الهوية الوطنية … والهويات الفرعية

سعيد اسماعيل محمود

الحوار المتمدن-العدد: 1463 - 2006 / 2 / 16 - 11:51
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

تعمل الولايات المتحدة اليوم لاحكام هيمنتها على دول الجنوب وفق نظرية ( الفوضى البناءة ) و هكذا جاء قرار سلطة التحالف المحتلة بحل الدولة العراقية بعد هروب راس النظام المنهار و من التداعيات الملفتة لهذا القرار الخطير هو انبعاث نشاط قوى ما قبل الدول الوطنية العاملة تحت عناوين عرقية و دينية و مذهبية و عشائرية و الخ .... و جاء قانون ادارة الدولة المؤقت ( و عليه بصمات الصهيوني نوح فيلدمان ) ليوسس لشرعة جديدة هي الفيتو لكل ثلاث محافظات او اكثر ان ارادت الاعتراض حتى على الدستور او ان رغبت ان توسس لفيدرالية فيما بينها و ستكون هذه الفيدرالية في ظل الوافع العراقي مذهبية حتما او عرقية اي ستعكس صورة ما قبل قيام الدولة العراقية الحديثة .
و تطرح اليوم عناوين لعدة فيدراليات في الجنوب الشيعي ( ثلاث محافظات ) و الفرات الاوسط الشيعي ( خمس محافظات ) و الاقليم الغربي السني ( ثلاث محافظات ) فضلا عن اقليم كردستان الذي يختلف موضوعه جذريا هنا و يتعلق بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في العراق لكن القيادات القومية الكردية تسعى جاهدة لترويج فدرلة العراق بكل اقاليمه من اجل ان تكرس الامر الواقع بما يخدم اهدافها في اقامة الفيدرالية القومية تمهيدا للانفصال و نحن لا نفترض على ان يحقق الشعب الكردي رغبته في اقامة الدولة الوطنية الكردستانية فهذا حق ثابت لاي شعب اذا ما اراد ذلك و ساعدته الظروف الدولية و الاقليمية الا ان اعتراضنا ينصب على التنسيق الجاري بين القيادات البرجوازية الكردية و خبراء الدولة التلمودية لتقطيع اوصال العراق و هذا ما يلمسه اي مراقب بجلاء .. تقوم القيادات الكردية في السليمانية و اربيل كما في بغداد باحتضان و اسناد عناصر من المرتزقة و الوصوليين ممن يرفعون لافتة الفيدرالية في الجنوب و الفرات الاوسط و سواهما كما يحظى هذا النشاط برضا اميركي و بتشجيع حار من قبل التيار المتصهين في الادارة الامريكية الذي يتبوا اليوم مواقع هامة و من المفارقات العراقية المرة ان الدعاة المتحمسين للفيدرالية هم البعثيون لا غيرهم بعد ان مزقوا خرقتهم القديمة ( امة عربية واحدة ) و استبدلوها بتجزئة و تقسيم العراق ! فمن بين الامانة العامة لفيدرالية الجنوب على سبيل المثال باقر ياسين ( عضو قيادة قومية ) و محمد سليم الدراجي ( عضو مكتب ) و نجم عبد عذيب ( عضو فرقة ) و قد قضى هولاء ردحا من اعمارهم في خدمة فكر نازي و سلطة معادية للشعب . فمن اوكل لهؤلاء اليوم ان يتكلموا باسم اهالي الجنوب الذي سامهم النظام البعثي الساقط العذاب و الويلات . ان مثل هؤلاء الافاقين عليهم ان ينسحبوا من الساحة تحت ضغط الفعاليات الوطنية الشريفة السياسية و الثقافية و منظمات المجتمع المدني و ان تاخذ هذه الفعاليات دورها المعهود لرفع المطالب الشعبية الحقيقية و المهمات الوطنية الملحة الداعية الى ازالة اثار الحقبة البعثية و معاقبة المجرمين البعثيين كمقدمة ضرورية لتحرير العراق من المحتل الاجنبي و اعادة بنائه .
لقد كشفت الصحافة البنانية في العام 1982 عن سيناريو صهيوني يدعو الى تجزئة العراق الى ثلاث دويلات كردية وسنية و شيعية و اليوم يوفر الاحتلال الامريكي للبلاد الاجواء الملائمة لتنفيذ هذا السيناريو و لكن تحت عنوان الفيدراليات .
ان موضوع الفيدرالية و كل ما يحيط به يطرح علينا بقوة سؤال الهوية الوطنية المهددة بالابتلاع من الهويات الفرعية ( الطائفية و العرقية ) جراء الوعي الغائب للثقافة العراقية و السياسات القائمة على المحاصصة التي تمارسها القوى السياسية اللاعبة في الساحة

#سعيد_اسماعيل_محمود (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات