تحيرت وأنا أبدء بالكتابة عنك أيها العزيز أبا فراس ، فقد كنت مثال العراقي الأصيل الذي يعمل بمايؤمن ويجسد المباديء الى فعل .
تأكدت أن النخيل العراقي يموت حين يرحل عن أرض العراق فقد أدمن الشمس والتربة المالحة وأنفاس الطيبين من أهلنا .
المسافة بين عام 1970 وحتى عام 2003 لم تكن طويلة لكنك طوال أمتار هذه السنوات المتعبة كنت في القلب أحملك معي بداخله وأضع يدي فوق الصدر لكي لاتضيع منا .
صديقاً لكل العراقيين الذين يفرون الى دمشق من ظلم الطغيان والدكتاتورية ليس لديك حواجز أو شروط أو خلافات مع كل التيارات السياسية ، شرطك الوحيد الذي تغربت من أجله وناضلت من أجله هو خلاص العراق من الدكتاتورية وسلطة القهر والطغيان .
كنا نحلم سوية بوطن تكلله المحبة والسلام والديمقراطية لكنك رحلت سريعاً قبل أن تعود أجسادنا الفارة الى أرواحها النابتة في العراق ، لم تنتظر قوافل العودة أيها الحبيب وأستعجلت الرحيل .
كنت قد حدثتني في لقائنا الأخير عن جمال الموت جوار ضريح السيدة زينب بين قبر الجواهري ومصطفى جمال الدين وهادي العلوي ومقبرة الغرباء في دمشق ، وتصر على أن أعطيك وعداً بزيارة أو ربما لقاء في زمن كل مافيه غريب ، ويصلني خبر رحيلك عنا أيها الفارس الذي لم يكل من مقاومة الطغيان والظلم رغم غربتك ومرضك وتعبك الجسدي .
وداعاً أيها العراقي الأصيل فقد رحلت نخلة عراقية جذورها في النجف وأمتدادها غوطة دمشق حيث ستكون شاهدتك الأخيرة وعلامتك التي تميزك .
رحل علي كريم سعيد زاغي مؤلف كتاب ( اصول الضعف ) و( عراق 8 شباط 1963 مذكرات طالب شبيب ) و( البيرية المسلحة – حسن سريع ) رحل المعارض العراقي الوطني علي كريم سعيد عنا بعد أن قدم مايقدمه الرجال من فعل وقول وترجمة للمباديء والقيم التي أعطاها من عمره الكثير .
وداعاً أبا فراس وعهداً أنك ستبقى بيننا حتى نعيدك معنا ومع كل رموزنا الى حضن العراق البهي .
وداعاً أيها الأصيل ……….