|
اليأس والعدمية
جمال رفعت
الحوار المتمدن-العدد: 5638 - 2017 / 9 / 12 - 20:57
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
- الشرق ، أعتبره ، ماضى الغرب ، أذا إنه مازال فى الطور الذى كان الغرب به منذ عقود وقرون . - مرت أوربا بكل ما يمر به الشرق الأوسط الأن من صراعات سببها العرق والطبقية والجنس وسطوة الدين ورجاله و ديكتاتورية الحكام ، فلا فرق كبير بين ما مرت به أوربا وبين ما يمر به الأن العرب . - أتمنى أن يكون مستقبل الشرق كحاضر الغرب الأن . ---- - يلاحظ كثيرآ فى وطننا العربى ، الجهل الكبير بمفهوم العدمية وربطها بحالات نفسية مثل اليأس والإحباط والسلبية . وكذلك يتبع نفس المنحى بعض الكاتبين الغربيين ( و أخص هنا الكاتبة الكندية نانسي هيوستن بعد قراءة كتابها * أساتذة اليأس - النزعة العدمية فى الأدب الأوربي ) - الربط بين العدمية واليأس أو السلبية ربط فى غير محله ، فالعدمية هى موقف فكرى خالص ، وليست كالسلبية واليأس التى تعتبر حالات نفسية بحتة يمكن علاجها نفسيآ وتغيرها ، ولكن العدمية لا يمكن أن تتغير بمعالجة نفسية أو غيرها . - اليأس ينتج نفسيآ عن أسباب مثل الفشل الإجتماعى او المادى أو العاطفى أو غيره من التعاملات اليومية فى الحياة مع البشر . يمكن التخلص منه عن طريق العلاج النفسى وحل المشكلات المسببة له والنجاح فى العمل أو الهوايات او العلاقات العاطفية أو التخلص من ذكريات وأفكار سابقة من الطفولة أو الشباب ربما تكون هى السبب . - أما العدمية هى موقف فكرى صريح و واقعى وحقيقى وقمة المنطق ( ولا أحب تسميتها فلسفة او إدراجها تحت اى نوع منها ) فالعدمية ترى أن لكل شئ نهاية لا مفر منها فكل شئ فى حياتنا وكوكبنا وعالمنا إلى زوال ، وكل الأخلاق والمبادئ والقيم والعلاقات الموجودة هى مجرد عادات وتقاليد وأفكار صنعها الإنسان وفرضها التطور . وهذه أشياء واقعية لايمكن التبديل فيها ، لذا فهى ليست فلسفة ، الموت مثلآ ليس فلسفة ، وايضآ هى ليست مرض نفسى يمكن علاجه والتخلص منها ، الموت حقيقة وعبثية الكون حقيقة وليست مجرد توهم نفسى يمكن تغييره بالمعالجة . - العدمية هى إدراك عدم وجود غاية و خير أو شر ، فقط أسباب ومؤثرات وعدم وجود مباديء مقدسة أو محرمات . العدمية تجزم أن الأخلاق والقيم مصطنعة ، ذاتية ، مطاطة ، قابلة للاستبدال وزائلة والبديهيات لا تحتاج ايمان لانها مستقلة، موضوعية ووجودها ذاتي . - العدمية هى الرجوع للماضى والحاضر لرؤية ما بعد المستقبل ، العدم ، الموجودات الأن مؤقتة ومصيرها العدم . - العدم الجزئى لبعض الموجودات هو عدم كلى . فمثلآ ، موت أحدهم ، هذا يعتبر بالنسبة لنا كأشخاص مازلنا فى الوجود عدم جزئي ، ولكن بالنسبه للمتوفى ( إن افترضنا إنه يدرك ) فهو العدم الكلى فكل شئ بالنسبة له إنتهى وقد فارق الوجود بغياب إدراكه ووعيه وبعد التحلل غياب جسده . - العدمية ترتبط ارتباط وثيق بالالحاد ، ولا يمكن أن يكون هناك ملحد ليس عدمى أو عدمى ليس ملحد ، فالملحد يجرد الطبيعة والإنسان من اى كائنات عليا ماورئية أو مسببات ميتافيزيقية . وبذلك يرى أن الموت الذى يعتبر بالنسبة لجنسنا البشرى العدم ، هو النهاية والنقطة الأخير التى تفصل بين الوجود والعدم . - وهذا على خلاف اليائسين والمحبطين والسلبين الذين ليسوا عدميون ( الذين أكيد هم دينيون ) فهؤلاء يؤمنون بأن الموت ليس النهاية والموت هو مجرد نقطة تحول من وجود مرئى لوجود آخر غير مرئى ، وربما يمكننا القول أن الدينى لا يؤمن بوجود العدم ، فوجوده ازلى وأبدى ،وهذا ما ليس لدى العدمى الملحد الذى لا يؤمن بأى حياة أو وجود آخر بعد الموت . - الكاتبة التى سبق ذكرها .. ربطت بين العدمية واليأس ، واتهمت أن العدمية تعكس فشل أصحابها فى حياتهم !! هذا بالطبع نتيجة خلط الأمور لديها بين العدمية واليأس أو السلبية . - العدمية هى موقف عقلانى منطقى خالص أصحابه ليسوا عبارة عن أشخاص فشلوا فى نواحى حياتهم فأتجهوا إليها للهروب من هذا الفشل .. العكس صحيح - اليأس والسلبية والإنطوائية والإحباط وهبوط العزيمة وإلى ما آخره من حالات نفسية تنتج عن فشل إجتماعي او أكاديمي أو مادى تجعل الشخص غير منطقى ومنساق لاإراديآ خلف المشاعر والعاطفة والأفكار فقط وهذا عكس العدمى الذى فى كامل قواه ويحلل ويفند ويشكك . - العدمية لا تدفع أصحابها للانتحار وإن حدث ذلك فقرار الانتحار او مفارقة الوجود للعدم هو قرار خاص بصاحبه وهو فى كامل إدراكه لفعله وليست مرض نفسى أدي به إلى إنهاء حياته . - العدمية علاقتها بالوجود ، أما اليأس علاقته بالشخص ومشاعره ، و اليائس ومشاعره للعدم ،فالعدمية موجودة طالما هناك وجود .
#جمال_رفعت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لم ولن يأتي من السماء أحد لنجدتنا
-
مصر : هذا ما حذرت منه .. و هذا ما أحذر منه
-
المشكلة الرئيسية
-
الله يحتضر !!
-
الحيوان المتذاكى !!
-
النصر او الشهادة !!
-
المعرفة قادمة لا محال !!
-
الدين و الإرهاب وجهان لعملة واحدة !!
-
الارهاب فكر قبل ان يكون فعل !!
-
لادينية الناصرى !!
-
مجتمع محافظ ام مجتمع حافظ !!
-
كنيسة الجهل و التجهيل !!
-
الحكومة مصدره لينا الطرشه !!
-
المسيحيون و الوجه الملائكى !!
-
يصنعون الإرهاب ، و يتسألون ، من أين أتى ؟!
-
العلم و الدين و الالحاد !!
-
من أنت ؟!
-
نظرة على الوضع السياسي فى مصر .
المزيد.....
-
السجن 11 عاما لسيناتور أمريكي سابق لتلقيه رشاوى من رجال أعما
...
-
مبعوث ترامب: على مصر والأردن تقديم بديل لرفض استقبال الفلسطي
...
-
المقاومة الفلسطينية وأسطورة ترامب
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|