محمود أحمد الأحوازي
الحوار المتمدن-العدد: 1460 - 2006 / 2 / 13 - 08:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مما لا شك فيه, ان المنطقة العربية وخاصة الخليج العربي منها, بما تحتوي من ثروات وبما لها من اعداء وما يستهدفها من طامعين وتهجمات وما تحاك ضدها من خطط شيطانية, وبما عليها ان تفعل للحفاظ على امنها ومستقبلها وثرواتها, فهي من اهم مناطق العالم عرضة لاي تغيير في اي لحظة سواء من الدول الاقليمية الطامعة والتوسعية او من قبل الدول الكبرى صاحبة المصلحة في ثرواتها ومكانها الستراتيجي.
الدول الخليجية الصغيرة التي لا تمتلك القوة في الدفاع عن نفسها مقابل الدول الاقليمية انتخبت لنفسها اصدقاء من الدول الكبرى وقامت بتحالفات معها يمكن ان تضمن لها سلامتها من اي هجوم في المستقبل من الدول المجاورة مثلما فعل الغرب لاعادة الكويت الى سيادته, لكن لحماية الدول الكبرى لهذه الدول ثمن على الدول الخليجية ان تدفعه سواء في مجالات النفط والتسهيلات اللوجيستية التي تنقص في كثير من الاحيان من تحكم قيادات هذه الدول بمصيرها وبالطريقة التي تريدها ومن جانب اخر لتواجد الحلفاء الكبار الاثر الثقافي والاعلامي الذي حاولت هذه القيادات ان تقلل من سلبياته دائما.
وفي ما يخص موضوع مقالنا وهو ايران ¯ الاحواز, نحاول ان نتدارس مستقبل هذه الدول في جيرتها لايران بعد ما تغير التوازن الذي كان متواجدا بوجود حكم البعث في العراق حيث اصبح العراق ايضا دولة لا حول لها ولا قوة مما يعني بقاء ايران وبقوتها الحالية الخطر الدائم على هذه الدول مهما حشدت القوات الاميركية وغيرها فيها من قوات واساطيل والسبب يعود ل¯ الاساليب الايرانية في التغلغل والتوسع وهي اساليب لن يكون سهلا على هذه الدول مواجهتها دائما حيث ان بعضها يأتي في مجال العولمة والتجارة الحرة والديمقراطية وحقوق الانسان وغيرها وهذه كلها شعارات تتطابق مع السياسة الاميركية والغربية بشكل عام. ف¯ايران عند ما كانت حليفة للبريطانيين بعد الحرب العالمية الاولى احتلت الاحواز, وعند ما كانت صديقة مع الاميركان في السبعينات احتلت الجزر الاماراتية الثلاث واذا تصورنا تحالف جديد بين الدولتين بعد تغيير محتمل في ايران مستقبلا لا نستغرب الادعاء بالبحرين وضمها لايران مثل ما استمرت المطالبة بانضمامها حتى الان ولو لم تكن البحرين في ظل البريطانيين وايران في عداء لهم لكان الامر مختلفا الان.
اما في ما يخص الاساليب الاخرى للتدخل الفارسي في الخليج فيمكن الاشارة الى التغلغل الديمغرافي الحالي الذي اقترب من ابتلاع بعض دولها وهذا التوسع يمكن ان ياتي يوما بقبول اميركي وان تعطى الجنسية لهولاء لتصبح الامارات العربية المتحدة مثلا وحتى الكويت ولاية ايرانية وتصبح اللغة الفارسية فيها رسمية وبعد فترة يتم الغاء اللغة العربية على اساس الاكثرية الفارسية مثل ما حصل في الاحواز, واذا افترضنا جدلا ان تجنيس هؤلاء ولو بعد عشرة اعوام غير ممكن وهذا صعب نظرا للقوانين الدولية في شان الاقامة والتجنيس, فكثرة غير العرب مستقبلا وفي اي انتخابات ولو انتخابات بلدية فقط سيعطي للفرس فرصة السيطرة وبالنهاية اخذ القرار في هذه الدول. واذا تصورنا ان كل هذه الامور تأتي ضمن حقوق الانسان, الحقوق المنصوص عليها دوليا, نرى بسهولة الخطر الكامن في هذا الشان, اما الاندماج الاقتصادي والمشاركة التجارية وتحرك راس المال في المنطقة فهو خطر اخر لا يهتم بالحقوق الوطنية مثل ما يفكر بالكسب والتجارة الناجحة وهذا الاندماج تهديد اخر في المستقبل نظرا لكثرة المشاركة التجارية مع الفرس في هذه الدول.
ولما ذا ايران ناقص الاحواز? بنظرة بسيطة يمكن قبول هذه النقطة ان هذه الدول بتحريك المياه الساكنة حول التوسع الايراني ومساندة الشعوب المقهورة المتواجدة في ايران وخاصة العرب وعزلها عن ايران بمساعدة اهلها وايضا بمساعدة اصدقائهم من الدول الكبرى, من جانب تصبح ايران (او بالاحرى فارس) لا حول لها ولا قوة في المركز محاطة بدول عربية عدة وبلوشية وكردية واذربيجانية وتركمانية , لا جيوش جرارة ولا اقتصاد قوي بنفط الاحوازيين ولا ارهاب وتوسع يذكر حولها خاصة وان بفصل الاحواز, يمكن ان يكون الخليج العربي على طول سواحله بامان مثلما كان في عهد الشيخ سلمان والميرمهنا في القرن السابع عشر والثامن عشر على سواحل الخليج العربي الاحوازية. من جانب اخر لن تعود هذه الدول الخليجية بحاجة مستقبلا مثلما الان الى هذه الجيوش لحلفائها ولا حاجة لصرف كل هذه البلايين التي تصرف سنويا حسب الاتفاقات الامنية المشتركة ولا للجيوش الخليجية التي تاخذ ميزانيات مرتفعة من هذه الدول ولا حاجة حتى لدرع جزيرة جديد ما دامت هذه الدول ابعدت الدولة التوسعية الوحيدة عن حدودها وضمنت سلامة اراضيها والى الابد.
ان القيادة الحكيمة لكل بلد هي القيادة التي تسير الامور اليومية وتخطط للمستقبل وتتدارس كل الاحتمالات والسيناريوهات المحتملة وان تكون دائما على اهبة الاستعداد لتنفيذ اي خطة تضمن لها استقلالها وسلامة اراضيها مستقبلا والدول الخليجية بمساندة الشعب العربي الاحوازي وهو مفتاح تفكك ايران وتشكيل دول متعددة حول التوسع الفارسي بسحب قوة ايران النفطية-الاقتصادية منها وبتحالفه المضمون مع الشعوب غير الفارسية الاخرى المتواجدة في ايران, ستضمن لنفسها اكثر سلامة واكثر نجاحا اقتصاديا واكثر امنا وهذا ما على الدول العربية الخليجية ان تفكر به الان و الشعب الاحوازي المنتفض لا يطلب اكثر من مساندة اعلامية واحيانا اقتصادية لتسيير المواجهة مع السلطات التوسعية في طهران وله استراتيجية واضحة لمستقبله ومستقبل الشعوب الاخرى في ايران وقد قام بالكثير حتى الان لضمان تحالف قوي بينه وبين الشعوب غير الفارسية الاخرى لمواجهة العنجهية الفارسية التي حرمت جميع الشعوب من جميع حقوقها وحتى الانسانية منها.
وفي النهاية ندعو الله ان لا يمس الخليج اي مكروه لكن مستقبل الشعوب والدول لا يترك بذمة الدعاء وانما ببعد النظر والتخطيط السليم وبالتحالفات التي تخدم ليس الحال فقط بل والمستقبل ايضا.
#محمود_أحمد_الأحوازي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟