أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سمير أمين - الثورة من الشمال إلى الجنوب (1)















المزيد.....

الثورة من الشمال إلى الجنوب (1)


سمير أمين

الحوار المتمدن-العدد: 5640 - 2017 / 9 / 15 - 10:06
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


د. سمير أمين
ترجمة: د. عماد الحطبة
يشكل الصراع بين الشمال والجنوب، بين المراكز والأطراف، عاملا مركزيا في تاريخ نمو الرأسمالية وتطورها. فالرأسمالية التاريخية تدمج نفسها مع تاريخ غزو العالم من قبل الأوروبيين وأبنائهم، الذين استمرت انتصاراتهم من 1492 إلى 1914. لقد وفرت هذه الانتصارات وهذا النجاح الأساس لشرعية الرأسمالية، وتم بناء فرضية التفوق الأوروبي بحيث أصبح النظام الأوروبي مرادفاً للحداثة والتقدم. وازدهرت النزعة المركزية الأوروبية في هذه الظروف، واقتنعت شعوب المراكز الإمبريالية بحقها «التفضيلي» بالحصول على ثروات العالم.
لقد شهدنا تحولا جذرياً في المنحى التاريخي، فالجنوب بدأ يستيقظ ببطء لكن بوضوح خلال القرن العشرين، وابتدأت الثورات الاشتراكية، أولاً في شبه الأطراف الروسي، ثم في الأطراف.. الصين وفيتنام وكوبا، حتى وصلنا إلى حركات التحرير الوطني في وآسيا وإفريقيا، والتقدم الذي تم إحرازه في أميركا اللاتينية. كانت وتيرة نضالات تحرير الشعوب في الجنوب تتصاعد وتحقق الانتصارات التي ارتبطت بمواجهتها وتحديها للرأسمالية. هذا الاقتران بين الثورة وتحدي الرأسمالية أمر لا مفر منه. ويشكل هذا الصراع بين الرأسمالية وبين الاشتراكية… بين الشمال وبين الجنوب مصدر الإلهام الثوري. لا يمكن تخيل اشتراكية غير عالمية، مما يعني المساواة بين الشعوب.
وفي دول الجنوب، معظم السكان ضحايا للنظام الرأسمالي، في حين أن أغلبية سكان الشمال مستفيدون منه. لكن غالباً ما يختار أحدهما الاستسلام له (في الجنوب) ويختار الآخر الاحتفاء به (في الشمال). ليس من المصادفة إذن أن التغيير الجذري للنظام لا يقع على أجندة الشمال في حين مازال الجنوب «منطقة عواصف» حيث الانتفاضات المستمرة التي يصل بعضها إلى مستوى الثورات. تبعاً لذلك فإن الكثير من الأفعال التي يقوم بها أبناء الجنوب تمتلك أثراً حاسماً في التغييرات التي تصيب العالم. إذا أخذنا هذا الأمر بعين الاعتبار فإننا نستطيع وضع الصراع الطبقي في الشمال في إطاره المناسب. فهذا الصراع يرتكز على مجموعة من المطالب الاقتصادية التي لا تضع النظام الرأسمالي العالمي موضع مساءلة. بالنسبة لهم فإن الانتفاضات التي تحدث في الجنوب، عندما تتجذر، فإنها ستتوجه نحو مجتمعاته غير النامية. لذلك فإن اشتراكيتهم تحمل في ثناياها تناقضاً ما بين النوايا الأولية وبين حقيقة ما هو ممكن. إن الاقتران الممكن، والصعب، بين نضال الناس في الجنوب وأمثالهم في الشمال هو الوسيلة الوحيدة لتجاوز المعوقات التي تقف في وجه الطرفين.
منذ الأممية الثانية تجاهلت الماركسية الأوروبية هذا الجانب الأساسي من الرأسمالية. لقد رأت هذه الماركسية التمدد الرأسمالي فعلاً متجانساً (وهو في الحقيقة قطبي) وبالتالي ساهمت في تقديم الدور التاريخي الإيجابي للاستعمار. لقد استطاع لينين تجاوز هذا التفسير المبسط للماركسية مما سمح له بقيادة ثورة اشتراكية في بلد كان حينها شبه طرفي. لقد اعتقد لينين أن ثورته لن تلبث أن تنتشر إلى دول المركز الأوروبية المتطورة، لكن ذلك لم يحدث. لقد استهان لينين بالأثر المدمر الذي تركته الإمبريالية على المجتمعات المتطورة. لكن ماو أخذ الأمور إلى نقطة أبعد عندما قام بثورة اشتراكية وطبق استراتيجيته الثورية على دولة أكثر طرفية من روسيا.
تنطوي حقيقة الطابع المركزي للرأسمالية التاريخية على مجموعة من النتائج التي لا يمكن تجاوزها: أن الانتقال إلى الاشتراكية سيكون بطيئاً ومن خلال التطور غير المتكافئ، وأن هذا التطور سيحدث بشكل رئيسي في الأطراف. لذلك لا توجد «ثورة عالمية» على أجندة دول المركز المتقدمة. لقد فهم لينين وماو وهوشي منه وكاسترو هذه المعادلة، لذلك قاموا بثوراتهم وقبلوا تحدي «بناء الاشتراكية في بلد واحد». وهي المعادلة التي لم يفهمها تروتسكي نهائياً.
تعتمد حدود ما كان يمكن تحقيقه في حال تلك الثورات على عدة عوامل أهمها؛ تأثير إرث الرأسمالية «المتخلفة» في دول الأطراف، وما أصاب تلك الثورات العظيمة من تطور خلال القرن العشرين بما في ذلك انحرافاتها وخيباتها.
في بلدان الأطراف الأخرى، تمكنت الحركات الثورية من تحقيق الانتصار وتغيير العالم. لكن قادة هذه الحركات لم يتمكنوا من تقدير الحاجة الماسة إلى كسر المنطق الرأسمالي من أجل تحقيق أهداف التحرر الوطني. بدلاً من ذلك عززت هذه الحركات أسطورة «اللحاق بالركب» والمقصود هنا ركب التطور الذي حققه المركز بوسائل رأسمالية، وذلك من خلال الالتحاق بالرأسمالية العالمية بهدف خلق رأسمالية وطنية ضمن نفس الشروط والآليات التي حقق فيها المركز رأسماليته. كنتيجة لهذا التوجه كانت محصلة المكاسب التي تم تحقيقها من خلال هذه الحكومات «الوطنية الشعبية» – كما أسميها – محدودة، كما أن هذه الحكومات استُنزِفت بسرعة وانهارت وعمت الفوضى.
يَظهر الخوف من الثورات الاشتراكية والتحدي الذي تمثله في التحركات الفاشية المعادية للثورة والتي تظهر في المراكز الإمبريالية. لقد شحذت الفاشية – ذات مرة – الصراعات داخل – الإمبريالية، وبشكل خاص بين ألمانيا النازية واليابان من جهة، والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا العظمى من الجهة المقابلة. في ظل ظروف الخيار بين الطرفين نستطيع أن نفهم اختيار الاتحاد السوفيتي التآلف مع أميركا وبريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، كما نستطيع أن نفهم لماذا لجأت القوى الغربية إلى فرط عقد هذا التحالف عام 1945 مباشرة بعد انتهاء الحرب.
لم ينتج عن فشل الحركات الاشتراكية والشعبية انفتاح لإمكانيات التحول والتطور في الشرق أو الجنوب أو الغرب. فالقوى والعوامل السياسية وكذلك المواطنين المعنيين، وهي العوامل التي أدت لنجاح تلك الحركات، لم تتم دراستها أو تقييمها بالشكل المناسب مما جعل إمكانية الاستفادة من إنجازات تلك الحركات محدودة ومقيدة. وهو نفس السبب الذي مكن قوى الثورة المضادة بقيادة المراكز الإمبريالية التاريخية (الولايات المتحدة، أوروبا، واليابان) من استغلال الفوضى التي نشأت عن ذلك الفشل وتشجيع ظهور رد فعل وهمي، تم تبنيه من قبل مشاريع «الانبثاق» الاقتصادي في بعض بلدان الجنوب، أو الانحراف غير المنطقي نحو الفاشية في بلدان أخرى (الإسلام السياسي، والهندوسية السياسية). أما في المراكز الإمبريالية نفسها فلم يشجع تراجع وفشل المشاريع الاشتراكية والوطنية الشعبية المثقفين على تقديم تحليل نقدي للرأسمالية، بل على العكس دفعهم أكثر باتجاه الحديث والتركيز على فضائل الرأسمالية الحديثة المتطورة.
في هذا السلوك بالضبط يكمن انتصار الثورة المضادة، حيث يشكل التراجع عن الإنجازات السابقة التي حققتها دولة الرفاه الدافع الرئيس والمشجع لولادة رد فعل فاشي جديد.



#سمير_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية فى قضايا المرأة
- نقد مقولة نهاية التاريخ
- ماذا عن «العالم الأول»؟ (22) أوروبا الجنوبية
- ماذا عن «العالم الأول» ؟(1 2) أوروبا‭ ‬الجنوبية
- ماذا عن «العالم الأول»؟ 3
- ماذا عن «العالم الأول»؟ 2
- أزمة النظام الرأسمالي
- ماذا عن «العالم الأول»؟
- عاشت دولة المواطنة المصرية
- بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة القيادات الام ...
- نبذ الحداثة أم المساهمة فى تطويرها؟
- السيادة الوطنية: بأى هدف؟
- السيادة الوطنية فى خدمة الشعوب
- نقد مفهوم الأصالة
- نقد مقولة ثبات الثقافة
- الاقتصاد الخالص شعوذة العالم المعاصر
- المسألة‭ ‬الكردية كيف‭ ‬كانت ؟
- من الاقتصاد السياسى إلى الاقتصاد الخالص
- ثورة أم انحطاط؟
- فى أصول الفوضى الراهنة


المزيد.....




- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...
- شولتس أم بيستوريوس ـ من سيكون مرشح -الاشتراكي- للمستشارية؟
- الأكراد يواصلون التظاهر في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن أوجل ...
- العدد 580 من جريدة النهج الديمقراطي
- الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تُعلِن استعدادها ...
- روسيا تعيد دفن رفات أكثر من 700 ضحية قتلوا في معسكر اعتقال ن ...
- بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- بلاغ صحفي حول الاجتماع الدوري للمكتب السياسي لحزب التقدم وال ...
- لحظة القبض على مواطن ألماني متورط بتفجير محطة غاز في كالينين ...
- الأمن الروسي يعتقل مواطنا ألمانيا قام بتفجير محطة لتوزيع الغ ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سمير أمين - الثورة من الشمال إلى الجنوب (1)