أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فتحى سيد فرج - محمود طاهر لاشين : رائد القصة القصيرة المنسى 1/2















المزيد.....

محمود طاهر لاشين : رائد القصة القصيرة المنسى 1/2


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 5639 - 2017 / 9 / 14 - 15:27
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


محمود طاهر لاشين : رائد القصة القصيره المنسى 1/2
فتحى سيد فرج
للرواية تاريخ يرتبط بتطور الإنسان، فهناك روايات منذ الدولة المصرية القديمة، والمدن الإغريقية والرومانية، ولكن الرواية كعمل فني حديث ظهرت وتطورت في أوروبا بصعود الطبقة البرجوازية بعد تفسخ وانحلال المجتمع الإقطاعي، وفي بلدان العالم المختلفة ظهرت الرواية، ففي بعض البلدان العربية بدأت مع نمو الطبقة الوسطى وصراعها ضد النظم الأستبدادية وضد الاستعمار، حيث العلاقة وثيقة بين ظهور الرواية الفنية وبين الفكرة الوطنية والقومية والمطالبة بالاستقلال، فالطبقة الوسطى هى صاحبة هذا الإنجاز التاريخى، وهى أساس إنتاجه واستهلاكه، معها بدأت كتابتها وبتبلورها اكتمل نضج الرواية، وفى أتون ثوراتها يتطور الإبداع الروائى .
ولكن القصة القصيرة كإنجاذ فنى حديث لم تظهر إلا منذ القرن التاسع عشر، ومع ذلك احتلت أهمية بالغة فى الأجناس الأدبية واكتسبت مقاما راقيا فى بلدان العالم، فهى تميل إلى نقل الواقع، وتفسر قلق الإنسان، وإذا دقننا فى الروايات الطويلة نجد أنها تحوى قصصا متعددة فى أزمان مختلفة، وقد ارتبط نشر القصص القصيرة بميلاد الصحافة، فالجرائد تفضل نشر قصة مكتملة الموضوع تطرح ظروف الواقع بشكل مبسط .
ولعل أول من كتب القصة القصيرة فى شكلها المتكامل هو الكاتب الفرنسى "جي دى موباسان Guy de Maupassant (1893-1850)" ثم شارك "زويلا" أيضا من فرنسا و"جيمس جويس" من ايرلندا، و"هاردى" من بريطانيا، و"تشيكوف" و"تورجنيف" من روسيا، و"فرانز كافكا" من تشيكلوفاكيا و"ارنست همينجواى" من امريكا .
ونظرا أنها من الفنون المستحدثة فأن العرب لم يعرفوها قديما، وليس لها جذور عندهم، وقد نمت هذه القصص عند المصريين بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وما تولد عنها من صراعات، وقبيل ثورة 1919 كانت القصص القصيرة مترجمة أو مقتبسة من الفرنسية، ومن روادها الأوائل جرجى زيدان، محمود تيمور، ميخائيل نعيمة، وكانت مصر من أنشط البلدان العربية فى نشر القصص القصيرة، لما تعكسه من أحوال المجتمع خاصة الريف المصرى الذى يتركز فيه البؤس والظلم الاجتماعى، هكذا كتب طه حسين، محمد تيمور، المنفلوطى، توفيق الحكيم، وكان من أبرز روادها الأوائل "محمود طاهر لاشين (- 18941954)" وكل هؤلاء ينتمون إلى الطبقة الوسطى، وانتشرت القصة االقصيرة خاصة فى الجرائد والمجلات نظرا لأنها مبنية على حدث واحد، فى زمن واحد، ومكان واحد، ولها تأثير واحد، كما أنها لا تأخذ وقتا طويلا فى حياة القارىء .
هذا وقد كتبت د . لطيفة جاسم الثمار أستاذة في الأدب العربي الحديث فى موقع "فضاء الكويت" بتاريخ 4 مارس 2012 تحت عنوان "أبو الواقعية" محمود طاهر لاشين " ظهر الاتجاه الواقعي للقصة القصيرة في مصر منذ بداية القرن التاسع عشر، وتأصلت في تلك الفترة النزعة الواقعية التحليلية والتي قادها عيسى وشحاتة عبيد ومحمد تيمور، اهتم هؤلاء برصد الواقع الاجتماعي ومعالجته وعرض كثير من المشاكل خصوصا التي كان يعاني منها المجتمع المصري، وما تعاني منه المرأة في تلك الفترة البعيدة من الزمن لكن هذه الفترة اقتصرت على الجانب الواقعي من جوانب داخلية محددة ولم تقتحم المجتمع بشكل لافت، بعد تلك الفترة بدأت تتأصل فترة جديدة في تاريخ نشأة القصة القصيرة في مصر وترسخ اتجاهها الواقعي بالمعنى الحديث للواقعية، وكانت بداية هذه النزعة على يد محمود طاهر لاشين، لم يقتصر لاشين على عرض المشاكل التي تعتري المجتمع، لكنه توغل في داخل المجتمع المصري وصولا إلى الطبقة الشعبية فأحد أبرز القصص المتفردة للاشين وهي من المجموعات المتقدمة والتي عنونها بـ«بيت الطاعة» تعكس قدرة وموهبة الكاتب في التغلغل إلى الطبقات الشعبية في مصر وتحاول عرض مشاكلها وتأصلها، كما ترسم شخصيات القصة بإحساس واقعي وعناية في الوصف والتحليل والحوار.

فالمرأة هي المرأة إذا أرادت المستحيل فهي قادرة على تحقيقه حتى وإن حبست في غرفة حقيرة بسبب بيت الطاعة، بالرغم من الحبس الحسي إلا أنه في المقابل استطاعت المرأة أن تتحرر من حبسها وتفعل ما تريد، هي الوحيدة القادرة على صيانة شرفها. الكاتب يريد أن يوصل للمتلقي أن شرف المرأة بإرادتها وليس بحبسها بين الجدران، عنى الكاتب برسم شخصيات قصصه عناية فائقة حتى أنه في كثير من الأحيان يصف الشخصية من الناحية الحسية والشكلية ثم لا يلبث حتى يدخلنا في أعماقها ويحلل مواقفها وما آلت إليه من أفعال قد تكون في أكثر الأحيان سلبية بعيدة كل البعد عن الإيجابية، لكنه يعلل لتلك الأسباب والدوافع التي دفعت الشخصيات إلى الاتجاه في ذلك الاتجاه المعاكس. القصة تقوم على هجاء شديد اللغة يوجه إلى المجتمع المصري وبالأحرى إلى الطبقة البرجوازية وميزان الأخلاق لديها، ومراعاة الشكل الخارجي، في المقابل يمتلئ الشكل الداخلي بالأمراض الأخلاقية، هذه القصة بما فيها من سلبيات معدودة في مقابل النواحي الإيجابية المتنوعة في تلك الفترة من الزمن تؤرخ لتاريخ نشأة فن القصة القصيرة في مصر، أتبعها لاشين بمحاولات عززت من موهبته الفنية المتأصلة وأسلوبه الراقي في صناعة قصصه التي اهتمت بنقد الواقع المحلي المصري بشيء من الصدق والشفافية من خلال منهج واقعي يتبع الدقة في رسم ظواهره وعرض مفاهيمه التي تتماشى وطبيعة المجتمعات العربية، يقول يحيى حقي في مقدمة «سخرية» للكاتب لاشين: «كان لابد أن يتحول الأدب من النزعة الرومانسية إلى صرامة المذهب الواقعي، وأن يتخذ من رجل الشارع والفلاح أبطال قصصية، هذا هو تفسير نشأة المدرسة الحديثة، مدرسة المذهب الواقعي الذي كان محمود طاهر لاشين نجمها المتألق"
فى تقديمه "الأعمال الكاملة" لمحمود طاهر لاشين كتب صبرى حافظ "كيف يمكن لقارئ نهاية القرن العشرين أن يستمتع بأدب ناضل أجداده في مطلع هذا القرن لصياغة رؤاه وبلورة قيمه وتأسيس مواضيعه الفنية، وتخليص لغته من آثار قرون من البلاغة اللفظية والمحسنات البديعية؟ ومحمود طاهر لاشين لم يظهر في منتصف عشرينات القرن العشرين ككاتب يطرح مشروعاً فردياً، على الرغم من فرادة إنجازه، بل ضمن سياق مدرسة أدبية تعبر عن أحلام جيل كامل بلورته ثورة 1919. وكوّن هذا الجيل "المدرسة الحديثة" التي عبرت عنها مجلة "الفجر" "صحيفة الهدم والبناء" التي ترأس تحريرها أحمد خيري سعيد، وصدر العدد الأول منها في 8 يناير 1925، واستمرت في الصدور اسبوعياً حتى 31 يناير 1927 نشرت مجلة "الفجر" القصص والقصائد والترجمات القصصيّة والفكريّة، وعرّفت بالمذاهب الأدبية.
حياة طاهر لاشين وشخصيته : وُلِد محمود طاهر لاشين في 7 يونيه 1894م بحي السيدة زينب في حارة حسني (وحسني اسم أبيه، الذي ينحدر من أسرة من مسلمي البلقان)[1]، وتلقى التعليمَ الابتدائي بمدرسة محمد علي، التي التحق بعدها بمدرسة الخديوية الثانوية، ثم تخصص في دراسة الهندسة بمدرسة المهندسخانة العليا، وعمل بعد تخرجه مهندسًا في مصلحة التنظيم، التي أخذ يترقى فيها حتى وصل إلى درجة "مدير عام"، ثم طلب إحالته إلى المعاش في أواخر سنة 1953 م؛ بغيةَ التفرغ للإنتاج الأدبي، لكن القدر لم يمهله؛ إذ توفي بعد ذلك بشهور في إبريل 1954م، وقد قضى طاهر لاشين شبابه عزَبًا، فلم يتزوج إلا في الخامسة والأربعين، غير أنه لم ينجب أولادًا، وقد انتقل بعد زواجه من حارة حسني إلى حي العجوزة[2].
وقد اشتهر طاهر لاشين بالفكاهة والمقدرة على المطايبة والتنكيت، ويؤكد حبيب الزحلاوي أنه "قلما تسمَع منه نكتة تنحرف عن الذوق الدقيق، لازمتُه في كثير من المجالس متنوعةِ الألوان فلم أرَه مرة انزلق فيما ينزلق فيه سواه من الظرفاء"[9]، كما كان يتمتع بالطبع الرضيِّ والنفس السمحة، "ولا يزال مَن بقي على قيد الحياة من زملائه في العمل يذكرونه وهو في منصب الرياسة رجلًا متواضعًا سَمْحًا كريمًا، لا يتعالى ولا يشخط ولا ينطر، بل يداعب مرؤوسيه بنكاتِه وقفشاته"[10]. وقد أعانه، فيما يبدو، على هذه السماحة، إلى جانب طبعه الرضي، انغماره بين طوائف الشعب بحُكم عمله، واتصاله بأصناف متنوعة من الناس، ورؤيته إياهم عن قرب داخل بيوتهم، وبخاصة أنه وُلد وتربى وكبر في حي شعبي، هو حي السيدة زينب .
وكان طاهر لاشين في سَعة من العيش نسبية، ولعل ذلك كان أحد الأسباب التي جعلته يكتفي باتخاذ الأدب هواية، فإن وظيفته كانت توفر له حياة مادية لا بأس بها، وكان له إلى جانب وظيفته إرث، وفضلًا عن ذلك فإنه لم يكن مسرفًا ولا مقترًا[12]. كما كان مغرَمًا بالقراءة، وقد هام منذ صغره بالاطلاع على الآداب الأوربية، وبخاصة الإنجليزية والفرنسية والروسية، وكان يعجب ببعض الكتاب إعجابًا خاصًّا، مثل: ديكنز ومارك توين وتشيكوف، أما بالنسبة لمن كان يقرأ لهم من القصاصين، فإن الأستاذ يحيى حقي يذكر لنا أسماء كثيرة، من بينها: شكسبير وثاكري وبلزاك وموليير وهوجو وأوسكار وايلد ورامبو وبيرانديللو وتولوستوي وجوركي ودستويفسكي، إلى جانب بعض المجلات الأدبية الإنجليزية، مثل: "ملحق التايمز الأدبي" والـ: "نيشن"[15]
ولم تكن اهتمامات أعضاء المدرسة الحديثة مقصورة على الأدب، بل شملت أيضًا الفن من باليه وموسيقا سيمفونية وأوبرا ومسرحيات؛ إذ كانوا "يذهبون شلة إلى كازينو دي باري بقنطرة الدكة، يناصرون محمد تيمور وسيد درويش في "العشرة الطيبة"، وإلى تياترو برنتانيا يؤازرون سيد درويش في "شهر زاد"، أو إلى كورسال دلباني يشاهدون باليه أنا بافلوفا، أو يستمعون للحفلات السيمفونية، ولعزف كبار العازفين، حيث يجلسون أو يقفون فيما كان يعرف بالمتنزه (البرومنوار)، أو يتشعلقون في أعلى التياترو بالأوبرا... ليشاهدوا ويسمعوا الفرق الغنائية التي وفدت على مصر بعد الحرب العالمية الأولى"[19]



#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تقديس التراث سبب تخلف المسلمون ؟
- الحداثة والتحديث الناقص
- فى ذكرى الغزو العثمانى لمصر
- معوقات تحقيق العدالة الإنتقالية
- 500عاما على الغزو العثمانى لمصر
- مستقبل العقل
- عرض كتابان عن النمو الاقتصادى
- التقاليد العثمانية فى دولة الخلافة
- اسرانا حتى لا ننسى
- أسلوب عقيم يساهم فى تفاقم ظاهرة الأرهاب باسم الدين
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 5 من 5
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 4 من 5
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 3 من 5
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 2 من 5
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 1 من 5
- تعليم المقهورين
- العدالة الإنتقالية .. الحقيقة وحدها يمكنها شفاء كل الآلام 2 ...
- العدالة الإنتقالية .. الحقيقة وحدها يمكنها شفاء كل الآلام
- التقارب التالي .. نظرة متفائلة للنمو الاقتصادى
- حتى لا ننسى : موقف الاخوان من القوى الوطنية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فتحى سيد فرج - محمود طاهر لاشين : رائد القصة القصيرة المنسى 1/2