عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 5638 - 2017 / 9 / 13 - 22:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الوقوفُ على ابواب الكهوف .. إلى أنْ تبدأ الرائحة
نحنُ الآن "أُمّةٌ" مُنقَسِمةٌ على ذاتها ، وماهيّتها ، وفحواها .. يتحكّمُ بها رُعاةٌ فاسِدونَ ومُستَبّدون .. و يرزَحُ تحت ثُقلِ قيودها المُذِلّة ، رعايا خانِعون .
ليس سهلاً اعادة تشكيل هذه العلاقة ، أو اعادة هيكلتها .
وما يختصرهُ البعض بضرورة التأسيس لـ "عقدِ اجتماعيّ جديدٍ" بين طرفي المعادلة المجتمعيّة هذه ، هي مطلبٌ طوباويّ .. تماماً مثلما يقفُ رجلٌ مُتحضّرٌ قادمٌ من بلَدٍ مُتحَضّرٍ على باب أحد الكهوف ، وهو يتوسلُّ لساكنيهِ أن يخرجوا الى الغابة ، ليُوَقّعوا معهُ "عقدا اجتماعيّاً جديدا" ، يُنظّمُ علاقات الاقتصاد والسياسة ، والجغرافيا والتاريخ ، والثروة والسُلْطة ، بينهُ وبينهم .
أنظروا الى الشاشات الآن .. واستمِعوا لما يُقال .. وأقرأوا ما يُكتَب .. ولن تجدوا غير ضجيج اللغو حول السيف والقبيلة ، و صَخَبِ الراياتِ والقصائد ، و نُذُر الخرابِ في نزاع "الزعامات"، و الغبارِ المُصاحِبِ لحروب الماء والكَلأ.
نعم . حروب الماء والكَلأ .. وقد أُضيفَ اليهما النفط .. وفيما عدا ذلك لا توجدُ حربٌ من أجل الحقوق ، ولا نزاعاتُ هويّة ، ولا تطلّعات شعوبٍ الى حياةٍ أفضل .
كيفَ سيتمُّ اخراجُ "أصحابُ المصلحةَ Stakeholders "الجائعونَ و شُبهَ العُراةِ ، من البوادي والكهوف .. لإقناعهم بأنّ ثمّة من يضحك عليهم .. وأنّ بإمكانهم أن لا يموتوا أبداً من الجوع ، وأن لا يخافوا أبداً من "الحيوانات المُفترِسة" ، بل أنّ هذه "الحيوانات" هي التي تخاف منهم ، وأنّ ما يحتاجونه من أجل هذا كلّه هو القليلٍ من التضامن و القليل من التعاون والقليل من الثقة فيما بينهم .. وأنّ في غابات بلدهم وانهاره و جباله و سهولهِ وبواديه ما يكفيهم ويَزيد .. وأنّ هناك مشاكل قد تعترضُ التوزيعَ العادل للثمار والدفء .. وأنّ هذا كلّه يمكنُ "التوافق" عليه في اطار "قانونٍ" يكتبهُ الجميع ، ويحفِظُ حقوق الجميع ، ويعرف تفاصيلهُ الجميع .. وأنّ لا حاجة لهم بعد ذلك لـ "زعماء" يُلَوّحونَ بـ الرماحُ ، ولا لـ "قادةٍ" يمتشقون السيوف ، ولا لـ "شيوخ ، و أغواتٍ ، و سادةٍ" يتأبّطونَ الخناجرَ ، ويصرخون .. ونمضي نحنُ ، كُلّنا، الى حتوفنا معهم ؟
قولوا لنا كيف سنخرجُ هؤلاء المساكين "أصحاب المصلحةِ" الحقيقيّة من جحورهم .. قبل فوات الأوان ؟
وإلاّ سنبقى واقفين في باب كهوفهم و "كهوفنا" هذه .. ولا من مُستجيب ..
إلى أنْ تبدأ الرائحة .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟