|
لا وسطية فى الدين
جمال رفعت
الحوار المتمدن-العدد: 5646 - 2017 / 9 / 21 - 05:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
- على مر التاريخ ، ظهر الدين ، لا ليقول " ما أنا سوى مجرد دين جديد آخر كمثل الأديان الموجودة بينكم من يريد تصديقى مرحبآ ومن لا يريد فهو حر " . بل يظهر الدين ليقول " أنا الحق وغيرى الباطل ، أنا الازلى وغيرى الضلال، أنا المطلق ، ومن يصدقنى له جنتى ومن يكذبنى له عذابى الأليم " - الأديان تظهر لاحتكار الحقيقة و القيم والأخلاقيات والنفس ( أو الروح ) الحياة والموت،البدايات والنهايات . - لم يظهر أى دين،أعترف بمصداقية ومشروعية أى دين آخر غيره ، فهو يرفض جميع الأديان التى سبقته والتى تعاصره والتى ستعقبه ويكفر تابعينها ،فهى ليست فكرة فلسفية يمكننا النقاش والجدال عليها وقبول مختلف الآراء حولها،بل هى فكرة عقائدية إلهية مطلقة ،لا تخضع للجدل ولا توضع على طاولة النقاش . - كل دين ظهر ، ظهر بشخصيات جديدة و إله جديد وقيم وأخلاق وتعاليم وأوامر ونواهى جديدة ،وأفكار عن بدء الكون ونهايته، وخلق الإنسان ومصيره، تختلف عن الأخرى . - الأديان ،وأخص المسماه بسماوية ، كل على حده ،ظهرت من الإله مباشرة إلى رجاله الأنبياء ، منها التى على لوح صخرى وأخرى من خلال وحى . اذآ ، فهى لاتعتبر نصوص بشرية كتبها أشخاص بمجهودات ذاتية . يؤمن بها مدونيها ومتبعيها على إنها وحى مقدس من الإله مباشرة لرجاله الأنبياء والرسل مؤسسى الدين . - وعليه ،أتعجب ، عند سماع هكذا مصطلحات " وسطية الأديان " أو"دين وسطى" أو " تجديد الخطاب الدينى " !! . - فما معنى وسطية دين ما ؟! والمطلوب أن تكون وسط ماذا ؟ وهل من وسطية مع المطلق ؟ وهل هى كوحى خام ليست ديانة وسطية لنجتهد نحن فى التجميل أو التجاهل فى اوامرها ونواهيها لتصبح دين وسطى ؟ هل من أصدرها من البداية لم يصدرها كدين وسطى !! - الوسطية، هى حيود عن طريق الدين و أوامره ونواهيه الصريحة أما بسبب صرامتها الأن فى وقت أصبح فيه التطور والتقدم العلمى والتكنولوجي الذى يكسب الإنسان الراحة هو المفضل ، أو بسبب مخالفة الأوامر الدينية للقوانين الوضعية وحقوق الإنسان . - النصوص الدينية عند تطبيقها أو نقلها حرفيآ من فم الإله إلى أرض الواقع تحدث الصراعات والمطاردات وجرائم القتل والرق والحروب والغزوات والنبذ وغيرها من مصائب أنقذتنا منها فرنسا بعد تشريع القوانين - أكثر المتدينين هم إرهابيين أو مرضى نفسيين أو مخدوعين . - الأديان لا تقبل بعضها البعض والتابعين لها بمختلفها ومختلف طوائفها يكفرون بعضهم البعض .لم يظهر دين من الثلاث السماوية إلا وكان مصحوبآ بالقتل واراقه الدماء ، فلولا ذلك،ما كان إستطاع الخروج من رحم الأساطير للواقع واستمراره حتى الآن . - المطالبة بوسطية دين ما مرفوضة رفضآ تامآ من قبل المتدين الحقيقى الذى يفهم أن دينه ،مطلق الحق ، كما هو بدون تعديل أو تبسيط أو تجميل ، سواء بسلمه أو حربه سواء بقسوة أوامره أو بساطتها ،فالدين لديه مقبول بيسره وعسره . - فمن يطالبون بالوسطية هم أشخاص أما غير متدينين حقيقيا أو تجار دين يلبون مطالب الساسه . - الدين من وجهه نظر المتدين الحقيقى،صالح لكل زمان ومكان وليس لحاجة لتعديله أو تأويله لمسايره الزمن هذا . فهو لابد أن يطبق كما هو ، فهو الدين السماوى . وعلى الزمن أن يساير الدين لا العكس ، فالزمن وقتى والأرض مكان مؤقت للاختبار ،والجنة هى الغاية والابدية ! . - لولا صرامة الأديان وعدم قبولها لبعضها البعض ، ومخالفتها لطبيعة وتطور بيولوجية وسيكولوجية وحضارية الإنسان، ما كانت ستظهر العلمانية لتضع حدآ لتلك الصراعات الدينية ولتنحى حكم الدين جانبآ بعد فشله الذريع على مر التاريخ من إدارة الدول والعلاقات الاجتماعية بين أصحاب الدين الواحد وبين اصحاب الأديان المختلفة . - لن يستطيع أى دين(سماوى) أن يكون وسطى مهما اجتهد، فأصحابه يؤمنون بمطلقه، مطلوب منهم تنفيذه حرفيآ راديكاليا فى كل وقت ، الصالح منه للمجتمع والطالح . - لقد كانت العلمانية ولازالت هى المخلص الذى أنقذ الأرض من أن تكون ساحة صراع طائفى وجودى بين معتنقى الأديان المختلفة . - بالرغم أن العلمانية لازالت شبه ضعيفة فى مجتمعاتنا الشرقية، هذا لا يلغى أننا قد جنينا من ثمارها عندما طبقتها الدول الأوربية الكبرى فى أرضها وتلك الدول هى ، شئنا أم أبينا ، تعتبر ذات سيادة وقوة وتأثير على جميع الدول الأخرى التى ضمنها الدول العربية . - العلمانية هى القادرة على أن تصنع أرضية مشتركة و تجعل الشعوب قادرة على التعايش السلمى بين مواطنيها معتنقى مختلف الأديان ،ووضع قيم وأخلاق راسخة للإنسان غايتها المساواة واحترام الآخر وقبول الجميع . - إذآ ، ما سيضع للدين حدود تحفظ كرامته وكرامة غيره ، ليست وسطيته المستحيلة فى ذاتها أو محاولة تجميله أو تشويهه ،إنما العلمانية وتطبيقها. - واخيرآ ما كتبه كانط : ( أن أى كتاب من الكتب المقدسة وكل ما ينزل به الوحى يجب أن يحكم عليه بما له من قيمة أخلاقية ولا ينبغى أن يكون هو نفسه الحاكم أو القاضى الذى يرجع إليه القانون الاخلاقى ) .
#جمال_رفعت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما الذى حولك يجعلك لا تؤمن بوجود إله ؟
-
آباء ولكن مجرمون
-
اليأس والعدمية
-
لم ولن يأتي من السماء أحد لنجدتنا
-
مصر : هذا ما حذرت منه .. و هذا ما أحذر منه
-
المشكلة الرئيسية
-
الله يحتضر !!
-
الحيوان المتذاكى !!
-
النصر او الشهادة !!
-
المعرفة قادمة لا محال !!
-
الدين و الإرهاب وجهان لعملة واحدة !!
-
الارهاب فكر قبل ان يكون فعل !!
-
لادينية الناصرى !!
-
مجتمع محافظ ام مجتمع حافظ !!
-
كنيسة الجهل و التجهيل !!
-
الحكومة مصدره لينا الطرشه !!
-
المسيحيون و الوجه الملائكى !!
-
يصنعون الإرهاب ، و يتسألون ، من أين أتى ؟!
-
العلم و الدين و الالحاد !!
-
من أنت ؟!
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|