أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - المنيا ... على مسافة السكة … شكرًا يا ريّس!














المزيد.....


المنيا ... على مسافة السكة … شكرًا يا ريّس!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5643 - 2017 / 9 / 18 - 14:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم يمرّ أسبوعان على مقالي الحزين: (مسافة السكة لـ المنيا الشقيقة يا ريس! ) هنا بزاويتي الأسبوعية بجريدة "المصري اليوم"، حتى استجاب الرئيسُ مشكورًا بالنظر في هذا الملف العاثر العسر: "المنيا، ونجوعها وقُراها”، وأصدر قرارًا سياديًّا حاسمًا بإعادة فتح كنيسة: “السيدة العذراء" بعزبة "الفرن" مركز أبو قرقاص"، وكنيسة: "الأنبا بولا" بعزبة "كدوان" مركز المنيا، وفق البيان الرسمي الذى وقّعه كلٌّ من: الأنبا "أرسانيوس"، مطران المنيا وأبو قرقاص، والأنبا "مكاريوس"، الأسقف العام.
ولكن، لماذا هو ملفٌ عاثرٌ وعسرٌ؟! لأن تلك المحافظة المنكوبة بالطائفية والويل، لا يحكمُها القانونُ المصريّ، ولا الدستور المصري. إنما تحكمها الاستقوائية "القبلية"، والأعرافُ المتطرفة، وقانون الغاب الذي يُجيز للأكثرية قهرَ الأقلية، مع كامل تحفّظي اللغويّ على مصطلحي: "الأقلية" و"الأكثرية" اللذين لا محلّ لهما حال الكلام عن مواطنين أكفاء متساوين في الحقوق والواجبات، وفق نص الدستور.
والحقُّ أن لا محنَ تضرب مجتمعًا فتقصمه، قدر ما تفعلُ الطائفيةُ البغيضة. فإن أردتَ أن "تُبيد" مجتمعًا، اضربه بفيروس الطائفية. فعجزُ الموازنة، والغلاءُ مقابل تدنّي الأجور، وضعفُ الانتاج مقابل الاستهلاك الفوضوي، والتضخّم والفقرُ وحتى الانهيار الاقتصادي في مجتمع ما، هي بالتأكيد أمورٌ تُعثّر المواطنين، وتُصعّب الحياة، لكنها لا تقتل المجتمع. لكن ما يقتله بشراسة هو الغلبةُ الطائفية والاستقواء بالمذهبيات وضعف تطبيق القانون على البلطجية. الطائفيةُ سرطانُ الشعوب. ولماذا أسمّيها "سرطانًا"؟ لأنها تقسمُ خلايا المجتمع الواحد، تمامًا كما تنقسمُ خلايا الجسد المُسرطن، فيبدأ الجسدُ في مهاجمة "نفسه" حتى يتآكل ويفنى. المجتمعات تتآكل وتفنى إن انقسمت على نفسها مذهبيًّا وطائفيًّا. والحق أن هذا لا يحدث إلا في تزامن مع انهيار المنظومة التعليمية وفقر الثقافة وضعف دولة القانون. فثمة مجتمعات قوية تضمُّ تحت مظلتها عشرات الأديان والطوائف والمذاهب، لكنها تظلُّ قوية، وتنتعش اجتماعيًّا واقتصاديًّا وصناعيًّا وعلميًّا. وثمة مجتمعات تعسة، قد لا تضمّ تحت مظلتها إلا عقيدة واحدة ببضعة مذاهب، لكن السوس ينخرُ في عظامها. لماذا؟ لأن المجتمعات الأولى تطبق القانون "الأعمى" طائفيًا. فيما تغرقُ المجتمعات الثانية في وحل القانون الأعور. هل يكون القانون أعمى وأعور؟ وهل الأعمى أفضلُ من الأعور؟! نعم. فعماءُ القانون عن العقائد؛ يعني أن مبدأ المواطَنة سليمٌ معافًى. يعني أن الدولة تقفُ على مسافة واحدة من الأديان كافة، وذلك هو تعريف "العلمانية" التي شوّهها الجهلاء. أما حين يكون القانونُ أعورَ، فذاك يعني أنه ينظر بعين الرضا إلى أبناء عقيدة ما، وبعين السخط إلى أبناء عقيدة أخرى. هنا تنهار قيمةُ المواطنة، ويغيبُ العدل، وتنشأُ الفوضى وينتشرُ الظلمُ والفساد، ولا يتبقى إلا فناء المجتمع. لهذا ابتكر أجدادُنا العظماء الأذكياء، قدماء المصريين، صورَة ربّة العدالة: "ماعت"، معصوبةَ العينين (عماء) للدلالة على عدلها المطلق دون النظر إلى حيثيات الخصوم، إن كانوا أغنياء أم فقراء، أسيادًا أم أُجراء، ذوي حيثية وسلطان أم عكس ذلك، مؤمنين بما يؤمن به الحاكمُ، أو الأكثرية العددية، أم غير ذلك، أو حتى لا يؤمنون على الإطلاق، وهلمّ جرّا من اختلافات فردية بين مواطنين، المفترض لهم أن يمتلكوا حقوقًا متساوية دون النظر إلى أية اعتباراتٍ أخرى، مثلما عليهم واجباتٌ متساوية تجاه وطنهم. ذلك هو مبدأ المواطنة العادل الذي ننشده، وهو أساس الدولة المدنية التي ننادي بها منذ وعينا على الحياة، وسنظلُّ نكافحُ من أجل تكريسها حتى نموت. الحرية العقدية لدى المواطنين كافة، هو أحد أهم البنود في كل دساتير العالم، وفي دستورنا المصري الراهن. لكن، للأسف، الأعرافُ دائمًا أقوى من الدساتير والقوانين في المجتمعات الرجعية المتخلفة عن ركب الحضارة. وهو عينُ ما يحدث في محافظة منكوبة، مثل محافظة المنيا التي أرجو أن يُفتح ملفُّها ولا يُغلق حتى يحكمها القانون والعدلُ والجمال، وليس العرفُ والهمجية والبلطجة، مثلما الآن.
كلمةٌ في أُذن الرئيس السيسي، صدقني أنني أشعرُ بقمّة الخجل والخزي والحَزَن، كلما أمسكتُ قلمي لأكتب عن حقوق المسيحيين المُهدّرة في بلادي! أشعرُ بالخجل حين أكتب عن حقهم في الصلاة الآمنة في كنائسهم دون أن يقف جنديٌّ أو حارسٌ على الباب يحميهم من حزام ناسف أو قنبلة. أشعرُ بالضِّعةِ حين أكتب عن حقهم في ممارسة شعائر دينهم دون خوف، مثلما نمارسُ شعائرنا بكامل الاطمئنان. أشعرُ بالرخص حين أضطر أن أكتب شيئًا من التاريخ ليعرف أبناؤنا ما يجهلوه عن أصالة أقباط مصر وحقهم الطبيعي في مصر الذي يسبق حقّنا نحن المسلمين بستة قرون! أشعرُ بالحزن حين أكتبُ عن حق المسيحيين الدستوري والحضاري في تولي المناصب العليا في الدولة مثل حق نجلي ونجلكم. لأن الكتابةَ عن البديهيات أمرٌ مُخجلٌ لا يليق بقلمي حين يكتب، ولا يليقُ بعينيك حين تقرآن ما أكتب! حريٌّ بقلمي أن يكتب عن اختراع باهر أنجزه شابٌّ مصريّ يُدوَّن في بنك المعلومات، أو عن مصنع جديد شيّدته سواعدُ مصريةٌ، أو عن طبيبة مصرية اكتشفت علاجًا للسرطان، أو عن قطعة موسيقية فائقة ألفّها موسيقارٌ مصري، أو عن جائزة نوبل حصدها أديبٌ مصريّ أو عالم، أو حتى أن يكتب قصيدةً في حب مصر. ارفعْ عني خجلَ قلمي يا سيادة الرئيس، بحقّ مصر عليك، وحق المصريين عليك، وحق الله.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصير شمّة…. تِهْ موسيقى
- مثلثُ التفوق والإنسانية
- لماذا اليابانُ يابانُ؟
- قطعةٌ من الفرح في صندوق الحَزَن
- أسئلة (مفيد فوزي) الحرجة! العيل بيجي برزقنا!
- السماءُ حزينةٌ ونحن نضحك!
- معايدةُ العيد من ألدّ خصومي!
- (مسافة السكة) ل المنيا الشقيقة يا ريّس!
- محفوظ عبد الرحمن ... خزّافٌ يبحث عن الزمن المفقود
- الحبُّ على طريقة -أمّ الغلابة-
- رفعت السعيد … ورقة من شجرة الوطن
- رسالة غاضبة إلى أمينة ثروت أباظة
- أطهر صبايا العالمين … سيدة الحزن النبيل
- ماذا تعرف عن مدارس الأقباط يا شيخ عامر؟
- أبجد هوز … وخفة ظلّ العميد
- الشيخ عبد الله نصر بين التراث والموروث
- حطّموا الأصنامَ …. يرحمُكم الله
- سمير الإسكندراني … تعويذةُ الفراعنة
- جريمة -الشيخ عبد الله نصر-... بين التراث والموروث
- علا غبور .... فارسةٌ نورانية من بلادي


المزيد.....




- الكنائس المصرية تصدر بيانا بعد حديث السيسي عن تهجير الفلسطين ...
- وصول المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وغادي موزيس إلى خان ي ...
- سرايا القدس تبث فيديو للأسيرة أربيل يهود قبيل إطلاق سراحها
- سرايا القدس تنشر مشاهد للأسيرين -جادي موزيس- و-أربيل يهود- ق ...
- قائد الثورة الاسلامية يزور مرقد الإمام الخميني (ره)
- خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز ...
- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - المنيا ... على مسافة السكة … شكرًا يا ريّس!