أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صليبا جبرا طويل - الأحزاب وديمقراطية العدالة















المزيد.....

الأحزاب وديمقراطية العدالة


صليبا جبرا طويل

الحوار المتمدن-العدد: 5645 - 2017 / 9 / 20 - 18:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الديمقراطية نهج بناء حر يتيح للجماهير التعبير
عن أرائيها باستقلالية وحرية دون خوف، من
أجل بناء مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية.


قبل زرع الاستعمار دولة اسرائيل التوسعية عسكريا وسياسيا كرأس حربة بالوكالة لتنوب عنه في الشرق الاوسط عام 1948 ، استقل عدد قليل من الدول العربية، تبعها بعد هذا التاريخ رفع الوصاية عن ما بقي منها تحت الاستعمار، وتم جلاء ورحيل اخر قوات المستعمرين عن اراضيها واصبحت دول حرة مستقلة ذات سيادة. بعدها مباشرة ، كان من المفروض أن تكون الخطوة الأولى الانطلاق نحو عصر جديد وبناء الدولة المدنية الديمقراطية ، والعمل على رفاهية الانسان، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وصهر كل مكونات المجتمع في هوية وطنية علمانية. لو تم ذلك فعلا، لتمكنا من الازدهار، وتجنبنا الكثير من الاشكاليات المعقدة في العالم العربي اليوم، وتجاوزنا الطبقية، وكل احتقان فكري داخل مجتمعاتنا. بعد اكثر من خمس وستون عاما انتهى بنا المطاف الى وضع يائس نتج عنه مرحلة واحداث جديدة في المنطقة دعيت بالربيع العربي، التي للأسف صورها المنتفعون على انها مؤامرة من صنيع الغرب والاستعمار تهدف الى هدم أوطاننا. عالمنا العربي الغارق في الهموم والبعيد كل البعد عن الحريات، يظن الاوصياء عليه أن استغلال " نظرية المؤامرة على عروبتنا" كحجة من اجل احكام سيطرتهم على شعوبهم ستدوم.

الحركات الثورية التي قامت في العالم العربي في عهد الاستعمار، تمكنت بفضل شهدائها من تحقيق الاستقلال، نجح بعضها في الوصول الى سدة الحكم، لكنها حادت عن رسالتها، استفردت، واقصت باقي الحركات أو هادنتها واحتكرت الحكم لذاتها. لعقود استمر هذا النهج، فيه لم تسع من خلاله الى بناء الدولة المدنية، وتداول السلطة مع بقية الاحزاب بشكل سلمي. محصلة هذه الاستراتيجية الغي دور الاحزاب، والمواطنين من اجندتها، وعززت دور التابعين، والداعمين لها ووضعتهم في المراكز المفصلية للدولة، بذلك اصبح الحكم ديكتاتوري ،اقرب الى حكم العسكر. غيبت الديمقراطية، الا من بعض مظاهرها الخداعة كالانتخابات التي يرصد نزاهتها مراقبين دوليين اجانب، لتكون مسرحية شبه كوميدية فيها نقنعهم باستقامتنا ويقنعوننا بدورهم بغبائهم. السيطرة بالقوة على الشعب أخر عملية التنمية، وشجع هجرة العقول، والاموال للبحث عن حياة اكثر امانا...نزف العقول لا يساهم الا في تخلف المجتمع، واستمرار القوة الوحيدة الحاكمة، وتعقيد حياة المواطنين وتقيدها.

الديمقراطية في العالم العربي لا يتعدى معناها حرية الانتخاب. وان ذهبنا بعيدا اشدنا بتحقيق مكاسب للمرأة بالترشح، وتولى بعض المناصب. نهلل ونبارك، ونزغرد وننعتها بالقرارات الثورية. - أخرها كان في تونس السماح للمسلمات بالزواج من غير المسلمين، أطرح سؤال يستحق التفكير والاجابة...ما هو رد الحركات الدينية، والغير دينية على هذا القرار؟، وكيف سيكون رد فعلهم في حال تطبيقه وتوسيعه ليشمل حرية اعتناق دين اخر؟ - المعنى الحقيقي للانتخابات منفي في سراديب مفاتيحها بأيدي اصحاب السلطة ورؤوس المال لا يجرؤ ان يتكلم عنها احد. هذه النقطة جعلت من الشعوب العربية رهائن لدى الزعماء الذين يحكمون مدعومين برجال الدين. الزعماء يصدرون الأوامر للأجهزة، والأجهزة تنفذ الاوامر التي تبررها فتوى رجال الدين.

انشز الاصوات تلك التي تحارب الديمقراطية بدعوى انها بدعة، تحرض اتباعها دفاعا عن وجودها، وخوفا من التحول الاجتماعي وانقلابه نحو الحريات. تلك الاصوات لم تجتهد، وتكلف نفسها عناء التحديث، وتقديم حلول، وبرامج عصرية منذ قرون خلت، بالرغم من معرفتها بالزيادة الصاروخية في عدد السكان، وارتفاع عدد العاطلين عن العمل، والفقر، والمرض، والجهل، والتطور الحضاري العالمي. لتخرج بالنهاية علينا بسيناريو هزيل، وتنعت الديمقراطية "بانها مظهر غربي شيطاني منحط ، يهدف الى ضرب البناء الاجتماعي، وافكاره، وعقائده، واخلاقه". البناء المجتمعي الحديث العصري للدولة في خطواته الثورية الاولى لبناء مستقبل افضل، وامن، ومستقر للأجيال القادمة، يجب عليه القيام بتمحيص، ودراسة كل مشروع وطني تتقدم به الاحزاب، ان كان لا يستند على قاعدة الديمقراطية، يكون توجهه تعطيل الحريات ، وافشال تحقيق العدالة الاجتماعية. مسؤولية الحكومات، والشعوب رفضها، والعمل على حلها، وحظر تكوينها.

كثيرا ما نتساءل اين هي المصالح القومية أو الوطنية في عدم تطبيق الديمقراطية؟... الديمقراطية مهمة في بناء دور الشعوب في التحرر الوطني، والسلم الاجتماعي، والتطور الفكري والمعرفي والقومي، كما تؤكد حقوق الافراد والاقليات والاعراق وتصونها. هي الخيار الوحيد لا بديل عنه كمدخل للحريات. فمن يسعى الى استباق تحقيق استحقاق العدالة الاجتماعية قبل الديمقراطية يهدف الى مصادرة قرار الشعب وكلمته، ليقيم ديمقراطية زائفة مارقة.

المؤسسات الدينية والدكتاتورية القمعية المعاصرة، المكونة من اقطاعيين جدد واكليروس جديد لا تجد توافق بين مصالحها والنظم الديمقراطية في العالم .كلاهما تتقاطع مصالحهما ليشكلا نمطا لحكم يتولى أمرهم رجال دين مرتبطون بمصالح رجال سلطة . تجاذب هذا التجانس بين الاقطاعيين الجدد والاكليروس الجدد تتمركز بأيديهم قوة بوليسية تحول دون تمكين المواطنين وتمنعهم بشتى الوسائل من القيام بأنشطة تنتقدهم ، أو تندد بهم ليبقى الفكر الديمقراطي ممنوع من التطبيق، وحبر على ورق.

كعرب، نجلب عارا لأنفسنا في قبولنا المساعدات المدعوة بالإنسانية لشعوبنا. دولنا غنية بخامات متعددة في باطن الارض، وبتربة صالحة للزراعة ومياه وفيرة، واماكن سياحية عالمية، ودينية هامة مميزة، يحقق الدخل القومي فيها مليارات الدولارات كل عام، لكن نصيب المواطن الفرد منها لا يذكر، فلحساب من تدخل هذه الاموال؟ لذلك تكون عندنا نظام طبقي جديد ليس محسوسا بعمق ما حصل في اوروبا التي يفصلنا عنها قرنان من الزمن ويزيد، وما نتج عن ثوراتها ، وبشكل خاص الثورة الفرنسي (1789- 1799 ) ولكنه بثقلها، بمظاهرها، مبينا ما يحمله مجتمعاتنا من ظلم اجتماعي، واقتصادي تتجلى مظاهره بالفقر والجهل والمرض. تعلمنا عن الثورة الفرنسية أو قرأنا عنها لم نتبنى افكارها، ولا حتى حاولنا تطبيق محتواها بما يناسب فكرنا في العالم العربي، وعجزنا عن استحداث افكار جديدة، وان ظهر فكر مستنير معاصر يدفع نحو نمو المجتمع فقد رفض، وطرد المفكرون واعتقلوا، وسجنوا، وعذبوا، أو قتلوا. فكيف يرضى الساسة في القرن الحادي العشرون بإدارة شؤون البلاد والعباد دون التخلص من ظاهرة الاقطاع والاكليروس الجديدتين.

الديمقراطية هي الطريق الوحيد للعدالة الاجتماعية التي تقود البلاد نحو التحول السياسي والاقتصادي والاجتماعي دون المساس بالكفاءات والطاقات الإبداعية في الوطن لدى الافراد، امام الاجحاف والمحسوبية والقبلية والعائلية. الديمقراطية تفتح باب الحوار بين الاحزاب لتوجه اهتماماتها نحو البناء ومناقشة فاعلة لكل مشاكل الوطن. من خلالها يتم اشتراك الشعب في امور بلاده التي هي الضمان الوحيد ضد كل طغيان. للديمقراطية رهبة لأنها تضع الجميع تحت القانون. فكيف نشعر بالراحة والهدوء، دون الكشف عما كسبناه من ارباح وخسائر؟. دون بيان السلبيات والايجابيات؟ ودون تحقيق العدالة الاجتماعية في ظل المحسوبيات، ولا المصالح الذاتية، ولا الطمع في الحكم، واستغلال النفوذ؟ واين تذهب اموال الشعب ؟ وما عمل مراقب الدولة؟ فدون مساندة الشعب لا يمكن ان تكسب القيادات ثقة الشعب. غياب الديمقراطية سبب رئيسي للازمة بين الشعب والقيادة في عالمنا العربي.

ما زلنا ضائعين بين وصف من يطالب بالتغير والاصلاح بالرجعي، ومن لا يحالفنا بالعميل ، ومن يقف في صفنا ويدعمنا بالثوري، والمثقف الناقد صاحب الكلمة الحرة بالمنافق، ومن لا يشترك باحتفالاتنا بالزئبقي، ومن يقول الحق متامر مع الغرب، لم يبق النقاء الا في يد من يحكم، وحده يمتلك الحقيقة. اتساءل الى متى؟... الديمقراطية ليست صرعة - موضه – ولا مجرد مفهوم، ولا تقليد اعمى، وليست من عند الشيطان. هي طريق وعى وثقافة قبل ان تشكل حكم واخلاق .وليست بدعة. الديمقراطية هي المسار السليم الذي ينطلق منه الشعب صوب تحقيق العدالة الاجتماعية.

في عالمنا العربي التمسك بالسلطة بقوة يدفع ثمنه المواطنين، ارادة الشعب ليست ارادة الحاكم. بدون شك ، الديمقراطية تعمل على زلزلة الارض تحت اقدام كل الديكتاتوريات العمياء التي تضخ افكار خارج الانسانية في عروق اتباعها، ودفاعا عن مكتسبات قد تجرد منها، ستنتهج اسلوب التخلص من كل من يقاوم ويحارب ومن يسعى الى تطبيقها،. ما دام هذا السيناريو مطروحا في سوق السياسة العربي، سنبقى غارقين في الطبقية الجديدة ومظاهرها الماثلة في الفقر، والجهل، والمرض. وقد تطول عودتنا للمربع الاول والبحث فيه – ما بعد رحيل الاستعمار – ما لم نكرس الديمقراطية اسلوبا ونهجا لإقامة الدولة " العلمانية".



#صليبا_جبرا_طويل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأديان بإنسانيتها
- عروبتنا تحتضر
- البحث عن مثقف
- الأديان في ظل صراع البقاء
- خطب منمقة وثورات قادمة
- الخير والشر من منظور علماني
- ثورة فكرية نحو العلمانية
- الاحترام قبل الحرية
- التمييز العنصري يحط من انسانيتنا
- الحرية ممنوعة حتى إشعار اخر
- لعبة الاسياد والعبيد
- حرر عقلك
- أعراف المجتمع تقيد المرأة
- الفساد لا يبني وطن
- كافر انت!؟
- استقلال العقل ضرورة حضارية
- دين وأخلاق
- العلمانية حل للإنسانية المفقودة
- حوار المواطنة أهم من حوار الأديان
- خطاب ديني وطني وَحْدَويّ


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صليبا جبرا طويل - الأحزاب وديمقراطية العدالة