باسم السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 5648 - 2017 / 9 / 23 - 11:38
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
يُروى أن احمد الجلبي سُئلَ عن موقف المالكي تجاه كردستان .. فأجاب بأن كردستان هي القميص الأبيض الوحيد الذي لم يتلطخ بالفوضى وبقي ناصعاً، والمالكي لا يريد لذلك الإستمرار، وقراءة الجلبي كرجل دولة عصري للوضع في كردستان غاية في الدقة.
كردستان نأت بنفسها عن الفوضى والدمار والإحتراب الطائفي، والتنابز السياسي، فبنيت فيها المؤسسات التي فرضت القانون بالشارع الكردي فتحصن المواطن هناك بالأمن والأمان، ما حثّ على شد الرحال الى كردستان المستثمرين في العالم والسياح والصناعين والفنانين والأدباء وحتى المعارضين السياسيين الأبرياء منهم والملطَّخة أيديهم بدماء العراقيين أو المتهمين على الأقل .. كل هؤلاء وجدوا في الإستقرار والأمن المتحقق في كردستان ملاذاً لهم وأرضاً خصبة لإنشاء مشاريع حياة كاملة، وحين أطلَّ وجه الخراب الذي حملته فوضى داعش حافظت كردستان على قراها ومدنها وإستقرارها بل وفتحت الأبواب للاجئين من الهاربين من محارق داعش وميادين رمايتهم، ومد العالم بأسره يد العون لهم بالسلاح والعتاد وحتى بالمتطوعين وبالفعل نجح الأكراد في رد العدوان بمساعدة الطائرات الأمريكية في آب 2014 بعد أن تمكن مقاتلو داعش في إحتلال قضاء مخمور (أقل من 50كم عن أربيل عاصمة الإقليم).
نلاحظ أن مفتاح النجاح في كردستان كان وسیبقى هو الإستقرار، وإن أرادت كردستان الإستمرار في مسيرة النجاح عليها أن تُبقي على الإستقرار، لأنه الضمانة الوحيدة للإستثمار والسياحة والصناعة والزراعة والتجارة وتلك هي عصب الحياة الإقتصادية لكردستان، وتعد كردستان ممراً حيوياً للبضائع التركية المتدفقة الى وسط وجنوب العراق، بما يُقَدَّر 12 مليار دولار نصفها مع كردستان نفسها.
والدخول الآن في عملية "إنفصال" من جانب واحد بمعزل عن المركز والدستور العراقي الذي صوت عليه مواطنو كردستان سيذهب بكردستان والمنطقة الى المجهول، أقل الإحتمالات هي الإنغلاق على النفس وأسوأ السيناريوهات هي الحرب، لكن ملامح ما بعد الإستفتاء بدت أمام أنظار العالم، رفض إيراني تركي، مقاطعة ، عدم تعاون أمني .. وإذا تعدّى الأمر حدود عدم التعاون وذهب الى دعم حركات مناهضة فسيكون الوضع كارثياً ليس أمنياً فقط، بل إقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً وعسكرياً .. فلو غضضنا الطرف عن الأعمال العسكرية للمنظمات المسلَّحة داخل كردستان فعصب الحياة سيتوقف بسبب عدم الإستقرار، الإستثمارات، وغلق الحدود ومقاطعة حتى نفط كردستان، ومنتجاته الزراعية والصناعية، ستكون الصورة المستحضرة ذهنياً هي الحصار على العراق عقيب غزو الكويت.
كردستان في هذا الإستفتاء ستخسر ... وستخسر أهم ركيزة من ركائز النجاح وهي الإستقرار.
ندعو الله أن يهدي القيادات الكردية الى عدم السير على هذا المنهاج معروف النتائج.
#باسم_السعيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟