطائعين!
كانوا يصدقون ثارة، وثارة يكذبون، وحين اشتد عودهم، بدؤوا يسألونها عن دليل يفيد وجود أبيهم الذي طال غيابه، وكي تحفظ ماء وجهها، فقد كانت تصوغ بعض الرسائل المنثورة والموزونة، وتدعي أنه صاحبها، وكانت تتضمن فيما تتضمن، وعيدا للوقحين من الأبناء، وجزاء ينعم به المؤدبون...
ماتت الأم دون أن يظهر الأب، لكن الأبناء، استبطنوا فكرة وجود الأب لفرط ما ذكر، وبدؤا يمحصوا الرسائل، ويؤولوا القصد، ويختلفوا في ذلك، اختلفوا وتخالفوا وسالت وديان من الدماء في سبيل سراب أب!
#محمد_مسافير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟