|
كل الوفاء والحب في ذكرى رحيلك
امل كاظم الطائي
(Amal Kathem Altaay)
الحوار المتمدن-العدد: 5655 - 2017 / 9 / 30 - 01:20
المحور:
سيرة ذاتية
كل الوفاء والحب في الذكرى الثامنة لرحيلك والدي العزيز لن نساك يوما الذكرى السنوية الثامنة لوفاة والدي المغفور له المحامي "كاظم الطائي" في مثل هذا اليوم من العام 2009 انتقل الى جنان الخلد والدي اثر نوبة قلبية في مستشفى الكاظمية بعد صراع طويل ومعاناة مؤلمة من الشلل، ولد المحامي كاظم الطائي"رحمه الله " في بغداد في مدينة الكاظمية العام 1927 لاسرة معروفة وفي بيت علم ومعرفة فشقيقه الاكبر "محمد حس الطائي" رحمه الله الذي تولى تربية وتعليم والدي ليتمه وهو ابن 9 سنوات كان ضابط وتولى العديد من المناصب المهمة في الدولة ابان القرن الماضي فشارك في حرب 1948 في فلسطين وحرب 1967 ايضا، واشتهر بعلمه ورحمته وعدله، واخيه الاصغر المرحوم "عبد الدائم الطائي" كان مختار لمحلة الدبخانة في الكاظمية. تخرج المرحوم كاظم الطائي من كلية الحقوق جامعة بغداد العام 1952، وبدأ العمل مبكرا منذ كان طالب في الاعدادية واشتغل في دائرة البريد والبرق وفي دائرة الاعاشة في بغداد، بعد تخرجه وحصوله على ليسانس حقوق بدأ عمله كمحام في مدينة الكاظمية وله مكتب خاص به في الكاظمية في باب الدروازة قرب مخفر الشرطة القديم ومقابل مستشفى الكاظمية القديمة، وبقى في مكتبه هذا لغاية العام 2003، ترافع خلالها في الاف القضايا المتووعة كالقضايا السياسية والقضايا المدنية والشرعية والجنايات وغير ذلك، مشهود له بالامانة وحسن السمعة وانتدب لمرات عدة من قبل الدولة لتمثيلها في مناصب مختلفة وعرض عليه لاكثر من مرة لشغل منصب مستشار في الدولة او قاض في محكمة تمييز العراق او وزير عدل وكانت اجابته واحدة "الوظيفة طلقتها بالثلاثة " لن اكون عبدا للوظيفة وتمارس علي ضغوط فانا حر في رأيي وفي تفكيري وفي قناعاتي واتجاهاتي وميولي. حظي باحترام جميع الاحزاب ممن رافقوا شبابه وشيخوخته وكان ذا شخصية فريدة من نوعها جمعت في ثناياها قساوة ومعاناة المهنة مع حبه وولعه بالشعر والادب والفن. كان رحمه الله يعشق الشعر ويحفظه ويلقيه بطريقة جميلة ورائعة وله صوت جهوري. حوت مكتبته دواوين الشعراء لكافة العصورعلاوة على حبه للمطالعة. وكان بيتنا يزخر بلقاءات الادباء والشعراء من أمثال الشاعر" محمد صالح بحر العلوم" الذي نظم قصيدة يوم ولادة شقيقي الاكبر "حسان" والشاعر "عبد الرزاق عبد الواحد رحمهما الله و" الشاعر "مظفر النواب" عافاه الله وشافاه وكثيرون غيرهم ممن لم تسعفني الذاكرة لذكرهم. زرع فيَ حب الشعر وعلمني القائه فكان يشرف على تحفيظي شعر ابي تمام وانا ابنة اربع أعوام القيه امام ومسامع اصدقائه بعد ان يضعني فوق منضدة عالية وعند انتهائي يصفقون لي طويلا ويعطوني الشكولاته كتشجيع، وعند دخولي الروضة والتمهيدي تنبه الطاقم التعليمي لمواهبي وشاركت بالعديد والكثير من النشاطات الادبية والشعرية وصرت انضم شعر بسيط واسرد القصص، ولازلت احتفظ بالهدايا التي حصدتها في مسابقات نظمت في مدارس تربية الكرخ وعلى مستوى مدينة بغداد. لقد نمَى في رحمه الله حب الشعر والقراءة وورثت عنه قابلية الحفظ فكان مثلا يحفظ قصيدة عبد المحسن الكاظمي "لعب الطبيب ولاعجب" وياخذ مئة في مادة التاريخ. كان ذا بديهة حاضرة حاد الذكاء وفطن لايخش في الحق لومة لائم، ربانا على حب الوطن واحترام القانون وزرع فينا الثقة والاعتماد على النفس كان متنور وذو عقلية راجحة و منفتحة، يسافر كثيرا ويطلعنا على فوائد السفر ويصطحبنا معه ويقول للسفر فوائد جمة اولها التعرف على ثقافات الشعوب وعاداتهم وتقاليدهم واراحة النفس والاطلاع على علوم المجتمعات الاخرى. شارك في العديد من المؤتمرات الدولية لنقابة المحامين ك "مؤتمر المحامين الذي عقد في سوريا" العام 1969 ومؤتمر تونس العام 1979 ومؤتمر المغرب العام 1986 ومؤتمر الكويت العام 1988. تولى منصب المحامي العام لنقابات العمال في ستينيات القرن الماضي وله علاقات طيبة بالاستاذ ابراهيم جبوري اذا كان عضو مميز في اتحاد نقابات العمال وترافع عن العمال متطوعا ومما اذكر انه تولى الدفاع عن الدكتور "عبد جاسم الساعدي" رئيس جمعية الثقافة للجميع في قضية اضراب الزيوت مع زميله المحامي مؤيد الخطيب. كان حبه للوطن وتفانيه لا يعدله شئ وحقيقة دفع هو ونحن كعائلة ثمن هذا الحب والولاء غاليا وكنا ولازلنا نفخر بذلك فقد اعتقل العام 1948 لمشاركته بتظاهرات "دكة الجسر" كما تسمى ضد معاهدة برتسموث سيئة الصيت وسجن في "نقرة السلمان" لتظاهره العام 1956 ضد العدوان الثلاثي على مصر واعتقل في سجن السعدية واعتقل العام 1963 في سجن باب المعظم اثر انقلاب 8 شباط . ظلت السلطات تلاحقه ابان حكم البعث ولكن لم يستطيعوا اثبات شئ ضده سوى انه وطني يحب العراق ويدافع عن الفقراء والمظلومين، كان رحمه الله كريم الى درجة ان موكليه من باقي المحافظات يستضيفهم في الدار ويصرف عليهم حتى اذكر في يوم عاتبته والدتي بالقول" ماتجنيه من هؤلاء تصرف اكثر منه عليهم" يبتسم ويقول بود " ام حسان هؤلاء غرب في بغداد وليس لديهم اقارب هنا واكرام الضيف واجب". كان رحمه الله بار بنا وباهله يحب صلة الرحم حتى انه تولى تربية عائلة عمتي واولادها الثلاث وبقيت معنا حتى اتموا دراستهم وشغلوا وظائف في الدولة، كانت مسؤوليته جسيمة تجاهنا كعائلة كبيرة تتكون من 14 فرد ولكنه لم يشتكي يوم وكان يغدق علينا رحمه الله وعلى تعليمنا ونحمل اليوم جميعنا شهادات عليا وكذلك ابناء عمتي الذي اشرف على تربيتهم كانهم اولاده تماما، كان رحمه الله بار باهله لدرجة لاتوصف ويصل رحمه وكان بيتنا لا يخلو من زائرين ومقيمين وكان رحمه الله يحب الناس ويحب ان تكون الدار ممتلئة بالضيوف. تعلمنا منه الكثير ولكننا ولفرق العمر بينا وبيته لم نفهم او لم نستطع الارتقاء لمستوى تفكيره وعقليته وتدبيره، وكان يجيد فن المجاملات ويتمتع بعلاقات واسعة وجميلة مع شتى اطياف وصنوف المجتمع فالعمال يحبونه والفقراء واقاربه وذوي المناصب الرفيعة ياخذون بمشورته وحتى زعماء الاحزاب وممن يتمتعون بمناصب رفيعة في الدولة كانوا يستأنسون برأيه ورجاحة عقله. حين علمت بوفاته كنت خارج العراق اتعالج وشعرت في حينه باليتم وفقدان شخص تربطني به صلة عميقة اكبر من صلة الدم كان صديقي ومثلي الاعلى في الحياة تعلمت منه الكثير، فقد خلق مني انسانة مثقفة واعية وكان يردد دائما " المرأة في العراق مظلومة، اريد منكن ان تكن قويات لعل الزمن ينصفكن ويتغير المجتمع". لا تكوني لينة ولا تجعلي الجهلة يسلبوك حقك، كوني قوية ولاتسمحي لصغار العقول والمعتدين بالبداوة والحكم العشائري يغلبونك على امرك فللمرأة حقوق شرعية ولكن العادات والتقاليد سلبتكن اياه. كان حنون لدرجة انه لا يستطيع رؤيتنا نتألم اذا المَ بنا مرض او ماشابه، اسماني امــل لسببين الاول لانه خرج من الاعتقال بعد انقلاب 8 شباط الاسود العام 1963 وكاد ان يعدم، والثاني تيمنا باسم ابنة عمتي الدكتورة "امل الطائي" وقال نريدك طبيبة مثلها ولكن شاءت الاقدار ان اصبح مهندسة الكترونيات اعالج الحواسيب وابرمجها بدلا من البشر واظنها مهمة ايسر واجمل من الغوص في عالم الانسان ونفسيته واعضائه. اذكر يوم دخول دول الشر لبغداد العام 2003 وكنا قد تركنا دارنا لخطورة موقعه واستضافنا اهل شهربان والحق يقال اناس غاية في الجود والكرم، وبينما اشاهد التلفزيون سمعت ان بغداد احتلت وسيتغير نظام الحكم صعدت الى اعلى الدار حيث كان يجلس في سطح الدار وقلت له سيتغير كل شئ ونتنفس الحرية ونكون كدولة الامارات سقطت بغداد " نظر لي شزرا والشرر يتطاير من عينه " وقال" لاتكوني جاهلة امريكا ليس لديها اصدقاء انما مصالح ولا تقولي سقطت بغداد قولي" تم احتلال بغداد" بعد لحظات رفع اذان الظهر في مدينة شهربان وقال المؤذن دم المسلم وماله وعرضه حرام فلا تسرقوا اموال الدولة ولا تستبيحوا الحرمات. فانهملت دموعه وقال : "اويلي جاءكم اهل العمائم والعكل وشوفوا شراح يسوون بيكم" وصمت ولم يزيد حرفا على ذلك. ما اشبه اليوم بالامس كانه الان امامي يتراءى لي نظراته مسكته لنظارته تأملاته وسعة علمه ونبوءته التي تحققت. رحمك الله يا أغلى واعز انسان على قلبي لو شاء الزمن وعشت لرأيتهم ما فعلوا من دمار وتشتيت وتقتيل وتهجير وسرقات، لقد تم بيع العراق بحضارته واوليائه وانبيائه وموروثاته وشعبه بثمن بخس لدول الشر مقابل ثمن زهيد. المهندسة امل الطائي 29 ايلول 2017
#امل_كاظم_الطائي (هاشتاغ)
Amal_Kathem_Altaay#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المواطن العراقي بين الامس واليوم
-
قلادة فضة
-
الفساد المالي والاداري في دوائر العراق الى اين؟؟؟
-
حقائق مرة في مجتمع عراق اليوم
-
موظفون يهجرون وظائفهم في مؤسسات القطاع العام العراقي قبل سن
...
-
امرأتان من العراق
-
رجلان وامرأة
-
على هامش اليوم العالمي لعيد المراة
-
الخصخصة هي العلاج الامثل للفساد الاداري والمالي في العراق.
-
في ذكرى تاسيس الجيش العراقي
-
اهلا العام 2017
-
امهات قيد الانتظار
-
المفصولون السياسيون في العراق مآرب ومكاسب
-
التهجير الممنهج للعراقيين
-
بارقة امل في عراق اليوم
-
في ذكرى ثورة 14 تموز المجيدة في عامها الثامن والخمسين
-
حقوق المراة في العراق ما بعد 2003
-
المعلم بين اليوم والامس
-
عراق اليوم ,الى اين وجهته؟؟؟
-
من هنا نبدأ...
المزيد.....
-
لقطات مروعة وثقتها كاميرا مثبتة على جسد ضابط وهو يضرب سجينًا
...
-
بعدما حاول منعه سابقا... ترامب يطلب من المحكمة العليا تعليق
...
-
محلل عسكري: الاتحاد الأوروبي يعاقب نفسه ولا حاجة لروسيا أن ت
...
-
جهاز الأمن الفيدرالي الروسي يحبط هجمات إرهابية ضد ضابط بوزار
...
-
نصيحة غذائية بسيطة لتحسين صحة القلب وتقليل الكوليسترول
-
أبرز الروبوتات الشبيهة بالبشر في 2024
-
أمل ينبعث من ركام الحرب في سوريا.. زوجان مسنان يعودان إلى من
...
-
زاخاروفا: الإنصات لزيلينسكي خطير لسببين
-
موسكو: الاستخبارات الأمريكية والبريطانية تحضران لاستهداف الق
...
-
وزير خارجية الهند يناقش المشاكل العالمية مع مستشار ترامب
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|