أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - الثورة النجادية والإرهابيون في الأرض















المزيد.....

الثورة النجادية والإرهابيون في الأرض


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1461 - 2006 / 2 / 14 - 11:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


-1-
لم يفز الرئيس أحمدي نجاد بادئ ذي بدء بالمقعد الرئاسي الإيراني بطريقة ديمقراطية. فمن بين أكثر من ألف مرشح ، وهم الذين سجلوا انفسهم للترشيح لمنصب الرئاسة، حصل ثمانية أشخاص فقط على التصديق الرسمي من المرشد الأعلى كشرط للترشح. وكان المرشحون كلهم من الرجال، بالرغم من أن النساء يمثلن 52.1 بالمائة من مجموع السكان طبقاً لآخر الاحصائيات. ويقول الباحث السياسي الإيراني أمير طاهري، أنه يمكن للمرشد الأعلى شطب أي اسم أو الاعتراض على القائمة بأكملها. واذا ما سمح للمرشح بالترشيح في الانتخابات وفاز، فلا يوجد ضمان انه سيتولى منصب الرئاسة، إذ يجب أن يقر ّ المرشد الأعلى نتائج الانتخابات وان يصادق عليها ، فيما يمكن أيضاً للمرشد الأعلى، الذي يبقى في منصبه مدى الحياة، طرد الرئيس بإصدار فتوى بذلك. باعتبار أن منصب المرشد الأعلى وهو المنصب الذي أسسه الراحل آية الله الخميني لديه سلطات دستورية غير محدودة. فبغض النظر من فاز في الانتخابات، فإنه لن يكون سوى عضو ضمن حاشية المرشد الأعلى الواسعة. ورغم هذا يقول مهدي خروبي، وهو واحد من بين اثنين من الملالي الذين كانوا مرشحين في انتخابات الرئاسة: نظامنا مثار حسد الشعوب في جميع انحاء العالم. ويقول هاشمي رافسنجاني ، المرشح الآخر: جمهوريتنا الاسلامية هي نموذج للاسلام بل للانسانية.

فأين هي الديمقراطية في إيران؟

-2-

مع اعتلاء الرئيس الإيراني السادس أحمدي نجادي السلطة في إيران، أصبح الشأن الإيراني هو الشأن الشرق أوسطي الأكبر والأهم بالنسبة للعرب والغرب على السواء، إلى الحد الذي طغى فيه الشأن الإيراني على الشأن الفلسطيني والشأن العراقي. ولذلك كله مبررات كثيرة. ولكن المبرر الأكبر هو أن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد جاء ليقود ثورة حقيقية شاملة في إيران، وهو الآن يقود هذه الثورة التي تعتبر برأينا أكبر من الثورة الخمينية 1979، وأعظم أثراً.

وقد اعترف بهذه الثورة أحمدي نجاد الذي اعتبر أن النظام الايراني الحالي ارتد على الثورة الاولى، وانحرف عنها وخانها، من غير ان يمحو روحها، أي سعيها إلى المساواة. حيث يتصدى أحمدي نجاد والباسدران من ورائه، إلى احياء روح الثورة، والنفخ فيها. وهم ينددون بالانفتاح على العالم الخارجي، الاوروبي – الاميركي، دفاعاً عن روح المساواة، إرث الثورة الاول والثمين. ويسمي الرئيس نجاد "احياء المساواة" بالثورة الإسلامية الثانية، كما يقول فريدريك تيلييه في (إيران أحمدي نجاد وثورته الإسلامية الثانية، المركز الدولي لدراسات أمريكا والغرب، 24/1/2005).

فإذا كانت ثورة الخميني قد حوّلت إيران من نظام امبراطوري شاهنشاهي إلى جمهورية اسلامية، فإن أحمدي نجاد بدأ بتحويل إيران من جمهورية اسلامية ذات ملامح علمانية في علاقاتها بالعالم وبنظامها المالي إلى دولة خلافة اسلامية، تعيد تاريخ الخلافة الإسلامية التي اسقطها اتاتورك عام 1924.

وإذا كانت ثورة الخميني قد هددت بالكلام والشعارات وجموع الحجيج الإيراني إلى مكة المكرمة فقط، بتصدير الثورة الايرانية إلى دول الجوار فإن ما تفعله الثورة النجادية الآن، هو التهديد الحقيقي الفعال والواقعي بتصدير الثورة الإيرانية إلى دول الجوار. وقد بدأت إيران بالتدخل المباشر والواسع في الشأن العراقي والحضور السياسي الواقعي بواسطة الأحزاب الشيعية هناك، مروراً بفلسطين والفوز الكاسح لحماس في الانتخابات الأخيرة، وتعهد إيران الضمني والسري لاحلال التومان الإيراني محل اليورو الأوروبي والدولار الأمريكي، مقابل تمسك حماس بالمبادئ الخمينية تجاه القضية الفلسطينية المتمثلة بعدم الاعتراف باسرائيل، ومواصلة السعي لتدميرها، وتحرير كل ذرة تراب من فلسطين التاريخية كما أشار خالد مشعل في خطابه الاخير في دمشق (27/1/2006).

وإذا كان صدام حسين استطاع أن يُلهي الثورة الخمينية، ويصرفها عن تصدير ثورتها إلى الخارج ودول الخليج خاصة، باختلاق حرب الخليج الأولى (1980-1988) المدمرة، وإشغال إيران بهذه الحرب، وبتمويل ضخم من بعض دول الخليج، بحيث استنـزفت هذه الحرب طاقات إيران المالية والسياسية والاعلامية في هذه الحرب، وكذلك طاقات دول الخليج، فإن إيران بجاد اليوم في حال أفضل بكثير عما كانت عليه في 1980 ، يوم بدء حرب الخليج. كما أن إيران في حال أكثر تفضيلاً عما كانت عليه في عام 1988، عام انتهاء الحرب والأعوام التي تلتها. وما لدى الثورة البجادية الآن من امكانات سياسية ومالية واعلامية، وتأييد عارم من الشارع العربي الديني والشارع الإسلامي في الباكستان وأفغانستان واندونيسيا وماليزيا، لوقوف إيران إلى جانب الإخوان المسلمين في مصر وفلسطين، ودعوة بجاد إلى محو اسرائيل من الخارطة، والقضاء عليها في فلسطين.. الخ. كل هذا يفوق ما كان لدى الثورة الخمينية من امكانات منذ 1979 وحتى قبل انتخاب بجاد في 2005.

وإذا كانت ثورة الخميني قد أطلقت على امريكا فقط الشيطان الأكبر والأعظم، فإن الثورة النجادية تكاد تطلق على الغرب عموماً الشيطان الأكبر، خاصة بعد أن وصل الملف النووي الإيراني إلى أعتاب مجلس الأمن وبدأ يدق أبوابه، لكي تتم المواجهة الكبرى والخطيرة بين إيران والعالم.

وإذا كانت الثورة الخمينية لم تفلح في سيطرة المحافظين تماماً وبالمطلق على الدولة الايرانية منذ 1979 وحتى قبل وصول نجاد إلى الحكم، فإن وصول نجاد إلى الحكم قد أكمل وأقفل دائرة سيطرة المحافظين الإسلاميين تماماً على الدولة الايرانية. بعدما فشل الليبراليون بقيادة محمد خاتمي باقامة ما اسماه "المجتمع المدني الإسلامي" و"الديمقراطية الإسلامية" مع الحوار بين الحضارات، بعد أن وجد نفسه في النهاية محبطاً ومحاصراً من قبل خصومه المحافظين الذين كان يقودهم خامئني ، ويقودهم الآن إلى جانبه الرئيس نجاد.

وإذا كانت الثورة الخمينية تحسب حساباً للتوازنات الإقليمية والدولية، فإن الثورة النجادية الآن لا تحسب مثل هذا الحساب. فها هو أحمدي نجاد يقف في مواجهة امريكا والاتحاد الأوروبي واسرائيل وهم القوة الفاعلة الرئيسية في العالم، دون أي حساب. وهو يخاطب ساسة العالم بنفس الطريقة التي كان يخاطب بها المقاولين في بلدية طهران أيام كان عمدتها. وهو لا يعرف اللون الرمادي في السياسة. ولا يعرف غير اللونين الأبيض والأسود.

وأخيراً، إذا كانت السن المتقدمة للخميني وقدرته السياسية المحدودة، لم تمكنه من مواصلة قيادة الثورة التي أعلنها 1979، فإن أحمدي نجاد لديه القدرة الثورية على تفعيل ثورته الجديدة وهو (ابن الحداد) الفقير، الذي ما زال يدفع الاقساط الشهرية لقرض شراء منـزله المتواضع، وهو الذي يوصف بأنه من علماء الهندسة، ومن أساتذة الجامعة ذوي العقول العلمية المنظمة، ومن مؤلفي الكتب العلمية، وجنرال الباسدران، كما أنه أول رئيس للجمهورية الإسلامية ذي خلفية عسكرية. وقاتل في حرب الخليج ضد العراق، ومارس التدريس في كلية الموظفين التابعة للحرس الثوري، ومن الاداريين الممتازين الذين أظهروا مهارة ادارية رفيعة المستوى، عندما تولى عمدة مدينة طهران ونظّفها من الفساد والرشوة والمحسوبية، وأنه نظيف اليد والفرج، وزاهد، وشديد التدين، وحاد الذكاء ومتواضع، وأن ليس لديه ما يخاف عليه من مال أو جاه أو مصالح تجارية، كما كان الحال لدى هاشمي رفسنجاني منافسه في الانتخابات الرئاسية، المقاول وتاجر الفستق العريق، وأثرى شخص في إيران، ويحتل المرتبة الـ 46 في قائمة أثرياء العالم،. وفي اثناء حملته الانتخابية، ندد المرشح احمدي نجاد بالاوليغارشية الاسلامية (أعيان الجمهورية) ووجهائها وأثريائها الذين سطوا على المال العام. ورفسنجاني هو العلَم الأكبر في هذه الاوليغارشية، كما يقول فريدريك تيلييه في (إيران أحمدي نجاد وثورته الإسلامية الثانية). ويظل نجاد يمثل هزيمة التيار السياسي والفلسفي الذي كان حاضراً في الحركة الخمينية منذ البداية. ويمثل هذا التيار الذي يعرف بـ" الالتقاطي" رجال الدين والمثقفين الذين ينظرون إلى الإسلام، باعتباره أداة لتحقيق السلطة أكثر منه نموذجاً للمجتمع، على حد تعبير أمير طاهري (فوز نجاد هزيمة التيار الالتقاطي، الشرق الأوسط ، 1/7/2005)

فإذا كان الخميني لأسباب سياسية وتاريخية – كما أسلفنا - قد فشل في تحويل الثورة إلى دولة عصرية وقوية، وتصدير هذه الثورة إلى الخارج، فقد ينجح نجاد في تحويل الثورة إلى دولة ثورية وهو ما يقوم الآن، رغم أنه يعتبر أول رئيس من خارج دائرة رجال الدين يتولى هذا المنصب، فيما لو استبعدنا تولي محمد علي رجائي هذا المنصب لمدة شهر واحد، حتى وفاته في انفجار عبوة ناسفة بمكتب رئيس الوزراء، في 1981.

(يتبع)



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل فوز -حماس- كان رحمة بنا؟
- دور عرفات (صاحب الشنطة) في فوز حماس
- العقل العربي و-الملحمة- الكاريكاتيرية
- الأردن ليس استثناءً
- حزب الله: المفتاح في نزع السلاح
- حماس تواجه العالم
- الطريق الى القدس تمرُّ عبر صناديق الاقتراع
- ساحة للحرية بعمّان.. واو!
- سور العرب العظيم
- سوريا وإيران تشعلان النيران
- المليشيات الفلسطينية وحلف -فلسان- الثلاثي
- لماذا يريد العرب انسحاب امريكا من العراق؟
- ضياع العرب بين صدّام وخدّام
- لكي لا تحرثوا في البحر!
- لم يبقَ غير الرحيل يا عباس!
- قراءة أولية في الانتخابات العراقية
- وثيقة ارهابية جديدة مدموغة بخاتم الشرعية الدينية الأكاديمية
- العراق اليوم: من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر
- كلام تافه في حريق الأرز!
- محاكمة صدام محك ديمقراطية العراق


المزيد.....




- سلى أطفالك ونزلها.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بأعلى ج ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تنعى قياديا في صفوفها ومرافقه قتل ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يرد على سموتريتش: يريد دولة يهودية من ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يرد على سموتريتش: يريد دولة يهودية من ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لاغتيال قيادي بـ-الجماعة الإسلام ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعى قياديا في صفوفها ومرافقه إ ...
- ديفيد هيرست: تحالف قادة إسرائيل مع الفاشيين في أوروبا أكبر ت ...
- قتيل بقصف إسرائيلي بلبنان والاحتلال يدعي أنه قيادي في الجماع ...
- كيف تفاعل رواد التواصل الاجتماعي مع إقالة وزير الشؤون الديني ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل قيادي بالجماعة الإسلامية في البقا ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - الثورة النجادية والإرهابيون في الأرض