|
الديمقراطية والخصوصية
صبحي حمشو
الحوار المتمدن-العدد: 1462 - 2006 / 2 / 15 - 10:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الديمقراطية والخصوصية ... الغياب والوجود في كتابه ( ما الديقراطية .؟) لم يعمد آلان تورين إلى سرد تاريخ شامل للديقراطية منذ نشأتها ، عندما ولدت في (أثينا) مع الفيلسوف الكبير (أفلاطون) ، وحتى انتشارها بشكل واسع مع أفكار الثورة الفرنسية ، ومبادىء حقوق الإنسان المعلنة في كل من ( فرنسا ، بريطانيا العظمى ، الولايات المتحدة الامريكية ) ، وأخيراً ، وليس آخراً، إعلاني حقوق الإنسان الصادرين عن الأمم المتحدة ، إنما درس ، وبشكل مفصل ، وواسع ، ماهية وجوهر الديمقراطية ، وأشكالها المنتشرة في أماكن معينة من العالم ، كما أشار إلى غلبتها كخيار حضاري حديث تقوم على أساسه المجتمعات الإنسانية الحديثة . ما يؤكده تورين ، كمفكر مشبع بالرؤية الحداثية في جميع المجالات ، وباحث عن آفاق جديدة ، تحذوها ، أو ستحذوها الديمقراطية ، يشكل رؤية شمولية للديمقراطية كنهج حضاري للإنسان استطاع خلال عقدين من الزمن أن يحقق للإنسان ، ويبني له ، الكثير من القيم الانسانية الرفيعة التي تغياها عبر مسيرته الطويلة والشاقة في الحياة والحضارة ، واستلبتها منه جميع الانظمة الساسية والاجتماعية التي وجدت عبر التاريخ . يلاحظ تورين في تعريفه للديمقراطية ( اختيار حر ، خلال فترات منتظمة ، للحاكمين من قبل المحكومين ) ، أنها تتضمن ثلاثة أبعاد لا الديمقراطية والخصوصية ... الغياب والوجود في كتابه ( ما الديقراطية .؟) لم يعمد آلان تورين إلى سرد تاريخ شامل للديقراطية منذ نشأتها ، عندما ولدت في (أثينا) مع الفيلسوف الكبير (أفلاطون) ، وحتى انتشارها بشكل واسع مع أفكار الثورة الفرنسية ، ومبادىء حقوق الإنسان المعلنة في كل من ( فرنسا ، بريطانيا العظمى ، الولايات المتحدة الامريكية ) ، وأخيراً ، وليس آخراً، إعلاني حقوق الإنسان الصادرين عن الأمم المتحدة ، إنما درس ، وبشكل مفصل ، وواسع ، ماهية وجوهر الديمقراطية ، وأشكالها المنتشرة في أماكن معينة من العالم ، كما أشار إلى غلبتها كخيار حضاري حديث تقوم على أساسه المجتمعات الإنسانية الحديثة . ما يؤكده تورين ، كمفكر مشبع بالرؤية الحداثية في جميع المجالات ، وباحث عن آفاق جديدة ، تحذوها ، أو ستحذوها الديمقراطية ، يشكل رؤية شمولية للديمقراطية كنهج حضاري للإنسان استطاع خلال عقدين من الزمن أن يحقق للإنسان ، ويبني له ، الكثير من القيم الانسانية الرفيعة التي تغياها عبر مسيرته الطويلة والشاقة في الحياة والحضارة ، واستلبتها منه جميع الانظمة الساسية والاجتماعية التي وجدت عبر التاريخ . يلاحظ تورين في تعريفه للديمقراطية ( اختيار حر ، خلال فترات منتظمة ، للحاكمين من قبل المحكومين ) ، أنها تتضمن ثلاثة أبعاد لا يمكن تجزئتها ، أو فصلها ، عن بعضها البعض . وفي رصده للانظمة السياسية التي تأخذ بالديمقراطية ، رأى أنها تتمثل بثلاثة انماط تسير جنباً إلى جنب وهي : أولاً :الديمقراطية الليبرالية التي تعطي القانون الأهمية القصوى لتحديد سلطة الدولة مع الاعتراف بالحقوق الأساسية للمجتمع ، وهذا هو مبدأ الديمقراطية في بريطانيا . ثانياً : الديمقراطية الدستورية التي تعطي الأهمية الكبرى للمواطنة والدستور ، أو الأفكار الأخلاقية ، أو الأفكار الدينية التي تؤمن تلاحم المجتمع ، وتمنح القوانين أساساً صلباً تقوم عليه ، وهذا هو مبدأ الديمقراطية في الولايات المتحدة الامريكية . ثالثاً : الديمقراطية التنازعية وتعطي الأهمية للصفة التمثيلية الاجتماعية للحاكمين ، وهذا هو مبدأ الديمقراطية في فرنسا . لكن هذه الانماط للديكقراطية لا يمكن اعتبارها انماطاً تاريخية نهائية ، فبعضها ( كالديمقراطية الفرنسية ) نزع إبان الثورة الفرنسية إلى الأخذ بمبدأ ( المواطنة ) ، لكنها لم تستمر نظراً لنفوذ الحزب الشيوعي الفرنسي الكبير ، والأحزاب اليسارية فيها ، مما أدى إلى التحول عن مبدأ المواطنة إلى التنازعي . وعلى كافة الأحوال ، فجميع هذه الانماط البارزة للديمقراطية تعتمد الأركان الأساسية الثلاث لها ( الانتخاب الحر ، خلال فترات منتظمة ، للحاكمين من قبل المحكمومين ) ، وتلك الأركان تنطبق إلى حد ما على ما كرسته الثورة الفرنسية من أفكار إنسانية خلاقة هي ( حرية ، مساواة ، إخاء ) ، ومنذ نشوء هذه الانماط من الديمقراطية وحتى هذا التاريخ ، أعطى كلٌّ منها مثالاً ناصعاً عن قوته وديمومته وقدرته على البناء والتجدد والتقدم ، مما يؤكد على أن الديمقراطية نهج حضاري وحداثي يسعى للتبلور والصفاء كلما زادت تجربته عمقاً ورسوخاً في الواقع . وعلى النقيض من النهج الديمقراطي فإن كافة انظمة الحكم التي قامت سابقاً ، أو القائمة حالياً ، التي لم تكن الديمقراطية ركناً اساسياً لها في ممارسة السلطة وقيادة المجتمع ، والتي تتبدى بأشكال مختلفة من الملكية المطلقة ، التي تحكم باسم الحق الطبيعي أو الدين ، إلى الديمقراطية الشعبية التي تحكم باسمها مباشرة ، أو باسم الحزب الواحد ، أو الطبقة الواحدة ، فبعضها لا يطرح مسألة الديمقراطية مجرد طرح في كل ما يتعلق بنظام الحكم ، أو ما يتعلق بالحقوق الانتخابية للمحكومين وهذا ما تقوم عليه الملكية المطلقة ، التي لا تكتفي بذلك بل تعلن ، وبوضوح ، عداءها للديمقراطية . أما انظمة الحكم التي تحكم باسم الديمقراطية الشعبية ، فإنها تشوه الديمقراطية عندما ترفعها كشعار مجرد أجوف ، لا حياة فيه ، وهذه إما أن تحكم على الطريقة الاثينية ، وهي ديمقراطية نخبوية ، سرعان ما يتحول الحاكم فبها إلى حاكم مستبد مطلق أكثر ملكية من الملك في الانظمة الملكية المطلقة . وإما أن تحكم باسم الحزب الواحد أو الطبقة ، فتبني ديبمقراطيتها الشعبية على اساس إزالة من تسميهم الأعداء في الداخل والخارج ، المستغلين والرجعيين ، فتضربهم لتكون ديكتاتورية الحزب الواحد أو الطبقة ، ومن أجل ذلك تعمل على دمج الحالة الساسية بالحالة الاجتماعية والقانونية ، ثمَّ تنشىء جيشاً خاصاً ، كحرس لها ، بالإضافة إلى الجيش التقليدي ، ومئات الأشكال والأنواع من فروع الأمن والخاص والعام ، وبينما تهتم بالدفاع عن نفسها حيال أعداء حقيقين ووهميين ، فإنها تتحول إلى العنف والقمع والاستبداد ، فهي من حيث النتيجة لا تقف ضد الديمقراطية ، فحسب ، بل تعمل على تشوييهها وإفراغها من مضمونها الثقافي والحضاري والأخلاقي . وإمعاناً في تشويه الديمقراطية ، وزيادة الهوة بينها وبين الشعب تذهب إلى الإدعاء أن للبلاد وضعاً خاصاً يفرض ويوجب هذا النمط من الجكم الذي تدعوه بـ( الديمقراطية الشعبية ، ديمقراطية العمال والكادحين ) ، فهل يبدو هذا الاحتجاج صحيحاً ؟ أم أنه مجرد ستار للحكم الاستبدادي المطلق ز؟ إذا ما ناقشنا هذا القول على ضوء ما سلف بيانه من فكر تنظيري وعقلاني للمفكر الفرنسي ( آلان تورين ـ في كتابه : ما الديمقراطية .؟ ـ منشورات وزارة الثقافة السورية .) ، وتحليل علمي للواقع ، والذي بين فيه ، كما أوضحنا أعلاه ، أن الديمقراطية ليست نظاماً سياسياً ، إنما نهجاً وخياراً ثقافياً وحضارياً واجتماعياً شكلته الإرادة الجماعية لكل من المحكومين والحاكمين ، له أركانه المتمثلة في ثلاث تتفاعل مع بعضها تغاعلاً حيوياً وديناميكياً ( الانتخاب الحر ، خلال فترات منتظمة ، للحاكمين من قبل المحكومين .) ، والتي لا يمكن أن ينجز بدونها مجتمعة ، لوجدنا أن القول بالخصوصية ليس إلا مجرد ذريعة تحاول هذه الانظمة عبرها أن تبرر تعسفها واستبدادها اللامحدودين لقهر شعوبها ، ووقف عجلة التاريخ . إن الأسس الجوهرية التي قامت عليها هذه الانظمة ، واستمرت حتى تاريخه ، تحمل طابع العنف والاستبداد ، فالقول بمبدأ الحزب الواحد ، أو الطبقة ، يؤدي إلى الهيمنة الشاملة التي تعمل على تهميش الفوارق بين أفراد المجتمع وفئاته من كافة النواحي ، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وغالباً ما يتحرك التهميش يفعل القهروالعنف ليخرب البنى القانونية والاخلاقية والثقافية للمجمتع ، ونتيجة لهذا الفعل اليومي المتكرر ، وعبر سنوات ليست بالطويلة جداً ، ينقسم المجتمع إلى قسمين متراتبين على شكل هرمي لا علاقة له إطلاقاً بأي جانب من جوانب الحياة ، كالحراك الاجتماعي أو الاقتصادي ، أو حتى الأخلاقي أيضاً ، قسم الحاكمين ، وقسم المحكومين ، يتميز الأول بحضوره الدائم المطلق في كل شيء ، في فعل وحياة المجتمع ، ويغيب القسم الثاني غياباً شبه مطلق عن الفعل والحياة ليضيع ويتشتت ، ولا يكتفي الحاكمون أو يتوقفوا عند مرحلة معينة ، إنما يتابعون هذا الفعل القسري والعنفي حتى مع أنفسهم وصولاً إلى صفوة مختارة منهم ليقل عددهم شيئاً فشيئاً ، ويكبر عدد القسم الثاني فتكبر قاعدة الهرم انفتاحاً ، وتصغر قمته انغلاقاً ، وبسعي الحاكمين الدائم والمستمر إلى الانغلاق عن المحكومين ، وغلق كل الفضاءات المتاحة أمامهم ، يتحولون ويحولون المجتمع إلى قطيع ممزق الأوصال . إنَّ مجتمع القطيع هذا الذي يعود في مراحله التاريخية للإنسان إلى أزمنة ما قبل التاريخ لا يدرك من جوانب الحياة شيئاً ، فلا سياسة ولا اقتصاد ، ولا قانون ولا أخلاق ولا ثقافة ، ولا تمايز بين أفراده وفئاته ، فقاعدة الهرم غالباً ما تتكون من أفراد هم نسخ متكررة عن بعضهم البعض ، يساقون بفعل القهر والعنف والاستبداد إلى صناديق الاستفتاء كما يساقون إلى السجون والمنافي والمقابر الجماعية . وإذا كانت هذه الانظمة قد حولت نفسها وشعبها إلى نظام قطيعي يفتقر إلى أدنى مقومات النظام السياسي المتعارف عليه في علمي السياسة والاجتماع ، فإنها عملت على إلغاء كل ما هو عام أو خاص ، فلن تدرك ما هذا وما ذاك ، وبغدو احتجاجها بـ(الخصوصية ) مجرد ذريعة نحو مزيد من العنف والاستبداد الذي يكون اليوم مشكلة حضارية على مستوى العالم فعلاً . سوريا ـ الرقة ـ المحامي صبحي حمشو يمكن تجزئتها ، أو فصلها ، عن بعضها البعض . وفي رصده للانظمة السياسية التي تأخذ بالديمقراطية ، رأى أنها تتمثل بثلاثة انماط تسير جنباً إلى جنب وهي : أولاً :الديمقراطية الليبرالية التي تعطي القانون الأهمية القصوى لتحديد سلطة الدولة مع الاعتراف بالحقوق الأساسية للمجتمع ، وهذا هو مبدأ الديمقراطية في بريطانيا . ثانياً : الديمقراطية الدستورية التي تعطي الأهمية الكبرى للمواطنة والدستور ، أو الأفكار الأخلاقية ، أو الأفكار الدينية التي تؤمن تلاحم المجتمع ، وتمنح القوانين أساساً صلباً تقوم عليه ، وهذا هو مبدأ الديمقراطية في الولايات المتحدة الامريكية . ثالثاً : الديمقراطية التنازعية وتعطي الأهمية للصفة التمثيلية الاجتماعية للحاكمين ، وهذا هو مبدأ الديمقراطية في فرنسا . لكن هذه الانماط للديكقراطية لا يمكن اعتبارها انماطاً تاريخية نهائية ، فبعضها ( كالديمقراطية الفرنسية ) نزع إبان الثورة الفرنسية إلى الأخذ بمبدأ ( المواطنة ) ، لكنها لم تستمر نظراً لنفوذ الحزب الشيوعي الفرنسي الكبير ، والأحزاب اليسارية فيها ، مما أدى إلى التحول عن مبدأ المواطنة إلى التنازعي . وعلى كافة الأحوال ، فجميع هذه الانماط البارزة للديمقراطية تعتمد الأركان الأساسية الثلاث لها ( الانتخاب الحر ، خلال فترات منتظمة ، للحاكمين من قبل المحكمومين ) ، وتلك الأركان تنطبق إلى حد ما على ما كرسته الثورة الفرنسية من أفكار إنسانية خلاقة هي ( حرية ، مساواة ، إخاء ) ، ومنذ نشوء هذه الانماط من الديمقراطية وحتى هذا التاريخ ، أعطى كلٌّ منها مثالاً ناصعاً عن قوته وديمومته وقدرته على البناء والتجدد والتقدم ، مما يؤكد على أن الديمقراطية نهج حضاري وحداثي يسعى للتبلور والصفاء كلما زادت تجربته عمقاً ورسوخاً في الواقع . وعلى النقيض من النهج الديمقراطي فإن كافة انظمة الحكم التي قامت سابقاً ، أو القائمة حالياً ، التي لم تكن الديمقراطية ركناً اساسياً لها في ممارسة السلطة وقيادة المجتمع ، والتي تتبدى بأشكال مختلفة من الملكية المطلقة ، التي تحكم باسم الحق الطبيعي أو الدين ، إلى الديمقراطية الشعبية التي تحكم باسمها مباشرة ، أو باسم الحزب الواحد ، أو الطبقة الواحدة ، فبعضها لا يطرح مسألة الديمقراطية مجرد طرح في كل ما يتعلق بنظام الحكم ، أو ما يتعلق بالحقوق الانتخابية للمحكومين وهذا ما تقوم عليه الملكية المطلقة ، التي لا تكتفي بذلك بل تعلن ، وبوضوح ، عداءها للديمقراطية . أما انظمة الحكم التي تحكم باسم الديمقراطية الشعبية ، فإنها تشوه الديمقراطية عندما ترفعها كشعار مجرد أجوف ، لا حياة فيه ، وهذه إما أن تحكم على الطريقة الاثينية ، وهي ديمقراطية نخبوية ، سرعان ما يتحول الحاكم فبها إلى حاكم مستبد مطلق أكثر ملكية من الملك في الانظمة الملكية المطلقة . وإما أن تحكم باسم الحزب الواحد أو الطبقة ، فتبني ديبمقراطيتها الشعبية على اساس إزالة من تسميهم الأعداء في الداخل والخارج ، المستغلين والرجعيين ، فتضربهم لتكون ديكتاتورية الحزب الواحد أو الطبقة ، ومن أجل ذلك تعمل على دمج الحالة الساسية بالحالة الاجتماعية والقانونية ، ثمَّ تنشىء جيشاً خاصاً ، كحرس لها ، بالإضافة إلى الجيش التقليدي ، ومئات الأشكال والأنواع من فروع الأمن والخاص والعام ، وبينما تهتم بالدفاع عن نفسها حيال أعداء حقيقين ووهميين ، فإنها تتحول إلى العنف والقمع والاستبداد ، فهي من حيث النتيجة لا تقف ضد الديمقراطية ، فحسب ، بل تعمل على تشوييهها وإفراغها من مضمونها الثقافي والحضاري والأخلاقي . وإمعاناً في تشويه الديمقراطية ، وزيادة الهوة بينها وبين الشعب تذهب إلى الإدعاء أن للبلاد وضعاً خاصاً يفرض ويوجب هذا النمط من الجكم الذي تدعوه بـ( الديمقراطية الشعبية ، ديمقراطية العمال والكادحين ) ، فهل يبدو هذا الاحتجاج صحيحاً ؟ أم أنه مجرد ستار للحكم الاستبدادي المطلق ز؟ إذا ما ناقشنا هذا القول على ضوء ما سلف بيانه من فكر تنظيري وعقلاني للمفكر الفرنسي ( آلان تورين ـ في كتابه : ما الديمقراطية .؟ ـ منشورات وزارة الثقافة السورية .) ، وتحليل علمي للواقع ، والذي بين فيه ، كما أوضحنا أعلاه ، أن الديمقراطية ليست نظاماً سياسياً ، إنما نهجاً وخياراً ثقافياً وحضارياً واجتماعياً شكلته الإرادة الجماعية لكل من المحكومين والحاكمين ، له أركانه المتمثلة في ثلاث تتفاعل مع بعضها تغاعلاً حيوياً وديناميكياً ( الانتخاب الحر ، خلال فترات منتظمة ، للحاكمين من قبل المحكومين .) ، والتي لا يمكن أن ينجز بدونها مجتمعة ، لوجدنا أن القول بالخصوصية ليس إلا مجرد ذريعة تحاول هذه الانظمة عبرها أن تبرر تعسفها واستبدادها اللامحدودين لقهر شعوبها ، ووقف عجلة التاريخ . إن الأسس الجوهرية التي قامت عليها هذه الانظمة ، واستمرت حتى تاريخه ، تحمل طابع العنف والاستبداد ، فالقول بمبدأ الحزب الواحد ، أو الطبقة ، يؤدي إلى الهيمنة الشاملة التي تعمل على تهميش الفوارق بين أفراد المجتمع وفئاته من كافة النواحي ، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وغالباً ما يتحرك التهميش يفعل القهروالعنف ليخرب البنى القانونية والاخلاقية والثقافية للمجمتع ، ونتيجة لهذا الفعل اليومي المتكرر ، وعبر سنوات ليست بالطويلة جداً ، ينقسم المجتمع إلى قسمين متراتبين على شكل هرمي لا علاقة له إطلاقاً بأي جانب من جوانب الحياة ، كالحراك الاجتماعي أو الاقتصادي ، أو حتى الأخلاقي أيضاً ، قسم الحاكمين ، وقسم المحكومين ، يتميز الأول بحضوره الدائم المطلق في كل شيء ، في فعل وحياة المجتمع ، ويغيب القسم الثاني غياباً شبه مطلق عن الفعل والحياة ليضيع ويتشتت ، ولا يكتفي الحاكمون أو يتوقفوا عند مرحلة معينة ، إنما يتابعون هذا الفعل القسري والعنفي حتى مع أنفسهم وصولاً إلى صفوة مختارة منهم ليقل عددهم شيئاً فشيئاً ، ويكبر عدد القسم الثاني فتكبر قاعدة الهرم انفتاحاً ، وتصغر قمته انغلاقاً ، وبسعي الحاكمين الدائم والمستمر إلى الانغلاق عن المحكومين ، وغلق كل الفضاءات المتاحة أمامهم ، يتحولون ويحولون المجتمع إلى قطيع ممزق الأوصال . إنَّ مجتمع القطيع هذا الذي يعود في مراحله التاريخية للإنسان إلى أزمنة ما قبل التاريخ لا يدرك من جوانب الحياة شيئاً ، فلا سياسة ولا اقتصاد ، ولا قانون ولا أخلاق ولا ثقافة ، ولا تمايز بين أفراده وفئاته ، فقاعدة الهرم غالباً ما تتكون من أفراد هم نسخ متكررة عن بعضهم البعض ، يساقون بفعل القهر والعنف والاستبداد إلى صناديق الاستفتاء كما يساقون إلى السجون والمنافي والمقابر الجماعية . وإذا كانت هذه الانظمة قد حولت نفسها وشعبها إلى نظام قطيعي يفتقر إلى أدنى مقومات النظام السياسي المتعارف عليه في علمي السياسة والاجتماع ، فإنها عملت على إلغاء كل ما هو عام أو خاص ، فلن تدرك ما هذا وما ذاك ، وبغدو احتجاجها بـ(الخصوصية ) مجرد ذريعة نحو مزيد من العنف والاستبداد الذي يكون اليوم مشكلة حضارية على مستوى العالم فعلاً . سوريا ـ الرقة ـ المحامي صبحي حمشو
#صبحي_حمشو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|