أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالخالق حسين - هل تؤثر المظاهرات على قرار الحرب؟















المزيد.....

هل تؤثر المظاهرات على قرار الحرب؟


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 409 - 2003 / 2 / 26 - 03:43
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

شاهد العالم يوم 15 شباط/فبراير مظاهرات جماهيرية صاخبة اجتاحت عواصم 60 دولة وكانت أكثرها صخباً وتأثيراً هي تلك التي جرت في الدول الغربية الديمقراطية بما فيها أمريكا، تعرب عن مناوئتها للحرب المحتملة ضد النظام العراقي. والملاحظ أن وراء التنديد بالحرب أسباباً عديدة وحسب إختلاف ميول المشاركين من أقصى اليمين الفاشي في الدول الأوربية إلى اليسار المتمثل في الأحزاب الإشتراكية والشيوعية وأقصاه من التروتسكيين والفوضويين. ولو أمعنا النظر في البحث عن السبب الجامع لهذه الفئات المتناقضة، لوجدنا سبباً واحداً يجمعهم ألا وهو عدائهم المستفحل ضد أمريكا. وبما أن الحرب ضد النظام الفاشي في العراق ستشن بقيادة أمريكا، لذا تحرك هؤلاء لمعارضتها والتنديد بها. والدليل على ذلك هو أنه عندما شنت فيتنام حرباً على كمبوديا وأسقطت نظام الجلاد بول بوت، لم تتحرك هذه الجماهير في أي مظاهرة، سواء اليسار منها أواليمين. ولسوء حض العراقيين أن لا توجد دولة على حدود بلادهم لتقوم لهم بدور فيتنام بدلاً من أمريكا لخلاصهم من صدام حسين الذي لا يقل دموية عن بول بوت.
أما النظام العراقي، ففسر هذه التظاهرات وفق مصلحته وتمنياته، إذ أبرزتها وسائل إعلامه على إنها تأييداُ لصدام حسين ودليلاً على شعبيته العالمية الواسعة! خاصة وأن الشعب العراقي محروم من وسائل الإعلام الخارجي مثل الفضائيات والإنترنت، ناهيك عن الصحف الأجنبية الممنوعة أساساً.
فكما وقع الرئيس العراقي عام 1991 في وهم قاتل معتقداً أن المظاهرات التي جرت آنذاك، ستنقذه من الحرب المؤكدة رافضاً الإنسحاب من الكويت، كذلك يقوم الآن بنفس العناد رافضاً الإصغاء للنداءات الموجهة له من العقلاء بالتخلي عن السلطة طواعية لإنقاذ البلاد والشعب من الحرب وعواقبها. وهذا ليس موقف صدام حسين وحده، بل وموقف جميع المدافعين عنه من مثقفي الكوبونات العرب الذين يشجعونه على العناد والمكابرة، معتقدين خطأً أن هذه التظاهرات في الدول الغربية ستنقذه من مصيره المحتوم.
لقد أخطأ هؤلاء تفِهم العقلية الغربية المبنية على المواقف الإنسانية. فالغربيون يستخدمون التظاهر كحق من حقوقهم التي وفرتها لهم أنظمتهم الديمقراطية، ولم تكن للدفاع عن النظام الفاشي في العراق الذي يعرفونه أنه أعتى الأنظمة دموية ومن الأفضل أن يزول، ولكنهم تظاهروا لأنهم يخافون على الشعب العراقي من الحرب وعواقبها. فهم قد يخرجون للتظاهر حتى لأسباب نعتبرها، نحن العرب، تافهة، مثل تظاهر البريطانيين إحتجاجاً على صيد الثعالب وأخرى على منعه.
رغم أني أختلف مع المتظاهرين في قصدهم لأني أعتقد أن الحرب هذه بمثابة العملية الجراحية الضرورية لإستئصال السرطان الخبيث وهي الوسيلة الوحيدة لإسقاط النظام وخلاص الشعب العراقي من شروره وبسقوطه سيتم تدشين مرحلة تاريخية متقدمة ومشرقة ليس للعراق فحسب، بل ولجميع دول المنطقة، إلا إني أعتقد أيضاً أن هذه المظاهرات أعطت درساً للشعوب العربية والإسلامية المبتلية بمرض عضال إسمه نظرية المؤامرة والتي تفسر جميع الأحداث على أساس صراع الحضارات وحروب صليبية-صهيونية ضد العروبة والإسلام. إن هذه المظاهرات أبرزت الوجه المشرق للثقافة الأوربية والدوافع الإنسانية والعقلية الغربية الحضارية التي تعجز عن فهمها العقلية الشرقية، يساراً ويميناً على حد سواء، من العرب والمسلمين، الذين صاروا ينظرون إلى مثل هذه الأمور الخطيرة من خلال النظرة السلفية الضيقة وخرافة صراع الحضارات وبث روح الحقد والعداء ضد الشعوب غير المسلمة، كما حصل أيام الحرب على طالبان في أفغانستان. وهكذا نراهم يواصلون السقوط من كارثة إلى أخرى، فبالأمس كانت حكومة طالبان تمثل لهم الإسلام كما صار بن لادن يمثل لهم تحدياً للصليبيين يتباهون به، أما اليوم فصدام حسين صار بطلهم الإسلامي المتحدي للغرب الصليبي الإمبريالي "الكافر"!!. وهذا التفسير الخاطئ هو الذي يعجل في  سقوط المنظمات والأنظمة الرجعية والسلفية المتطرفة ويزيد من عزلتها وبالتالي خلاص الشعوب من شرورها.. فللتاريخ منطقه الخاص وفي صالح الحداثة والديمقراطية والإنسانية ومهما أمعن الغلاة المتحجرون في مقاومة حركة التاريخ.

والجدير بالذكر أن مرتزقة النظام من مثقفي الكوبونات قد هددوا وتوعدوا في وسائل الإعلام العربية بإنفجار الشارع العربي..الخ. وقد حصل الإنفجار فعلاً يوم 15 فبراير/شباط ولكن ليس في المدن العربية، بل في المدن الأوربية المسيحية ويا للمفارقة حتى في تل أبيب. ففي اليوم الذي انفجرت فيه المظاهرات المناوئة للحرب في العالم، كان الشارع العربي هو الأوطأ صوتاً، فكما علق الصحفي البريطاني روبرت فيسك المعروف بمواقفه المناوئة لأمريكا وللحرب والمؤيدة للقضية الفلسطينية بشكل خاص، واصفاً العرب بالجرذان في مقالته المنشورة في صحيفة الإنديندنت اللندنية يوم 18 فبراير/شباط. يقول فيسك أنه في الوقت الذي خرج في مظاهرة لندن ما يقارب مليون وفي مدريد نصف مليون وفي باريس مائتي ألف،  خرج في القاهرة في حدود ستمائة متظاهر فقط، تحرسهم قوة مكونة من ثلاثة آلاف شرطي!!. علماً بأن سكان القاهرة في حدود عشرين مليون نسمة... وحتى مظاهرة تل أبيب كانت أكثر من ألفي شخص ضد الحرب. هذا هو إنفجار الشارع العربي!!
فمن المعروف أن المظاهرات في المدن العربية لم تكن ناجحة ما لم تكن قد نظمتها الحكومة. وفشل المظاهرات في بلدان العربية بهذه المناسبة دليل على أن حكوماتها لا ترغب إزعاج أمريكا وأنها مع سقوط النظام وإلى غير رجعة.
على أي حال، السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تؤثر هذه المظاهرات على الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الحكومة البريطانية توني بلير في موقفهما من الحرب؟
الجواب، كلا. وذلك لعدة أسباب:
1-إن الحكومة الديمقراطية منتخبة لقيادة الدولة لفترة محددة سلفاً وخلال هذه الفترة يكون البرلمان المنتخب هو أعلى سلطة بين الإنتخابين والمخول لمنح الحكومة صلاحية خوض الحرب من عدمه وليست المظاهرات الجماهيرية.
2- إن العدد الذي تظاهر ضد الحرب ليس بالضرورة يمثل الأغلبية الساحقة من الشعب ورغم ضجيج المتظاهرين. ففي الحالة البريطانية، خرج حوالي مليون، ومعنى هذا أن ما يقارب 63 مليون الباقي من الشعب البريطاني أما مؤيد للحرب أو لم يقرر موقفه بعد. فالأغلبية عادة تكون صامتة ولم تعبر عن رأيها إلا من خلال صناديق الإقتراع السري وليس من خلال التظاهر.
3-هناك حقيقة قد تزعج الديماغوجيين والشعبويين وقد ذكرها كاتب بريطاني قبل أيام في إحدى الصحف، مفادها أن في أغلب المناسبات خلال القرن العشرين، كانت الجماهير على خطأ في القضايا المصيرية الكبرى وأن الحكومة التي لم تنصاع لطلبات الجماهير المتظاهرة كانت دائماً على صح. فعلى سبيل المثال لا الحصر، خرجت مظاهرات صاخبة في بريطانيا أواخر الثلاثينات من القرن الماضي، منددة بشن الحرب على هتلر. وقد استجاب رئيس الوزراء آنذاك نفيل تشمبرلين لطلبات الجماهير التي مجدت به، ونددت بشدة بمنافسه المتشدد ونستون تشرتشل الذي كان يطالب بالحرب. وفي نهاية المطاف، اثبت الزمن خطأ موقف الجماهير وبطلهم الشعبوي تشمبرلين وصحة موقف تشرتشل. لذلك يطالب اليوم عدد غير قليل من المحللين السياسيين توني بلير أن لا يذعن للشعارات الشعبوية وطلبات المتظاهرين في مثل هذه المواقف الخطيرة، بل أن يعمل وفق ما يراه صحيحاً وحسب قناعاته كرجل دول ومسؤول عن مصلحة شعبه. وكل الدلائل تشير أن بلير وبوش سيتبعان قناعاتهما.


http://www.sotaliraq.com/abdulkhaliq.html


خاص بأصداء



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصرالله يقوم بدور عمرو بن العاص
- أسباب اغتيال ثورة 14 تموز العراقية
- هل الحرب من أجل النفط؟
- رداً على المدعو -عبد الجبار علي الحسني- في تطاوله على الزعيم ...
- عراق الغد بين العلمانية والإسلاموية
- لماذا الهجوم على كنعان مكية والمعارضة العراقية في هذا الوق ...
- هل يستفيد العراقيون من التجربة الإيرانية؟
- مؤتمر المعارضة العراقية.. ما له وما عليه!
- موقف المثقفين العرب من القضية العراقية.. رد على إدوارد سعيد
- الحوار المتمدن علامة مشرقة في مجال تكريس الديمقراطية
- رد على بيان المثقفين السعوديين الجديد
- هل حقاً أمريكا تريد الديمقراطية للعراق؟
- هل يبقى العراق موحداً بعد صدام؟
- مناقشة هادئة لشعار: -لا للحرب.. لا للديكتاتورية
- تحية للمثقفين الكويتيين على تضامنهم مع شعبنا
- موقف العراقيين من الضربة الأمريكية للنظام!
- شكراً لجورج بوش على موقفه لنصرة الشعب العراقي
- إعلان شيعة العراق.. ما له وما عليه!!
- العراق بعد صدام مثل ألمانيا بعد هتلر
- سجال حول الشرعية الأمريكية لضرب النظام الصدامي


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالخالق حسين - هل تؤثر المظاهرات على قرار الحرب؟