|
خطوط حمر ..تصبح ِبيْضا-.!
هادي فريد التكريتي
الحوار المتمدن-العدد: 1463 - 2006 / 2 / 16 - 12:22
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
بعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات ، حصلت قائمة الائتلاف الشيعي ، على أغلب مقاعد المجلس النيابي الجديد ، الذي يؤهلها تشكيل الحكومة الجديدة ، وبعد حسم تسمية رئيس الوزراء الجديد ، المتنافس عليها بين أطراف قائمة الائتلاف ، كثرت تصريحاتهم ، وخصوصا السيد عزيز الحكيم والجعفري ومن قيادي المجلس وحزب الدعوة ، عن الخطوط الحمراء التي يضعونها على الكتل أو الشخصيات النيابية ، في حالة الإقدام على تشكيل حكومة وحدة وطنية ، وقد تركزت هذه الخطوط وُشِدَدت ضد القائمة الوطنية العراقية ، بقيادة الدكتور أياد علاوي ، والتي تتألف من تنظيمات وطنية ديموقراطية وشيوعية ، كانت ترتبط مع القوى الاسلامية ـ الطائفية ( من المجلس والدعوة ) بتحالفات فيما بينها قبل سقوط النظام ، وبعده كذلك في مجلس الحكم . الموقف الجديد ، وخطوطه الحمراء ، لقائمة الائتلاف الطائفي ، لا يحظى بمواقف مؤيدة من عموم القوى السياسية العراقية ، فيما يخص تشكيل حكومة وحدة وطنية ، وخصوصا القائمة الكوردستانية ، التي ترى في الائتلاف الشيعي ، شريك حكم غير موثوق به ، من منطلق التجربة السابقة في الحكم ، فحكومة الجعفري ، التي يمثل وزراءها الأكثرية من قائمة الائتلاف ، قد همشت الوزراء الكورد وتجاوزت على صلاحياتهم ، كما تجاهلت نص الفقرة ج من المادة 58 من قانون إدارة الدولة ، فيما يخص قضية كركوك وحلها ، وبالمجمل لم ينفذ رئيس الحكومة ، على مدار فترة الحكم السابقة ، الإتفاق المبرم بين الشريكين ، بغض النظر عن المسؤولية التي يتحملها الكورد في الحكم لعموم العراق ، حيث اتسم موقفهم ـ الكورد ـ بالضعف والمهادنة طيلة حكم سنة من التحالف ، نتيجة لتجاهل دورهم ، أولا ، كشريك عراقي ، فاعل ومسؤول ، وثانيا ، إستئثار وهيمنة حكومة الائتلاف على ما تراه من شأنها في حكم العراق العربي ، بتنفيذ سياسة طائفية ، ضد كل مكونات الشعب العراقي ، من القوى السياسية الوطنية والديموقراطية ، وبقية الطوائف ، كل هذه ، انسحبت نتائجها السلبية على مصداقيـتهم ـ الكورد ـ وشراكتهم الوطنية ، في وطن موحد وواحد. بعد إعلان النتائج الانتخابية ، تغيرت الخريطة ، واختلفت المواقع للقوى السياسية ، فالقوى القومية والسنية ، إضافة للقائمة الوطنية العراقية ، إذا ما ائتلفت وتوحدت في برنامج سياسي ، أصبحت تشغل المرتبة الثانية في سلم القوائم بعد ائتلاف القوى الطائفية ـ الشيعية ، مما أفسح في المجال للقائمة الكوردستانية أن تناور ، لتحقيق مطالب أكثر ، وتهدد حليفها السابق في الحكم ، فيما إذا تمسك بخطوطه الحمراء ، خصوصا على القائمة الوطنية العراقية ، لهذا كان الرئيس جلال الطلباني صريحا وواضحا في معارضته لهذه الخطوط ، التي يضعها الائتلاف على القائمة الوطنية العراقية ، معتبرا " وجود خطوط حمراء على القائمة العراقية ، يعني خطوطا حمراء على التحالف الكوردستاني .." وهذا يعني أن خيارات أخرى مطروحة أمام الكورد للتحالف مع غير الائتلاف الشيعي ، في تشكيل الحكومة القادمة ، مما أدى إلى تراجع سريع ، ومسح كل الخطوط مهما كان لونها ، ومن أي كان مصدرها ، على لسان رئيس الوزراء المنتهية ولايته ، الجعفري ، حيث أعلن " لا خطوط حمر بالسياسة وإنما قناعات ، وتدرس حسب الاستحقاق الدستوري ، كل من في البرلمان له حق المساهمة في الحكومة ، ولا فيتو على أحد .." أما السيد الحكيم عبد العزيز فليس إعلان تراجعه بأقل سرعة من الجعفري ، حيث اعتبر " الخط الأحمر هو قضية الدستور واجتثاث البعث والموقف من الإرهاب والحرية والمساواة .." ولا أحد يدري من انتهك الدستور والحرية والمساواة ؟ أما اجتثاث البعث ، فحتى الآن لم تصدر فتوى بحق الجابري ، فهل كانت " الفضيلة " بعثية ، أم أنها تأسلمت وفق الظرف والحاجة ..!. حكومة الوحدة الوطنية ، إن تحققت بكل مكونات المجلس النيابي القادم ، يضع الائتلاف الشيعي أما مفترق طرق ، فالجابري ، رئيس حزب الفضيلة ، ( وهو من العناصر البعثية الموالية للنظام السابق ، له تنظيرات وآراء في تطوير حكم وقيادة صدام ) يرى أن حزبه " سيكون خارج تأييد حكومة الجعفري في حالة عدم تطبيق مشروع الإنقاذ الوطني الذي طرحه حزبه أثناء فترة ترشيحه لرئاسة الوزراء ، المتضمن معالجته للاحتقان الطائفي ، وإشراك مكونات الشعب العراقي في الحكومة القادمة " ، في حين يرى مقتدى الصدر أنه لا يعطي ثقته لحكومة تساهم فيها القائمة الوطنية العراقية ، هذه المواقف المتباينة من مكونات الائتلاف الشيعي تهدد بتصدعه ، والإطاحة به ، فعدم الاتفاق على تسمية مرشح رئيس وزراء للقائمة ، كادت أن تحدث شرخا بين مكونات الائتلاف ، المنسجم داخليا في مواقفه وتوجهاته السياسية ، وكاد أن يعصف به لولا التنازلات الباهضة التي قدمها حزب الدعوة ثمنا لترشحه لمنصب رئاسة الوزراء ، فكيف الحال إذا ما شكلت الحكومة من قوى لم توافق عليها مكونات البعض منه عليها ؟ خصوصا وأن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، تعني عدم تنفيذ البرنامج السياسي الخاص بالائتلاف ، وإنما يتضمن تعديل الدستور ، وعدم تنفيذ الفيدراليات الحلم الذي لم يتحقق . قال السيد عزيز الحكيم في وقت سابق ، " انفراد الائتلاف بالحكم فرصة لم تتكرر ولا يمكن تعويضها ، فعلينا أن نستغلها لتحقيق مطالبنا وأهدافنا " ضاعت الفرصة ، وما كان يخشاه قد تحقق ، فمن يتحمل مسؤولية الفشل .؟ وإذا ما رفض الائتلاف الطائفي ـ الشيعي ، من تشكيل حكومة وحدة وطنية ، تشارك فيها قائمة أياد علاوي ، فلن تنال ثقة المجلس الجديد ، وسيتحقق تحالف جديد بين القائمة الكوردستانية والقوى القومية والطائفية ـ السنية ـ إضافة للقائمة الوطنية العراقية ، وربما قوى أخرى من قوى الأئتلاف الشيعي نفسه ، تكون أكثريته النيابية من 143 نائبا ، قادرة على تشكيل أكثرية برلمانية ، تضع الائتلاف في موقف صعب ، أمام خياراته وبرنامجه المعد للتنفيذ . حكومة المشاركة بين الائتلاف الطائفي ـ العنصري أَخلًت كثيرا بالوحدة الوطنية ، ولم تستطع أن تحقق للعراقيين الأمن والاستقرار واستحقاقاتهم الحياتية ، حتى الضرورية منها ، كما أنها لم تحقق للكورد ما تم الإتفاق عليه بينهما . وهي من ألحقت أضرارا جسيمة بالوحدة الوطنية ، من خلال إطلاق العنان لإرهاب المليشيات الحزبية ، وقيامها بتصفيات سياسية للقوى القومية والوطنية المعارضة للنهج الطائفي ، كما أنها خربت اقتصاد البلد بسياسات غير مدروسة ، أبرزها السياسة النفطية وزيادة الأسعار ، والفساد يضرب أطنابه في عمق مؤسسات الدولة دون معالجات ، ودون الرجوع إلى الجمعية الوطنية ، وحتى اللحظة ، هي لم تقدم حسابا لما أقدمت عليه من عقد صفقاتها التجارية ، واتفاقاتها السياسية مع إيران خصوصا . فهل سيتكرر السيناريو ، أم أن حقبة جديدة قد بدأت ، وما عادت ظروف الأمس هي من يحكم غدا ..
#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ميليشيات العشائر ..!
-
الدم العراقي المهدور في شباط الأسود ..!
-
الاستحقاقات ..والمحاصصة ..!
-
ليوم الشهيد ..تحية وسلام ..! - بمنايبة يوم الشهيد الشيوعي
-
الرصافي شاعر التحرر..يحاول إيقاظ الرقود ..!
-
الانتخابات ...وتقرير البعثة الدولية لمراقبتها...!
-
أيها العراقيون ..لا زال العراقي الفيلي مهَجرا..!
-
عندما يتحول البغض إلى حب ..!
-
من أجل من ..صلاحيات رئيس الجمهورية ..!
-
تأبين الشهداء ..والحزب الشيوعي ..!
-
المليشيات والحكومة والوضع الأمني ..!
-
الديموقراطية والاستحقاق الانتخابي ..!!
-
أين الديموقراطية ..؟ تضامنا مع سجين الفكر والرأي الدكتور كما
...
-
الشعب العراقي جدير بالديموقراطية ..ولكن ..!
-
البصرة - تتونس - وكركوك تدفع الخاوة ..!
-
السيادة وقوات الاحتلال ..!!
-
الفساد..وفضح الحرامية..!!
-
فرهود ..!
-
الحوار المتمدن ضرورة لواقعنا ..!
-
هل سجن الجادرية بداية الحلم ..؟
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|