|
تطبيق معايير الجودة والاعتماد في المؤسسات التعليمية في ليبيا - الواقع والآفاق 2017 -
حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)
الحوار المتمدن-العدد: 5635 - 2017 / 9 / 9 - 13:57
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
لا يزال موضوع تطبيق معايير الجودة والاعتماد في المؤسسات التعليمية في ليبيا موضوع نقاش، وحوار في جل الأنشطة، والبرامج التي تهتم بالجودة والاعتماد، وذلك منذ تأسيس المركز الوطني لضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية والتدريبية العام 2006م، كون الالتزام بتطبيق تلك المعايير أصبح من الشروط الأساسية للاعتراف بالمؤسسات التعليمية، ومن ثم الاعتراف بمخرجاتها التعليمية، حيث يطرح المستهدفون في تلك الأنشطة والبرامج سواء أكانوا خبراء، أم أساتذة، أم مهتمون العديد من القضايا التي لم يتم فيها الحسم النهائي، وهناك قضايا يتجنب البعض الحديث عنها، خاصة المتعلقة بشروط اختيار فريق إعداد المعايير، وخطوات بناءها، وآليات تجديدها، إضافة إلى الوثائق التي يتوجب الاستناد إليها في عملية صياغة المعايير، وأخيرًا آليات تقييم المعايير، بالتالي سنحاول في هذه المقالة الكشف، والبحث، عن إجابات لتلك التساؤلات، حيث سيتم التركيز في هذه المقالة على الأهداف التالية: ، حيث سيتم التركيز في هذه المقالة على الأهداف التالية: 1- توضيح ماهية المعايير في التعليم. 2- تحديد مبررات بناء أو تجديد المعايير. 3- تحديد أهم خطوات بناء او تجديد المعايير. 4- الكشف عن أهم الصعوبات التي تواجه عملية بناء أو تجديد المعايير. 5- وضع مقترحات لتفعيل دور المعايير في التعليم كما نود التوضيح بأن تحليلنا وإجاباتنا على التساؤلات المثارة في هذه المقالة ستعتمد على حصيلة المعرفية المتواضعة للباحث، وذلك بحكم رئاسته، أم عضويته لعدد من الفرق التي قامت ببناء، أم تجديد عدد من معايير وأدلة الجودة والاعتماد والصادرة عن المركز الوطني لضمان الجودة خلال الفترة من 2010- 2014م، وكذلك رئاسته حاليًا الجمعية الليبية للجودة والتميز في التعليم منذ 2015- وحتى الآن، التي اتاحت له فرصة الاتصال والتواصل مع عدد من الهيئات والوكالات الإقليمية والدولية المهتمة بمعايير الجودة والاعتماد. وسيتم تقسيم هذه المقالة إلى خمسة محاور رئيسة، سنحاول في كل محور الإجابة عن عدد من التساؤلات المطروحة، والتي تنطلق جمعيها من التساؤل الرئيس لهذه المقالة، وهو : لماذا أصبح الالتزام بمعايير الجودة والاعتماد في التعليم من الشروط الأساسية للاعتراف بالمؤسسات التعليمية، ومن ثم الاعتراف بمخرجاتها التعليمية في العصر الحالي؟ حيث إن البحث والكشف عن هذا التساؤل سيدفع بالضرورة إلى أن تطفو على السطح عدد من التساؤلات المهمة عن المعايير في التعليم، وأهم تلك التساؤلات، هي : ماذا يقصد بالمعايير في التعليم ؟ لماذا المعايير في التعليم ؟ ما خطوات بناء المعايير في التعليم ؟ ما الصعوبات التي تواجه عملية بناء أو تجديد المعايير التعليمية في ليبيا ؟ ما المقترحات التي تساهم في بناء أو تجديد المعايير التعليمية في ليبيا؟
1- المحور الأول : ما المقصود بالمعايير في التعليم؟ لقد جاء في دليل ضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليم العالي الصادر عن المركز الوطني لضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية والتدريبية العام 2012 مفهوم المعايير كونها : المواصفات اللازمة للتعليم الذي يمكن قبوله لضمان جودته، وزيادة فعاليته وقدرته على المنافسة، ومقياس مرجعي يمكن الاسترشاد به عند تقييم الأداء الجامعي، وذلك من خلال مقارنته مع المستويات القياسية المنشودة. (دليل ضمان الجودة ، 2012، 7) كما قسم الدليل المذكور المعايير إلى نوعين(دليل ضمان الجودة ، 2012، 7): النوع الأول - المعايير القياسية: الأسس التي يضعها مركز ضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية، وتمثل الحد الأدنى من المعايير، التي يجب أن تفي بها المؤسسة في برامجها التعليمية التي تنفذها. النوع الثاني - المعايير المعتمدة: الأسس التي تحددها المؤسسة لذاتها، ويعتمدها مركز ضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية، بشرط ألا تقـل عن مستوى المعايير القياسية وعلى هذا الأساس فإنه وفقًا للدليل الصادر عن المركز الوطني لضمان الجودة 2012م ، فإن المعايير هي البوابة إلى الجودة والاعتماد، كما أن الهدف من بناء المعايير هو التأكد من تحقيق المواصفات المطلوبة سواء على مستوى المؤسسة أم البرنامج التعليمي، وهي في جوهرها تعبر عن فلسفة وأهداف قطاع التعليم بكل أبعاده، فالمعايير هي ترسيخ لمنظومة الجودة وضمانها، حيث تجعل المؤسسة أو البرنامج التعليمي دائمًا في حالة عمل وبحث عن الحاجات ومتطلبات التحسين والتطوير؛ بغية الوصول إلى الإبداع والتميز( مرجين ،2016، 5). ومن ناحية أخرى منح دليل المركز الحق لأي مؤسسة تعليمية أو برنامج تعليمي أن يبني معاييره الخاصة به، بشرط ألا تقل عن المعايير التي وضعها المركز، وبشكل عام، فإن تحديد مفهوم المعايير يفتح أمامنا الباب للبحث عن إجابة للتساؤل التالي، وهو: لماذا المعايير في التعليم؟ 2- المحور الثاني : لماذا المعايير في التعليم ؟ كثيرًا ما كنت أطرح هذا التساؤل إلى جل الخبراء والمهتمين بقضايا الجودة والاعتماد، خاصة من الدول السباقة إلى بناء ووضع المعايير الجودة والاعتماد في التعليم، وفي الحقيقة فإن خلاصة تلك الإجابات جاءت في كون تلك المعايير تأتي في سياق "ضبط أخلاقيات مهنة التعليم"، فالدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية إنما كانت تهدف من وجود تلك المعايير في المؤسسات التعليمية إلى تأكيد وجود الحد الأدنى من اصباغ أخلاقيات التعليم على المخرجات التعليمية، إضافة إلى توفر القدرة على التمييز بين المؤسسات التعليمية من حيث كونها متميزة، أم جيدة، أم مقبولة، أم ضعيفة، كذلك اطمئنان المجتمع بجودة المخرجات التعليمية، فتلك الدول أصبحت ترى في التعليم عبارة عن صناعة، لها شروطها وقوانينها، بالتالي من المهم التأكد من جودة مخرجات التعليم، وذلك من خلال وضع وبناء معايير خاصة له، وهذه النظرة ليست بجديدة على التفكير العربي الإسلامي، حيث يبدو فيها سبّاقاً إلى بعض المفاهيم والاصطلاحات، التي يزعم المهتمون بالتعليم في عصرنا الحالي إبداعها بما نظّروا له في هذا الميدان، فابن خلدون مثلًا يرى أيضًا بأن التعليم عبارة عن صناعة، نجاحها وفشلها مرتبطان بالقائمين عليها، كما يري بأن المعلمين هم سند هذه الصناعة، لذا لابد من أن تتوفر فيهم شروط وآداب وقوانين ذات علاقة بالمهنة، وهنا يقصد وجود معايير محددة، كما يرى ابن خلدون بأنه على قدر جودة التعليم وملكة المعلم يكون حذق المتعلم في الصناعة وحصول ملكته. وبشكل عام يمكن تحديد عدد من المبررات لوجود تلك المعايير في التالي: 1- وضع مؤشرات تهدف إلى دراسة النجاح والفشل في المؤسسات التعليمية. 2- أصبحت عملية تقييم وتقويم العملية التعليمية مرتبطة بوجود عدد من المعايير، وهو الجزء المكمل، الذي يتوج تطوير أنظمة جودة التعليم بمؤسسات التعليمية. 3- بوابة الانطلاق نحو تحقيق التنافسية. 4- ضمان تبادل الاعتراف الأكاديمي بين المؤسسات التعليمية. 5- تحسين وتطوير البرامج التعليمية لتحقيق المواصفات المطلوبة. 6- المرشد نحو تحقيق الجودة والاعتماد. 7- جعل مؤسسات والبرامج التعليمية أكثر كفاية وفعالية، وبيئة تهدف إلى التميز والإبداع والابتكار. 8- أن يحقق النظام التعليمي الأهداف السياسية والاجتماعية و الاقتصادية للدولة. 9- تمكن المجتمع ومؤسساته وأولياء الأمور من معرفة المؤسسات والبرامج التعليمية الموثوق بها. إذن ربما يكون القارئ قد أدرك من التحليل السابق؛ مبررات وجود المعايير في التعليم ، وهذا سيقود إلى طرح تساؤل عن : ما خطوات بناء المعايير في التعليم ؟ 3- المحور الثالث : ما هي خطوات بناء المعايير في التعليم ؟ بادئ ذي بدء، ينبغي أن نعلم أن بناء المعايير ليست بالخطوة السهلة، أو أنها مجرد وضع تصورات لمواصفات المؤسسات أو البرامج التعليمية، أو القيام بترجمة لبعض المواصفات الأجنبية، إنما هي الخطوة الأهم، والأصعب، حيث إنها تحتاج إلى معرفة فلسفة وأهداف قطاع التعليم للدولة، والتعرف على الواقع المعاش للبيئة التعليمية، والاطلاع أيضاً على الدراسات والأدبيات ذات العلاقة، وكل ذلك يتم من خلال وجود خطة تتضمن آليات واضحة ومحددة ومعلنة لصياغة تلك المعايير، كما يتوجب توثيق عملية البناء أو التجديد للمعايير، من خلال وجود محاضر اجتماعات الفريق، حيث يتوجب توثيق جميع الاستنتاجات والملاحظات التي توصل إليها الفريق، إضافة إلى توثيق الأعمال المقدمة من كل عضو من أعضاء فريق المكلف بذلك، كما لا يجوز أن ننسى كتابة آليات عملية بناء أو تجديد المعايير في مقدمة الدليل الذي يتضمن المعايير، وذلك بهدف التأكيد على اتباع منهجية واضحة في عملية البناء، أو التجديد، أوالمنهجية المتبعة في عملية بناء أو تجديد المعايير، وهي : 1- تحديد أعضاء الفريق وعددهم، حيث يتم تشكيل فريق من الأفراد الذين لديهم الدراية والمعرفة والخبرة في بناء المعايير التعليمية، والذين يحبون المشاركة في الأعمال الجماعية، ولديهم المقدرة على قبول النقد. 2- أن يُراعى في تشكيل الفريق التنوع في عضويته، فمثلاً عند إعداد معايير مرحلة التعليم الأساسي والثانوي يتوجب مراعاة تنوع الفريق من العناصر البشرية ذات العلاقة بتلك المرحلة، وذلك بغية استقاء المعلومات، والمعارف، والمهارات من مصادر وخلفيات ثقافية متنوعة، مثل : وجود معلم، ومدير مدرسة، ومفتش تربوي، ومؤلف كتاب مدرسي، ونقابة معلمين ، وولي أمر، وكليات التربية، وخبراء في الجودة وضمانها ،...إلخ، فلكل مرحلة تعليمية يتوجب أن يكون له الفريق الخاص به، الذي يستطيع بناء أو تجديد معايير تعليمية تخاطب مفاهيم، وممارسات، ومؤشرات تلك المرحلة التعليمية، ولا يجوز أن يقوم فريق واحد ببناء أو تجديد معايير كل المراحل التعليمية، لآن لكل مرحلة تعليمية لها مفاهيمها، وممارساتها، ومؤشرات الخاصة بها، بالتالي لن يستطيع فريق واحد إنجاز كل المعايير، فالحاذق في صناعة واحدة ليس يلزم أن يكون حاذقاً في كل صناعة. 3- قيام الفريق بإعداد وثيقة تُسمى ميثاق عمل الفريق، والتي تتضمن العناصر التالية : بيانات عن المعايير. التسلسل التاريخي للوثيقة الموافقات المطلوبة لإنجاز المعايير وصف المعايير . أهداف المعايير. نطاق المعايير. منهجية بناء أو تجديد المعايير . متطلبات العمل. التقارير المطلوبة. الهيكل التنظيمي للفريق. صلاحيات ومسؤوليات الفريق . الوثائق المرجعية والملحقات. 4- قيام الفريق بعقد لقاءات دورية بين أعضائه؛ بغية بناء أسس وقواعد واحدة اتجاه بناء المعايير أو تجديدها ، حيث يستلزم الأمر أن تكون المقاييس الذهنية للفريق متقاربة اتجاه تلك العملية ، حيث يتوجب أن تستند المعايير أولاً من الفلسفة التعليمية للدولة وأهدافها. 5- وضع خارطة زمنية لبناء المعايير، حيث يتوجب على الفريق الاتفاق على خطة واضحة ومحددة لبناء أو تجديد المعايير، مرتبطة بجدول زمني محدد، قابل للتطبيق، ويتم تضمين الخارطة من ضمن ميثاق عمل الفريق. 6- عقد لقاءات متعددة ومكثفة مع مختلف القيادات الأكاديمية والمهتمة بالعملية التعليمية، أو القيام بزيارات استطلاعية لعدد من المؤسسات أو البرامج التعليمية ، يتم خلالها مثلا ً: توزيع استبانات؛ بهدف تحديد أهم الصعوبات التي تواجه تلك المؤسسات أو البرامج، إضافة إلى تحديد الممارسات الجيدة التي تقوم بها المؤسسات أو البرامج التعليمية 7- جمع المعلومات والبيانات من تقارير فرق التدقيق السابقة عن المعايير وتحليلها، واستنتاج أهم التحديات والممارسات الناجحة في العملية التعليمية " في حال تجديد المعايير". 8- الاطلاع على الأدبيات ذات العلاقة، سواء الإقليمية أم العالمية. 9- صياغة المسودة المبدئية للمعايير، بحيث يتم الوضع في الحُسبان مطالب الحاضر، وتحديات المستقبل. 10- عرض مسودة المعايير على عدد من المُقيِّميين الوطنيين والدوليين، بهدف الحصول على تغذية راجعة. 11- مراجعة ملاحظات المُقيِّميين الوطنيين والدوليين، والقيام بالتعديلات المطلوبة بعد الحصول على إجماع من غالبية أعضاء الفريق على تلك التعديلات. 12- القيام بعملية تجريب المعايير على عدد من المؤسسات التعليمية أو البرامج التعليمية، وذلك حسب المعايير المطلوبة، من خلال عملية يُطلق عليه التدقيق التجريبي، وتهدف هذه العملية لإثبات صلاحيتها، والتأكد من كون المعايير ممزوجة بمفاهيم وممارسات ومؤشرات المرحلة التعليمية، وتفسر الواقع التعليمي المعاش، بمعنى أن تكون واقعية، وفي نفس الوقت طموحة، ومرنة، وقابلة للقياس. 13- إعداد تقرير عن التدقيق التجريبي، حيث يتضمن ملاحظات فرق التدقيق عن المعايير. 14- العمل على مراجعة وتعديل المعايير بناءً على الملاحظات المُحالة من قبل فرق التدقيق التجريبي. 15- نشر المعايير من خلال عقد ورش عمل للتعريف بالمعايير. 16- طباعة المعايير وتوزيعها على المؤسسات التعليمية. وإذا أضفنا إلى كل ما سبق حقيقة أخرى، وهي أنه لا يجب التعامل مع المعايير كقوالب جامدة، إنما هي دائمًا بحاجة إلى عملية التجديد والتطوير. إذن على القارئ بعد أن أحاط بهذه الخطوات أن يدرك بأن عملية بناء أو التجديد المعايير ليست بالعملية السهلة كما يتصور البعض، أو أنها مجرد عملية ترجمة ما هو موجود من معايير في دول العالم، وخاصة أمريكا وبريطانيا وكندا واستراليا، أو بإمكان فريق واحد الإحاطة بجميع المراحل التعليمية، أو إنجاز جميع معاييرها، بالتالي من المهم جدًا أن تتسم المعايير بعدد من المزايا، لعل أهمها : : 1) أن تكون المعايير ترجمة حقيقة لفلسفة وأهداف قطاع التعليم للدولة. 2) أن تكون لها علاقة بالواقع التعليمي المعاش . 3) أن تكون طموحة، بأن تتضمن عناصر لها علاقة بالابتكار والإبداع. 4) أن تكون مرنة وقابلة للقياس، بحيث يمكن رفع سقف المعايير كلما اقتربت المؤسسات أو البرامج التعليمية من تحقيقها. 5) أن يُشارك في وضعها عدد من المتخصصين في مجال الجودة والاعتماد، بالتعاون مع الخبراء في المجال التعليمي صاحب العلاقة. 6) أن يتم صياغة المعايير بلغة واضحة، ومحددة غير قابلة للتأويل. 7) أن تتضمن المعايير الحد الأعلى من الممارسات الجيدة والمتميزة للمؤسسات أو البرامج التعليمية الوطنية. 8) أن تتضمن المعايير الحد الأدنى من الممارسات الجيدة للمؤسسات والبرامج الإقليمية أو الدولية. 9) الاستناد إلى وثائق مرجعية واضحة ومحددة. 10) أن يتم مراجعة المعايير وتجديدها بشكل دوري. كما يتوجب قيام الفريق بتحديد مرجعية الوثائق التي تم الاستناد إليها في عملية بناء المعايير، أو تجديدها، بحيث تكون واضحة، ومعلنة، ولعل أهم الوثائق المرجعية التي يتوجب أن تستند إليها عملية بناء أو تجديد المعايير في التعليم في ليبيا، هي : قانون التعليم رقم (18) لسنة 2010م. اللوائح التي تنظم العملية التعليمية . فلسفة وأهداف التعليم. المعايير السابقة ( في حال تجديد المعايير) تقارير فرق التدقيق عن المعايير ( في حال تجديد المعايير) الدراسات والأدبيات ذات العلاقة . التغذية الراجعة من قبل الخبراء الذين قاموا بعملية مراجعة وتقييم المعايير. وبشكل عام، فإن عملية بناء المعايير أو تجديدها قد لا تخلو من بعض الصعوبات، ففي الحالة الليبية أصبحت هذه الصعوبات أكثر وضوحا، ففي المؤتمر الوطني للتعليم العالي الذي عقد خلال الفترة من 13- 14 أبريل 2014م أوصي بضرورة العمل على عقد الندوات والمؤتمرات وورش العمل، التي من شأنها أن تسهم في تهيئة البيئة التعليمية ،لاستيعاب عمليات التغيير والتطوير في إطار نظام الجودة، إضافة إلى تفعيل مكاتب الجودة وتقييم الأداء في جميع مؤسسات التعليم الجامعي والتقني، وتوفير الإمكانات اللازمة لتحقيق أهدافها، وخلال مرحلة ما بعد 2014م ، بالتالي سوف نحرص في الصفحات القادمة على توضيح تلك الصعوبات. 4- المحور الرابع : ما الصعوبات التي تواجه عملية بناء أو تجديد معايير التعليمية في ليبيا؟ تواجه عملية بناء أو تجديد المعايير في التعليم في ليبيا عدد من الصعوبات، وبشكل خاص بعد مرحلة 2014م، ويمكن تحديد أهمها في التالي : 1- هناك حاجة إلى إصدار تشريعات أو لوائح تلزم المؤسسات التعليمية بتطبيق معايير الجودة والاعتماد. 2- خلال مرحلة ما بعد 2014م دخلت البلاد في حالة حرب، وأصبح هناك حكومتان، وهذا يعني بالضرورة وجود وزارتين للتعليم، تتولى كل منها الإشراف على المؤسسات التعليمية الواقعة في نطاقها، سواء أكانت بالمنطقة الشرقية أم بالمنطقة الغربية، كما كان من نتائج ذلك انشطار المركز الوطني للجودة إلى ثلاثة مراكز، وهي: المركز الأول بطرابلس، والثاني في إجدابيا، والثالث في سبها، حيث أصبح من حق كل مركز بناء أو تجديد المعايير، ومع افتقاد أي تواصل أو تنسيق بين تلك المراكز، أصبح لكل مركز سياسته الخاصة به، فأثر ذلك سلبًا على برامج بناء المعايير في التعليم. 3- لا تزال نسبة كبيرة من المؤسسات التعليمية الليبية لا تلبي تمامًا معايير الوطنية للجودة والاعتماد، فمثلا قامت بعض الحكومات سواء أكانت في المنطقة الشرقية، أم في المنطقة الغربية بتأسيس عدد من الجامعات الحكومية دون مراعاة للمعايير الموضوعة، سواء المؤسسية أم البرامجية. 4- افتقار وزارة التعليم إلى وجود فلسفة وأهداف واضحة، يمكن الاستناد عليها في عملية بناء المعايير، أو تجديدها. 5- عدم قناعة مسؤولي وزارة التعليم ، وبعض القيادات الجامعية بأهمية تطبيق معايير الجودة والاعتماد . 6- اعتقاد بعض المسؤولين بأن عملية بناء أو تجديد معايير الجودة والاعتماد هي وظيفة مناطة بالأشخاص الذين يعملون بالمركز الوطني للجودة فقط ، دون الحاجة إلى الاستعانة بالخبراء في مجال الجودة والاعتماد. 7- عدم قيام بعض رؤساء الفرق التدقيق بإحالة ملاحظاتهم عن المعايير بعد كل عملية تدقيق يقومون بها. 8- الحاجة إلى وجود آليات واضحة لمتابعة المؤسسات التعليمية. 9- الحاجة إلى وجود برامج تدريبية عن خطوات وآليات بناء وتجديد المعايير. 10- افتقار المؤسسات التعليمية لأي برامج ذات علاقة بالتقويم الذاتي. 11- المعايير الوطنية لا تزال غير مرتبطة بإطار المؤهلات الوطنية. 12- الحاجة إلى وجود التوازن بين تطبيق المعايير الوطنية، والسماح بمساحة كافية للابتكار فيما يتعلق بتصميم البرامج التعليمية، وطرق وإستراتيجيات التعليم والتعلم . وبشكل عام، فإنه هناك جملة من الصعوبات التي واجهت عملية بناء أو تجديد معايير، كما أن الصعوبات ازدادت في مرحلة ما بعد 2014م ،ودخول البلاد في حالة حرب، حيث أدت كما عرضناها آنفا إلى تقسيم المركز الوطني للجودة، حيث أصبح لكل مركز له سياساته الخاصة به، إضافة إلى الافتقار قطاع التعليم في ليبيا إلى فلسفة وأهداف واضحة ومعلنة، ولعل التساؤل الذي يطرح نفسه هنا وهو: كيف يتم تفعيل دور المعايير في التعليم ؟ وهذ ما سيتم الإجابة عنه في التساؤل التالي. 5- المحور الخامس : ما أهم مقترحات تفعيل المعايير التعليمية في ليبيا؟ يمكن طرح عدد من المقترحات بشأن تفعيل دور المعايير التعليمية في ليبيا، وأهمها هي : 1- وجود إدارة سياسية وقيادة واعية بأهمية وجود معايير الجودة والاعتماد في منظومة التعليم. 2- توحيد مراكز ضمان الجودة في ليبيا في مركز وطني واحد، وربما يتم إعادة التسمية إلى هيئة الاعتماد وضمان الجودة. 3- تأسيس هيئة وطنية للمعايير والاختبارات الوطنية . 4- رصد مبالغ مالية لتطبيق معايير الجودة والاعتماد في التعليم. 5- إعـداد مدربين في بناء المعايير الجودة والاعتماد. 6- تسمية فريق وطني متكامل يشرف على مراجعة وبناء المعايير الجودة والاعتماد، حيث يناط به إعداد المعايير الأكاديمية المرجعية الوطنية لجميع الدرجات العلمية التي تمنحها المؤسسات التعليمية في مختلف التخصصات. 7- دعم المبادرات والممارسات التعليمية الوطنية، وتأصيل ثقافة الإبداع والتميز، وذلك بإيجاد برامج لتحفيز المؤسسات التعليمية المتميزة في تطبيق الجودة وضمانها ومكافأتها، وذلك من خلال استحداث جوائز سنوية، كجائزة أفضل أستاذ، أو أفضل جامعة. 8- اختيار نموذج من كل جامعة حسب قدرتها، إما أن يكون كلية أم برنامجاً، ودعمه فنياً ومالياً من قبل وزارة التعليم العالي ومركز الجودة للوصول به للاعتماد، ليكون نموذجاً يحتذى به في كل جامعة ، وهذا الإجراء سيكون له عدة فوائد، أهمها وجود نموذج حقيقي في كل جامعة للجـودة والاعتماد، مما يسهل على البرامج الأخرى بتطبيق الجودة كونها واقعاً ملموسا أمامهم.
استنتاجات خاتمية إن المتتبع لعملية بناء المعايير الدولية يجد أن معظم المعايير يتم بناؤها وفقًا لفلسفة الدولة، وتوجهاتها، وأهدافها التعليمية، كما تهدف هذه المعايير إلى إحداث إصلاح ومعالجة في المنظومة التعليمية، كما يُشارك في إعداد وبناء المعايير عدد كبير من الخبراء والمهنيين والوكالات والمؤسسات المتخصصة، وفي مرحلة متقدمة من عملية البناء للمعايير يتم تجريبها على عدد من المؤسسات والبرامج التعليمية، وذلك بغية إثبات صلاحيتها، كما تتسم جل المعايير بالواقعية، وفي الوقت نفسه تكون طموحة، ومرنة، وقابلة للقياس، لذلك نجد أن معظم المؤسسات التعليمية في العالم أصبحت تلتزم بتطبيق معايير الجودة والاعتماد، كشروط أساسية للاعتراف بها، ومن ثم الاعتراف بمخرجاتها التعليمية، من أجل الحصول على شهادة الاعتماد الدولي، ومن ثم دخولها في المنافسة مع المؤسسات التعليمية الأخرى، كما رافقت عملية بناء المعايير أو تجديدها حركة إصلاح التعليم، فبناء المعايير التعليمية سيتم بموجبها تقويم وتطوير وتحسين قطاع التعليم . وأخيرًا يمكن القول بأن المؤسسات التعليمية في ليبيا كافة لن نستطيع مواجهة تحديات العصر إلا من خلال تعليم مُرتكز على معايير الجودة والاعتماد، كما يجب النظر إلى المعايير ليس كهدف، إنما هي المرشد نحو التميز، والإبداع، والابتكار. أهم المراجع : 1. مرجين ، حسين سالم (2016) ، دليل تطبيق الجودة والاعتماد في كليات الجامعات الليبية، منشورات الجمعية الليبية للجودة والتميز في التعليم. 2. دليل ضمان جودة واعتماد مؤسسات التعليم العالي (2012)، منشورات المركز الوطني لضمان جودة المؤسسات التعليمية والتدريبية.
#حسين_سالم_مرجين (هاشتاغ)
Hussein_Salem__Mrgin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آفاق علم الاجتماع على متن الحراك المجتمعي العربي -أقسام علم
...
-
ليبيا إلى أين تتجه ...قراءات تاريخية...وسيناريوهات مستقبلية
-
هل توقظ دعوة إنقاذ التعليم ...النائمين...أم على قلوب أقفالها
...
-
مشروع إصلاح التعليم في ليبيا ...الوصايا العشر
-
التجربة الليبية في الجودة والاعتماد في التعليم الجامعي 2008
...
-
التعليم والتطرف في دول الحراك المجتمعي العربي
-
التجربة الليبية في الجودة والاعتماد في الملتقي المغاربي الثا
...
-
هناك أشياء جديدة خرجت عن المألوف في البحث العلمي - احتفالية
...
-
الجودة وضمانها في الجامعات الليبية -لا نريد موالد سيدي الجود
...
-
كليات التربية ومهام الحماية (Anti-virus)
-
المركز الوطني لضمان جودة التعليم في ليبيا (التحديات – والفرص
...
-
العلاقات البينية بين علم الاجتماع وعلم الحاسب الآلي-المفاهيم
...
-
أهمية الترقية العلمية لأعضاء هيئة التدريس كمدخل لضمان الجودة
...
-
التعليم في ليبيا .... مشروع للمصالحة
-
هل البحاث العرب في حاجة إلى مجلس عربي للعلوم الاجتماعية؟
-
الأسرة وجودة البرامج التعليمية
-
إصلاح منظومة التعليم الجامعي الحكومي في ليبيا - الواقع والمس
...
-
أهم مرتكزات تحسين وتطوير التعليم الأساسي والثانوي في ليبيا -
...
-
التجربة الليبية في مجال ضمان الجودة والاعتماد
-
جودة التعليم في مقدمة ابن خلدون
المزيد.....
-
-غير أخلاقي للغاية-.. انتقادات لمشرع استخدم ChatGPT لصياغة ق
...
-
بالأسماء.. مقاضاة إيرانيين متهمين بقضية مقتل 3 جنود أمريكيين
...
-
تحليل.. أمر مهم يسعى له أحمد الشرع -الجولاني- ويلاقي نجاحا ف
...
-
مكافأة أمريكا لمعلومات عن أحمد الشرع -الجولاني- لا تزال موجو
...
-
تفاصيل مروعة لمقابر سوريا الجماعية.. مقطورات تنقل جثث المئات
...
-
يقدم المعلومات الكثيرة ولكن لا عاطفة لديه.. مدرسة ألمانية تض
...
-
الجيش الإسرائيلي يستهدف مستشفيي كمال عدوان والعودة شمال قطاع
...
-
قلق من تعامل ماسك مع المعلومات الحساسة والسرية
-
ساعة في حوض الاستحمام الساخن تقدم فائدة صحية رائعة
-
ماكرون يزور القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي ويتوجه إلى إ
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|