|
متلازمة الانتحار- السّوريّة-
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 5635 - 2017 / 9 / 9 - 13:04
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
السوري لا يموت قتلاً، أو بسبب الشّظايا، أو من البراميل، أو قوات سورية الديموقراطية، أو قوات التحالف، أو جيش الإسلام. تبين أن الشّعب السوري يقوم بعمل انتحاري تجاه نفسه، فهذا الذي يدعونه وطناً سوريّاً تسبب بمتلازمة اسمها متلازمة السّوري، وهذه المتلازمة تراود السّوري منذ أن يتعلّم الكلمة الأولى، أن يتعلّم معها: ما قيمة الحياة؟ لا أتحدّث عن حالة بثّت على الفيس بوك. قد تكون إحدى حالات الانتحار الجميلة. حيث انتهت الحياة بعدّة ثوان. هناك شخص أنقذته يوماً من الانتحار، ولا زال يعاتبني لماذا أنقذته، وعندما ذهبت به إلى الطبيب قال لي هو لديه ميول انتحارية. لا أحترم الطبيب الذي يحكم على ما ظهر من القصّة . عليه أن يناقش ما وراء تلك القصّة، ولو كنتم تعرفون أنّ الدكتور فيل الذي أصبح أغنى رجل في أمريكا ليس بطبيب نفسي، ولا طبيب عام. لديه شهادة جامعية بعلم الاجتماع. طعّمها بشهادة دكتوراه في نفس المجال، كما يطعّم السوري شهادته ويضع قربها لقب دكتور، وأنتم تعرفونهم كم هم كثر. نحن نتابع " فيل " بشغف ، وكأنّ لديه العلاج الشّافي، مع أن عمله كلّه مبني على التهليس .نحن نتمتّع بمشاهدة قصص الجريمة، والهروب من الحياة. رافقت إحدى الطالبات اللواتي حاولن الانتحار مع والدتها إلى المستشفى حيث قاموا بغسل معدتها، وعندما تحسن حالها قالت لها أمّها: ليتك متّ. ماذا سوف يقول الناس عنّا؟ أجابتها: في المرّة القادمة سوف أبتعد عن المكان عندما أرغب أن أتخلّص منك يا أمي. أحدهم لم يسمح له والده باستقبال رفاقه، فهدده بالانتحار: قال له والده: " بالناقص" فأطلق النار من مسدس على رأسه فمات. قمت بزيارة مدمن في مركز علاج في دبي، وهو مركز تهليس. لا يعالج فقط يقص المال، وكانت الطبيبة المشرفة على هذا العلاج مقربة منّي، سألته عن الإدمان. قال لي: هل لديك طريقة أخرى أموت فيها؟ إنني جبان لا أستطيع قتل نفسي، تركت أولادي وزوجتي في عهدة أهلي، ولم أستطع أن أقدم لهم العون لأنّني أتقاضى فقط ما يكفي ثمن مشروب وإيجار المنزل. أتحدث عن الأشياء التي رأيتها بأمّ عيني، لكن أسأل: هل عندما يفكّر السوري في القامشلي في الهروب إلى تركيا خوفاً من أن يساق إلى الخدمة " ضد الإرهاب" وهو يعرف تماماً أنّه قد يقتل بطلقة من تركيا، أو يساق كما تساق البعير إلى المهلكة فيقتل هناك. أليس هذا انتحاراً؟ وتلك الأمّ التي فقدت خمسّة من أبنائها سواء فقدتهم في الجيش المسمى" عربي سوري" أو في أي مليشيا أخرى. أليس الأفضل لها أن تموت؟ ربما هي لا تتجرأ على فعل ذلك، وتقنع نفسها أنّ أولادها في الجنّة لكن عقلها يؤنّبها، وتعتبر نفسها مسؤولة. لم أفكّر في الانتحار أبداً، لكنّني عشته حقيقة، فأنت في حكم المنتحر عندما تعزل بسبب فكر، أو ربما اختلاف في الرؤية، والعزل هو قتل. والانتحار ليس داخل الأرض فقط. هناك حيث هرب الكثيرون من أجل تحسين حياتهم قرّروا الانتحار عن طريق الطّلاق الذي هو في ظاهره حقّ، وفي باطنه باطل، وأغلبه أسبابه اقتصادية، فهل يعقل مثلاً أن تطلّق امرأة زوجها" المقيم في سورية" وتتزوج خلال ثلاثة أيام من شخص ما، وترسل ابنها إلى سورية وهو طفل لأن شرط الزوج الجديد أن لا تحتفظ به؟ وهل يحق لذلك الرّجل الذي عمل لمّ شمل لزوجته أن يتزوج باثنتين ريثما تأتي زوجته. وأغلب تلك الحالات التي تتم بعيداً عن الأرض تتم في بيئات مسلمة أغلبها غير متعلّم. أليس هذا انتحاراً؟ هناك شعب لديه متلازمة الانتحار، أو متلازمة " السوري" فهو ذاهب إلى الموت في كلّ لحظة يعمل فيها من أجل دخل، أو مرغماً، وهو يعرف تماماً عندما تصيبه الطلقة، أو يقطع رأسه أنّه ليس بطلاً، وقد أزيل اسمه من الحياة فقط. وتلك الكرنفالات التي تقام احتفالاً ببطولته مدتها دقائق، وبعدها تعيش عائلته على الذكرى والجوع. قد يسأل أحدكم ما الحل؟ يحتاج السّوريون إلى مساعدة في جميع المناطق. ولو بدأنا بالمناطق الموالية في السّاحل علينا بالدرجة الأولى أن نقدّم لهم تعليماً ليس فيه أولياء الله، ولا الخضر الحي، وللمناطق الأخرى تعليماً ليس فيه حوريات وجنة. من يقدّم هذا التعليم؟ السوريون يحتاجون لدعم عالمي إنساني يشترك فيه علماء النفس، وعلماء الأمراض، ويقومون بإعادة تأهيل . يبدؤون بها بالإعلاميين، والسياسيين جميعاً. يضعونهم في سجن احتياطي ليس فيه تعذيب ريثما ينتهون من علاج الشعب. وهل هذا ممكن؟ بالطبع لا؟ وسوف تصبح سورية ثمانية ملايين بعد انتحار الباقين، وسوف ينصبون إلهاً عليهم قد يكون ابن " السّر الإلهي الحالي" فيقوم بالتخلص منهم تدريجياً، ويقال: أن هناك حضارة لم تسد، لكنها بادت.
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المغناطيس-في الدّرب-2-
-
عنتريات
-
مذكّرات متسوّل من الشّام
-
المغناطيس-في الدّرب-1-
-
المغناطيس-في القصر-3-
-
المتفاخر الذي طال عدة بوصات
-
-مجتمعنا محطّم -: ما الذي يمكن أن يوقف وباء الانتحار بين شعب
...
-
مذكّرات قلم رصاص-الجزء الأخير-
-
كيفية الحد من خطر التدهور المعرفي مع التقدم في السن
-
المغناطيس-في القصر-2-
-
طوكيّو
-
المغناطيس-في القصر-
-
الضّفدعان
-
مذكّرات قلم رصاص-13-14-
-
المغناطيس-بيت العائلة-3-
-
في الواقع: نحن مسلّون .كيف ساعد الفيكتوريون في تشكيل روح الف
...
-
العريس ذو اللحية الخضراء
-
الممنوع، والمسموح في الكتابة الأدبيّة
-
المغناطيس-بيت العائلة-2-
-
مذكّرات قلم رصاص-11-12-
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|