أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - احمد البهائي - بارزاني... الإستفتاء فيه سُم قاتل















المزيد.....

بارزاني... الإستفتاء فيه سُم قاتل


احمد البهائي

الحوار المتمدن-العدد: 5646 - 2017 / 9 / 21 - 20:05
المحور: القضية الكردية
    


بارزاني... الإستفتاء فيه سُم قاتل
قال رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني،في كلمة له حول استفتاء استقلال الإقليم "ارتكبنا خطأ فادحاً بالعودة إلى بغداد بعد أن كنا إقليما مستقلا " ، مضيفا.. إنه لم يبق طريق آخر أمام الإقليم سوى إجراء الاستفتاء ، وذلك بعد تعذر وجود البديل الحقيقي مشترطا تقديم بديل حقيقي خلال ثلاثة أيام وضمانات لتأجيل الاستفتاء ، ودعا بارزاني من وصفهم بالأصدقاء إلى عدم التحدث مع الإقليم بلغة التهديد، قائلاً: " لن نقبل التهديد من أحد ".
تعد المشكلة الكردية من اقدم القضايا واعمقها , وتمتد جذورها الى سنوات ما قبل الفتح الاسلامي , بدايه بسقوط الامبراطورية الميدية الكردية على يد الفرس ، وتعرضهم للظلم والاستعباد وفقد الهوية ، الى ان جاء الفتح الاسلامي ومعه عادت الهوية الكردية من جديد بإقامة امارات كردية يحكمها الاكراد انفسهم ، الى ان جاء عام 1514م حيث معركة "جالديران " بين الدولة العثمانية ودولة الفرس ، لتصبح اغلبية الاراضي الكردية من ممتلكات الدولة العثمانية وقتها ، وبعد فترة من الشد والجذب ، وفي عام 1555م وضعت اول معاهدة " أماسيا " بين الدولتين العثمانية والايرانية , تم بموجبها تقسيم كردستان فعليا بين الدولتين ، حيث تعتبر تلك المعاهدة هى اول من كرست نواة المشكلة الكردية , ثم اتبعها عدة معاهدات زادت المشكلة تعميقا وتعقيدا, الى ان جاء عام 1916م بإتفاقية سايكس بيكو الشهيرة , التي عقدت خصيصا لتقسيم تركة الدولة العثمانية , وبما ان القسم الاكبر من كردستان كان تحت سيطرة الدولة العثمانية فقد شملها التقسيم , لتأتي معاهدة " شيفر " 1920م ، لتحول القضية الكردية من كونها امر داخلي الى قضية قابلة للتدويل ، فمن بنود المعاهدة ما ينص حصول كردستان على الاستقلال حسب البندين 62 و 63 من الفقرة الثالثة ، والسماح لولاية الموصل بالانضمام إلى كردستان استنادا إلى البند 62 وكان نص هذا البند "إذا حدث خلال سنة من تصديق هذه الاتفاقية أن تقدم الكرد القاطنون في المنطقة التي حددتها المادة (62) إلى عصبة الأمم قائلين إن غالبية سكان هذه المنطقة ينشدون الاستقلال ، وفي حالة اعتراف عصبة الأمم بأن هؤلاء السكان أكفاء للعيش في حياة مستقلة وتوصيتها بمنح هذا الاستقلال، فإن تركيا تتعهد بقبول هذه التوصية وتتخلى عن كل حق في هذه المنطقة ، وستكون الإجراءات التفصيلية لتخلي تركيا عن هذه الحقوق موضوعا لاتفاقية منفصلة تعقد بين كبار الحلفاء وبين تركيا"، ولكن احيانا لا تأتي الرياح بما تشتهيه السفن ، فكانت معاهدة " لوزان " 1923م " بين حلفاء الحرب العالمية الأولى والدولة التركية الوليدة بفيادة مصطفى كمال أتاترك اثرها البالغ في الغاء معاهدة شيفر والقضاء على الحلم الكردي ، حيث كان للتقرب التركي السوفيتي ، ولانتصارات الجيش التركي على القوات اليونانية وعلى الجيش الفرنسي في سوريا ونجاحه في ضم مدن عنتاب وأورفة وماردين وأراضي أخرى شاسعة كانت كلها من ضمن الأراضي السورية حسب اتفاقية شيفر العامل الاكبر في اتمام اتفاقية لوزان ، وتثبيت نصوصها ومنها " أن تتعهد أنقرة بمنح معظم سكان تركيا الحماية التامة والكاملة، ومنح الحريات دون تمييز " دون أن ترد أية إشارة لوضع الكرد فيها .
بنظرة سريعة الى منطقة الحدث نجد ان الموصل ومناطق محيطة بها في العراق والجزء الكردي في سوريا هو قلب الصراع ، وعلى اثره سوف تتحدد معالم المنطقة بما فيها كردستان كلها، فالامر بعد هذا الصراع لم يعد فقط ايجاد حل عادل للقضية الكردية ضمن الدول التي تتقاسم كردستان وهى تركيا والعراق وسوريا وايران بل تعدا ذلك بمراحل.
من فينا لا يتذكر يوغسلافيا التي كانت قبل عشرون عاما دولة موحدة ، وتحولت الان الى عدة دول واجزاء ( صربيا ، كرواتيا ، البوسنة ، سلوفينيا ، مقدونيا ، الجبل الاسود ، وإقليم كوسوفو الصربي ) ، بفعل هكذا قرار.. ، والتي تشبه وضع تلك الدول بالنار تحت الرماد، فقد يختلف معي الكثيرين في ان تكون يوغسلافيا سابقا نموذجا لتلك الحالة " كردستان العراق " ، ولكن بالعودة الى صفحات التاريخ الحديث نجد هناك الكثير من العلامات المتشابهة بين النموذج والحالة التي نستند عليها للاسترشاد وللتدليل ، بداية من عام 1914 ومرورا بفترة الحرب العالمية الثانية حتى 1980 ، عام وفات الرجل القوي تيتوا ، الى ان جاء عام 1991 بكل احداثه " إنهيار الإتحاد السوفيتي " ليمهد الطريق لتفكيك يوغسلافيا ، ليأتي الحدث المطابق بكل دلالاته للحالة الواقعة الان ، فقد مد الأوربيون أيادي الدعم للفيدراليات التي تتكون منها يوغسلافيا لتشجيعها على الإنفصال تحت عناوين حرياتها العرقية والقومية ، بينما قام الأمريكان بالضغط على الحكومة المركزية لمحاربة ذلك الانفصال تحت مسمى الأمة اليوغسلافية الموحدة الأعراق ، عندها وقعت الحرب الأهلية في يوغسلافيا التي تقاتل فيها أبناء البلد الواحد نيابة عن القوي الخارجية ، وارتكبت في تلك الحرب فظائع مازالت عالقة في الاذهان ولا يمكن محوها من ملف جرائم الحروب التي كانت من نصيب المدنيين العزل ، حيث انفصلت البوسنة وكرواتيا وسلوفينيا ومقدونيا عن يوغسلافيا , التي لم يبق ما يمثلها غير جمهورية صربيا و الجبل الاسود ، ليتجدد القتال من جديد حول إقليم كوسوفو ، وهو إقليم صربي ذات الاغلبية المسلمة ، حيث سعى كل من الأمريكان والأوربيين الى إثارة القلاقل في هذا الإقليم لتحقيق اغراضهم الخاصة .
هنا نأتي الى النموذج الذي يطابق اضلاعه كل اضلاع مثلت الحالة الان ، فاليونان بصفتها دولة عضو في الإتحاد الاوروبي وقتها ومازالت أبدت قلقها البالغ من إستقلال إقليم مقدونيا اليوغسلافي الذي لا يفصله غير الخط الحدودي عن إقليم مقدونيا اليوناني فاذا سعى الإقليمان للتوحد فسيشكل ذلك كارثة على اليونان ، لذلك شجع الأوروبيون قيام إقليم كوسوفو الصربي بالتمرد ، وهذا كفيل بإبعاد شبح أي تنسيق فيها بين مقدون يوغسلافيا ومقدون اليونان ، فأقحموا تركيا بوصفها انها تقدم المساعدات للاقليم ، اما الامريكان فقد كان يخشى من فقدان نفوذه في المنطقة فما كان منه إلا ان ادخل ايران والمملكة العربية السعودية الحرب بتزويد هؤلاء المتمردين بملايين الدولارات والاسلحة، أما المجاهدون العرب الذين كانوا يقاتلون في افغانستان ضذ الإتحاد السوفيتي وبعد انهياره، فقد توجهوا بدافع وتحت اعين المخابرات المركزية الامريكية الى كوسوفو ليكتمل مشهد الاقتتال بوصول الاسلحة والمساعدات من دول الشرق الاوسط ومصر وإسرائيل .
لينتهي القتال بوضع كوسوفو تحت إدارة الأمم المتحدة ، وخلع الرئيس الصربي ميلوزوفيتش وتقديمه الى محكمة العدل الدولية بعد ان تخلوا عنه وتم تحميله كل ما وقع في يوغسلافيا وتقديمه كبش فداء الى ان مات أثناء المحاكمة وقد يكون مدبرا لتحاشي فتح ملفات شائكة عن ما جرى خلال فترة حكمه .
عندما تقرأ وتتمعن تجد ان اللاعبين الاساسين كما هم بصفتهم وتشخيصهم لم يتغيروا ، والتغيير هو تبادل الادوار فقط بينهم على مسرح الحدث الذي ينتقل من مكان الى اخر حسب مصالحهم وامتداد نفوذهم ، فمسرحية تاجر البندقية مثلا ورغم مرور قرون عليها ، إلا انها شخصت فى اماكن متعدده لتكون خشبة مسرحها وبلغات متعددة ولكن النص بمفهومه ودلالاته ومغزاه لم يتغير فقد يقدم مشهد عن اخر وقد يتأخر موقف عن اخر حسب المتطلبات وقد يتغير الديكور والملابس وتزداد وتخفض الاضواء والكومبارس ولكن سياق النص واعمدته ثابتة لم تتغير لتخدم الهدف والمضمون .

اخيرا ما نخشاه ان تكون العراق (اربيل والسليمانية ) خشبة مسرح الحدث الجديد ، فالحرب الأهلية التي وقعت في كردستان العراق (1994) ليست ببعيدة والتي استمرت لسنوات وقد تتشابه اسباب وقوعها مع ما يمر به الاقليم الان من احداث ومواقف ، واندلاع القتال بين الفصيلين الرئيسيين الاتحاد الوطني الكردستاني (KUP) والحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) والتي راح ضحيتها ما يقرب من 5000 شخص، وتدخل في الصراع فصائل كردية من إيران وتركيا وتدخل كذلك في الصراع القوات الإيرانية والعراقية والتركية، مع التدخل القوات الأمريكية ، على ما يبدو أن الاعلان عن الإستفتاء هو محاولة من مسعود بارزاني للقفز على تلك الاسباب خشية من تكرار احداثها ، وينظر اليه على انه السبيل الوحيد للخروج من الأزمات والمشاكل الداخلية والاقتصادية التي تواجهه، فحكومته لا تستطيع رواتب موظفيها، حيث تم تخفيض رواتب الموظفين إلى الثلث تقريبا ، حيث مد فترة تسديد الرواتب إلى 45 يوما، وفي مثل وهذا ما جعل بارزاني بطرح موضوع الاستفتاء حتى يمكن التهرب من جميع هذه المشاكل والازمات الاقتصادية التي تواجه حكومته .
ما يحدث الان هو امتداد للصراع لتتدخل فيه اطراف اقليمية ودولية لتعم الفوضى والانقسام المنطقة كلها بصورة اكبر مما تعاني منه الان ، فإذا قلنا ان اتفاقية سايكس بيكو كانت تقسيما لمنطقتنا بما فيها كردستان , لتضع قنابل موقوته قابلة للانفجار في اي لحظة , فإن ما يطلق عليه شرق اوسط جديد بعباراته الجوفاء الخاوية الحرية والقومية والعرقية والدينية ، جاء لتحويل القنابل تلك الى صواريخ فتاكة , لتقسم المقسم وتجزء المجزأ , فالاطراف المتصارعة على الكعكة تستغل الحالة بما تجده في صالحها , يتلاعبون بنا كما يريدون ، فالاطراف تلك كما هى على مسرح الحدث منذ زمن لم تتغير، وتعمل الان جاهدة على تحقيق مكاسب وغنائم لها كلا منها على حدة ، ولكن عندما يصعب الامر ويحدث صدام بينهم ، تجدهم يجلسون ويتصافحون ويتفقون ويتقاسمون , ونحن نكرر الاخطاء وكأننا لم نتعلم من التاريح ودروسه ، فالظروف السياسية الداخلية للإقليم والظروف الإقتصادية وكذلك الإقليمية ليست ملائمة ومناسبة لإجراء استفتاء الإنفصال ، فالوقت والاحدات المتسارعة والمتصاعدة لا تساعد على تحقيق هكذا مطلب الان ، فهل من راشد حليم .



#احمد_البهائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التصنيف الإئتماني لمصر وآثاره على المديونية الخارجية
- التضخم ..أخطاء الحكومة المصرية وتأثيرها على برنامج الإصلاحات ...
- اليك بعض السطور ( نفرتيتي انت السمراء )
- إتفاقية الحدود البحرية بين مصر والسعودية تعيين أم ترسيم؟..هن ...
- أدوات مكافحة التضخم في مصر نقدية أم مالية؟
- قياس التضخم ..تحديد أسعار السلع إداريا
- التضخم .. ورفع أسعار الفائدة
- زيارة البابا لمصر دينية ام سياسية ؟..
- شباب مصر بين الثرثرة والمؤتمرات والمحاكاة
- إعلام عمرو أديب..البلقنة من جديد
- الضغوط التضخمية بين الديون الخارجية والصادرات
- ..هكذا أفشلت البورجوازية النظرية الماركسية
- مؤتمر الأزهر ( الحرية والمواطنة )... شيزوفرينيا
- التضخم في مصر مركب..هل أخطأ صندوق النقد الدولي؟
- بنوك الحكومة المصرية بين البورصة والترستات
- تيران وصنافير مصرية بحكم المحكمة الإدارية
- إيميل الى الرئيس السيسي (الحقوها قبل خراب مالطا) التضخم الجا ...
- الدبلوماسية المصرية...بدون إستراتيجية
- قناة الجزيرة القطرية و-برنارد لويس -
- قصة في سطور(عيناك صنافير وتيران)


المزيد.....




- أول وزير خزانة مثلي الجنس.. ماذا نعلم عن الملياردير سكوت بيس ...
- مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران ...
- -الدوما-: مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتنياهو ستكشف مدى ا ...
- الداخلية الفنلندية توقف إصدار تصاريح الإقامة الدائمة للاجئين ...
- الإعلام الإسرائيلي يواصل مناقشة تداعيات أوامر اعتقال نتنياهو ...
- هذه أبرز العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
- الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق ...
- مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه ...
- كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم ...
- سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - احمد البهائي - بارزاني... الإستفتاء فيه سُم قاتل