|
على العبادي ان يفكر عراقيا عصريا
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5654 - 2017 / 9 / 29 - 04:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد اجريت عملية الاستفتاء و ادلى الكوردستانيين بصوتهم لاستقلال كوردستان بنسبة ساحقة، و هذا اصبح واقعا و لابد ان يضعه الجميع امام الاعين و ينطلقوا من وراء اجراء العملية و الحدث كي يساهموا في ايجاد الحلول المناسبة لكافة المشاكل و القضايا المتعلقة بالشعب العراقي ان كان الهدف هو اسعاد العراقيين قبل الكوردستانيين و عدم عودة الخيبة و الخسران و استدامة الخسائر التي تكبدها الشعب العراقي بجميع مكوناته طوال عقود منصرمة . انها مرحلة لا يمكن ان تعيد ما سبقتها، انها يوم اخر و ليس هناك ما يفيد التعنت و العناد في التعامل مع ماحدث، و الامر المفروض النظر اليه هو؛ ماهو الطريق الاصح من اجل سلكه لتجنب الويلات و تكرار المآسي جراء ما حصل من تعامل المركز مع كوردستان دوما بعقلية الواقع و بالقوة التي جعلت دائما السلطة العراقية تنظر الى الكورد باستعلاء و لم تعتبر من التاريخ . لقد مرة عصر الدكتاتورية و هناك معادلات اقليمية تفرض ان يفكر العبادي بجدية و دقة متناهية كي لا يقع ضحية لتحركات مشبوهة من اجل ضمان مصالح الجوار، و انيقرا بدقة متناهية كل خطوة كي لا يجر البلاد الى حافة الخذلان و ان لا يقع في الاحتكاكات الدموية التي يمكن ان تؤدي به كما ادت الى دخول داعش الى الموصل بعد فشل و عدم معرفة الحسابات من قبل سلفه المالكي و لازال يغني لحد اليو م على ليلاه، على الرغم من انعدام الفرصة امامه للعودة . لقد فرض العبادي اسلوبه و توجهاته المختلفة و المتاثرة بطبيعته و ثقافته، و عليه ان يدوم في تحديد المسار الصعب فيما بعد الاستفتاء الكوردستاني كي يخرج من عنق الزجاجة بسلام و يتفوق على منافسه المالكي و ان ين ينجح من تخطي احتمال نشوب حرب خاسرة من بدايتها و لم يستفد منها الا المالكي الذي يريد ان يعود باي ثمن كان . هذا داخليا، اما دول الجوار، فلكل منهم اهدافه البعيدة و القصيرة المدى و لم يخسروا اي شيء بادخال العراق في نفق مظلم من الحروب الداخلية و الخلافات المستديمة التي تفتح فجوات كبيرة في كيان العراق المشتت و يمكنهم من فرض سطوتهم و نفوذهم لمدة اطول . فتركيا و هي التي بقت صامتة و تابعت الحرب العراقية الايرانية طوال ثمان سنوات و استفادت منها كما هي دول الغرب من النواحي السياسية الاقتصادية, و حارب العراق غريمها التاريخي ايران نيابة عنها، كما كان يفعله العراق من اجل ضمان مصالح الدول العربية و الغربية ايضا, و اصبح حارسا للابواب الشرقية لهم كما اعلنوا مرارا، و في النهاية فعلوا ما فعلوه و لم يوفوا بما كان المفروض ان يعملوه و خذلوا الدكتاتور و اجبروه على الاقدام على حماقته و راينا نتائج سلوكه و ما حصل . اليوم و بعد التغيير، فاننا دخلنا مرحلة جديدة و كان من الواجب ان ندخل في عصر التراضي و احقاق الحقوق المهدورة بسلام و امان، من اجل عدم الافراط بالفرصة التي سنحت من اجل تثبيت القيم العصرية الجديدة من تجسيد المواطنة و المساواة و الحرية و اليموقراطية و حق المكونات و التآخي و بناء دولة المواطنة و العصرية في التعامل مع الواقع و ما تتطلبه المرحلة و ما فرضته العولمة، الا ان الواقع تغير نحو شيء لم يكن الا تراجعا حتى عما كان ابان مرحلة الدكتاتورية من كافة النواحي، فبدلا من اقرار حق مكونات و التقارب و التعاون بين الجميع, فرض البغض و الكراهية و الخلافات الدينية و المذهبية و العرقية نفسها على الجميع و كان من الواجب على السلطة و من تراسها ان تفعل ما كان بامكانها ان تفعله و لم تفعل و بقت ساكنة دون حراك الى ان تدهور الوضع و اصبحت الخلافات العرقية و المذهبية سيد الموقف منذ العقد و النيف، ليس فقط هذا، بل تراجعت القيم التي كانت سائدة على عقلية العراقيين و قاوموا بها ما حاولته الدكتاتورية من مسحها، و كان بالامكان ان تبرز من جديد من اجل تجسيد الامن و الاستقرار السياسي الاقتصادي الاجتماعي، الا ان التغيير الذي حصل و في غفلة من الزمن اصبحت الانعطافة السياسية امرا محتوما و قد اودى ما بعدها بكل السمات الانسانية العفوية التي كان العراقيين يتنعمون بها، على الرغ من من العداء الدائم من قبل السلطات المتتالية للكورد و ثورته و عدم اللجوء الى الحلول الجذرية لقضيته كما هو حال دول الجوار التي يتواجد فيها الكورد ايضا حتى اليوم . لو تكلمنا بلغة الحقوق و الواجبات و ما تفرضه الاهداف و الامنيات و الاحلام لدى كل مكون و مجموعة اوحتى فرد من العراقين، نقول لابد للشخص الاول المتنفذ ان لا يلتفت الى ما تتاثر به مصلحته و ما تتطلبه مهامه الحزبية او ما يفرضه الصراع الحزبي و المنافسة الشخصية و المزايدات المطلوبة لاقتناص الاصوات لما تفرضه الديموقراطية العبثية التي يتحلى بها العراق، و استنادا على المستوى الثقافي العام و ما يسير عليه الشعب العراقي من خلفياتهم المختلفة و ما تفرضع عصارة العقل العام على سلوكهم و فكرهم و نظرتهم الى القضايا و المواضيع و كيف يتخذون الطريق المناسب لاتخاذ المواقف و التعامل مع القضايا المصيرية . اننا نعيش في عصر لابد ان تنحنى لغة الحرب و السلاح كما كنا نسير عليه حتى الامس، و ان يتمعن القائد المتنفذ جيدا في تاريخ المكونات و الحقوق التي يجب ان يتنعموا بها و يتخذوا الخطوات التي توفر لهم ما يمكنهم من اقرار حقوقهم دون اراقة قطرة دم . انني اتوسم من السيد العبادي ان لا يكون قائدا مسلكيا كما كان من سبقه او من سيروا امور البلد بعقليات محلية ضيقة الافق لم تخرج من قوقع و سمات العقلية الداخلية القديمة. انني اعتقد بان العبادي لو ابتعد عن مؤثرات من ينافسوه سيكون قائدا عصريا محنكا على الرغم من التزاماته العقيدية الدينية و ما تربى عليه حزبيا و ليس عائليا فقط، و لابد ان يخرج من طوق الصراعات الحزبية ذات المسار الواحد و ان يفكر مليا فيما يمكنه ان يبرز كقائد استثنائي خارج اطار الوضع الاجتماعي العام الذي لم يدع القادة ان يبدعوا في تسيير امور البلد، و ان يفكر مليا بمفرده بعيدا عن المؤثرات الخارجية و ما تفرضه المصالح المختلفة لدول الجوار، او ان يحاول ان يفلت منها بكل السبل المتاحة امامه, و الطريق الواسع المتوفر هو الاستناد على امنيات الجميع من المكونات التي تهدف و تطمح تحقيق مرامهم التاريخي، و ان لا يدع ان تسكب قطرة دم من اجل حتى العراق باكمله، لان الانسان اولا و الوطن من اجل الانسان وراحته و حياته و رفاهه وليس العكس . اليوم نحن امام اعقد قضية تاريخية لشعب ضحى بكل ما لديه طوال تاريخه و هو يعيش على جغرافيا خاصة به و لم يعتد على احد بل غُدر به كثيرا، و له وضع خاص لا مثيل له في العالم، و انه لم يحقق اهدافه و امنيات ابناءه نتيجة الظلم و الغدر الذي الحق به. و عليه يجب ان لا يفكر العبادي من زاوية ضيقة خاصة و كما فعل من سبقه، و ان يسجل لنفسه فخرا تاريخيا من تاسيس بداية صحيحة لامر سار خطءا منذ قرن او اكثرن و هي قصية التي تشعب منها الكثير و تاثر منها الجميع و خسر منها العديد و بالاخص شعوب العراق عربا و كوردا، و عليه ان يفكر مليا و يتخذ قرارات سليمة يمكن ان تفتح الابواب الصحيحة من اجل الحلول الجذرية و ليس الترقيعات التي سارت عليه الحكومات السابقة منذ عصور . و اننا على علم بان الخطوات المطلوبة تتطلب تضحيات على الصعيد الشخصي و التعالي من اجل النجاح على حساب الطموحات الخاصة الا ان العصر و ما يتميز به يوفر له الفرصة السانحة لايجاد الحلول على شرط ان يفكر و يتصرف و يواجه المعوقات بعقلية عصرية تقدمية متخذا الحق و الحقيقة سلاحا لتوجهاته وصواب خطواته و تحركاته دون ان يسمع من الازيز و الاصوات الشاذة في طريقه .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليس لدى احد القوة القانونية لالغاء نتائج الاستفتاء في كوردست
...
-
هذه المرة سوف يخسرون اكثر من النصف الاخر للشط العرب
-
هل المصلحة تنقض الديموقراطية و حق تقرير المصير؟
-
اية دولة كوردستان نريد ؟
-
لماذا يعارضون مساعي كوردستان الى الاستقلال ؟
-
لماذا كل هذا التهجم على الكورد ؟
-
این كانت الجامعة العربية عندما قُصفت كوردستان بالاسلحة
...
-
هل يمكن ابطال مفعول قرار البرلمان العراقي حول استفتاء كوردست
...
-
حان دور العقلاء ليؤدوا دورهم التاريخي في العراق
-
ليس بذنبه ان لم يحس بانه وطنه
-
دولة كوردستان بعيدا عن توريث الفوضى الحالية
-
يتحججون بحجج وهمية باسم ( جماعة لاء) لعرقلة الاستفتاء
-
حين يبلغ السيل الزبى
-
كيف نفند حجج جماعة كلا للاستفتاء
-
اصبحت الشعبوية آفة الشعب الكوردستاني
-
من خلق فوبيا الكورد لدى تركيا
-
خطوات تمهيدية لتسهيل اجراء عملية الاستفتاء
-
الخطر الاكبر هو فقدان الدولة الكوردستانية
-
القاسم المشترك الوحيد بين تركيا و ايران
-
الغاء الاستفتاء قرار انتحاري ؟
المزيد.....
-
-قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ
...
-
سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء
...
-
-سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد
...
-
برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات
...
-
بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول
...
-
مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
-
بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
-
-ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|