أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الحسين شعبان - مفارقات - الالتباس- الحضاري مسيحيو العراق والاساءة الى النبي محمد - ص














المزيد.....

مفارقات - الالتباس- الحضاري مسيحيو العراق والاساءة الى النبي محمد - ص


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 1461 - 2006 / 2 / 14 - 11:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مفارقات " الالتباس" الحضاري مسيحيو العراق والاساءة الى النبي محمد(ص)
كان واحدا" من المشاهد الدرامية التي زادت الصورة قتامة في العراق هو تفجير اربع كنائس مسيحية في بغداد وكنيستين في كركوك راح ضحيتها العشرات من المواطنين الابرياء العزّل . وقد اعادت تلك التفجيرات الى الاذهان مسلسل الاعتداءات التي تعرض لها المسيحيون في العراق بصورة تكاد تكون منظمة ومستمرة منذ مدة ليست بالقصيرة.

المفارقة الاولى المؤلمة هي ان تتم عمليات التفجير والاعتداء وكأنها ردة فعل او هكذا تبدو، بعد نشر صحيفة دانيماركية صور تسيء الى الرسول محمد (ص). اما المفارقة الثانية فهي التي تحتسب المسيحيين على الغرب او تعتبرهم تابعين له او يعملون لصالحه، في محاولة تشكيكية بانتمائهم وهويتهم.

ولعل كلا المفارقتين لا علاقة لها بالواقع، ناهيكم عن لا وجود لأساس قانوني لها سواءا" فيما يتعلق بحق المواطنة وبحقوق الانسان ان لم تكن ذات اغراض كيدية، فالمسيحيون العرب ليس لهم صلة لا من قريب او من بعيد بما نشرته الصحيفة الدانيماركية او صحف اوروبية اخرى، بل ان العديد من رجال الدين المسيحيين العراقيين والعرب ادانوا باسم الكنيسة مثل هذا العمل الشائن الذي لا يستهدف سوى الاستخفاف بالمقدسات واستفزاز مشاعر ملايين المسلمين. ومن جهة اخرى فتاريخ المسيحية في الشرق ومواقفها تختلف عن المسيحية الاوروبية، سواء ايام حروب الفرنجة او بعدها، وكان للمسيحية الشرقية ان اسست كنيستها المستقلة. فالكلدان والاشوريون السريان (المسيحيون) كانوا من اوائل الشعوب التي تبنت المسيحية واعطتها نكهة خاصة في العراق وفي عموم الشرق.

كما ان العلاقات الاسلامية –المسيحية في الشرق اتسمت بنوع من التعايش والتسامح والتضامن منذ العهدة العمرية عام 15 للهجرة حين سلم بطريرك القدس صفيرنيوس مفتاح مدينة القدس عند فتحها للخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض) مقابل ضمان حقوق وحريات وممتلكات المسيحيين.
ان تفجير كنائس المسيحيين والاعتداء على حرماتهم لم يحصل لاول مرة بل على مدى السنوات الثلاث الماضية بعد الاحتلال حيث واجه المئات والالاف منهم مضايقات وضغوط كثيرة شملت عمليات اجلاء وتهجير واختطاف وقتل، تارة بحجة تعاون بعض المسيحيين مع المحتل واخرى بحجة بيع الخمور وثالثة بعدم "احتشام" النساء او عدم لبس الحجاب او غيرها من الحجج الواهية وتعرض الكثير من المنتديات والكنائس المسيحية الى عمليات تخريب وتجاوزات سافرة.

واذا اردنا العودة الى الوراء فالمسيحيون عانوا كثيرا رغم المساواة الشكلية التي كفلتها الدساتير العراقية المتعاقبة واضطرت اعداد كبيرة منهم الى الهجرة منذ الستينات من القرن الماضي وهناك جالية تقارب ال 100 الف مسيحي في الولايات المتحدة معظمهم في ديترويت، بما شكل نزيفا مستمرا لكفاءات وطاقات وخبرات جرى تبديدها على نحو غير مسؤول، خصوصا وان المسيحية والمسيحيين في العراق قدموا خدمات جليلة في الميادين والحقول العلمية والادبية والفنية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والتجارية منذ تأسيس الدولة العراقية المعاصرة في العام 1921.

الاحداث التي وقعت للمسيحيين في العراق اضطرت الالاف منهم وبخاصة في بغداد وكركوك والموصل والبصرة الى ترك بيوتهم وممتلكاتهم والهجرة الى البلدان المجاورة، فمدينة مثل اللاذقية او عمان ازدحمت بالالاف من المهاجرين المسيحيين الذين ينتظرون الهجرة الى المنافي البعيدة.

لقد شعر المسيحيون في العراق وبخاصة في السنوات الثلاث الماضية انهم احدى الفئات الضعيفة في المجتمع فهم ليس لديهم ميليشيات ولا يشكلون كتلة سكانية كبيرة ولا وجود لمرجعية معتمدة يمكن الاحتماء بها، كما ان غياب الدولة ومؤسساتها الحامية وضعف المواطنة والمساواة واستمرار هدر حقوق الانسان وتفاقم حالات التشظي والتشرذم واللهاث وراء المكاسب الانانية الضيقة، ساهم في تردي اوضاعهم يضاف الى ذلك صعود موجة التطرف والتعصب والغلو الطائفي والمذهبي.

من العبث واللاعقلانية التفكير بردود فعل غير منطقية تربط بين نشر الصور المسيئة الى الرسول(ص) او فرض لبس الحجاب في فرنسا او اتهام بعض المسلمين بالتفجيرات التي وقعت في اسبانيا وبريطانيا وغيرها او سن قوانين لمكافحة الارهاب تستهدف الجاليات الاسلامية والعربية في اوروبا وامريكا، فذلك امر لا علاقة له بالمسيحية الشرقية وبالمسيحيين العراقيين والعرب.

لقد تعرّض المسيحيون في العراق الى انواع شتى من التمييز والاضطهاد ، فقد عانوا لكونهم جزء لا يتجزأ من النسيج العراقي المسالم الذي يعاني من تمزق طائفي واحتلال وارهاب، ومن جهة اخرى لكونهم مسيحيين حيث ينظر اليهم باعتبارهم "فئة ادنى" بعيدا عن حقوق المواطنة والمساواة، خصوصا في ظل الاحتقان الطائفي والاثني والمحاصصات والتقسيمات التي جاء بها بول بريمر الحاكم المدني الامريكي للعراق بعد الاحتلال.

ومثلما يقع الغرب السياسي احيانا في نظرة شمولية كلاّنية حين يصنّف جميع المسلمين وكأنهم مجبولون بالارهاب بل هم اقرب الى عمامة بن لادن وتنظيم القاعدة وحكم طالبان، فان بعض الاسلاميين او الاسلامويين او المتعصبين يخطأون مرتين حين يعتبرون المسيحيين جزء من الغرب وينكرون او ينتقصون من مواطنتهم ودورهم الاجتماعي والثقافي على المستوى العربي، وفي المرة الثانية حين يعتبرون الغرب كله " شر مطلق"، متناسين وجود غرب ثقافي وهو جزء من الحضارة الكونية والمشترك الانساني وقف الى جانب قضايانا العادلة وبالضد من مواقف الحكومات الغربية التي تضع مصالحها فوق كل اعتبار.

ان مسيحيي العراق هم جزء من الفسيفساء العراقية والموزاييك الاجتماعي وإنسابهم الى الغرب هو إساءة الى إنتمائهم وهويتهم وهو خسارة للعراق ولمكوّن اساس من مكّوناته مثلما هو اكراههم على الرحيل الذي لا يعني سوى استخفاف بتاريخ العراق وحضارته التي يكوّن المسيحيون جزءا" مهما" منها.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الناقد والمفكر العراقي عبدالحسين شعبان
- رؤية في مشروع الدستور العراقي الدائم
- هل هو فعل إكراه أم فعل ارادة ؟
- الفيدراليات العراقية بين التأطير والتشطير
- تقرير متخصص يسلط أضواء جديدة علي الوضع الانساني (2-2) أكثر م ...
- العقوبات أسهمت في تفاقم انتهاك حقوق الانسان


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الحسين شعبان - مفارقات - الالتباس- الحضاري مسيحيو العراق والاساءة الى النبي محمد - ص