أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - جلبير الأشقر - استفتاء الاستقلال الكردي الوهمي: انتهت السكرة وبدأت الفكرة














المزيد.....

استفتاء الاستقلال الكردي الوهمي: انتهت السكرة وبدأت الفكرة


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 5652 - 2017 / 9 / 27 - 15:13
المحور: القضية الكردية
    


وبعد، فماذا جنى شعب كردستان العراق من الاستفتاء الذي نظّمه رئيس الإقليم مسعود البارزاني يوم الإثنين الماضي؟ كانت حقاً «ضربة سيف في الماء» كما يقول تعبيرٌ فرنسي بليغ، إذ أن الاستفتاء لم يقدّم الإقليم خطوة واحدة في اتجاه الاستقلال المنشود، بل كان بتعريف القائمين عليه استفتاءً «غير ملزم» هو بمثابة استطلاع للرأي، ليس أكثر.
فماذا كانت العبرة إذاً من هذا الاستفتاء/الاستطلاع؟ أن الغالبية الساحقة من الشعب الكردي في شمال العراق سواء في كردستان أو في المناطق المتنازع عليها، وأهمها مدينة كركوك ومحافظتها، تؤيد فكرة الاستقلال؟ يا لها من مفاجأة! وكأن أحداً كان لديه أدنى شك في أن الرغبة في الاستقلال رغبة طاغية وجامحة لدى الشعب الكردي. بل ليس من شك في أنه لو تم استفتاء الأمة الكردية برمّتها، ولا سيما في تركيا وإيران بالإضافة إلى العراق بل وحتى في سوريا، خاصة لو جرى ذلك بالاتفاق مع حزب العمال الكردستاني وحلفائه الإقليميين، قلنا لو تم استفتاء الأمة الكردية برمّتها في تشكيل دولة كردية موحدة مستقلة، لأتت النتيجة بتأييد كاسح. ذلك أن الأمة الكردية، كأي أمة محرومة من السيادة ومجزّأة، تطمح إلى الاستقلال والوحدة، وهو حق لا ينكره عليها سوى أرباب الاضطهاد والطغيان أعَرَباً كانوا أم أتراكاً أم إيرانيين.
لكنّ انتقاد كاتب هذه السطور لتنظيم الاستفتاء في هذا الوقت، على غرار العديد من الكرد النيّرين غير الآبهين بالابتزاز القومي الذي يمارسه مسعود البارزاني وأعوانه وأنصاره، والذين أدركوا أن تحجّجه بحق تقرير المصير إنما هو «كلمة حق أريد بها باطل»، انتقادنا جميعاً لإجراء الاستفتاء في هذا الوقت بالذات لم يكن من باب إنكار الحق الكردي، بل وعلى العكس من باب الحرص عليه. والحال أن كردستان العراق بعد الاستفتاء الذي نظّمه البارزاني ليست أقرب إلى الاستقلال المنشود، بل إنها، والحق يُقال، أبعد منه وبدرجات خطيرة.
فعندما يستفيق شعب إقليم كردستان العراق من السكرة التي نظّمها البارزاني مدغدغاً مشاعره القومية، ودغدغة مثل تلك المشاعر إنما هي أسهل الوسائل المُتاحة لدى الحكّام الفاسدين لإلهاء شعوبهم عن فسادهم (وقد خبر العرب لجوء حكّامهم إلى مثل تلك الحيلة أمراراً لا تُحصى)، سوف يواجه كشف الحساب المرير. فالاستفتاء لم يأت بأي جديد لصالح الاستقلال الكردي، إذ أن نتيجته كانت معروفة سلفاً ولم يكن ثمة شك في ماذا سوف تكون، لكنّه أتى بتكالب ضد الاستقلال الكردي تفوق حدّته ما كان يمكن توقّعه.
إن الصورة لباهرةٌ ومقلِقة: لم يحقق البارزاني إجماع شعب كردستان العراق، إذ أن قسماً منه، ولو كان محدوداً، رفض الاستفتاء وقاطعه، بل أفلح بامتياز في تحقيق أوسع إجماع بين أعداء الشعب الكردي وشتى حلفائه الظرفيين، باستثناء الحكم الصهيوني الخبيث، على استنكار الاستفتاء، فضلاً عن إدانة الأمم المتحدة الرسمية له. فلنستعرض الحصيلة: الحكم التركي، المضطهِد الأكبر للشعب الكردي الذي تذيّل له البارزاني سنين طويلة (مثلما اعتمد والده في الماضي على شاه إيران حتى طعنه هذا الأخير في الظهر، ومثلما دعا هو صدّام حسين بالذات إلى التدخّل لدعمه عسكرياً ضد أنصار خصمه الكردي جلال الطالباني سنة 1994)، ذلك الحكم التركي الذي تواطأ معه البارزاني في ضربات متكررة ضد حزب العمال الكردستاني والذي اعتمد عليه اقتصادياً إلى حد جعل كردستان العراق مستعمرةً اقتصادية للرساميل التركية، ذلك الحكم أعلن أنه سوف يخنق الإقليم اقتصادياً لو تجرّأ كرد العراق على ترجمة استفتائهم الرمزي إلى واقع فعلي، وأنه لن يتردّد في التدخّل العسكري بحجة حماية الأقلية التركمانية وغيرها من الذرائع.
وكذلك فعل المضطهِد الكبير الآخر للشعب الكردي، ألا وهو الحكم الإيراني، الذي قطع الطريق الجوّي عن الإقليم ودعا كافة الحكومات المحيطة به إلى عزله برّاً. وقد ترافق الموقف الإيراني على غرار الموقف التركي بمناورات عسكرية من قبيل التهديد والوعيد. هذا وقد نجح البارزاني في تحقيق إجماع ضد الاستفتاء بين الزعامات الطائفية الشيعية في العراق، من التابعين لإيران أمثال نوري المالكي وعمّار الحكيم إلى المناوئين للهيمنة الإيرانية أمثال مقتضى الصدر، مروراً بصديق واشنطن حيدر العبادي. وإن حرص الولايات المتحدة، عرّابة استقلال كردستان العراق الفعلي منذ عام 1991 التي لولا حمايتها العسكرية لما نعم الإقليم بالازدهار الذي عرفه بينما كان سائر العراق يغرق في محنة عظيمة لا تزال مستمرة إلى يومنا هذا، إن حرص واشنطن على تدعيم العبادي إزاء منافسيه من حلفاء إيران وعلى إرضاء حليفها التركي قد جعلها تنضمّ إلى المندّدين بقرار البارزاني المضي في إجراء الاستفتاء.
ولو أضفنا إلى كل ذلك الانشقاق في الصفّ القومي الكردي الذي أنجزه قرار البارزاني، ولا سيما معارضة الحزب المهيمن سياسياً في أكبر أقسام الأمة الكردية، ألا وهو حزب العمال المهيمن في كردستان تركيا، وجدنا في المحصّلة أن كردستان العراق خرجت من لعبة الاستفتاء «غير الملزم» أضعف وأكثر عزلة مما في أي مرحلة من تاريخ الإقليم، تواجه تكالباً ضدها يُبعد حلم الاستقلال من التحقيق بدل أن يقرّبه.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البارزاني وتقرير المصير: كلمة حق أريد بها باطل!
- العالم العربي:”طور مضاد للثورة ليس هو ذاته غير مرحلة في السي ...
- ما دامت القوى التقدّمية عاجزة عن تشكيل بدائل قوية وحقيقية سن ...
- لا للقصف الجوّي الهمجي في سوريا واليمن!
- عن تدخل الدولة التركية في سوريا
- هل يستطيع الشعب إسقاط النظام والدولة لا تزال قائمة؟
- االربيع العربي وانتكاسته و اليسار -الزائف-
- نحو يسار تحرري وتقدمي في الشرق الأوسط
- ماذا حلّ بالربيع العربيّ؟
- فرنسا تعود إلى حالة الطوارئ
- حول العمليات العسكرية الروسية في سوريا
- المركزية الديمقراطية والمركزية البيروقراطية
- العالم العربي: “نحن ما زلنا في هذه السيرورة الثورية المنطلقة ...
- حول هجمة أواخر الربيع للدولة الإسلامية، ومستتبعاتها
- حوار مع جلبير الأشقر
- علينا أن نخلق قطباً ثالثاً
- ماذا تبقَّى من الربيع العربى؟
- هاجس انهيار للدولة السورية يستبد بالولايات المتحدة الأمريكية
- استمرار السيرورة الثورية في المغرب والمشرق وتحدياتها
- جلبير الأشقر- مفكر ماركسي من لبنان وأستاذ في معهد الدرسات ال ...


المزيد.....




- الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة ...
- الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد ...
- الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي ...
- الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
- هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست ...
- صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي ...
- الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
- -الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
- ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر ...
- الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - جلبير الأشقر - استفتاء الاستقلال الكردي الوهمي: انتهت السكرة وبدأت الفكرة